(أسمرا + أديس أبابا = لَمْ نَخْسَرْ شَيْئاً !!!!!)

“لم نخسر شيئاً!!” قالها بكلّ صفاقة وقلّة احترام، فابتأسْنا وشقَوْنا أكثر مما كنّا في شقاء وبؤس. إلا أنّها كانت بمثابة مدرسة ترمز إلى ما حدث وما سيحدث، ومن ثم علينا البحث حولها فربما أمكننا معرفة ما لم نر من أجنداتهم الخفية ونتصرف من خلالها.

عثمان صالح ويماني قبرآب في أديس أبابا ثم أبي أحمد في أسمرا ولاحقا إساياس في أديس أبابا. حفاوة ومهرجانات واستقبالات رسمية وشعبية، وكأن شيئاً لم يكن؟! وكاّنه لم يَحِد عن موقفه القائل بعدم الحوار قبل تنفيذ الإتفاقية واكتمال مهمة الحدود كاملة. وفي سبيل ذلك عانينا لستة عشر عاماً أشدّ المعاناة. ذهبوا بنا الى أحضان بعضهم وكأننا كنّا في حفل راقص طوال عشرين عاماً ولم نخسر شيئاً!!!!! ألم يقلها بنفسه بعد أن عدَّدَ سنواته العجاف؟؟

وبما أنّك تذوب عشقاً في إثيوبيا حيث نعرف ذلك من سابق علمنا بك، وبما انّنا نعرف وجهك العبوس الذي لا يرمز لأي إحساس عدا بحار الحقد والكراهية؛ واجهنا بالأمس المفاجأة!! حين كنت أمام قائد إثيوبيا الشاب سعيداً كما لم نعرفك ومبتهجاً كما لم نخبرك. وعليه لا بد من تفسير لذلك إلّا إذا كان حقداً دفيناً على الشعب الإرتري الجبّار الذي أذل أهلك فيما وراء نهر مرب أشدّ الذّل على مدار تاريخه المديد وانتزع منه حقوقه في حضورك ورغماً عنك.

وبما أنّك لا تعتبر أنّ بينك وبين إثيوبيا حدوداً حسب ما ورد في حديثك؛ فانهض وكن رجلاً صادقا ليوم واحد في حياتك وقل لنا ما الذي جرى بينك وبين أخوالك وأعمامك في العام 1997 و1998 حتى تتفجّر الحرب التي أبادت وعوّقت مئات الآلاف من البشر وأضاعت مستقبل الشعب الإرتري كاملاً. قل ما هي القضية التي استحقت كل ذلك وتم تفجير العلاقات بسببها وإبادة عشرات الآلاف تحت وطأتها وتدمير الإنسان الإرتري وحاضره ومستقبله تحت ضغط ما أسميتموها قضية الحدود والسيادة المدعاة، واللتين أنكرتهما في تصريحاتك بالأمس؟؟ ثم ما الذي جعل قضية الحدود فجأة تكون ثانوية ولا يمكن إعطاءها أية أولوية؟! ولماذا كان غائباً عنكم طوال هذه المدة – أنّ الحدود دائماً تعتبر واصلاً وليست فاصلاً وأنّ الأولوية للعلاقات الطبيعية بين الدول والشعوب؟!

هناك من يجب مساءلتهما في الجانبين إذن!!

ذهب ملّس ولكن يبقى  أيضاً من لابد من مساءلته حيث كانت معه جموع الحواشي والمستفيدين وذلك حين تم اتخاذ تلك القرارات التدميرية. ولكن هذا ليس شأننا في المرحلة الآنية. أمّا أنت ومن شاركك تلك الجريمة موجودون بيننا، فلا بد من القول والإفصاح بتفاصيل تلك الجريمة وعليكم الوقوف أمام العدالة طوعاً أو كرهاً. ولا بد من تبرير كل شيء بالإضافة الى قولتك الفجّة التي تفوهت بها بكل بساطة أنّنا “لم نخسر شيئاً”!!!

دعنا نقول لك، نحن الشعب الإرتري، أنّنا قد خسرنا الكثير والكثير مما يستحيل تعويضه نتيجة لعبثك أنت وأخوالك بمصائرنا. عشرات الآلاف من شبابنا وصناع مستقبلنا ذهبوا كلّاً أوجزءاً!! والملايين من شعبنا سحقت تحت وطأة عبثكم وذاقت الأمرين بسبب نزقكم وكراهيتكم أنت وأخوالك. ثم تأتي، وكأنها حالة تشفِّي، لتقول لنا بكل صفاقة “لم نخسر شيئاً”!!!

أكثر من غيرنا، نحن الإرتريون، نعلم الآن وكنّا نعلم سلفاً ودائما وأبداً بأنّ السلام هو المسلك السليم والحلول السلمية لكلّ عالق هي المخرج وهي الأولوية الأزلية. من لم يعترف بذلك ويعمل على ذلك علماً أو جهلاً هو أنت ومن كان أمامك من أهلك وحلفائك في إقصاء إرادة شعبنا وإجهاض أحلامه في العيش في حرية وسلام واطمئنان وسعي دؤوب نحو نهضته وتحسين أوضاعه.

لا تبرير لك، فإن كان علماً فهو غدرٌ وإبادة ممنهجة وإن كان جهلاً فهو تهاون وسرقة موقع القيادة وإدارتها ممن هم أهلٌ لها وأقدر عليها. وفي الحالتين يستوجب وقوفك أمام الشعب الإرتري طالباً العدالة أن تأخد مجراها.

