الأستاذ محمد أحمد إدريس نور أمام الجالية الاريترية بأستراليا

ملبورن ـ أحمد محمود علي

 

في إجتماع حضرته حشود من الجالية الاريترية بمدينة ملبورن الاسترالية مساء الأحد 11يوليو الجاري ألقي رجل التربية والتعليم الاستاذ الفاضل محمد أحمد إدريس نور محاضرة حول جذور اللغة العربية ووسائل إنتشارها في اريتريا منوهاً علي الإنشداد الطبيعي والتعلق الفطري للإنسان الاريتري بهذه اللغة التي أصبحت علي إمتداد التأريخ عنصراً رئيسياً في حياته، فبعد أن شكر الحضور وأثني علي الذين أفتتحوا المحاضرة (الأخوين علي عمر وعثمان فاكاي) بالتذكير بسيرته ودوره في السلك التعليمي في فترتي الوصاية البريطانية والإستعمار الأثيوبي، تحدث عن بدايات اللغة العربية في اريتريا قراءةً وكتابةً فأمن علي دور القرآن الكريم في نشر اللغة وذلك منذ أن أمر الرسول (ص) أصحابه بالهجرة الي بلاد الحبشة وفي عهد التابعين وتابع التابعين الي أن سيطر الأمويون علي جزيرة دهلك فبدأوا ينشرون اللغة بصورة أكثرعمقاً وذلك عن طريق الدعاة الذين بدأوا بالدخول الي مصوع أولاً ثم وسعوا من رقعة تواجدهم وصولاً الي نقفة وأفعبت منهم مايعرف اليوم “بعد شيخ” و”عد درقي” و”عد معلم” فهؤلاء في الواقع كانوا أفراداً ثم كونوا قبائل من خلال التزاوج والمصاهرة، ومضي الاستاذ يقول أن الدعاة أعتمدوا في نشر اللغة العربية والقرآن الكريم علي حسن الأخلاق وعلي القدوة وحسن المعاملة فأعجب بهم زعماء القبائل وبدأو يقربونهم في مجالسهم ثم بدأوا يسألونهم عن العبادات التي يقومون بها وقال ان الدعاة بداوا يعلمون الناس بعد ذلك الاسلام بصورة تدريجية وغير شاقة حتي أنهم في بعض الأماكن لجأوا الي إسقاط فروض عن كاهل المسلمين الجدد ففي المناطق الباردة مثلاً حين أشتكي الناس من إستخدام الماء في الوضوء طلب منهم الدعاة التيمم ريثما يأتي الصيف وحينها أخبروهم بأنه لايجوز في الإسلام التيمم بوجود الماء.

ومضي الاستاذ محمد أحمد يقول ان الوسيلة الثانية في نشر اللغة العربية في اريتريا كانت مرحلة الكتابة في اللوح عن طريق تأسيس الخلاوي أو الكتاتيب التي أنتشرت بصورة واسعة في مناطق الساحل وكرن وأكلي قزاي وفي المناطق الغربية وبدأت هذه الخلاوي تستخدم الكتابة في اللوح وهي أفضل وسيلة للتعليم ـ كما يقر الآن رجال التربية ـ لأنها تعلم في آن واحد القراءة والكتابة والإملاء والحفظ وأستمر يقول أنه بجانب هذه الألواح بدأت تظهر المصاحف المكتوبة باليد، خاصةً في منطقة عنسبا، حيث أشتهر فيها “شيخاً” كتب بيده قرابة العشرين مصحفاً وبدأ يوزعه في أنحاء اريتريا هذا بجانب إقامته لخلوي كبيرة أستقطبت أعداد كبيرة من القراء من مختلف الأعمار كما أنها أصبحت مزاراً ومحطات توقف للمسافرين.

