إرتريا: الطاغية يشن حرباً على الإسلام والإنسانية
النخب: الحلقة 187
الإعداد والتحليل: ابسلاب ارتريا
المقدمة

الشيخ ادم شعبان
إرتريا : الطاغية يشن حرباً على الإسلام والإنسانية
لقد تجاوز النظام الإرتري بقيادة السفّاح إسياس أفورقي كل الخطوط الحمراء. ما يحدث اليوم في قندع من اعتقال الشيخ الجليل آدم شعبان و معلمي ومعلمات القرآن الكريم ليس حادثة فردية، بل هو استمرار لسياسة جهنمية تهدف إلى سحق الهوية الإسلامية في البلاد، وتفريغ المجتمع من قيمه ومؤسساته المستقلة.
أولاً: التحليل السياسي
النظام يعيش على سياسة القمع والتضييق لأنه يعرف أن أي صوت مستقل – خاصة الصوت الديني – قادر على أن يتحول إلى قوة معارضة شرسة. منذ الاستقلال عام 1993 وحتى اليوم، لم يُجرِ النظام انتخابات ولم يطبق دستوراً. بل حوّل البلاد إلى ثكنة عسكرية وسجن كبير. اعتقال الشيخ آدم شعبان ليس سوى ورقة سياسية لإرسال رسالة إلى الداخل والخارج: “لا صوت يعلو فوق صوت الطاغية”. هذه السياسة تعكس جبن النظام وفقدانه للشرعية، ومحاولته تغطية فشله بتحويل المعركة ضد المساجد والمعاهد بدل مواجهة أزماته مع الشعب.
ثانياً: التحليل الإعلامي
إغلاق المعاهد الإسلامية ومصادرة الأوقاف ليس مجرد عمل إداري، بل هو محاولة لطمس الحقيقة وإسكات رواية المجتمع. النظام يتحكم في الإعلام الرسمي ويمنع أي خبر عن الجرائم، فيما يعتمد على دعايته الكاذبة لتصوير نفسه حامياً للوحدة الوطنية. لكن بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والشتات الإرتري في أوروبا وأمريكا، خرجت الحقيقة إلى العلن. حملات مثل #FreeSheikhAdamShaban فضحت الجريمة، وأعادت القضية إلى المنابر الحقوقية والإعلامية الدولية. الإعلام المستقل صار اليوم سلاح المعارضة الأول ضد آلة الكذب الرسمية.
ثالثاً: التحليل العسكري
سجن “عدي أبيتو” الذي نُقل إليه الشيخ آدم شعبان و معلمي و معلمات القرآن ليس مؤسسة عدلية، بل ثكنة عسكرية للتعذيب والتصفية الجسدية. النظام يربط قمع المؤسسات الإسلامية مع سياسة الخدمة العسكرية الإجبارية غير المحدودة، ليخلق جيلاً مسحوقاً بلا تعليم، بلا دين، بلا مستقبل. القمع الديني هنا ليس معزولاً، بل هو جزء من إستراتيجية عسكرية هدفها ضمان الولاء القسري للنظام وإجهاض أي محاولة لبناء معارضة منظمة.
رابعاً: التحليل الثقافي والاجتماعي
إغلاق مركز تحفيظ القرآن في قندع هو جريمة ثقافية بامتياز. هذا المركز الذي تأسس عام 1969 وأعاد إحياءه الشيخ عمر إدريس مودوي ثم الشيخ آدم شعبان، كان حلقة وصل بين المجتمع وتراثه الديني والثقافي. حرمان آلاف الأطفال من التعليم الديني المجاني يعني تدمير ذاكرة الأجيال، وتجفيف منابع الهوية الإسلامية التي تشكل اغلبية نسيج المجتمع الإرتري. النظام يحاول صناعة مجتمع ممسوخ، تابع، منزوع الجذور، ليخدم مشروعه الديكتاتوري.
خامساً: التحليل الحقوقي والإنساني
التقارير الحقوقية تؤكد أن أكثر من 220 عالماً وشيخاً وداعية تعرضوا للاعتقال أو الإخفاء القسري خلال العقدين الماضيين. كثير منهم ماتوا في ظروف غامضة داخل المعتقلات، مثل سجن “عدي خالا” و”عدي أبيتو”. هذه الجرائم ليست مجرد خروقات، بل جرائم ضد الإنسانية تستدعي محاكمات دولية. حرية الدين والمعتقد، وحق التعليم، وكرامة الإنسان، كلها حقوق أساسية انتهكها النظام بوحشية.
الخاتمة: صرخة للعالم وللشعب الإرتري
إن ما يحدث في قندع اليوم جرس إنذار لكل الإرتريين: النظام لا يفرق بين عالم وداعية، بين شيخ وطفل، بين مركز ديني أو مدني. الكل عدو في نظره ما لم يخضعوا لعبادة الطاغية. هذه ليست دولة، بل عصابة تسطو على الأوقاف، تسجن العلماء، وتهدم المساجد.
إلى النخب الإريترية، إلى النشطاء، إلى كل معارض في الداخل والخارج: صمتكم يعني خيانة، وتخاذلكم يعني مشاركة في الجريمة. يجب أن نوصل صوتنا إلى كل منبر دولي، أن نكشف هذه الفضائح للعالم، وأن نحشد الملايين خلف قضية الشيخ آدم شعبان وكل المعتقلين.
وليعلم الطاغية أن التاريخ لا يرحم. يوم الحساب آتٍ، والشعب الذي صبر نصف قرن على القهر لن يظل صامتاً إلى الأبد. لن تُمحى هوية الإسلام في إريتريا، ولن يُلغى صوت الحق مهما حاول الديكتاتور.
المصادر
- المنظمة العربية لحقوق الإنسان – بريطانيا، تقرير أغسطس 2025.
- هيومن رايتس ووتش، التقرير السنوي عن إريتريا، 2025.
- الأمم المتحدة، تقرير المقرر الخاص لحقوق الإنسان في إريتريا، مايو 2025.
- أبواب مفتوحة الدولية، قائمة المراقبة العالمية 2025.
- الجزيرة، مقال رأي: إريتريا دولة ثكنة، أبريل 2025.
- Defend Defenders، بيان عن تمديد ولاية المقرر الخاص، يوليو 2025.
- بيانات مظاهرات الشتات الإرتري في لندن وستوكهولم، يوليو–أغسطس 2025.
- تقارير عدوليس المحلية حول اعتقال الشيخ آدم شعبان ومسؤولي الأوقاف، يوليو 2025.
إلى اللقاء في الحلقة القادمة، …….
ابسلاب ارتريا
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=47674