عشرون عاماً من الدمار البشري والدمار الإجتماعي والسياسي والدبلوماسي من المسؤول عنها؟ أفورقي أكّد بأننا لم نخسر شيئاً!! وأكمل أبي أن لا حدود بيننا!! وكانت البهجة تتطاير من وجه أفورقي حين سمع ذلك. سؤال آخر يحمل بعض التفصيل، فكلّ أم لم يرجع إليها إبنها في حرب الحدود الأخيرة، وكلّ أم عاد إليها ابنها الذي كانت تأمل في أن يرعاها وقد اصبح معاقا وفي امس الحاجة الى رعايتها، فقد سرق نصفه في حرب العابثين تلك!! كلّ أم أعدّت لحفل زفاف ابنتها ومازالت تنتظرها؛ ولم تعد بعدُ منذ أن تمّ الزجّ بها في مهرجانات الموت الأفورقية التقراوية، لها أن تسأل أين إبني أو ابنتي ولماذا تمّ ذبحهم في قضية أقررتم بعدم وجودها وعدم جدواها؟

من يتحمل مسؤولية كل هذا العبث؟

هذا السؤال والأسئلة التي قبله موجهة مباشرة لأصحاب قرار الحرب أفورقي ومن خلفه الشعبية، وفي الجانب الآخر ملس زيناوي ومن خلفه الوياني!! وبما أنّ ملس زيناوي قد رحل بخيره وشرّه فلا حكم لنا عليه وبما أنّ وياني تقراي لم تعد الآمر النّاهي في إثيوبيا وأنّها تواجه محاكمة شعبية ميدانية في كل ربوع إثيوبيا بما فيه شعب التقراي فإنها بالفعل تواجه الحقيقة المرة وهي مواجهة عدالة إجماع الشارع الإثيوبي، والشّارع في كل بقاع الأرض لا يعرف الظلم!!

الجانب الآخر من المعادلة التي دمّرت كلّ الماضي وجلّ المستقبل هي أفورقي وزبانيته والشعبية خاصته. فهؤولاء لن يمرّوا من على سطح التاريخ ليدّعوا أنّهم صنّاع سلام ببعض الرّقصات والإستقبالات والمجاملات. الحاكم الأوحد في هذه الأمر هو الآهات والأنّات والموت الجماعي فوق التُّراب الإرتري والإثيوبي ثم في الصحاري وبحار المهجر وهجر الوطن التي عمت كل ربوع إرتريا وأصابت كلّ الإرتريين طوال تلك الفترة الجدباء!!

طالما أنّه كان هناك مخرجاً بهذا الشكل الحضاري لماذا كان كلّ ذاك الأسى؟! ليقم أفورقي وليقف خلف قضبان المحكمة وليرد. وليَعُد بكل شيء إلى نقطة يوليو 1997 وليبرّر لماذا؟؟ ردّاً على كلّ لحظة ليقف في مواجهة العدالة وليواجه المحاكمات الشعبية عما آل إليه حال الشعب وليقف أمام المحاكم العسكرية في مواجهة ما آل إليه حال الجيش وليقف أمام المحاكم المدنية في مواجهة ما ارتكبته أجهزته الشرطية والأمنية في يوميات شعبنا على خلفية تمثيلية خلاف أبناء الشقيقتين. ليقف أمام محاكم الضّمير أمام كلّ دمعة حزن نزلت وكلّ قطرة دم إريقت وكل روح أزهقت وكلّ مستقبل ضاع وكلّ لحظة رعبٍ وعدم اطمئنان انتشرت، وكلّ خطوة نحو التشرّد تم السير فيها، وكل ما نتج عن تصرفاته تلك.

أبداً لن تمر إحداها بالتّقادم ولن تدفن أي منها بالتّراكم، ولن تصنع من أفورقي حمامة للسلام ولن تأتيكم الشعبية كياناً سلميّاً مسالماً!!

على المجرم الإعتراف بجرمه ومواجهة العدالة ثم لير الشعب فيه ما يرى!! محاكمة أفورقي والشعبية (الهقدف لاحقاً) حتمية لا يجوز القفز فوقها. ولا بد لهم من الوقوف خلف القضبان والقول بحقيقة ما جرى، ثم البوح بحقيقة ما يجري الآن حيث الأصوات العالية بإضافة أسمرا إلى أديس أبابا تحت شعار لم نخسر شيئاً طالما اجتمعنا اليوم!!!

نعلم أنّ ما خفي من اتفاقاتكم ومشاريعكم أعظم وأنّ إثيوبيا السّاعية لاستخلاص مصالحها لم تدّع تمثيلنا ومن ثم يتحدّث إليها من تمثله. أمّا الشعب الإرتري فيقف في مفترق الطرق طالباً معرفة ما يجري فقولوا الحقيقة كاملة!!!

الشعب الإرتري يستطيع التصرّف وكما صنع المعجزات بالحرب والسلام يستطيع صناعة المعجزات بالحب والوئام، وكما أخرج غيركم طوعاً أو كرهاً فإنه لا محالة فاعلٌ بكم. والغد أقرب مما تتصورون.

 

بشرى بركت

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43320

نشرت بواسطة في يوليو 11 2018 في صفحة البشرى, المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010