أما المرحلة الثالثة ـ كما يقول الاستاذ ـ هي فترة الإيطاليين الذين أمضوا بالبلاد قرابة الـ 56 عاماً بدأت فيها اريتريا تشهد تعليماً رسمياً لمختلف المواد لكن الإيطاليين لم يهتموا كثيراً باللغة العربية وبالمسار التعليمي عموماً وكان هناك قراراً من وزارة خارجيتهم بروما بألا يتجاوز التعليم أربعة سنوات بصورة تكفي لأن يصبح فيها الإنسان الاريتري “خادماً متعلما”ً لجاليتهم الكبيرة التي كانت تتكون من ستة وعشرين ألف فرد وأستدرك الاستاذ يقول ان الإيطاليين بدأوا بإدخال اللغة العربية في التدريس في الفترة الأخيرة من تواجدهم حين بدأوا يفكرون في غزو السودان عندها أدخلوا حصة أو حصتين لكن هذه الحصص القليلة أخرجت كتاب ومؤلفين اريتريين باللغة العربية.

ويبدو أن عصر الإزدهار التعليمي باللغة العربية كان إبان الوصاية البريطانية حيث شرع الإنجليز منذ دخولهم في فتح المدارس فدخل الناس بصورة جماعية وبغض النظر عن الأعمار لكن بعد شهر أو شهرين ـ كما يقول الاستاذ ـ بدأ البريطانيون يقسمون الطلاب علي فصول خاصةً في مدينة كرن ويمضي في محاضرته ليقول ان الإنجليز جلبوا معهم مدرسين ومنهج تعليمي من السودان وشرعوا في تعليم الطلاب التأريخ والحساب ودرسوا لأول مرة جغرافية اريتريا وذلك قبل أن يتم الاعلان عن نهاية الحرب العالمية الثانية وقد لاحظنا إسراعهم  للإعتماد علي المدرسين الاريتريين فخرجوا في عام 1944 دفعة من المعلمين تألفت من مائة وخمسين معلماً وذلك في مدينة كرن وحدها.

وعن الوسائل الأخري التي كانت تنتشر بها اللغة العربية يقول الاستاذ محمد أحمد إدريس نور أن الطالب الاريتري في العهد البريطاني أظهر حباً شديداً وتعلقاً كبيراً باللغة العربية فلم يكتف بتلقيها عن المناهج بل سعي للحصول عليها بطرق أخري وهو مادفع معلمين اريتريين الي رفع مذكرة الي وزارة الإعلام البريطانية طالبوا فيها بمدهم بالكتب والمجلات العربية لتكون نواة في تأسيس المكتبات فوافق البريطانيون وبدأوا يرسلون الي اريتريا مجلات أذكر منها مجلة الرسالة العظيمة وهي من أفضل المجلات الأدبية التي كانت تصدر في مصر ومجلة فتاة الجزيرة (اليمن) ومجلة فتاة الرافدين (العراق) وفي عام 1946 بدأت تظهر تكونات سياسية كان لها مردود إيجابي علي إنتشار اللغة العربية حيث أسست بعض الأحزاب جرائد ومجلات وبدأنا نقرأ لأقلام اريترية مثل ياسين باطوق ومحمد عثمان حيوتي وعبد الحميد إدريس وعلي جامع الذي يواصل الي الآن عطائه الإيجابي في أثيوبيا. ومن الأنشطة الأخري التي ساعدت في نشر التعليم دخول المحسنين في الخط وقيامهم بتأسيس مدارس علي نفقتهم، محمد عبيد باحنيش والباشا صالح كيكيا علي سبيل المثال، هذا بالإضافة الي إنتشار المعاهد الدينية وتطوع المدرسين في إعطاء دروس ليلية للصغار فإذا هي تزدحم بالكبار.

