اكاذيب تكشفها الحقائق

عمر ليلش- لاهاى  

 

ليس نتائج أبحاث العلوم الاجتماعية والنفسية فقط، بل ان اى انسان عاقل فى هذه الدنيا، يدرك ان الأطفال يولدون على الفطرة النقية ويتعلمون الصدق والأمانة شيئا فشيئا من البيئة إذا كان المحيطون بهم يراعون الصدق فى أقوالهم ووعودهم…ولكن إذا نشأ الطفل فى بيئة تتصف بالخداع والكذب والغش وعدم المصارحة والتشكك فى صدق الآخرين فاغلب الظن أنه سيتعلم نفس الاتجاهات السلوكية فى مواجهة الحياة وتحقيق أهدافه، والطفل الذى يعيش فى وسط لا يساعد فى توجيه اتجاهات الصدق والتدرب عليه، فإنه يسهل عليه الكذب خصوصا إذا كان يتمتع بالقدرة الكلامية ولباقة اللسان وإذا كان أيضا خصب الخيال… فكلا الاستعدادين مع تقليده لمن حوله ممن لا يقولون الصدق ويلجئون إلى الكذب وانتحال المعاذير الواهية ويدربانه على الكذب من طفولته فإن الكذب يصبح مألوفا عنده. وعلى هذا الأساس فان الكذب صفة أو سلوك مكتسب نتعلمه وليس صفة فطرية أو سلوك موروث… والكذب عادة عرض ظاهرى لدوافع وقوى نفسية تحدث للفرد سواء أكان طفلا أو بالغا. وقد يظهر الكذب بجانب الأعراض الأخرى كالسرقة أو الحساسية والعصبية أو الخوف. هذا ما اكده التقرير الذى كتبه احد ضحايا تلك البئية الفاسدة فى محاولة يائسة منه فى تزييف وقائع واحداث فعاليات نجاح المظاهرة السلمية الرابعة للجالية الإرترية فى استراليا ضد مهرجان هقدف بملبورن، حيث كتب وهو يعلم انه يخادع نفسه و ربما قد صدّق كذبته، لأنه يدرك بنفسه تماما، ان الزمن الذى كان يستطيع فيه خداع الأخرين قد ولىَّ…. وهيهات هيهات ان يعود ذلك الزمان، لأننا الآن فى وقت تميز بالتقدم التكنولوجى والإرتقاء العلمى،  لن يستطيع الطغاة فيه اخفاء جرائمهم ولن ينجح فيه المنافقين والكذابين فى حجب الأحداث و لا فى تزييف الحقائق ولن ينجحوا ايضا فى ترويج الدعاية وتمريرها على الآخرين لأرضاء اولياء امورهم و نعمهم. 

والمنطق ايضا يقول لايمكن للعين ان تعلوا على الحاجب اى بمعنى  لايمكن للباطل ان ينتصر على الحق مهما طال او قصر الزمن، وصدق المثل الشعبى الذى يقول “حبل الكذب قصير”. وبالفعل ان حبل كذب صاحب ذلك التقرير الزائف والمنافى للواقع و الذى كتب بخط عريض، قد حطم الرقم لقياسى فى قصر عمر حبل الكذب وسرعة تقطعه.  حيث قطع حبل الأوهام دون ان ينعم صاحبه ولو حتى قليلا بتلك الأكاذيب التى انتهى للتو من نشرها، وذلك لشدة وصلابة قوة الحقيقة والأدلة الدامغة والبراهين وهى ظهور الفنان كحساى المايو “اليكس” والعازف “هاشم سمرة” بين افراد تلك الجالية الإرترية التى نظمت المظاهرة السلمية الرابعة فى ملبورن. وهذه هى كانت المفاجأة الكبرى لصاحب حبل الكذب وكما يقال “فى خمسة دقائق عاد القائد” والقائد هنا نقصد به سلاحنا الذى نمتلكه الآن نحن كقوى المعارضة وهوالقلم الصادق الذى يكتب الكلمة الصادقة… نعم ان سلاحنا هو القلم الذى يبرز الحقائق بالدلائل ويكشف الأكاذيب ويعريها ايضا بالدلائل. ولذا ان تقارير اولئك الذين نشأوا فى البيئة الطيبة لم تكن مجرد اتهامات أو هراء أو تلفيق وإنما كانت تعبيرا صادقا ونقلا دقيقا للمحصلة النهائية وهى ان الجالية الإرترية فى استراليا عكست المقاومة الإرترية بشدة و بسمات مميزة وفريدة للشخصية الإرترية وما تتحلى به من وعى وطنى وانسانى متبلور ومتكامل بشكل حرم النظام من التمتع بأوهامه واكاذيبه او منحه الفرصة الكافية لممارسة التسول و النهب والسلب والتخريب الاخلاقي.

