أين تكمن المصيبة في هذه المسرحية ؟

بقلم  / متكل أبيت نالاي    

  لم يكن ينقص المسرحية شيء على الإطلاق, صرفوا عليها بسخاء ولم يبقى من الطيران القديمة إلا وتم ترميمها, وأخرجوا السلاح من المخازن أوكرانيا, وتكدست الدبابات في الحدود, ولم يبقى من عسكر درقي أحد, وتم استدعاؤه, كما تدفق الطيارون المغامرون إلى إثيوبيا, انتشر الرجال على مساحات طولها ألف كيلومتر, فعلاً ساحة شاسعة, فكلما عظم اتساع المسرح صار مقنعاً لكبار الممثلون حتى البلادة, أن يسيروا الشمس من الغرب إلى الشرق .

الحرب قادمة كانت الموت تمشي وتتنفس معنا لهذا جمعنا كل المتناقضات من فناؤهم الخلفي لمعرفة المنطق والحكمة الذي قبلت بها إرتريا الحرب. فتشنا فوجدنا إثيوبيا دولة تفوقنا قوة وثروة وتسليحاً وبشراً تساندها في حربها النبيلة عشرات من الدول المحبة للسلام, في الوقت الذي بلغ العالم بضيق من إرتريا منتهاه.

كانت ساوا هي الأخرى مشهد مثير, شفطت كل أطفال إرتريا عن اقتناع أو خلافه من أجل أن تتواصل مع الحرب تحقيقاً لأحلام الرئيس, يعززها  في ذلك الإعلام الإرتري الذي نشد لها أغاني الحماس, قائلا” يا شباب أطردوا عن أنفسكم التخاذل وهيا انخرطوا بمصنع الرجال, دروبكم الوعرة” كان ذلك منطق الموت الذي لم يدركه الشباب في حينه. وقامت الإذاعة والتليفزيون بتحسين برامجها لنقل أهات الإنسان المعذب المسحوق بين تعليق وخبر وخطاب سياسي.

بكينا نحن العامه من الشعب, لأن الذي مات في المسرحية إنسان حقيقي, ولأننا كنا نعتقد مستحيلاً قتل كل الناس مرة واحدا, إيماناً منا بأبجديات النضال المشترك بين الحكومتين والتعايش المتجاور,وللأسف حصلت الحرب بكل ضراوتها وكانت حرب بشعة لم نكتشف لها معنى حتى هذه الساعة.

 واليوم فقط أتذكر أولئك الزملاء ويسفني أن أتحدث عنهم بالجملة, اختصرت حياتهم أن يذكروا هكذا في تاريخنا, رغم كان فيهم من استشهد في أول المعركة, وكأنه جاء خصيصاً للشهادة. وهناك من سقط قبل زيارته إلى أهله بيوم واحد, وهناك من تزوج وعاد ليموت متزوجاً, وهناك من كان يحلم أن يعود لكي يتزوج ولم يعد. في الحروب ليس الذين يموتون هم التعساء دائماً.أن الأتعس هم أولئك الذين يتركونهم خلفهم من يتامى ومعطوبي الأحلام. شعور مخيف وموجع يظل ينخر في الولدين من داخل ويلازمهم طول حياتهم حتى يقضي عليهم بطريقة أو بأخرى.

سرني أن تحدث وأناقش الأوضاع مع والد لأربعة شهداء, قال لي: بعد الاستقلال اعتقدنا لا شيء بعد اليوم يمكن أن يعيدنا إلى الحزن السابق أي( حرب التحرير) الذي فقدت فيه ثلاثة من أبنائي ورابعهم ولدي هذا الذي ولد وسط حرائق إسياس حينما كان ينفذها في بركه في عام 1985 وقدري أحضرته لهم من السودان , وها هو نفس القدر يطردني أنا وأولادي يضعنا أمام ساحة أخرى للقتال ضد المجهول. رحل ابني وتقلصت عدد أفراد أسرتي كلما القي بنا إسياس على الموت,بصراحة لم نلد إلا للحزن ولم يبقى لنا سوى هذه الصور القديمة, تغيرت حياتنا فجأة وشعرنا بالوحدة,وفرغت البيت بقدر ما كانت ملئت, يأخي نحن  تعساء فقدنا الرغبة في الحياة, مازلت تطرح  ولدته على نفسها أسئلة كثيرة كان يمكن نتجاوز بها تربص هذه الحكومة لو كانت الأحداث تجري بشيء من البطيء. وحتى الآن لم أعرف كيف هذه الحرب نبتت وبدون مقدمات أخذت هذا المنحنى الخطير أغلقت المدارس واخذ أغلبية الطالبة إلى الحرب تورط بشكل أو بأخر شعبنا كله في الجهد الحربي فجأة. وفي اعتقادي الفشل كان مصدره هذه القسوة.

وقد انكسرت نفسي حينما عرفت أن أبناؤنا قاتلوا بتجهيزات عسكرية رديئة وفي أرض مكشوفة لطياران الإثيوبي. وكل التقارير المكتوبة حول القضايا الفنية للأسلحة إلى الوزارة الدفاع يقال الرئيس أدر لها ظهره, وفقدت الأسلحة الإرترية أهميتها أمام الأسلحة الإثيوبية الحديثة من أول معركة. أن أهدفنا وأحلامنا التحررية يا عزيزي بنية على الأخطاء كما النضال في صفوف الجبهة الشعبية ما هو إلا استمرار في هذه الأخطاء القاتلة لشباب, والمخربة للبيوت.