وقد أكد الاستاذ محمد أحمد ادريس نور بأن متاعب اللغة العربية وإنحسارها بدأ مع العهد الفيدرالي حيث عبرت أثيوبيا عن ضيقها الشديد بالمنهج البريطاني الذي كان يحتوي علي اللغتين العربية والتقرينية وبدأت بإحلاله بالمنهج الأثيوبي بصورة سريعة وأستمر يقول كانت هناك مؤامرات من أطراف عدة ضد اللغة العربية في اريتريا لكن مع ذلك ذكر موقفاً جديراً بالتأمل، يقول الاستاذ أنه شارك في عام 1964م في مؤتمر لمدراء المدارس في أثيوبيا تم عقده في أديس أبابا وحضره ألف ناظر مدرسة من عموم أثيوبيا واريتريا،  وكان عدد المسلمين سبعة عشر ناظراً قمنا برفع مذكرة الي المؤتمر نطالب فيها بتدريس اللغة العربية والديانتين الاسلامية والمسيحية وكان المؤتمر يحسم قراراته بالتصويت لكن رئيسه وهو أثيوبي تعاطف معنا وقال أنه من الظلم أن نخضع موضوع كهذا للتصويت بوجود سبعة عشرة مسلماً فقط وأقترح أن يطلب المؤتمر من وزير التعليم الاثيوبي الحضور ليبت في هذه المسألة وكانت المفاجأة أن الوزير نفسه تفهم طلبنا وقال بالنسبة لنا في أثيوبيا تدريس الديان المسيحية لم يعد أمراً مهماً  لكن أنتم في اريتريا يمكنكم أن تطالبوا بتدريس الديانتين واللغة العربية أيضاً وأضاف الاستاذ يقول حين عدنا من أديس أبابا الي أسمرا رفعنا هذا لكنه رفض جملةً وتفصيلاً.. ثم سؤل عن رؤيته لمستقبل اللغة العربية في اريتريا فقال أنه متفائل جداً وأضاف يقول بالمقارنة لما تلقاه أبناؤنا  خارج الوطن فإن دراسة اللغة العربية في أيامنا لم تكن شيئاً .. لدينا آلآف الطلاب في مختلف المراحل في السودان .. هناك الآلآف من الذين تلقوا تعليمهم في الدول العربية .. هناك الآلآف من اللاجئين في السودان فما بالكم لو عادوا هؤلاء جميعاً وذكر الحضور بأن سحر اللغة العربية أمتد أيضا لذوي الثقافة الاريترية الأخري فقال هناك من المسيحيين الاريتريين من رفض التعلم باللغة التقرينية وطالب بإعادة تدريس اللغة العربية بل منهم من دخل الإسلام أيضاً والآن في هذا الأثناء هناك العديد منهم معترف ومقر بأهمية اللغة العربية في اريتريا.

لاتقرأ الآتي أو اقرأ و”طنش”:

