تقارير أمنية حذرت من تزايد دعم طهران للحوثيين في الأشهر الأخيرة

horn ofafrica

*يمن برس – عبد الستار حتيتة
جرى تمرير معلومات تفصيلية تتعلق بوجود نشاط إيراني «متزايد وخطير» في منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، إلى أطراف عربية وغربية منها الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن أميركا ولعدة أشهر لم ترد «لا بالسلب ولا بالإيجاب»، إلا بعد أن قررت الدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، شن عملية عسكرية تحت اسم «عاصفة الحزم» ضد الانقلابيين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران منذ عدة أيام، حيث أعلنت واشنطن أنها تقف مع العملية العسكرية العربية «لوجستيا».

وقالت مصادر مطلعة لـ «المجلة» :إن هناك قاعدة إيرانية في إريتريا للتنصت والاتصال والرصد ويجري فيها تدريب عناصر من الحوثيين

يتضح من مناقشات جرت على هامش القمة العربية التي انعقدت في منتجع شرم الشيخ بمصر، أن آيديولوجية الرئيس باراك أوباما المتحفظة تجاه منطقة الشرق الأوسط، أصبحت تضع عبئا على العرب لحل الكثير من المشاكل العالقة بأيديهم أكثر من أي وقت مضى، بما فيها خطة «الحرب بالوكالة» التي تتبعها طهران، أي باستخدام إيران لميليشيات محلية، تقاتل لحسابها، في العراق وسوريا ولبنان وغيرها.

يقول باراك بارفي، من مؤسسة «أميركا الجديدة» البحثية، عقب عدة زيارات قام بها لليمن، في رده على أسئلة: «المجلة» من واشنطن، بشأن النشاط الإيراني بالمنطقة، إن المعلومات كانت تؤشر إلى زيادة دعم طهران للحوثيين خاصة في الشهرين الأخيرين، بالأموال والتدريب والأسلحة.

ومع أن إيران تنفي تدخلها في شؤون اليمن وتدعو للحل السلمي فيها، إلا أن عدة تقارير أمنية عربية وأجنبية، تمكنت «المجلة» من الاطلاع على جانب منها أخيرا، تكشف استخدام إيران لعدة معسكرات داخل اليمن ولميليشيات انفصالية في المنطقة السودانية الشرقية الهشة، و3 قواعد في دولة إريتريا المتاخمة لمضيق باب المندب، في تجهيز الحوثيين للسيطرة على الدولة اليمنية وزيادة نفوذها في محيط بوابة البحر الأحمر من الجنوب. وأمكن لتعاون بين أجهزة أمنية من إريتريا والسودان ودول عربية من بينها مصر، تحديد تحركات إيرانية مثيرة للقلق خلال الشهور الأخيرة.

يقول المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، اللواء محمد قشقوش، الذي كان أول ملحق عسكري مصري في اليمن، من عام 1978 حتى 1989. لـ«المجلة» إن والد عبد الملك الحوثي زعيم الانقلابيين الحوثيين، كان صديقا للخميني مرشد الثورة الإيرانية التي قامت عام 1979 وانتقل إلى الإقامة في مدينة قم قرب طهران، مع ابنه حسين، ومنذ ذلك الوقت بدأت أكبر عملية تدريب للحوثيين انتظارا لمثل هذه الأيام، حيث إن الشبان اليمنيين الذين سافروا في ذلك الوقت إلى إيران وتدربوا على أيدي الحرس الثوري الإيراني، أصبحوا اليوم هم القادة الذين يديرون الانقلاب في اليمن.

ويعلق مسؤول أمني مصري بشأن المعلومات الاستخباراتية التي جرى التحصل عليها عن الخطط الإيرانية في مدخل البحر الأحمر أخيرا، إنها «خطيرة، ولم يكن من الممكن السكوت أمامها، لأن فيها تهديدا مباشرا من جانب إيران لدول عربية رئيسة على رأسها السعودية ومصر.. هذا مخطط لنشر الفوضى يتعارض مع الأمن القومي العربي».