 فقد سمعنا كل شيء الذي قيل حول هذه الأيام بأن أبناء تغراي المقيمون في إرتريا كانوا ينقلون أخطر الأسرار بالصوت والقلم وكانوا يعاملون بالإهمال وسط الجيش الإرتري. نحن نعرف إثيوبيا وإرتريا عدوين لدودين في المنطقة ولهم جذور عميقة تاريخية تعكس شخصيتهما المختلفة, وأن هذا الصراع سوف يستمر, ولكن كان يتطلب من إرتريا عمل سياسي جبار لتطويقه ولو لحين من الزمن.

كان إسياس أفورقي على علم بوجود مؤامرة إثيوبية مستمرة في محاولاتها عند كل لقائه بملس زناوي وإدعاءاته الباطلة الذي أصدر لها خرائط مزيفه. ولكن رفض أن يطلع عليها الشعب الإرتري كانت نيته الأكثر وداً تجاه شعب تغراي. في الوقت كان سيؤم مسفن يتمتع بتصميم هائل على كسب أحلام ثورة تغراي بالحرب, كان إسياس يتساءل ويهاتف ملس بقوله” ما معنى من وراء هذا العداء ,  وكان الرئيس يريد أن نعرف منهم كل التفاصيل عبر الهاتف” كان بعيداً عن أجواء المؤامرة التي كانت تحاك بدهاء ومكر, فرئيسنا لا يعرف أن الأشياء في إثيوبيا بدأت تتغير على ضوء المواقف الذي أتخذها في سيادة الإرترية, أحيت لتغراي مطالبهم القديمة. ورئيس لا يعرف بأن هذه الحرب أيضا سوف تأخذ وقتاً طويلاً في حالة قرره الخوض فيها, خصوصاً لا يمكن التكهن بما سيحصل للبلدين الذي يملك كل منهم نصف مليون عسكري في المنطقة. كما أن مسألة قدرتنا على الصمود أصبحت موضع تساؤل لكثير من المحللين العسكريين في القنوات الفضائية.

واليوم من بقوا من المقاتلين معنا أصبحوا ينظرون بحزن شديد إلى مكانتهم التي تدنت ومهابتهم التي زالت, لقد شوه إسياس الانتصارات الإرترية التاريخية وتلاشت أمجاد شعبنا بفعل هذا الرئيس الغير ناضج سياسياً وعليه أن يتحمل وحده فشل عمل كامل وانهياره, بهذه السرعة, بل ساهم في تشكيل المأساة التي يعيشها كل بيت إرتري.

 وإثر اختراق الجبهة الغربية والوسطى كان يعمل الرئيس كالمجنون متوتراً لا ينام ساعات طويلة من التركيز عاجز تماماً عن متابعة الانسحابات المتكررة, وفوق هذه الفوضى قاتل بضراوة للحفاظ على نظامه وثبت لاحقاً من إعلانه الانسحاب من طرف واحد إلى مسافة 25 كيلو متر في الأرضي الإرترية, بطريقة مقلوبة لمبادرة السلام الرواندية الأمريكية تدل على فقدانه التفكير السليم  فيما يمكن فعله في مثل هذه المأزق السياسية المهلكة. وبسرعة رتب إسياس لقاء الجزائر ولم يكن أمامه من خيار, غير القبول بما تقوله إثيوبيا بل توصل يطالب إثيوبيا على اعتبار المات مات وألفات فات, وعلينا أن نرتب عودة العلاقات إلى مجراها الطبيعية  بين البلدين, كلام حير كل المتابعون لهذه القضية , وتأسف كل من سمع هذا  المنطق الغير مسؤول حتى شنت بعد أقلام الصحف الأجنبية هجوم على القادة الأفارقة من أمثال إسياس أفورقي الذي يسعدون من الحروب المدمرة, ويعملون بانسجام كامل مع المصالح الغربية ضد تعاسة شعبهم وتقدمه.  واليوم كل من نظر إلى تليفزيون الإرتري يتساءل إلى العداد الموطنين الذي يسيرهم إسياس أفورقي في الأودية, وكل يوم ننظر إلى عين المقاتل البائس الذي تحول إلى شرطي حقير استبدلت بطولاته وتاريخه لصالح الحاكم  وفرش استقلاله لقبيلة عصرية تسما حزب العدالة والديمقراطية لها مصلحة واحدة, ومن أجل مصلحتها تزرع به وترسله أن يقاتل في صفوف أنظمة دموية في إثيوبيا,والسودان والصومال, والبحرات العظمى, كما ساومت على حقوقه بمبلغ وقدره 5000 نقفة هكذا تخلى المقاتل عن حقوقه وتأقلم  مع جنون شركة البحر الأحمر وسقن ليبدأ من صفر كعامل بناء يعش على الإغاثة.

وبهذا المناسبة يدعو متكل أبيت نالاي كل المعارضة الإرترية أن تتبنى القرار الأتي ضمن برامجها في إرتريا الديمقراطية.

1-  أن أي مبنى حفره الجيش الإرتري بأظافره رغم الجوع ولفح الشمس الحارقة يجب أن يأمم لأنه ملك الشعب الإرتري لأن الجيش حفره لصالح وطنه وليس من أجل بطون حكام تنتفخ, كما هؤلاء المقاتلون لن تدفع لهم رواتب مقابل ما أودي من عمل.لهذا نناشد المغتربين الذي لا يحب أن يرو معانات المقاتلين عليهم أن يحترموا حق هؤلاء ويمتنعوا عن شراء منازل شيدت بعرق الناضلون, وأن قدسية حقهم محفوظة ولو بعد حين وهذا أمر مشروع عليهم تداركه الآن وكذلك أن يشمل هذا القرار كل تجاوزات على القانون والملكية الذي لمسته أيدي لصوص.


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6427

نشرت بواسطة في مايو 22 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010