تحدث الاستاذ محمد أحمد إدريس نور عن أوضاع التعليم باللغة العربية في العهدين البريطاني والاثيوبي وعند قيامنا بإجراء مقارنة بما هو موجود اليوم نجد أكثر من مفارقة، فالإنجليز أولاً أظهروا حياداً في المسألة التعليمية بل أنهم شجعوا الناس لتعليم اللغة العربية ووزير التعليم الأثيوبي لم يمانع من تدريس اللغة العربية والديانتين الاسلامية والمسيحية في اريتريا وحين طالب المربين الأفاضل الذين عادوا من مؤتمر أديس أبابا بهذا الأمر لم يتم إعتقالهم. نعم رفض طلبهم وهذا أمر متوقع من إستعمار يسعي بادئاً ذي بدء الي الهيمنة الثقافية، وتستمر المفارقات لنجد “المسلمون الوحدويون” الذين رأوا أهمية الإتحاد مع أثيوبيا ينحازون ـ رغم ذلك ـ الي جانب الاصوات المنادية بتثبيت اللغة العربية في الدستور الفيدرالي لم يزدرأوا أصحابها ولم يحتقروا شأن المطالبين بها لكن أكثر المفارقات ألماً حين نقارن بين أحوال المعلمين إبان أثيوبيا وفي عهدنا الوطني الميمون، لقد تم إعتقال معلمين حينذاك ـ بما فيهم الأستاذ محمد أحمد ـ كما سنري لاحقا بتهمة التعاون مع الثورة وهي تهمة ذات وزن كبير دون شك لكنها تهمة معروفة علي الأقل وكانت معلنة وقد حوكم أصحابها وعرفت أماكنهم وزاروهم الناس ثم أفرج عنهم وعادوا الي عملهم والي ممارسة نشاطهم الوطني، الآن في عهد اسياس افورقي ماهي تهمة المعلمين؟ وهل يعرف أحد أماكنهم؟ وهل هناك من أخبار عنهم؟ وهذه الأسئلة تطرح أيضاً بشأن معتقلي الرعيل الأول وسجناء الفصائل الاريترية ومجموعة الـ 15 والشيوخ الكبار والصحفيين الذين أعتدي عليهم النظام ـ جميعهم ـ ظلماً وعدواناً ثم أكتشف أن محاكمتهم بشكل طبيعي وقانوني ستكلفه ثمناً باهظاً لأنه سيضطر الي تلفيق التهم وفبركة الأدلة وتوفير قضاة ومحامين ومحققين ونيابة (أتحدث عن المحاكم الطبيعية) وشهود وتحريك السجناء والإستماع الي أقوالهم وهم إن تحدثوا سيجرون “رؤوس كبيرة” مما يعني بدء الكلام والتعاطف والمناصرة والحديث عن نعرات مقيتة يمارسها النظام ولا يريد الآخرين أن يتحدثوا أو يشكوا منها وربما تتطور المحاكمات في مرحلة ما فيدخل الإعلام الدولي  في الخط وكذلك منظمات حقوق الإنسان وسفارات الدول الغربية وهذه تجر أخري.. ولا أظن ان النظام في أسمرا غبياً لهذا الحد حتي يفتح لنفسه جبهات أخري في وقت يخوض فيه المعارك ضد الأمم المتحدة والوياني لكنه لايعرف أن السجناء في كل الأحوال يشكلون عليه “وبالاً” فهو إن أستمر في سجنهم سيصبغ عليهم شرفاً فوق شرفهم هذا بالإضافة لتعرضه لضغوط من أطراف عدة وإن أطلقهم فإنهم سيتكلمون ويتحركون وسط الناس وسيمارسون أنشطة سياسية خاصة وأنهم أصبحوا قوة لايستهان بها وإن كشف عن قتل أو وفاة بعضهم ـ وهو أمرمستبعد ـ  في السجن فمعني ذلك الإعلان عن إستشهادهم مما يزيد النقمة والبغض وتوفير الأدلة للجهات التي تتحرك لرفع شكوي ضد النظام .. فيما يتعلق بموضوع اللغة العربية سؤل ذات مرة الرئيس التشادي إدريس دبي لم جعلت بلاده اللغة العربية إحدي لغاتها الرسمية؟ فأجاب: أنه بغض النظر عن النواحي التأريخية والتداخل الإجتماعي وجدنا اللغة العربية يتم تداولها بكثافة في البيت والشارع فأعتمدناها لغة رسمية لأن الأمر بدي لنا تحصيل حاصل. لكن في اريتريا لايوجد إدريس دبي هناك اسياس افورقي الذي كشف عن عدائه السافر للغة العربية والآن بعد أن أستفحلت ورطته وعمّ فساده نتمني أن لاينضم الي جامعة الدول العربية لا بالتقسيط ولا بالجملة وأن لايقر أهمية اللغة العربية حتي لايحسب علينا ذلك “منةً” ويطالبنا غداً أن نتذكره بها فنحن مازلنا نحمل له “ذكريات عطرة” ذلك أنه حال بتدخله الشخصي العلني منه والسري دون إقرار اللغة العربية في دستوره الذي أقره في عام 1997 وأقترح “الصيغة العائمة”  لثنائية اللغتين غير مبالياً بجميع التوصيات التي رفعت من الشعب الاريتري عند مناقشة المسودة لتثبيت اللغتين بشكل واضح وبالرغم من العيوب الشكلية والجوهرية التي شابت “الدستور” الذي فصل علي مقاس “اسياس” كما يقول الاستاذ محمد نور أحمد فأن أول شخص في اريتريا لم يطقه هو اسياس أفورقي نفسه.. ياسبحان الله!! ومع ذلك فإن هذا هذا النظام ـ ربما من حسناته ـ أنه ينبهنا لمسائل ذات أهمية قسوي ذلك ان القوي الاريترية التي تناضل من أجل التغيير الديمقراطي يجب أن تتمتع بإدراك حقيقي لمفهوم التعايش المشترك وركائزه والتآخي بين القوميات ومتطلباته والعدالة الاجتماعية وشروطها علي هذه القوي أن تبدأ من الآن في وضع الدراسات التفصيلية وان تقوم بتنويرات مستمرة حتي لاتفترق بها الطرق حين تصل الي أسمرا ومع ذلك فنحن نظلم قيادات المعارضة عندما نطلب منها كل شيئ لذا علي المثقفين الاريتيرين وفي طليعتهم الكتاب أن يأخذوا المبادرة وليس عيباً هنا أن تقوم فصائل المعارضة بالإتصال بهم فرداً فرداً وتطلب منهم وضع دراسات في التعايش وفي ثنائيات اللغة وفي مسائل النزاع في الأراضي ويمكن ان يتم ذلك بالنظر الي تجارب الشعوب ناقصة التكوين القومي كما هو الحال في اريتريا، وأمامنا أيضاً الطرح الفيدرالي يجب النظر اليه بروح منفتحة والتوصل لفهم عميق لتلك “المعضلات” التي يقترح معالجتها.