ويولي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، مسألة الاستقرار في المنطقة والحفاظ على الأمن القومي العربي أهمية كبيرة، ويقول مسؤولون مصريون إن «خادم الحرمين الشريفين يتواصل على مدار الساعة مع القادة العرب، لمواجهة التحديات الجديدة بالمنطقة سواء في اليمن أو غيره.. وتلقى اتصالات من الرئيس عبد الفتاح السيسي». وتشارك مصر مع دول عربية أخرى في «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية لوقف الخطر الحوثي، وفي ملفات منها التصدي للإرهاب وتعزيز التضامن وتطوير آليات العمل العربي المشترك.

ووفقا للمعلومات جرى رصد قيام الحكومة الإيرانية بتدريب المتمردين الحوثيين في 3 معسكرات في إريتريا التي تقع قبالة السواحل اليمنية من الجنوب ولا يفصلها عن سواحل اليمن إلا عدة كيلومترات، رغم قول مصادر من سفارة إريتريا بالقاهرة لـ«المجلة» إنها لا يمكن أن تسمح بأي نشاط معاد للدول المجاورة.

لكن التقارير تشير إلى استخدام إيران لمعسكر يسمى «معسكر ويها» ويقع داخل الأراضي الإريترية، في نقل مجاميع من الحوثيين لتدريبهم هناك تدريبات متقدمة على يد ضباط من الحرس الثوري الإيراني، وذلك بخلاف معسكرات إيران الموجودة سلفا في معاقل الحوثيين في شمال اليمن وقريبا من الحدود مع السعودية والسواحل الغربية للبحر الأحمر.

أما المعسكر الثاني فيوجد في منطقة تسمى «ساوي»، وتشير التقارير إلى أن هذا المعسكر هو الأحدث ويقع بالقرب من الحدود الإريترية مع السودان. ويقع المعسكر الثالث داخل الأراضي الإريترية أيضا، حيث جرى رصده وتقديم تفاصيل أمنية عنه، وهو موجود بين منطقتي «إبريطي» و«حسمت» على ساحل البحر الأحمر. ونظمت إيران رحلات تدريبية لما لا يقل عن 150 من الحوثيين على أعمال عسكرية من بينها قيادة الطائرات الحربية في الأيام الأخيرة.

ويقول السيد بارفي إن مثل هذه المعلومات الأمنية عن المحاولات الإيرانية في اليمن، يوجد عنها خلفية لدى صناع القرار الأميركي، لكن تعاطي الولايات المتحدة، وخصوصا إدارة أوباما، مع الأزمات بمنطقة الشرق الأوسط، لم تعد تفضل التدخل بشكل مباشر.. لم تعد تهتم كما كان الحال في الماضي، رغم المخاطر الجديدة سواء من جانب إيران أو تنظيم داعش أو غيره».

6 حروب ضد الدولة اليمنية

وأعدت التقارير عدة جهات أمنية من بينها اثنتان من المؤسسات المصرية، يدير إحداها قائد سابق في جهاز المخابرات الداخلية. ويقول أحد المسؤولين ممن أشرفوا على وضع تقرير عن الصعود الحوثي المفاجئ، إن المعلومات التي وردت في هذا التقرير «اعتمدت على رصد وجمع لتفاصيل على مدار عدة أشهر.. المسألة الحوثية وتشابكاتها الجهوية والقبلية في اليمن معقدة لكن أخطر ما فيها تزايد الدعم الإيراني».

ويضيف أن الحوثيين كجماعة مسلحة استطاعت بعد 6 حروب ضد الدولة اليمنية أن تستمر سياسيا وعسكريا وتتمدد في أنحاء متفرقة من اليمن، وهو الأمر المرتبط بطموح الحوثيين ومشروعهم التوسعي.. الخطير أنه ظهر وجود رغبة من الحوثيين في ضم أجزاء من أراضي السعودية إليهم بإيعاز من إيران. يدرِّسون ذلك لأبناء الحركة الحوثية ويعرضون تصورهم لمناطق شبه الجزيرة العربية. «يسعون لإحداث فوضى.. العرب، ومصر، لن يقبلوا بهذا».

ربط تقرير آخر بين تحركات الحوثيين في اليمن والأطماع الإيرانية في المنطقة، وأشار إلى أن أعضاء في البرلمان الإيراني يتبنون هذه التوجهات الحوثية وأطماعهم في اليمن والجزيرة العربية، وقال إن مثل هذه التوجهات الإيرانية «لم تكن اجتهادات»، ولكنها خرجت من مكتب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية.. «التصور الموضوع للحوثيين هو أن يكونوا مثل حزب الله اللبناني».

