ارتريا والسودان: تخالف استراتيجي لحماية البحر الاحمر أم مناورة لقمع المعارضة الإرترية
النخب : الحلقة 155
الترجمة والتحليل السياسي: ابسلاب ارتريا

المقدمة:
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية بمنطقة القرن الأفريقي، تزايدت التحركات العسكرية الإرترية على السواحل السودانية، بدعوى حماية المناطق الساحلية من التهديدات الأمنية وتوسيع نفوذ قوات الدعم السريع. ومع طلب الحكومة السودانية دعمًا عسكريًا من إرتريا لحماية ساحل بورتسودان، تبرز تساؤلات حول الأهداف الخفية لهذا التعاون وتأثيره على المعارضة الإريترية، خاصة في ظل سجل النظام الإرتري في قمع شعبه واستغلال الأزمات الإقليمية لترسيخ سلطته.
ترجمة محتوى الفيديو:
تناول الأستاذ ساجد علي في الفيديو الأخير على قناته في يوتيوب العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الإرترية خارج حدودها، وتحديدًا في السودان. وأشار إلى أن ارتريا، المعروفة بجيشها المنظم وضباطها ذوي الخبرة القتالية، قد دربت مقاتلين سودانيين على أراضيها، لا سيما من دارفور وكسلا.
كما أكد أن ارتريا لم تشارك مباشرة في الحرب الأهلية السودانية، لكنها نشرت قوات بحرية على السواحل السودانية، خاصة في ميناء بورتسودان، بطلب من الحكومة السودانية بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان. هذا التحرك جاء في وقت تصاعدت فيه الهجمات بالطائرات المسيرة من قبل قوات الدعم السريع على مواقع استراتيجية في بورتسودان، مما دفع الحكومة السودانية للبحث عن دعم خارجي لحماية سواحلها.
وأشار الفيديو إلى أن الطلب السوداني تضمن نشر وحدات بحرية ارترية وقوات خاصة على السواحل لحماية الميناء والمنشآت الحيوية من تهديدات الجماعات الإجرامية والمهربين. كما ذكر أن القوات الإرترية تعمل على وقف توسع هذه الشبكات الإجرامية التي قد تشكل تهديدًا على أمن ارتريا نفسها.
التحليل السياسي والدلائل:
- البعد الاستراتيجي للتحالف الإرتري السوداني:
- يُعد البحر الأحمر ممرًا بحريًا حيويًا للتجارة العالمية، ويشكل مسرحًا لتقاطع المصالح الإقليمية والدولية.
- ارتريا تسعى لتعزيز نفوذها على هذا الممر الحيوي، واستغلال الأوضاع السودانية لتوسيع نفوذها البحري.
- السودان في ظل ضعف موقفه العسكري، يرى في التعاون مع ارتريا وسيلة لتعزيز قدراته على حماية السواحل، لكن هذا التعاون قد يكون مكلفًا سياسيًا على المدى الطويل.
- الدور الإماراتي: تلميحات في الفيديو تشير إلى أن الإمارات تدعم قوات الدعم السريع بالمسيرات، مما يفسر حرص السودان على تحييد أي تهديد ارتري قد يستهدف السواحل.
- التأثير على المعارضة الإرترية:
هذا التحالف لا يقتصر على أبعاد عسكرية بحتة، بل يتجاوز ذلك إلى استهداف مباشر للمعارضة الإريترية.
- قمع المعارضة: النظام الإريتري سيستغل هذا التعاون لتعزيز قبضته الأمنية على المعارضين الإرتريين الفارين إلى السودان.
- التحكم في اللاجئين: قد يسعى إسياس أفورقي إلى إقناع السودان بتسليم معارضين إرتريين مقيمين في مخيمات شرق السودان، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب أو حماية الأمن القومي.
- تقييد الحريات الإعلامية: النظام الإرتري معروف بممارساته القمعية، وقد يحاول الضغط على السودان لمنع أي نشاط إعلامي للمعارضة الإرترية في بورتسودان أو كسلا، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لحرية التعبير.
- المطلوب من السودان لإرضاء إسياس أفورقي:
للحصول على دعم ارتريا، قد يطلب النظام الإرتري من السودان تنفيذ إجراءات محددة:
- تسليم المعارضين: الضغط على السودان لتسليم شخصيات معارضة إرترية بارزة مقيمة في شرق السودان، بحجة التعاون الأمني.
- تضييق الخناق على اللاجئين: تقليص حركة اللاجئين الإرتريين ومنعهم من الانخراط في أي أنشطة سياسية أو إعلامية مناهضة لنظام إسياس.
- الترويج إعلاميًا: السماح للإعلام السوداني بنقل روايات النظام الإرتري حول الأوضاع في ارتريا، والتقليل من عرض جرائم النظام ضد شعبه.
- المشاركة في عمليات أمنية مشتركة: تحت غطاء حماية السواحل، قد يسعى إسياس لتمديد نفوذه الأمني إلى داخل الأراضي السودانية.
- المنظور الحقوقي وتأثير التعاون على الشعب الإرتري:
- قمع ممنهج: التحالف العسكري بين السودان و ارتريا قد يُستخدم كغطاء لاستهداف المعارضين، وزيادة عمليات الاعتقال والترحيل القسري للاجئين الإرتريين.
- استغلال الصراعات الإقليمية: إسياس أفورقي اعتاد على استغلال الأزمات الإقليمية لتعزيز سلطته الداخلية وإلهاء الشعب الإرتري عن القضايا الأساسية كالتعليم والصحة والحريات.
- تواطؤ سوداني: السودان، الذي كان ملاذًا للمعارضين الإرتريين، قد ينقلب إلى ساحة لتصفية الحسابات، مما يزيد من معاناة الشعب الإرتري.
الخاتمة:
- تظهر التطورات الأخيرة في البحر الأحمر تحولًا جديدًا في العلاقات الإرترية السودانية، مع إسهام ارتريا في حماية السواحل السودانية مقابل تعزيز نفوذها الإقليمي.
- لكن هذا التعاون يحمل في طياته مخاطر على المعارضة الإرترية التي قد تجد نفسها محاصرة بين نظام إسياس أفورقي والحكومة السودانية.
- إن حماية السواحل السودانية من التهديدات الأمنية يجب أن تكون مبنية على قواعد احترام حقوق الإنسان وحماية اللاجئين، وإلا فإن السودان سيجد نفسه شريكًا في قمع الشعب الإرتري واستهداف المعارضة في الخارج.
المصادر:
- Sajid Ali YouTube Channel – فيديو حول التدخل الإريتري في السودان.
- Asharq Al-Awsat – “Eritrean warships off the coast of Sudan”.
- DefenceWeb – “Port Sudan under siege: Drone strikes disrupt key maritime hub”.
- Martin Plaut – “Eritrean trained militia deploys to eastern Sudan”.
- Reuters – “Sudan’s conflict: Who is backing the rival commanders?”.
إلى اللقاء في الحلقة القادمة، …….
ابسلاب ارتريا
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=47585