لقطات أخري من الإجتماع

  • ذكر الاستاذ أن المعلمين البريطانيين في كرن وأغردات كانوا يدرسون بزيهم العسكري حتي إنتهاء الحرب العالمية الثانية وبعد أن خلعوا ملابسهم أكتشفنا أنهم دكاترة في اللغة وفي علم النفس التربوي.
  • عن المصاحف التي كتبت باليد قال الاستاذ انها أجمل من المصاحف المطبوعة وأضاف أنه كان يتم عرضها الي أشعة الشمس ويتم حراستها حتي لايقوم الذباب بخربشة الحبر وإسالته.
  • عن الدعاة أورد انهم طلبوا من الناس ترك الطبول والمزامير ولكن حين شق علي الناس ذلك طلبوا منهم حينئذ إستخدام الطبول في مدح الرسول(ص).
  • المعلومات التي أوردها في الندوة والمتعلقة بتحركات الدعاة قال انها منقولة شفوياً عبر الأجيال.
  • حضر الندوة لفيف من أقران درب الاستاذ محمد أحمد ادريس نور في السلك التعليمي وبعضاً من الحضور قام الاستاذ بتدريس آبائهم.
  • تحدث الاستاذ عن كتاب الأطفال المعجزة كما وصفه وقال انه كان يساعد سكان كرن في تعلم الكتابة والقراءة في شهر واحد والكتاب باللغة العربية ولكن ألفه شخص انكليزي درس اللغة العربية في السودان.
  • بعد إنتهاء الندوة تدافع الحضور لإلقاء التحية علي المربي الكبير ولأخذ الصور الجماعية معه وطالبوه بإقامة ندوة أخري فأوعدهم خيراً علي أن يتم ذلك بعد أن تأتيه مكتبته المرسلة من خارج أستراليا.
  • قام موقع “عونا” بتسليم باقة ورد للأستاذ الفاضل بإسم الجالية الاريترية.