 

ومما لاشك فيه فإنه من الطيبعى ان يختلف الناس فى سلوكهم لأختلاف البيئة التى تربوا عليها، ومن الطبيعى ايضا ان يختلف الناس فى درجة قدراتهم لأستيعاب ما يدور حولهم وذلك لأختلاف درجة الذكاء ولكن لايمكن لهم الأختلاف فى التمييز بينما هو حق او باطل فى وجود دليل مادى وملموس وواضح للملأ. فوجود الفنانين الكس وهاشم سمرة الذين أتى بهما النظام إلى استراليا ضمن الفرقة الفنية، وغامرا لتجنب العودة حرصا على سلامة حياتهما، لدليل قاطع ان الجالية الأرترية فى استراليا قد نجحت فى تحقيق اهدافها التى من اجلها نظمت التظاهرات السلمية لإفشال إقامة مهرجانات التسول فى اماكن تواجد الجاليات الإرترية فى المهجر.

وعلى الرغم من أن أعضاء الفرقة الفنية التى اتت الى استراليا، كانت قد تلقت دروس وتدريبات تعبوية مكثفة تحت عنوان كيفية مواجهة الجالية الإرترية فى استراليا حيث تم وصف الجالية لهم فى استراليا بأنها جالية عنيدة يصعب اختراقها او اقناعها لتأييد الحكومة و قيل لهم ايضا ان هذه الجالية تعتبر العمود الفقرى لتنظيمات وأحزاب المعارضة الإرترية إلا أن هروب الفنانين الكس وهاشم سمرة فضح كل ادعاءات وأكاذيب النظام.

 أما انحياز العازف هاشم سمرة الى القوى الوطنية الإرترية فى استراليا واتخاذه لقراره الشجاع فى عدم العودة الى جحيم النظام فكان مصدر القوة الثانية التى قطعت حبل الكذب على كاتب التقرير الزائف وعلى الذين راهنوا على فشل المسيرة والمظاهرة السلمية الرابعة، من خلال تذاكر الدخول التى وزعت بمهرجان التسول السابق. وانطلاقا من ثقتنا بسلوك شعبنا الذى لايمكن ان تشترى زمته بتذاكر حفل مجانية، كنا قد راهنا على نجاح مسيرتنا ومظاهرتنا السلمية فى ملبورن. ولذا نقول من جديد وكلنا تحدى وثقة أن نظام هقدف وعملائه لن يتجرأوا في التفكير فى اقامة اى مهرجان للتسول بملبورن بعد هذا الفشل الذريع.

 

 واننا نراهن على ذلك من خلال نجاح المظاهرة السلمية لرابعة التى نظمتها الجالية الإرترية فى استراليا، حيث برهنت هذه الجالية على انها نموذجا فريدا في تاريخ المعارضة الإرترية فى المهجر بإستثناء الجالية فى االسودان.

وان هذه التحديات ستجعل من الجالية فى استراليا، خالدة على مر العصور بميزاتها التي تميزت بها عن غيرها من الجاليات الأخرى، وذلك فى سرعة تنظيم صفوفها وقوة انطلاقها، بشكل ادهش الجميع، وأربك مخططات عملاء هقدف. فعلى سبيل المثال، قامت اللجنة المنظمة لمهرجان هقدف وفى سلوك صبيانى بتركيب اجهزة سماعات ضخمة وعالية الصوت خارج قاعة الحفل وذلك كمحاولة فاشلة منها للتشويش على المتظاهرين وإجبارهم على ارتكاب حماقة تدفع بتدخل الشرطة الأسترالية بغرض تفكيك التظاهرة. لكن اللجنة المنظمة للمظاهرة كانت اكثر حكمة وحلت هذه المعضلة بإستئجار اجهزة سماعات تصدر اصوات اعلى من تلك التى استعملها العملاء. وهذا التصرف الحكيم اجبر العملاء فى توقيف تشغيل تلك السماعات بعد ان فشلوا فى المساومة مع اللجنة المنظمة للمظاهرة فى ان يوقف كل منهم تشغيل اجهزة سماعاته. وهذ يدل على درجة الأستعداد العالية التى كانت عليها اللجنة المنظمة للمظاهرات السلمية بالأضافة الى وجود النخب الواعية الأمر الذي أكد على تبلور الحس الوطني، والحماس الثوري لدى قطاعات واسعة من الجماهير الإرترية فى استراليا ولم يكن هذا الوعي غريباً على هذا الشعب المناضل… ولذا هذا هو منبع رهاننا فى ان نقول قد انتهى عهد تنظيم مهرجانات التسول فى استراليا وللأبد… حيث لن تعود هقدف ثانية الى ملبورن باستخدام حجج واهية مثل ضرورة تقليص عدد المهرجانات فى المهجر لأسباب وطنية. فهنيئا لجالية الصمود التى دخلت التاريخ من اوسع ابوابه.  


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6938

نشرت بواسطة في يناير 21 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010