ومن جانبه يقول السيد بارفي: أعلم أن إيران قدمت دعما كبيرا للحوثيين خاصة خلال العامين الأخيرين. أعلم أن إيران أعطت في الشهور القليلة الماضية دعما هائلا للحوثيين. ليس شرطا أسلحة فقط، ولكن قدمت تدريبات ودعما ماديا أيضا.. «إيران تريد موطئ قدم جديدا في جزيرة العرب على الحدود مع السعودية، لأن السعودية هي عاصمة العالم السني».

تعاون أمني بين جهات مصرية وإريتيرية وسودانية

وفي القاهرة يقول أحد كبار ضباط المخابرات المتقاعدين ممن يقدم مساعدات للجهات الرسمية إن تعاونا أمنيا غير معلن بين جهات مصرية وإريتيرية وسودانية وأجهزة دولية أخرى معنية بأمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر، أسفرت عن تقديم معلومات بخصوص قاعدة إيرانية موجودة في إريتريا مخصصة للتنصت والاتصال والرصد ويجري تدريب عناصر من الحوثيين فيها.

كما توجد قاعدتان إيرانيتان في السودان. وتقول المعلومات إن واحدة منهما تقع في منطقة «جبل الأولياء» والأخرى بمنطقة «الجزيرة». ويضيف أحد المسؤولين الأمنيين المصريين إن علاقة مصر مع كل من إريتريا والسودان جيدة والمعلومات التي جرى الحصول عليها تم تقديمها وفقا للتعاون بين أجهزة مختصة في هذه الدول.

ويلقي تقرير آخر الضوء على خريطة محافظات اليمن، مقارنة بالوجود الحوثي فيها، ويقول إن «حضرموت» و«أبين» و«شبوة» تتسم باتباع المذهب الشافعي، وإن هذه المناطق كانت تسعى إلى الانفصال عن الشمال، ويضيف أن المدن الواقعة في وسط اليمن، مثل «مأرب» و«البيضاء» و«إب»، لا تتقبل الحوثيين على الإطلاق. أما مدينة «تعز» فلها وضع خاص لأنها مدينة متعلمين ومثقفين ومدينة الكفاءات البشرية، وليس لديها أي تقبل للوجود الحوثي. وكذلك يوجد رفض للحوثيين في «الحديدية».

ويلفت التقرير إلى أن التمدد الحوثي موجود في مناطق «عمران» و«صنعاء» و«صعدة» وجزء من شمال «حجة». ومع ذلك يقول إن هناك بعض المفارقات والتعقيدات في المشهد اليمني فعلى سبيل المثال نجد أن الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، كان يحارب الحوثيين لمدة 10 سنوات، لكنه في الوقت نفسه كان يقر رواتب شهرية من خزانة الدولة لقادة الحوثيين قدرها 6 ملايين دولار. و«في الفترة الأخيرة وجدنا أن الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الذي يقوده صالح، يتحدث عن المصالحة مع الحوثيين باعتبارهم فصيلا مجتمعيا لديه رؤية ضد الفساد وضد الوقوع في براثن الهيمنة الأميركية، وقال إنهم سيعيدون النظر في التحالفات القائمة على الساحة اليمنية».

ومع ذلك توقع أحد التقارير الأمنية ألا يستمر التحالف بين صالح والحوثيين طويلا، قائلا عن طول صبر السعودية تجاه ممارسات الحوثيين، إن المملكة كانت تعتبر أنهم «فصيل من ضمن الفصائل ولهم أصول قبلية، والسعودية محنكة في التعامل معهم وترى أنه كلما تمدد الحوثيون ضعفوا، وهي ومصر والدول الخليجية، في نهاية المطاف، لا يمكن أن تتيح الفرصة لإيران بالتمدد هنا».

