إريتريا : الشعب الإريتري يفتقد قائداً من القيادات التاريخية المناضل، والمجاهد الشيخ / سعيد إسماعيل صابر رحمة الله عليه ألف رحمة .

الحلقة الثانية :

 

تتحدث عن مفتاح شخصية صاحبها :

ودع المجاهد المناضل هذه الدنيا الفانية يوم 29/2/1438هـ الموافق 29/11/2016م بعض صراع بالمعاناة الصحية في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية .

ولكن من هو سعيد إسماعيل صابر ؟

هيهات أن يأتي الزمان بمثله : إن الزمان بمثله لبخيل.

وما عسى أن يفكر ويقول المرء ويسجل القلم في لحظة الحديث عنه إلا أن يعلم قبل كل شيء بأن في حياة الثائرين مبدأ يعيشون من أجله ومستعدون للموت في سبيله، وإن المجاهد المناضل الجسور لا شك من أنه كان من أصحاب مثل هذا المبدأ، وإنه لظاهرة نادرة في جيله، رجل نسيج وحده لا نظير له رجل موهوب أنه من معدن في الرجال غير معدن السواد الأعظم وأنه جدير بالهيبة والإعظام خليق أن يحسب له حساب وكان مهيباً رائع المحضر حتى في حضرة من لم يسبق لهم أي معرفة عنه ، والذين يعرفونه أهيب له من الذين يجهلونه، وتلك علامة على أن هيبته كانت قوة تملأ الأفئدة قبل أن تملأ الأنظار تارة في الحماسة الدينية وأخرى في الخشوع لله، وهو رجل نادر بما تراه العين نادر بما تشهد به الأعمال والأخلاق وكان غيوراً وكان فطناً وكان وثيق الإيمان عظيم الإستعداد للنخوة الدينية وفي سبيل حق وطنه، وهي صفات مكينة لا تخفى على ناظر عادل رحيمٌ ولا يحابي أحداً لأنه لا يخاف ولا يقبل الجور على الضعيف منذ صغره، فهذا رجل مناضل ومجاهد شحذه النضال تارة، والجهاد في سبيل الله تارة أخرى ولأنه قد تأكد لديه منذ البداية بأن عليه مبدأ ولد من أجله ويعيش في سبيله فكان كذلك وذاع صيته في الآفاق في ربوع الوطن الإريتري وخارج الوطن..

المسارات التي نشأ عليها في حياته رحمه الله :

فتح الشيخ الثائر عينيه على مجتع يعيش في وسط البحور المتلاطمة حيث كانت الفترة زمن نشوء الحركة الوطنية السياسية الإريترية عقب الهزيمة النكراء التي أصابت المستعمر الإيطالي في صميم قلبه على أيدي الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ليؤول مصير إريتريا وشعبها إلى ضحية المستعمر الجديد تحت الإدارة العسكرية البريطانية التي استولت على إريتريا باسم الحلفاء المنتصرون في الحرب تحت وعودات كاذبة من قبل البريطانيين للشعب الإريتري قبل وصولهم على مشارف العاصمة أسمرا بإلقائهم المنشورات من خلال الطائرات البريطانية التي قامت بطلعات جوية تبشر الشعب الإريتري بالاستقلال والفرج مطالبين الجنود الإريتريين بالتمرد على الجيش الإيطالي الذي فقد كبرياءه الجوفاء ويرتعد بالخوف والجبن في الأرض، وكم كان سرور الشعب الإريتري الذي ذاق مرارة الاستعباد زمناً تجاوز عن نصف القرن بأن يرى بأم عينيه تنهار قواته الفاشية، ولكن لسوء حظ الشعب الإريتري كانت تنسج له في الظلام خيوط المؤمرات ضد إرادة ورغباته-  وليس هذا مكان الحديث عنه.

سعيد إسماعيل صابر يغادر إريتريا :

