الظروف الاستثنائية بحاجة إلى أفكار استثنائية 

من المسلمات في حياة البشر بان التقلب والتغيير وارد في كل شيء طالما هناك حياة ويعيشها البشر ونطلق على التغيير بالمستجدات التي هي نتيجة لتراكمات سلبية كانت أو ايجابية قد تكون مصادرها داخلية أو من تأثيرات خارجية وبحكم أن العالم أصبح قرية صغيرة بعامل التكنولوجيا حيث صارت الأحداث تكون في مكان ما من العالم ولكن تأثيراتها وتداعياتها تكون على مساحة الكرة الأرضية .

نحن في ارتريا في هذه الفترة الحرجة التي نمر بها نسبة لتداعيات الاختلالات والاهتزازات التي تحدث في كل من إثيوبيا وتأثيراتها الحيوية وفي السودان وسد النهضة وتأثيراتها التي لا فكاك منها ، فإننا كشعب في ظل نظام احكم سيطرته على كل شيء في البلاد  ويطارد الارتريين أينما وجدوا ببث الفتن وهدم كل ما يريدون بناؤه ، حيث يريد أن يجعل من نفسه سيدا ووصيا ومقتدرا  يقرر في مصير البلاد والشعب  حيث هو من يقرر بزعم بأنه من كان على يده تحقيق او وضع نهاية لنضالات شعبنا التحررية وتمثل في نيل الاستقلال.

إن شعبنا الارتري ومنذ باكورة الاستقلال يحاول ان يقول كلمته في شان وطنه وأوضاعه التي صارت تزداد سوءا كل يوم  يحاول ان يصلح من أحواله ويجد بيئة صالحة تمكنه من العيش بسلام في وطنه  .

محاولات تمثلت في العديد من الصور تارة بالتمرد من داخل النظام متمثل في بعض القيادات المدنية والعسكرية وتارة من أفراد الشعب في القيادات الدينية معترضين على ممارسات النظام وتدخله السافر في شئونهم  والموجودين بالخارج انتظموا في اصطفافات وتنظيمات معبرين عن رفضهم للواقع كل عبر عن المظالم التي أثارته ولكن الجميع يجمع بان تنكص النظام الارتري عن المسار الوطني واحتكاره لكل شيء في الوطن وانفراده بالسلطة ورفضه لبناء مؤسسات الدولة التي تجعل من المواطنة هي المنشأ والدستور والقوانين هي الضمانة الحقيقية لكي يتمتع المواطن بكل حقوقه هذه هي الأسباب الحقيقية وراء كل الجرائم والمظالم والانتهاكات التي يتعرض لها المواطن الارتري .

ومنذ باكورة الاستقلال وحتى يومنا هذا يظل ساحة المقاومة يمر بمنعرجات ومسالك في تفاعلات مع الأحداث وبناء رؤية للمستقبل انطلاقا من تقييم للواقع ومحاولة للخروج من الانغلاق والحبس الفكري في محاولة لتتسع الدائرة  وصولا إلى الاستجابة لمتطلبات الواقع المرير وترتيب الأولويات وإيمانا ما من طرف لديه المقدرة على تحقيق كافة المطالب الخاصة او العامة وبالتالي ظل النظام يمضي غير آبه بما يجري في الساحة التي تقاومه بل مضت الظروف المحلية والإقليمية تمنحه فرص البقاء .

نحن اليوم نعيش في واقع تشهد فيه منطقتنا أحداث تؤذن بحدوث تحولات جذرية تبعا للسياسات الدولية وتنافس القوى تحقيقا لمصالحها وفي ظل ما يجري علينا نحن في ساحة المقاومة بان نكون لسنا نرقب عن بعد ونتفرج ولنظل فقط في التقييم للواقع واستصدار البيانات بل يجب آن نتحول إلى أن نكون فاعلين ومؤثرين قبل آن تأتي الأحداث وتجبرنا في تغيير مساراتنا وندخل في مضمار قد يجعل من تحقيق الغايات التي نسعى لها مستحيلا.

