أقـــلام إرتريــة

عمر جابر عمر

منذ التحرير وانا ابحث عن كتاب يتناول تجربة ((الجبهة الشعبية ))على ان يكون الكاتب من  ابناء تلك التجربة عاش فيها وامن بها ودافع عنها ثم نركها طائعآ  مختارآ بعد ان اكتشف زيفها وخطلها او بقى فيها مكرها لا يجد مخرجاً … وفي هذا الاتجاه قرأت كتابين :

 

 

1- الدفع والتردي –الامين محمد سعيد

2- ذكريات او مذكرات –محمد طاهر بادوري

الاثنان كانا لتبرير وتجميل وتسويق تجربة الجبهة الشعبية فلم يعرف عن أي منهما موقف مضاد للدكتاتور لافي مرحلة الثورة  ولا بعد الاستقلال.

الامر الاكثر غرابة هو ان من هرب من التنظيم ولجأ الى المعارضة في الخارج بقى صامتاً لا يتحدث عن الجبهة الشعبية .

هذه الظاهرة اصابت بالحيرة معظم الارتريين وتفسيرها احد امرين .

1- اما أن هؤلاء كانوا يعيشون على الها مش لا يعرفون شيئا … مثل الزائدة الدودية اذا التهبت ثم بترها ( أي اذا خرج من بيت الطاعة).

2- الامر الثاني هو ان هؤلاء خضعوا لبرنامج مكثف ومتواصل من ( التنميط السياسي) وتمت ((قولبتهم))بحيث تعطلت لديهم كل مراكز البحث والتساؤل وانسدت كل قنوات التفاعل والفعل لديهم باستثناء قناة واحدة ظلت مفتوحة هي ((فناة الاستقبال ))!؟

قلة قليلة احتفظت بوعيها الوطني العميق وتوازنها العقلي ثابتا … بعض هؤلاء دفع الثمن غاليا والبعض بدأ سمع صوته مثل كاتبنا الذي نتناوله اليوم .

انه الاستاذ (( فتحي عثمان))وكتابـــــــــــه : ارتريا من حلم التحرر …الى كابوس الدكتاتور .

بداية اشكره على مبادرته حيث اهداني كتابه وعندما قرأت سيرته الذاتية المكتوبة على الغلاف الخارجي ادركت انني امام قلم يمتلك ناصية الكتابة وباحث ملم بأسس التحليل والاستقراء لم يحمل الكاتب طبلا ومزمارا ليكليل المديح للجبهة الشعبية ولا حمل بالمقابل خنجرا مسموما يقطع به أوصال التنظيم …كلا حمل (( شرط ))الجراح الماهر وقام بسياحة فكرية لتشريح عقل وسلوك ومواقف التنظيم .

بداية يؤكد الكاتب ان التنظيم ((الجبهة الشعبية)) كان وسيظل تنظيم ابناء المرتفعات الارترية فكرا وثقافة وقيادة واسلوبا وكانت القيادة دائما للنخبة من جامعة (اديس اببا) كرد فعل على تجربة جبهة التحرير !؟

السؤال الجوهري الذي يجب على كل من كان في الجبهة الشعبية الاجابة عليه هو :

لماذا نجحت الجبهة الشعبية في مهمة التحرير ولماذا فشلت في بناء الدولة ؟؟

للاجابة على السؤال الاول يقودنا الاستاذ (( فتحي عثمان )) كانت الجبهة الشعبية تنظيما ((عسكريا )) بامتياز _ سخرت كل قدراتها ومواردها وعلاقاتها لبناء تنظيم عسكري يواجه الالة الاثيوبية العسكرية .

