إختطاف التعليـــــــــــم (5) إختطــــــــــاف شعب

إندا أستاذ بشير – مدرسة الضياء – الشيخ موسى نورو

الأمر ليس باقل من مشروع إستئصال متكامل، وليست هذه هي البداية، والمستهدف لا شك واحد لا ثاني ولا ثالث له. تهور الأقازيان فقالوها على الملأ بالرغم من أنّ كبيرهم الذي حقق لهم كلّ المستحيلات مازال يعمل في تحقيقها على أرض الواقع.

المستهدف ليس العم موسى نورو بقدر ما هو رسالة المدرسة، المستهدف ليس المدرسة بقدر ما هو النجاح الذي حققته، المستهدف ليس المستفيدين من المدرسة بقدر ما هو الإختراق الذي حققته بالجهود الذاتية.

كيف لا وقد قدم تنظيم الأقازيان الصهيوني الفعلي الحاكم في إرتريا إلى أسمرا وقد وجد فيها عملاً شعبيا بدائيا في حي “أخريا” كان إسمه مدرسة الضياء الإسلامية المعروفة أسمراويا ب”إندا أستاذ بشير” حينها. في العام 1989م قابلت الأستاذ بشرى في فناءٍ لا يشبه المدرسة بمفهومها المتعارف عليه حينها في أسمرا. عدة غرف دون مؤهلات ورجل متحمس يعمل ليل نهار وأعيان من الحي يتقاطرون إلى المكان. لم أكن أعرف أنّ تلك كانت المراحل الأولى لصناعة صرح تعليمي يرعب الأقعازي الإستئصالي الذي يتحكم في مصائر بلادي. قلت في قرارة نفسي أنّ هذا يشبه الكيانات خالية الدعم التي إن استمرت لن تستمر بأكثر مما هي عليه، فلم أكن قد وصلت إلى مراحل النضج التي تصل بي إلى أنّ العطاء الشعبي المستمر مهما قل أو كثر يصنع أعظم الصروح التي تملأ عيون الأعادي غيظاً وغبناً، فلا يحملون أمامها حيلا إلا الإغارة عليها كما كان يفعل أجدادهم حين كانوا لا يحتملون رؤيتنا في حالة من الرّاحة والتطور المنتظم حتى يغيرون علينا، ولتتذكروا معي حال المعاهد التي كانت ذات قوة  وصيت وسمعة وعمل متكامل يتوقع منه ثورة تعليمية ثقافية شاملة لا تتماشى مع أجندات التجهيل والإستئصال والتّعالي الثقافي لأقاعز الأمس واليوم.

ما يحدث في “أخريا” هذه الأيام أكثر من إغلاق مدرسة وإعتقال شيخ وإزدراء للرموز الدينية. إنّه إمتداد لمشروع الإستئصال وترسيخ للسطوة وإنهاء لأمل أمّة تهوي الى النهوض بخصوصياتها. إنّه  إذن عمل منظم!! أقله أو أولى مراحله الإختطاف المنظّم للتعليم، والتجهيل الممنهج للمجتمع. ومن هناك يتم وضعك في دائرة الدونية تحت ثقافتهم التي يراد فرضها عليك ومن ثم تكون تحت رحمتها إن بلغت مرحلة التشبع بها أوستظلّ تحس بحال محاولة اللحاق بها إلى ابد الدهر وأنت ساكن القاع بحسب ما يحلمون.

نذكر ما قلناه قبل ذلك في شأن التنسيق العملي والخلاف الصوري بين الأقعازيان ونظام الأقاعز في أسمرا، وليس هذها بعيدا عن هذا المعارضة الصورية الأقعزية التي تسيطر على الأجواء العامة ولا تختلف مع النظام إلا في ما رأوه خلافا إداريا محضاً.

نحن إذن أمام واقع إن اعترفنا به عرفناه وتعاملنا معه باعتباره واقع يجب التعامل معه بشتى الوسائل المتاحة والتي سيتم ابتداعها. ولا نتوقع ممن رأينا ونرى اليوم يهمل بانتظام كل ما لا يمس قضاياهم. وتذكرون أحبتي ما حدث قبل اسابيع من خلاف بسيط في بعض الأولويات بين النظام والكنيسة الأورتودوكسية وكيف تعامل هؤلاء المعارضين مع ذاك الوضع وأين هم الآن. أنظروا إلى حالهم اليوم، لا يتحدّث أي منهم عن إعتقال الشيخ أو مصادرة مدرسة تأسست على المال الخاص أومنع رموز دينية لأنّ ذلك ضمن ما يتفقون عليه. وبهذه المناسبة استعدوا للفرز بين المواطن الإرتري والمواطن الأقعازي حتى لا يختلط علينا الحابل بالنابل.

