أفورقي : شعبه يحتفل بموته وعند ظهوره تحتفل … فضائيته بعودته من الموت

أفورقي دكتاتور قهر شعبه ، فقهره الله بالمرض ، أذل شعبه فأظهره الله ذليلا أمام الشعب ، ولم تستطيع وبال القوة التي بلي بها الشعب أن تمنع عنه وباء المرض ، علي الرغم من أن الموت والمرض لا يستوجب الشماتة ولكن ما أصاب به أفورقي الشعب من عذاب الجحيم استوجب أن يشمتوا بموته ، فهو سجين البيت وحبيس المستشفيات مهما حاولوا التضليل فأكاذيبهم عارية والله يصف نهاية الطغاة في قوله تعالي (وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد) هل كان يتصور الطاغي أن يحشر في هذا الموقف الهزيل الضعيف الذي يقول فيه افتروا عليه بالأكاذيب حتى وصلت الأكاذيب عند بابه ، وأن يضطر للظهور ويقول : ها أنا حي أرزق ، وها أنا حي لم أموت ، وها أنا حي سليم معافى ، ويقولها بلسان مسكين يبحث عن العطف ، وهو المعروف باستفزازاته وعنجهياته وغطرساته وإساءاته ، هل نحن أمام مسرحيات شكسبيرية ؟ هل سيصرخ ضميره بصرخات ما كبث ويتخيل ما ارتكبه من جرائم ؟ ألم يحشر في الزاوية الضيقة بالإعلام المركز علي ما ارتكبه من فظائع ؟ الم تنهار حاشيته التي كلما حوصرت أتت به كشاهد أنه حي لا يموت ؟ هذا الشعب العظيم هو الذي قضي علي الإمبراطور هيلي سلاسي وعرشه العزيز المبجل ، هذا الشعب العظيم هو الذي قضي علي منجستو ونظامه الدموي الفاشي القذر ، هذا الشعب العظيم هو الذي قضي علي أفورقي ونظامه الدكتاتوري البغيض ، هذا الشعب الصبور إذا قبض الشمس أخمد جذوة حرها ، وإذا عصرها كانت في يده ماء مدرارا ، هذا الشعب العظيم من يتحداه يطلب نجدة المرضي كمسعفين ، هذه المسرحية هي علامة الموت المريع ، هي الهزيمة النفسية المؤلمة وبوادر الرحيل ، هذه المسرحية هي طلب النجدة لإنقاذ النظام الذي تتهاوي قوائم أعمدته ، لقد انتهت هيبة النظام وقوته لأن هذه المسرحية هي من الفصول الأخيرة ، وقيادات الأنظمة الدكتاتورية مهما كانت سطوتها وقوتها فإنها ضعيفة أمام إرادة الشعوب ، فظهر الضعف والارتباك في إدارة الدكتاتور الارتري الذي أظهروه علي الشاشة لينفوا به المرض والموت ، ويستقووا بظهوره ، ولكن الصورة التي ظهر بها تفضحهم ولم تنف ذلك ، كان مريضا ولم يكن كما قال في جولة لا في بركة ولا في القاش ولا في عنسبا ولا شمال البحر الأحمر ، ولكنه كان رفيق السرير ، عيون متدمله ووجه مرهق منتفخ ، وحديث هادئ منخفض ، واتكاء علي الكرسي دون حركة ، وكاميرا مسلطة علي شقه الأعلى ، كأنها تستخرج له جواز السفر ، كل شيء مرتب وبعناية ، لم تسلط الكاميرا كاملا علي مقعده إلا ثلاثة مرات وعلي السريع ، قدماه ثابتتان لا تتحركان ، ولا حركة للجسد ، كلام هادئ دون انفعال ، ولا تأثير، ولا غضب علي الوجه ، ومقابلة محدودة وفي دقائق محصورة ، وأنه لم يعوّد الشعب أن يتعامل بهذه الصفات ، وهذه الكياسة ( فهي شروط الأطباء ) واخراجات الأنظمة الدكتاتورية متعددة في حالة اعتلال الدكتاتور الموروث ، والحواشي والرفاق المتصارعين الذين يسعون لتقسيم أسهم الوراثة ، يظهرون الزعيم الموروث هكذا حتى ينتزع الحكم من هو الأقوى فيهم ، وإذا