غادر فقيدنا الثائر أبو صابر رحمه الله تاركاً وطنه وأهله إلى أرض السودان وتلك هجرته الأولى وكان السودان يعتبر ولا يزال كذلك، مأواً كبيراً وبيتاً كريماً وإحدى المحطات الأولى التي كانوا يتزودون منه المهاجرون الإريتريون بالزاد السخي في تلك الحقبة بجميع فئاتهم ومنهم طلاب العلم وصنف آخر قادة الساسة الإريتريون الذين كانوا يلجؤون إلى الخارج وأبواب أرض السودان وقلوب شعبه كانت مفتوحة أمامهم على مصراعيه فيما تريد تلك القوافل المهاجرة إليه من غير منٍّ ولا أذى بل كانوا يقولون لضيوفهم الذين يحلون عليهم مثل قول سيدنا شعيب لسيدنا موسى بن عمران عليهما أفضل الصلاة والسلام حين هاجر إلى مدين وهي مدينة من أرض معان من أطراف الشام، ومدين قبيلة عربية عُرفت بهم اسم مدينتهم وهم من بني مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل عليه السلام، على اختلاف المفسرين أهو شعيب النبي الذي بعثه الله إلى أهل مدين الذين كانوا يعبدون الأيكة: ” وهي شجرة من الأيك تلتف حول الأشجار أو غيره. وكان الشعب السوداني المضياف يقول للمهاجرين الإريتريين: مثل قول سيدنا شعيب لسيدنا موسى : “…فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين”.(سورة القصص) وهم فرعون مصر وقومه الظالمون إذ لا سلطان لهم بأرضنا (أرض مدين) وكذلك يقولون اليوم وسيظلون كذلك، إلى يوم الآخر إن شاء الله وأما أكثر ضيوفهم حفظ الله السودان وشعبه من كيد الأعداء، وما أكثر أعداءهم ؟.

وأشرت في الحلقة الأولى بأن المجاهد الراحل واصل دراسته حتى المرحلة الثانوية دون أن يتمكن من إكمالها على الرغم من التميز والتفوق الذي ظل يحوزه باستمرار . وإذا كان المجاهد الراحل / أبو صابر رحمه الله ولد تحت ظل الحراك السياسي والثقافي في الأربعينيات وإنه نشأ تحت شمس تضيء الأفق الإيريتري بنوع من الحريات تحت ظل الحكم الفيدرالي وأبو صابر كان واحداً من أولئك الشباب الذين لا يهدأ لهم بال تحت المستعمر الطاغوتي من قارته السوداء، وظل الراحل واحداً من أبرز الشباب الإريتري في تلك الحقبة المؤلمة نشاطاً وبالحيوية المفعمة بالأمل والانعتاق من أجل الحرية والاستقلال ومواجهة المؤمرات الاستعمارية ضد وطنهم.

ومن أهم العوامل التي أثرت في نشأة الثائر أبو صابر رحمه الله حبه المبكر للحرية وكلمة الحرية هنا لا تعني حبه للوطن فحسب بل بأن يكون حراً في تدافعه في وسط الحياة المليئة آنذاك بالمد والجزر ولا يقف أمامه كائناً ما كان ، إذن لا غرابة على عدم إكمال دراسته الثانوية بسبب عدم توفر المناخ المناسب لذلك في وطن يعيش في مثل تلك المحن الظالمة. وبالتالي لا مفر من ترك الأهل والأوطان والتحول إلى التغرب كما قال الشاعر :

وإذا البلاد تغيّرت عن حالها    :     فدع المقام وبادر التحويلا

ليس المقام عليك فرضاً واجباً  :     في بلدة تدع العزيز ذليلاً

ولذلك تحول إلى أرض السودان ضمن القوافل الإريترية المهاجرة وذكر هو بنفسه بأنه حاول مواصلة الدراسة في السودان، ولما لم يتمكن من تحقيق رغبته الدراسية رفض الاستسلام للعوامل السلبية فقرر الالتحاق إلى صفوف الثوار في الساحة الإريترية حيث كان عمر الكفاح المسلح قد دخل في عامه الخامس في عام 1965م ولم يكن تجاوز عمره في ذلك الوقت عن 25 عاماً مما يعني بالنسبة له هو المفتاح الأول لميزان شخصيته في الساحة الإريترية، وكان عام التحاقه في الثورة بدأ يشهد بداية تطور جديد حيث قرر المجلس الأعلى الذي كان يدير الكفاح المسلح بالقرارات الفوقية بتقسيم العمل العسكري إلى عدة مناطق عسكرية.    “وإدارة العمل العسكري في الميدان عن بُعدٍ كانت من أكبر المعضلات السلبية التي عانت منها الساحة الإريترية” خلال السنوات التالية .

وفي الحلقة الثالثة القادمة .

( إن شاء الله )

المجاهد / ابو صابر

من الفكر الماركسي إلى المنهج الإسلامي رحمه الله

 

الاسم / سليمان محمد إسماعيل

الرياض – المملكة العربية السعودية

التاريخ 20/4/1438هـ

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=38498

نشرت بواسطة في يناير 19 2017 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010