وجرى رصد قيام الحوثيين في الشهور الأخيرة بجمع الضرائب والإشراف على الإدارات الحكومة المحلية عنوة وباستخدام قوة السلاح، مستندين على الدعم الإيراني والأسلحة التي «جرى توصيلها إلى الحوثيين بواسطة سفينتين من إيران هما جيهان1 وجيهان2»، إلى جانب خلايا التجسس والتخابر ذات الارتباط بين الحوثيين وقادة من الحرس الثوري الإيراني. و«منها شبكات تجسس ظلت تعمل لأكثر من 7 سنوات داخل اليمن تحت غطاء الحوثيين وتدير عمليات للتجسس من داخل اليمن على الدول المجاورة بالإضافة إلى التجسس على منطقة القرن الأفريقي».

شبكات التجسس الحوثي

ويضيف التقرير أن مقار لشبكات التجسس الحوثي كانت «في صنعاء وعدن وعدة مدن أخرى.. إيران تدعم إعلاميين وسياسيين معارضين في عدة محافظات يمنية كانت بعيدة عن النفوذ الإيراني مثل تعز والحديدة وإب وعدن ولحج.. كل هذا هدفه إجهاض العملية السياسية التي كانت تسير في اليمن والمستندة إلى المبادرة الخليجية وتعطيل آلياتها التنفيذية».

ومن جانبه يكشف تقرير آخر عن التدفق المالي للحوثيين في اليمن من الجمعيات الخيرية والحوزات الدينية التي تقع في الداخل الإيراني أو المدعومة من الخارج.

أبرز الجمعيات الداعمة للحوثيين
إن إيران ترغب من وراء هذا في أن تعطي لتدخلها في دعم الحوثيين «صبغة شعبية» بدلا من الصبغة الرسمية.. ويضيف أن من أبرز تلك الجمعيات التي تتولى تقديم الدعم الفكري والمالي للحوثيين «مؤسسة الثقلين» و«شركة الألفين» و«هيئة الآل»، ومؤسسة «صادق الشيرازي»، ومؤسسة «زيد بن علي» إضافة إلى فروع «مؤسسة آل البيت» في دول العراق وسوريا ولبنان، إلى جانب دعم الحوزات العلمية للحوثيين في إيران والعراق.

ويتضح وفقا للتقرير أن الحكومة الإيرانية تتولى تقديم الدعم لعدد من وسائل الإعلام للحوثيين منها تمول قناتين فضائيتين تابعتين لجماعة الحوثي في شمال اليمن، كما أن الحوثيين أقاموا في محافظة حجة المحاذية للسعودية حلقات ثقافية وفكرية تشكل غطاء لمراكز ثقافية إيرانية وتهدف إلى استمالة الشباب.
وجاء في التقرير أن تمدد الحوثيين في اليمن يمثل «نكسة جديدة لمشروع الإسلام السياسي، ليس في اليمن فحسب، بل في دول الإقليم، حيث تشير خبرة مرحلة ما بعد الربيع العربي إلى تعثر صعود التيارات الإسلامية الصاعدة إلى السلطة، ومنها حزب الحرية والعدالة في مصر، والنهضة في تونس، والعدالة والبناء في ليبيا، والإصلاح في اليمن».

ورصد التقرير مخاوف من أن تتحول اليمن إلى أفغانستان جديدة ما يمثل تهديدا لدول الإقليم ككل، خاصة بعد أن تمدد الحوثيون، وقيام تنظيم القاعدة بالرد على ذلك بقوله إنه سيجعل رؤوس الحوثيين تتطاير.. ويقول إن هذا التمدد يؤدي إلى تزايد التهديد الإرهابي العابر للحدود بحيث تتحول اليمن بمرور الوقت إلى ساحة محتملة لتحويل تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية إلى «داعش» جديدة فضلا عن تبلور جماعات مصالح اقتصادية على أطراف الحدود تهتم بتجارة الأسلحة ونقل المتطرفين والمخدرات وغيرها.

وفي تعليقه على جانب مما ورد في هذه التقارير، يوضع اللواء قشقوش قائلا إن هذا الكلام «صحيح مائة في المائة»، ويضيف أنه لا بد من العودة إلى سنة 1979. وهو تاريخ قيام الثورة الإسلامية في إيران الخميني، حيث تواكب، في ذلك التوقيت، قيام علاقة خاصة بين بدر الدين الحوثي والخميني شخصيا، مشيرا إلى أن عبد الملك الحوثي القائد الحالي للحوثيين في اليمن، هو الابن الثاني لبدر الدين. أما الابن الأول، حسين (الذي قتل على يد القوات اليمنية في 2004) فكان موجودا مع والده في مدينة قم الإيرانية.. «حيث عاش والدهما هناك مع الخميني نحو 7 سنوات».