لقد مررنا بأزمات متنوعة ومتعددة في معظمها هي صنيعة أوهامنا ليس لها أي اثر في الواقع المرير  فنحن نبحر عكس رياح الوطن وطلبات الشعب والوطن غارقين في فلسفاتنا التي نبنيها بعيدا عن الوطن وملامسة معاناة الشعب التي تتعقد كل حين خاصة مع الأجيال التي تنموا ويجعلها النظام مبتورة عن تاريخها ووجدان النضال الارتري الذي نحن نعيشه بأحاسيسنا ومشاعرنا وننصب من أنفسنا حماة للسيادة الوطنية وأمانة الشهداء .

لقد حان الوقت وفي ظل المتغيرات على ارض الواقع ومهددات السيادة الوطنية والاستقلال بان نكون داخل هذه المتغيرات ونتحدث بتأثيراتها الحالية والمستقبلية وان نتدارك وبالسرعة وبالدقة المطلوبة لمراجعة مسارنا وتعاطينا مع قضية التغيير في الوطن فالأزمة الحالية ليست أزمة تتطلب التغيير إنما أزمة تتعلق بمصائر وجودنا نحن كارتريين وبقاء الوطن كأرض وبحر ارتريا خالصا للارتريين فما هي الأولويات التي تطل برأسها اليوم وصفوفنا وتمايزها وان المهدد لا يفرق بين معارض ومن هو مع النظام فمع انتفاء وجود الوطن فلا معنى للصورة التي نحن عليها اليوم  وبالتالي على الذين يحملون مسئولية العمل السياسي كل في موقعه يتطلب بضرورة التماهي مع الواقع المرير والتفكير بجدية وبمرونة في كيفية التصدي للمهددات والعمل على رص الصفوف مع تحييد كل الفوارق التي أملتها الظروف والأوضاع السابقة  فالعمل السياسي هو رهبن الأوضاع  وتبقي الثوابت دائما هي الموجه فثوابتنا هي وحدة ارتريا أرضا وشعبنا واستقلالنا وسيادتنا الوطن فوق كل اعتبار ودونها يرخص كل غال ونفيس .

إن الأزمة الحالية تحتاج إلى جرأة والخروج من الصناديق والتعبير ليس بصوت التنظيم وبرامجه السياسية إنما وفقا للتهديدات التي صارت ليس كلاما إنما تحولت إلى أفعال تتسارع لتحقيقها ، وان ترتيب الأولويات لدى الجميع مطلب ملح وان الخطاب السياسي يجب ان يلامس مخاوف وهاجس الشعب الارتري ولنكن في تنافس مع النظام القائم في من هو المؤتمن على ارث الشهداء وبقاء ارتريا موحدة في أرضها وشعبها .

إن المهددات الماثلة هي خطيرة وان التصدي لها يجب أن يكون في حجم المهدد بحيث يعود الارتريين جميعا جسدا واحد وبناء قويا يجعل من حلم الطامحين والطامعين بعيد المنال ويجبرهم على التراجع وعدم التمادي ويجعل من صانعي السياسيات الدوليين بالبحث عن مصالحهم لدينا ومعنا مباشرة  ، هذا لا يعني التفريط في المطالب والبرامج الخاصة التي لدي كل فريق  فهذا ديدن الشعوب ولكن هذه المطالب كلها هي دون بقاء الوطن والشعب  فأمام عدو الجميع نحن جسد واحد وجدار صد منيع وفي داخل وطننا لدينا أمنيات وأمال نسعى إلى تحقيقها  منتهجين المواطنة هي الأساس والوطن للجميع والشعب هو الفيصل وصاحب السلطة الحقيقية وبناء مؤسسات الدولة التي تؤمن للجميع بان يمارس حقوقه ويقوم بواجباته وهي مضمار يظل دائما يعمل طالما هناك حياة وشعب ودولة .

مكتب الإعلام والاتصال  حزب النهضة الارترية للعدالة

25/11/2021م

ً

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=46140

نشرت بواسطة في ديسمبر 15 2021 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010