أوبريه الحلم الإرتري

محمد موسى مدني

طرابلس    ليبيا

قل دائما ما تشعر به وأفعل ما تفكر فيه

غابرييل غارسيا ماركيز

إنها فكرة, أليست كل الأفكار العظيمة التي غيرت وجه التاريخ مجرد فكرة اختمرت في مخيلة شخص أو أكثر لتغيّر تاريخ أمم؟! أنا هنا لا أدّعي عظمة فكرتي بقدر ما أعتقد بأهميتها .

الآن نحن الأمة الإرترية ما أحوجنا إلي من يخاطبنا كأمة بعد الشرخ الذي أحدثته الجبهة الشعبية قديما ونظام التجرنية حديثا في نسيجنا الاجتماعي بإتباعها سياسة تتنافي مع الضمير الجمعي للشعب الارتري.

نعم نحن نحتاج إلى  من يخاطب فينا الوطنية التي يسعى البعض إلي تقويضها فينا وشحننا في اتجاهات تتناسب مع ضمائرهم المستترة فقط وبكل أسف تجد هذه الدعوات أذنا صاغية من بعض الطامحين وكثير من الناقمين.

أولى خطوات هذا الخطاب يجب أن يخطوها المثقفون، أن يتحملوا عبء   ذلك الخطاب، عليهم الآن أن يطرحوا المثل العليا حتى يسترشد بها السياسيون.

عليهم النزول من أبراجهم العاجية والتفاعل مع قضايا مجتمعهم,عليهم أن يقوِّمُوا مسيرة هذا الوطن الذي منحهم حق الإدماج وحق الإلحاق وحق التخفي{مصطلح ارتري بامتياز} في مجتمعاتهم (الجديدة) علي حساب لاجئيه  وشهدائه وقضيته العادلة .

الآن الوطن في حاجة إلى المثقف الحر الخالي من أي نزعة شوفينية أكثر من حاجته إلى الساسة المراهقين لأن المثقف هو المؤتمن علي مستقبل الأمة وما لم يصدق السياسي هذه السياسة ويسترشد بها في إدارة سياسته فان هذه السياسة ستؤول إلى الانهيار الاقتصادي و الاجتماعي وسيتحول هو في هذه الحالة إلى شيخ قبيلة أو زعيم طائفة أو لاجئ سياسي بعد أن هرب من الحقيقة التي تضمن له وجوده الإنساني بوصفه مواطن في دولة أولا وفي أمة ثانيا, وقد بدأت إرهاصات هذا الانهيار  بمؤتمر [مقلي] الذي نتمنى أن يكون مجرد ظاهرة عابرة   تنتهي بانتهاء مسبباتها والعبرة بالخواتيم .

علي الخطاب الذي نتحدث عنه هنا أن يتخذ عدة أشكال أهمها عدم صرف أذهان  الناس عن المعركة الكبرى , أعنى المعركة ضد المجموعات المسيطرة علي مقدرات الوطن والتي تحاول جر المجتمع إلى مستنقعات آسنة ابتداء  من محاربة الناس في لقمة العيش وانتهاء بسياسات التجهيل المتعمّد في كافة ضروب المعارف.

يجب علي هذا الخطاب أن يهدف أولا وأخيرا إلى خلق مجتمع ديمقراطي تتحقق فيه مصالح الطبقات الشعبية الفقيرة, وهذا يتطلب الوعي أو الفكر الواعي لتطبيق الديمقراطية والاستقلال والوحدة وليس بناء أطروحات التغيير على أسس ردود الأفعال والاستثناء أو الانتقاء، فالثابت هو الوطن والمستثني هو النظام الديكتاتوري الطائفي الحاكم .

علي ذلك فإن التركيز علي الخصوصيات الثقافية  والإثنية  لأي من مكونات المجتمع الارتري لا تخرج من فكر الحكومة التفتيتي  والاقصائي وبالتالي العنصري.

كما أننا بحاجة إلى مراجعة التحليق في الأفكار المثالية غير الواقعية التي تخدع وتضلل أكثر مما تخدم وتفيد.

نحن بحاجة إلى طرق أخرى من صنعنا نحن, أما ماهية هذه الطرق فلست أعلم عنها شيئا ولكني متأكد أنني أستطيع التعرف عليها لو وُجدت أو عثر عليها أحد, لأنها حتما ستحاول حل مشكلات بلادنا بالطرق المحلية وباللغة التي يفهمها شعبنا, لأنها ستكون أقرب إلى طبيعتنا وروحنا من الشعارات العالمية التقليدية المحفوظة بغض النظر عن مصدر هذه الشعارات العالمية.