لاحظوا السياسيين وتصرفاتهم، لاحظوا الحقوقيين وانتقائيتهم لاحظوا الباحثين عن العدالة (دليتي فتحي) ومدى بحثهم عن العدالة للكل أم لمن أرادوا. وإن لم نجد فيهم ما نريد – لا ننس أنّنا أصحاب قضية أكبر من قضيتهم، وأننا واجهنا الظلم منهم قبل النظام الذي اختلفوا معه وعارضوه بالأمس على خلفية تحميل مسؤولية الخلاف مع التقراي.

إذن نحن أمام مواجهة منفردة ولا بد من خوضها والوضع الحالي أفضل كثيراً، وذلك لأن حدود الدفق البشري التقراوي مغلقة إلا في الأجواء الإسفيرية ولن يكون ما كان أيام وأد ثورة الشعب الإرتري متمثلة في الجبهة بالتعاون والتنسيق مع التقراي حين اغتالوا إرادة شعبنا لترسيخ إرادة دولة التقراي تقرنيي سابقاً ( الأقعازيان حاليا )، ذلك لأن الوعي لدينا يكاد يكتمل. ومن ثم نشر الحقائق والوقائع التي تتمخض عن هذا الحراك ضرورة قصوى لتعريف هويتنا ومعرفة شركائنا.

تطرقنا فيما سبق من أحاديث عن الجبهة المتقدمة وهاهي تنتفض لتفتح الباب على مصراعيه للتضامن والعمل المشترك وباب التضحية فتحه إبن الأكرمين أبانا موسى نورو وأبناءه الذين سقطوا ويسقطون في شوارع أسمرا فرادى وجماعات فتحركوا من داخل معسكرات اللجوء، تحركوا من كسلا تحركوا من القضارف تحركوا من حلفا الجديدة تحركوا من بورتسودان تحركوا من تسني تحركوا من بانتو تحركوا من أغوردات تحركوا من كرن – نفقة – أفعبت – مصوع – أسمرا – مندفرا – عدي خوالا – عدي قيح – دقيمحري. تحركوا من عصب الحياة الى طوكر، الكر وليس غير الكر، الكرامة وليس غير الكرامة.

صونوا جبهتكم المتقدمة ولا تترددوا فالأمر فرصة نــــــــــــــــــــــادرة لن تتكرّر كثيرا. ومن ثم

تحــــــــــرك عزيزي الإرتري حيثما وجدت وذلك من خلال الدعم المباشر وغير المباشر.

تحــــــــــرك من خلال رفع مستوى الوعي بحيث يوائم الواقع المعاش.

تحــــــــــرك عزيزي الارتري من خلال رفع مستوى الوعي بأننا أمة واحدة تحترم خصوصيات واولويات بعضها.

تحــــــــــرك وأوقف الهراء الكلامي الذي بين الكيانات – بالفعل والقفز فوق مستوى أسقفهم

تحــــــــــرك واعرف جيدا من يقف بجانبك. ولا تنس انك المكون الرئيسي الذي أرادوا له الشتات من خلال وهم القوميات، فانت المكون المنفتح على العالم والقادر على قيادة دفة الأمور.

تحــــــــــرك بعيدا عن اللعبات التي تم إلقاؤها لك والمسميات يريدونك أن تتوارى خلفها، فالأمر جد جلل، واللحظات المعاشة فاصلة ولن تتكرّر.

تحــــــــــرك فأنت أمام فرصة تاريخية للوحدة.

تحــــــــــرك فأنت لن تعيش هذه اللحظة مرة بعد أخرى.

تحــــــــــرك وفتح الف باب وباب في وجه النظام الأقعازي.

تحــــــــــرك ولا تشك أنّ لك أهل في كلّ مكان ينظرونك بطلع البدر علينا.

 

ب.ب

 

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=42248

نشرت بواسطة في نوفمبر 1 2017 في صفحة البشرى, المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010