من هو الاستاذ محمد أحمد إدريس نور؟

“الاستاذ محمد أحمد هو شاب من عامة الشعب الاريتري ومن نسيجه الوطني الأصيل الداعي الي التآخي والتكافل” كما يصفه الاستاذ جابر سعيد في دراسة الوفاء والإمتنان الذي قام بنشرها في المواقع الاريترية علي الشبكة العنكبوتية في اكتوبر عام 2003 وفي الواقع قبل هذا التأريخ أيضاً كنت قرأت إسم الأستاذ في مقال له نشره في موقع “مسلنا” بتأريخ 23 فبراير 2003 عزا فيه وعدد مناقب قرين دربه في السلك التربوي الاستاذ الراحل نور أحمد حمد نور، والاستاذ محمد أحمد معروف في اريتريا خاصةً للطلاب الذين درسوا بداخلها في الفترة الواقعة مابين عام 1945 ـ 1977م وهو من مواليد مدينة كرن في 26 يناير عام 1921م حيث يقع ترتيبه الرابع بين أشقائه ـ منهم المناضل الشهيد آدم إدريس نور ـ ألتحق بالكتاتيب في الثامنة من عمره وواظب بها علي قراءة القرآن الكريم حتي بلغ به المقام سورة التوبة عندها أندلعت الحرب العالمية الثانية فلجأ مع بقية سكان كرن الي القري ومع دخول الإنكليز كرن عاد اليها أهلها ثم فتح بها البريطانيون المدارس العربية فألتحق الاستاذ بالمدرسة في بداية عام 1941م وبعد إتمام دراسته الأولية (أربعة سنوات) تم تعيينه مدرساً بتأريخ الفاتح من يناير عام 1945م نقل بعد ثلاثة أشهر من ذلك الي مدينة أغردات فعمل بها مدرساً إبتداءً من أبريل 1945م الي عام 1948م ثم نقل الي مدرسة مندفرا الاسلامية بمديرية سرايي وتم فيها تعيينه ناظراً الي عام 1951م ثم قاموا بإعادته الي مسقط رأسه ليعمل مدرساً هذه المرة بالمدرسة الوسطي بكرن وحين غادر البريطانيون اريتريا أسندوا اليه مهمة ناظر المدرسة بتوصية خاصة رفعها مدير المدرسة البريطالني لإدارة المعارف ومكث في هذه الوظيفة حتي نهاية العام الدراسي 1958م وفي السنة الدراسية التالية أي في 1959م تم نقله لأول مرة الي المدرسة الإسلامية الخيرية الوسطي بأسمرا لكن لم يدم به المقام طويلاً حيث وقع عليه الإختيار في نهاية العام لأخذ “كورس” في إدارة وتفتيش المدارس بأديس أبابا وذلك لمدة عام واحد بعدها أي في عام 1961م وبعد حصوله علي شهادة إدارة وتفتيش المدارس عاد الي مدرسة أسمرا وواصل فيها رسالته التربوية العظيمة لإحدي عشر عاماً نقل علي اثرها الي مدينة كرن لكن بعد أن ساءت الظروف السياسية وأشتد عود الثورة وبلغ المد الوطني ذروته لم يسلم الأستاذ من الإعتقال فأنزلوه “ضيفاً” في أحد سجون كرن لتسعين يوماً ثم أفرجوا عنه وقاموا بإعادته ـ تفادياً من إعتقاله كما يقول ـ الي مدينة أسمرا لكن هذه المرة الي مدرسة “حبرت” وهي مدرسة كانت كبيرة بكل المقاييس، حيث بلغ عدد طلابها 2250 طالباً (لم يكن بينهم مسلماً واحداً) وكان بها خمسون معلماً (لم يكن بينهم مسلماً أيضاً) ـ كما يقول الأستاذ محمد أحمد إدريس نور في سيرته هذه المأخوذة منه بشكل مباشرـ وكان بالمدرسة أيضاً مساعدين لناظرها وسكرتيرة، ويبدو أن هذه المدرسة كانت آخر عهد له في التدريس داخل اريتريا حيث مكث بها حتي يوليو عام 1977م وعندما بدأت أجهزة الأمن الأثيوبية تطارده وتضيق عليه الخناق أضطر للخروج من أسمرا متنكراً بعد أن ترك أطفاله ووالدتهم ولم يتوقف في رحلة اللجوء هذه إلا داخل الأراضي السودانية ومن بعد الي المملكة العربية السعودية حيث عمل في البنك الأهلي التجاري إلي أن ألتحق في أبريل من هذا العام ـ مع بقية أفراد أسرته الكريمة ـ بإبنيه المتواجدين في ملبورن بأستراليا.

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8088

نشرت بواسطة في يوليو 11 2004 في صفحة تربية وتعليم. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010