ويضيف اللواء قشقوش أنه خلال تلك المدة مكث حسين فترة صغيرة في إيران ثم عاد لليمن للقيام بعمل شبه تبشيري بدعوى التثقيف وإرسال البعثات العلمية والبعثات الثقافية لإيران. وجند شبابا يمنيين كثيرين، وهؤلاء الشباب ظلوا يترددون على إيران وهم في سن العشرينات من العمر تقريبا، وتحصلوا على ثقافة علمية وثقافة شيعية وتدريب مع الحرس الثوري الإيراني، واليوم، أصبح هؤلاء في الأربعينات والخمسينات من العمر، وأصبح من بينهم قادة عسكريون ومدنيون اليوم في اليمن لما يسمى بالحركة الحوثية.

تأسيس دولة شيعية في اليمن

ويرى قشقوش أن الفترة الماضية كانت فترة إعداد إيراني للحوثيين، إلى أن وجدوا أن الظروف مواتية فبدأوا في التحرك. حين كان اليمن دولة قوية لم يكن الحوثيون يناطحونها، وكانوا يكتفون بإثارة بعض المشاكل في الشمال، وكان الرئيس علي عبد الله صالح مسلِّما بأن منطقة الشمال خاصة بالحوثيين في صعدة والجوف، و«ليس لهم أكثر من ذلك»، لكن، وبعد ما يسمى بثورات الربيع العربي، والرفض الشعبي لصالح، تدخلت دول الخليج من خلال المبادرة الخليجية لعمل مصالحة ومشروع للحل.

ويقول اللواء قشقوش إن الحوثيين انتهزوا هذه الفرصة.. «انتهزوا هشاشة الدولة وانقسامها وبدأوا يتحركون.. أولا من أجل تأسيس دولة شيعية ثم، في الخطوة المقبلة، تهديد خصومها عن طريق غلق باب المندب وقناة السويس وتهديد الملاحة الدولية.. نحن هنا نتحدث عن حرب إيرانية بالوكالة ضد السعودية والخليج ومصر، من خلال اليمن».

وفيما يتعلق بالمعلومات الأمنية عن وجود معسكرات إيرانية لتدريب الحوثيين في إريتريا والسودان، يقول قشقوش إن المعسكرات الموجودة في اريتريا والسودان لم تتواجد هناك إلا بعد أن جرى التضييق على الحوثيين في اليمن وأصبح هناك ما يشبه الحرب الأهلية.

ويزيد أن إيران لم تكن تحتاج لمثل هذه المعسكرات في السابق لأنه كان لديها مواقع تدريب في الداخل اليمني، لكن بعد المخاوف من الاستمرار في التدريب في الداخل للأجيال الجديدة بدأت في نقل هؤلاء إلى معسكرات قريبة من اليمن دون أن تضطر لنقلهم إلى إيران في الوقت الحالي، حيث إن إريتريا على مرمى حجر وعرض الشواطئ بين إريتريا واليمن بعرض باب المندب تقريبا، أي نحو 15 كيلومترا، فحين تقوم بإنشاء معسكر تدريب في إريتريا كأنك أنشأته في اليمن.

أما بالنسبة للسودان، فيضيف اللواء قشقوش أن المنطقة الشرقية من هذا البلد، أي على شواطئ البحر الأحمر المواجهة لليمن، خارج السيطرة السودانية عادة، خاصة من جنوب «بور سودان» حتى الحدود مع إريتريا.. «هذه المنطقة فيها منشقون سودانيون يتحدثون عن انفصال شرق السودان أسوة بما حدث في دارفور، وهي مناطق مؤهلة، فيها دفع أموال وتجارة سلاح مرتبطة بالجريمة المنظمة عبر الحدود».
ورغم ذلك يقول قشقوش إن تدريب إيران للحوثيين في قواعد خارج اليمن أخيرا، لا يمنع أنه ما زال يوجد تدريب للحوثيين من جانب إيران داخل اليمن.. «منطقة صعدة والجوف لا تطأها إلا أقدام الحوثيين فقط».