بالعودة إلى فكرة المقال,علينا أن نتساءل أولا: هل بإمكان الفن والأدب أن يشكل ملحمة ترضي جميع المجموعات الإثنية دون أن يؤثر علي الموروثات التي تحملها هذه المجموعات؟

هذا سؤال يحتاج إلى مساندة للإجابة عليه حتى نتمكن من تكبير بقعة الضوء التي تبدو في نهاية نفق الظلم الاجتماعي .

فالمطلوب هو تضافر جهود المثقفين لخلق حركة مجتمعية ثقافية ديناميكية مبنية علي أسس ومفاهيم المحبة والتعايش والسلام من خلال المنتج الإبداعي لمناهضة الديكتاتورية التي بإمكانها أن تمنع شخصا من عبور الحدود ولكنها لا تستطيع منع فكرة من الوصول إليه في ظل عالم الميديا .

تتمثل الفكرة التي نحن بصددها في أوبريه يتحدث عن حلم الشعب الارتري في العيش الكريم والمساواة والديمقراطية. أوبريه يتناول آلام اللاجئين ومعاناة المهاجرين وأبناء الشهداء وجرحى حرب التحرير .أوبريه يشارك فيه رجال الدين والمتبقون على قيد الحياة من الرعيل الأول. أوبريه تشارك فيه منظمات المجتمع المدني الداعية إلى السلام والتعايش وحقوق الإنسان .أوبريه يشارك فيه قادة العمل السياسي الناشدين للديمقراطية والساعين إلى استرجاع حقوق  الشعب الإرتري حتى يكون وثيقة التزام أدبي يحاسبهم عليها الشعب عند النكوص الذي هو سمة السياسيين . أوبريه يؤديه كل فناني إرتريا المتاحين والراغبين في رؤية وطن لا تكمم فيه الأفواه ولا تصادر فيه الحريات و وطن تكون فيه الحقوق والواجبات علي أساس المواطنة لا علي أساس الطائفة أو العشيرة أو الانتماء السياسي أو الطبقة الاجتماعية أو أشياء أخري خفية. أوبريه يتحدث عن شكل الأمة التي نريد والوطن الذي إليه نطمح، يخاطب أحلامنا وآمالنا وآلامنا ويدين المجرمين الذين سلبونا فرحة توقف نزيف ثلاثون عاما من الدماء .

يقول المفكر الألماني نيتشه “بدون موسيقى حياتي خطأ” والفن قادر علي تعزيز عزيمة الإنسان ومن ثم تشكيل أو تحديث إرادته القوية لاسيما الأطفال والشباب المتهم عبثا بعدم تفاعله مع قضايا الوطن, فإقامة حفل موسيقي لفضح الممارسات اللا أخلاقية التي يتعرض لها شعبنا الكريم لقادر أن يلعب دور بالغ الأهمية ,بعبارة أخري أن أغنية حقيقية جميلة أو لوحة تشكيلية أو دراما أو قصيدة شعرية، أو نثر لتؤثر بشرائح المجتمع وتعطي نتائج ملموسة  وردود أفعال أسرع من خطابات وبيانات التفريخات الأميبية التي تطالعنا بها صفحات الانترنت يوميا .

بالرغم من أهمية الانترنت كوسيلة علينا أن نتساءل كم هي نسبة الأمية التقليدية في بلادنا ناهيك عن الأمية الالكترونية؟ . أترك لك تقديرها عزيزي القارئ .

ختاما إذا لمسنا تجاوبا حول هذا الموضوع الذي نحسبه عنصرا مهما في عملية إعادة بناء المجتمع أولا والتغيير الديمقراطي ثانيا سنحاول الاسترسال في الكلام الذي ابتلانا به الله .

ما دفعني لكتابة هذا المقال هو ما تفوه به سفير اسياس بطرابلس  بمناسبة يوم الشهيد الحفل الذي لم يحضره احد سوى موظفي السفارة على قلتهم ونفر قليل من النفعيين  والذاتيين قاموا بنقل خطاب السفير إلى الشارع كمبرر لاستهجانهم ما قال رغم الحضور  وخلصت كلمة السفير في نقاط ثلاثة .

عاب على الناس عدم الحضور وتسال عن الأسباب !!؟ , كما ذكر على المواطنين حضور مثل هكذا مناسبات حتى لو كانوا معارضين للنظام , عاتب الحضور على عدم تحفيز أبنائهم لمشاهدة تلفزيون  على عبدو

سوف اترك إجابة  تساؤلات سعادة السفير للقراء الكرام

ودمتم

للتواصل : mmmadane86@yahoo.com

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=3917

نشرت بواسطة في يوليو 15 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010