إبنٌ يرث أباهُ حتي في العِشق

محمد امان ابراهيم  انجابا

كان أبي رجل بسيط متفائل مرح و حازم في اَن واحد ، أكتسب الحزم والجديه من الحياة الريفيه الصارمه والمتفائله بكل معاني الامل والجهد وروعة الطبيعه وسخائها ، حيث الحياة ببساطتها  لها مذاق خاصه ونكهه خريفيه تحي الجسد وتجعل الروح تتفاعل مع ما حولها من خضره وخرير المياه التي تجري في الجداول من سفوح الجبال ، وحبات الرزاز التي تاتي قبل الامطار ودعاشها ،  فتروي الروح قبل الحرث يالها من روعه تجعل الانسان  ممتلاً بالحيويه والعطاء والحلم والحزم معا!!!

وأكتسب صفة حبهُ للأشياء والتعلق بها لإرتباطه كثيراً وملازمته للمكان الذى ولد وترعرع فيه . وفوق كل ذلك المجتمع المترابط المتماسك الذى يصرعلى حفظ تاريخه وأرضه  وصون كرامته برغم  الشدائد والصعاب التي مرت عليه ولم تزحزحه ، وكان ثابتا وراسيا كالجبال التي لها اثرًا ، وكانت جزءً من الطبيعه التي  نشاء فيها وكونته .

فعاش أبى محباً لفتاة منذ طفولته وكان ذلك الحب جنونياً يتنفسها كالهواء ، لقد سرق ذاك الحب كل حياته لم يملك في هذه الدنيا شئ سوي هذ الحب فكان قتيل ذلك الحب , نعم وكيف لا فهي أنيسته منذ طفولته وهي بسمته وفرحته وهى التى قضت معه رحلة ريعان شبابه . وكان لذلك الحب اثر كبير في كل جوانب حياته . وحينما صار شابا علم ان كل اصحابه ورفاقه يحبونها ويعشقونها مثله ، نعم أدرك أنها فتاةٌ فاتنة والجميع قد وقع فى شراك حبها … والعجيب أنهم إتفقوا جميعاً  كاخوه أن يقدمو أنفسهم فداءاً لها لتبقي هي سعيده !!!!. فكان أبي يحبهم لأنهم يحبون محبوبته مثله , فكانت محور حديثهم ومؤانستهم فكانوا رفقاء فى طريق حبهم ، وتعاهدو  في حمايتها ، وأن تبقى شامة مجالسهم وأساس أحلامهم وركيزة نضالاتهم هكذا تواثقوا نعم !!! وكل ذلك  لتبقى هذه المحبوبه تعيش سعيدة تُفتُن الكل ويضحى لها الجميع , فكانو ينظرون اليها بانها تحتاج الي دمائهم لترتوي وتنمو وتتفتح  كالزهره التي تحتاج الي الماء لتكون في قمة الروعه , فلذلك كانو يتسابقون ويقدمون مُهجهم ودماءهم قرباناً  لها. فكنت اتعجبُ من ذلك الحب !!!!!!!

من ياترى تكون هذه المحبوبه ؟ التي سرقت أبي ولم تضع لنا مساحة لنستشف كامل حنانهُ وأُبوتهُ …  بل وذهبت أكثر من ذلك أثراً حين جعلته يقدم نفسه قرباناً لها ، لكم أن تتخيلوا ذلك الحب المميت القاتل!! . ولكن كان يدور فى مخيلتي ، ياترى من تكون هذه ؟ فلملمت أطرافى يوماً وسألته من هى التى تدندن بها كل يومٍ وتكون محور جلساتكم  ومحطت تفكيركم وإهتمامكم  بل هى حلمكم الذى تسعون له وتعيشون من اجله ؟

فبدأ يسترسل فى سرده لحبٍ سرمدى متوراث من أجدادهُ وأباءهُ بل وأكثر من ذلك فقد عدل عن جلسته ليكون الحديث فى مقام المذكور تقديساً وإجلالاً وإحتراماً لها ووصف لجمالاً أخاذاً يلهب الألباب !