أخذنا (أمثلة ) فالاتحاد السوفيتي عندما مات بريجنيف المحنط عام 1983 اختار الرفاق الرئيس (أندروبوف) وكان علي فراش الموت ولكن هكذا حنطوه وصبغوه وأظهروه كشاب يقوم بمهامه الوظيفية ، ولكنه خذلهم فمات بعد سنة واحدة فقط 1984 ثم انتخبوا (شرنينكو) رئيسا وأعطوه نفس الهالة وهو علي فراش الموت ولكن لم يستمر الا سنة واحدة فمات 1985 فانتخبوا (جروميكو) وهو علي فراش الموت ولحظهم استمر أربعة سنوات مات بعدها ، وبعد هذه الفضائح وسخرية العالم منهم ، أتوا (بميخائيل جورباتشوف) الرجل الذي انهار علي يده الاتحاد السوفيتي ، ولكن الرفاق في كوريا الشمالية كانوا علي غير ذلك فالسيطرة الكاملة كانت هناك للقوات المسلحة بعد موت زعيمهم (كيم إيل سونغ) فانتخبوا كوريث ابنه (كيم أيل جونغ ) فلما مات هذا كذلك انتخبوا ابنه (كيم جونغ أون) أصغر أبنائه وخريج الجامعات الأوربية ، والمحروم منها الشعب المغلوب الذي لا يعلم ما يجري في العالم حوله ، وكانوا بذلك قد وضعوا أسس التوريث للجمهوريات الدكتاتورية ، وفي تونس عندما هرم (الحبيب بورقيبة) تشكلت حوله عصابات مافيات السلطة وأقوي تيار كانت تقوده زوجته الوسيلة برقيبة ولكن الغرب حسم الصراع بتولي قائد الأمن (زين العابدين بن علي ) علي السلطة ، وشهدنا الملك حسين عام 1999 كيف قطع علاجه في أمريكا وعزل أخوه الحسن من ولاية العهد وأسندها لابنه (عبد الله ) حسما للصراع داخل البيت الملكي ، وهكذا ثبّت الأسد ابنه (بشار) عن طريق الأسرة العلوية ، وحاول معمر القذافي ، و مبارك وعلي عبد الله صالح عن طريق القبائل ورجال الإعمال التوريث ، و لكن أوقفت ثورات الشعوب طموحاتهم المستبدة ، هكذا نجد في أنظمة الفرد وانعدام القانون يتعثر البديل وتنتشر المؤامرات ، ولكن ماذا سيكون الشأن في ارتريا ؟ هل الأجنحة ستأتي برئيس جديد محنط مثل ما فعل السوفيتي؟ هل سيتولى العسكر ويأتوا بابرهام تيمنا بكوريا الشمالية؟ هل سيأتي أحد من الذين قد تكون أعدتهم الاستخبارات الغربية مثل بني علي ؟ ماذا سيكون دور المعارضة في حسم الصراع ؟ هل كما هي كيكي يا كيكي ، ما نافع فيكي ، لا طبيب هولندي ولا خبير بلجيكي ؟ أم سيحسمون الصراع بطريقة أخري ؟ وهل بالإجماع أم متفرقين ؟ وهل سيسلمون من الاستقطابات ؟ أم أن الوضع سيتغير بهبة شعبية نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة ؟ إن الوضع في ارتريا حقيقة مبهم وخطير ، فظهور الدكتاتور ما هو إلا لتطمين أعضائهم الذين أصيبوا بالذعر من الفراغ برحيله ، و من الظاهر أن أفورقي خارج معادلة الحكم ، والعبرة التي يجب أن يعتبرها هي أن انتشار خبر موته كان استفتاء عاما يعبر عن مدي كراهية الشعب له ولنظامه ، وأن ظهوره كان لهم كالكابوس المرعب ، إن الدكتاتوريات ت لا تؤمن بالله ولا تتعظ ولكن أفورقي قرأ كتابه في الحياة الدنيا وعرف مقدار كراهية الشعب له وهو يري بأم عينيه ويسمع بإذنيه كم كان الشعب الارتري مسرورا وسعيدا برحيله.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=22675

نشرت بواسطة في مايو 1 2012 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010