بدلية من التدريب العسكري العالي والانضباط العسكري الصارم والتخصصات العسكرية المتنوعة وشبكة الاستخبارات العسكرية التي كانت تمثل حماية للتنظيم من اي اختراق والتسليح النوعي ثم الاستفادة من الاسرى الاثيوبيين في بناء شبكة مواصلات على امتداد ارتريا واخيرا التحالف مع (( وياني تغراي)) لاضعاف  جبهة العدو الاثيوبي وتصفية الخصوم الداخليين (( جبهة التحرير))!؟

وكلما تحققت الانتصارات العسكرية كلما اقبل على التجنيد واصبح ((الجيش الشعبي)) هو الاداة وهيكل التنظيم ووسيلته لتحقيق الاتنتصار.

ثم جاء الاستقلال واصبح الجيش الشعبي بقياداته وكوادره على رأس الدولة .

اما السؤال الثاني ((بناء الدولة)) يقول الكاتــــــــب:

بناء الدولة يتطلب ((التنمية )) وتلك بدورها تشترط المشاركة السياسية وهنا ( واقف حمارالشيخ في العقبة )!؟ ذلك الشعار (( المشاركة السياسية ))لم يكن جزا من فكر الجبهة الشعبية .. لم تؤمن به يوما ما ولا مارسته في مرحلة الثورة .

ذلك الضعف السياسي ظهر في تجربة الجبهة الشعبية في مرحلة الثورة : رفضها للحوار مع الفصائل الارترية بل وحتى مستوى الاداء في مفاوضات ( اطلانطا) مع العدو الاثيوبي …. الخ

لذا فقد لجأ التنظيم في مرحلة الدولة الى ما يجيده ويملكه ( الثورة العسكرية ) … حروب مع دول الجوار وتصفيات الخصوم في الداخل حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه … دولة فاشلة … شعب متشرد وعزلة اقليمية ودولية .

كلمــــــــة ختام يوججها الكاتب الى من يحاولون تجميل وتجديد تجربة الجبهة الشعبية … لاتتعبوا حالكم – الجبهة الشعبية – او ماتبقى منها – تنظيم (( معاق)) سياسيا لا يقبل الاصلاح ولا يقدر عليه !؟

ويشير الكاتب الى مأزق خطير افرزته تجربة الجبهة الشعبية : لقد فرضت على معارضيها الخيار العسكري لحسم الصراع .. لا حوار ..لاسياسة.. ونتائج ذلك ليس (( الحروب الاهلية المدمرة)) بل وربما تؤدي الى ضياع الاستقلال !؟

التحية مرة اخرى لهذا القلم المبدع والشجاع لقد صدق مع نفسيته ومع شعبه وهذا هو طريق التغيير الحقيقي.

آخــــــــر الكلام .

دكتاتور ارتريا هذه الايام يعيش حالة ( نشوة ) ومعنويات عالية …السبب ليس مبادرة سياسية تخرج البلاد من حافة الهاوية و لا هو ظهور حليف اقليمي او دولي يفك عزلة النظام … كلا السبب ببساطة هو فوز نادي ( ارسنال )

الانكليزي بكاس انجلترا !

يقول احد الظرفاء لولا الحياء لكان الدكتاتور سيأمر بعطلة رسمية في البلاد وزيادة مرتبات الموظفين !؟

أصبح تأييد وتشجيع (ارسنال ) جزءا من عقيدة النظام ومعيارا للولاء والطاعة .. يقول احد المقربين من الدائرة الخاصة :اذا كنت تريد اختبار ولاء اي شخص عليك ان تساله عن الفريق الانجليزي الذي يؤيده … حتى من هرب واصبح من المعارضين .. اذا اجاب انه يؤيد ( ارسنال ) فذلك يعني ان لديه بقية من سحر وتأثير الدكتاتور واذا ذكر فريقا آخر اثبت انه تطهر وتخلص من الولاء!؟

هكذا هي دولة ارتريا اليوم خواء فكري وجمود عقلي وانشغال بسفاسف الامور حتى تحدث الطامة الكبرى …ذلك يوم نسأل الله ان يحمي الشعب الإرتري منه…

كـــــــــان الله في عون الشعب الارتري

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=32418

نشرت بواسطة في فبراير 18 2014 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010