فسألته هل هذا يجعلك تحبها الي هذه الدرجه ؟ فأخذ نفسا عميقا ثم قال كيف لا وهي محبوبتي ومحبوبة من احبهم وذهبو فداءاً من اجلها , وكذلك نحن ماضون على ذلك الدرب لتبقى الحسناء كماهى،،، فكان ذلك الحديث نقطة تحول لي فى البحث عن سر الجمال الكامن فيها ، والعمل من اجل مشاهدة تلك المفاتن فكانت الرؤية همٌ يؤرقنى ، وخطوةٌ مقدسة لابد منها فى حياتى ،،،،، وبعد ثلاثين عاما جاء يوم عرس الفاتنه تلك التى طالما تغنى بها والدى فتجهزت للزواج وقد كان مهرها غالياً ومهرها كان الاف الشباب ، وقد عَلم أبي بذلك وهو بعيد منها،،, فجُهزت في فستان عرسٍ جميل وجذاب فكانت التبريكات والتهانى تتوالى والأهازيج والزغاريد من هنا وهناك تملأ الأفاق حضوراً بنبرة الفرح الفريد !!! لكن والدى أنهمرت الدموع من عيناه  وهي تسيل منه كحبات الدرر البراقه ، مفارقه عجيبه وغريبه !!!!! . الناس تتبادل التهانى ووالدى ينغمس فى البكاء حتى الثمالة ، موقف أستوقفنى بجد !! وسؤالى هذه المرة مختلف جداً نعم مختلف والدى الذى قدم نفسها وماله ووقته فداءاً لها اليوم يبكى !!! لكنه قال بعبرةٍ خانقه ، زُفت محبوبتى لمن لا يستحقها !!! لمن لا يحمل فى دواخله حباً لها !!! لمن لا يصون كرامتها وقداستها !!!وقداسة تاريخها ورجالها !!! كان والدى كأنه يتنبأ بما سيحدث لمعشوقته ، نعم تمنى لحظتها ليته مضى شهيداً مع رفقائه ولم يشهد ذاك اليوم الذي تزف فيه محبوبته الى من هو ليس بمقامها وقدرها .. لكننى ظللت اعشقها ومازلت أعشق محبوبة والدى وسوف أظل كذلك طالماً أعرف أن هناك طلاق نعم إنه طلاق مختلف وسف يحدث لامحالة قريباً جداً من ذلك الرجل الغاصب الذي لا يراعى مشاعرها ولا سعادتها وقاسيا معها….. فهناك يوماً سوف تعود الينا معشوقتنا …. وسوف تعود الى  حبها الطبيعى ….. لمن هم أهل لها حقاً وصدقاً لا السارقون  والمزيفون …

لكن والدى أصر على ديمومة الحب رغم عدم رضاءه  وبدأ صفحة ذكرياته ومواقف بطوليته  مع أصحابه فى ميادين النضال عفواً فى ميادين الحب والجمال !!     وقد مضى والدى الى رحمة مولاه وقد حمل فى جوانحه حملاً ثقيلاً من الحب المدفون …. وبقيت أنا وقد دبت فى دوخلى جرثومة الحب العذرى للمحبوبه …. فكل أُمنيتى هى أولاً أن تتحقق أمنية والدى وأن أرى الجمال الموصوف من والدى لمحبوبته وهو يبرق منها كالشمس …. وقد مضيت على منوال الحب والعشق والوله للفاتنه فهى الان حياتى وأنفاسى لكننى وجدت فارق الحب والإحساس فى مقارنة حب والدى ورفاقه وحبى وحب رفاقى لها حيث أن الحب فى جيل الأباء مبنى على الوفاء والتضحية!!!  وحبنا لااستطيع له وصفاً فشتان مابين جيلين فى الحب والفداء !!! لكننى سأظل فى خندق الحب ولهاناً لايتغير وإن ضعف حيناً … وستظل مسيرة الفداء للمحبوبة ماضى دون توقف رغم البعد والحنين لها !!! وستظل الغالية رمزاً نستمد منها الحب والحنان والذكريات… أعزائى هل عرفتم من هي تلك المحبوبة ؟

ألا وهى بالطبع أرتريا الوطن الغالي الذي غرسه الاباءُ في دمائنا وقلوبنا وجعلونا نعشقها ونتنفسها كالعطر حتي ملئت سمانا ودنيانا أريجا وعبيرا، فكنا غرقا في حب ثراها ، ووديانها وتلالها وبحارها وسمائها !!!  من  أجل عينيك الحزينتين ومن أجل عينيك الجميلتين …….     فهذا هو سري حبي وعشقي لها .                                         مع خالص الامنيات ،،،،،،،

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=2739

نشرت بواسطة في مارس 23 2010 في صفحة خواطر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010