رغم كل ذلك يرى أحد هذه التقارير أن الاقتصاد الإيراني يعاني من وطأة العقوبات الاقتصادية ومن انخفاض أسعار النفط وهو ما يلقي بتأثيرات سلبية على التوسع الإيراني الذي يتطلب تمويل حروب قد يطول أمدها مثل الحرب التي تخوضها في سوريا، ولاحظ أيضا «وجود رغبة أميركية في مهادنة السياسة الإيرانية تجاه بعض الملفات الإقليمية الأخرى ومنها الحرب ضد تنظيم داعش والملف النووي الإيراني».

ويرصد جانب من التقرير تواصل شخصيات ومنظمات حقوقية دولية وسفارات غربية في اليمن مع المؤسسات الدولية والترويج بأن جماعة الحوثيين هم دعاة الدولة المدنية وليسوا مجرد ميليشيات مسلحة كما أنهم يحاربون تنظيم القاعدة والإجهاز عليه وفقا لتصور بعض مراكز الدراسات الغربية.

يقول بارفي، الذي تسهم مؤسسته في تقديم تقارير وأبحاث عن أوضاع منطقة الشرق الأوسط، بالولايات المتحدة، إن التغير في سياسة البيت الأبيض زاد من تأثير الإيرانيين في العالم العربي. ويضيف بشأن ما إذا كان يعتقد بوجود عدم رغبة أميركية للوقوف ضد التمدد الإيراني خاصة في اليمن، بقوله إن الأميركيين يتراجعون، في كل المنطقة.. «لم يعودوا موجودين لا في سوريا ولا في لبنان. الرئيس أوباما عكس الرئيس السابق جورج بوش الابن. هو، أوباما، لا يريد أن يدخل في مشاكل المنطقة، وهذا فتح الباب لدخول الإيرانيين وزيادة تأثيرهم في العام العربي».

ويفسر بارفي الأمر بأن هذه آيديولوجية إدارة أوباما، حيث يريد أن يسحب القوات الأميركية من المنطقة وبناء علاقات جديدة مع هذه الدول «بحيث تكون مجرد علاقات عادية.. أوباما لا يريد أن يتعامل مع الأحداث على الأرض. انظر للحرب في سوريا والمشاكل في ليبيا وأخيرا المشاكل في اليمن».

وتشير التقارير إلى أن التقارب الأميركي الإيراني يثير الكثير من المخاوف بالمنطقة ويؤثر على توازنات القوى كما أن مسار المفاوضات حول برنامج إيران النووي بتطورات الموقف الإيراني من قضايا اليمن والعراق والتحالف ضد «داعش» تمثل جميعا ملفات متشابكة لا شك أنها تؤثر على المصالح المصرية بشكل مباشر.

ويقول بارفي إن المعلومات تعبر عن زيادة نفوذ إيران في اليمن والبحر الأحمر.. «الفوضى مشتعلة في المنطقة وتوجد مخاطر في كل الدول ويزداد الأمر تعقيدا بوجود تنظيم داعش في سوريا والعراق وليبيا واليمن.. بينما من مصلحة أميركا محاربة جماعات المتطرفين، وإلا فإن مصالحها ستتضرر كثيرا».

ويشدد التقرير الأمني على أن التمدد الحوثي لا يمثل تهديدا على السعودية ومصر فقط ولكنه «يهدد أخطر المناطق الاستراتيجية وهو مضيق باب المندب الذي يمثل أهمية خاصة للتجارة الدولية.. سيطرة الحوثيين على باب المندب تجعل إيران صاحبة نفوذ كبير على الممرات المائية الاستراتيجية في الشرق الأوسط ويثير أيضا قضية أمن البحر الأحمر والنفوذ الإيراني فيه بوجودها في إريتريا والسودان وإذا ما أضفنا النفوذ الإسرائيلي الذي لا يقل عن الإيراني في البحر الأحمر، يصبح النفوذ المصري أو العربي في البحر الأحمر محملا بالكثير من القيود والتحديات المطلوب طرحها في إطار التعاون المصري السعودي».

“المجلة”

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34349

نشرت بواسطة في أبريل 26 2015 في صفحة الأخبار. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010