الإحتجاجات الشعبية الأخيرة فى أثيوبيا وأثرها فى الإستقرار .

1)ethiopia

إن التنمية والنهضة فى الدول ترتبط بالإستقرار السياسى فيها وأى إختلالٍ فيه ينتج الفوضى ويُولد الصُراعات وتتراجع تبعاً لذلك وتيرة التنمية الإقتصادية ، وحين تكون الدولة ذات كثافة سُكانية عالية وتتشّكل من أصولٍ عرقية وثقافية مُتعددة يكون الصُراع الإجتماعى فيها أكثر عُمقاً وأكبر أثراً وهو حال الدولة الأثيوبية فى ظل الإحتجاجات الشعبية العارمة الرافضة لسياسات الحكومة التى حدثت فى الفترة الأخيرة.

 (2)

أثيوبيا دولة تعداد سكانها يصل ل 77 مليون نسمة أكبرها تعداداً هى قبيلة الأرومو والتى تصل نسبتها مابين 30% إلى  40% من التعداد الكُلى للسكان وتشمل مناطقهم العاصمة أديس أبابا ثم الأمهرا والتقراى والولاقاييت والعفر والبنى شنقول وغيرها من الأعراق، ووفقاً لمُراقبين ومُعارضين أثيوبين فالمُكونات الأثيوبية جميعها تحمل الغبن تجاه الائتلاف الحاكم

 (الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية) الذى تُهيمن عليه قومية التقراى وتستولى على مفاصل السلطة وتُسيطر على الحياة السياسية والمصالح العليا بالبلاد فى تجاوزاٍ واضح لحُقوق المُكونات الإجتماعية الأخرى فى المشاركة والتمثيل والتوظيف ، ثم جاءت مشكلة الأرض وتوزيعها من أهم أسباب الإحتقان الأخير والذى قاد إلى إحتجاجات شعبية فى كل من العاصمة أديس أبابا/ قندر/قُوجام/ بحر دار/ المتمة ، وقابلتها السُلطات الأثيوبية بإستخدامٍ مُفرط للقوة وأعتقلت المئات ووضعتهم السجون ومنعت التظاهرات السلمية فى البلاد مما فاقَمَ فى حِدتها ووصلت فى بعض المناطق بإقدام محتجّون على إستهداف محال تجارية وأملاك تابعة لقومية التقراى بمنطقة المتمة .

(3)

نظام الحكم فى أثيوبيا لديه هامش من الحرية السياسية وحُرية التعبير والتمثيل والمشاركة ويتم تطبيق النظام الفيدرالى فى إدارة الأقاليم  وهو ما خلق نوعاً من الإستقرار النسبى فى الدولة وحقق تنمية إقتصادية مُتميزة حيث أستطاعت الدولة جذب رؤوس الأموال للإستثمار فيها ، ولكن ووفِقاً لمُراقِبون فإن الحزب الحاكم يتحكم فى العملية الديمقراطية ونتائجها وقراراتها وبعد رحيل السيد / ملس زيناوى بدأت تضعف قوة هذه المنظومة ومع زيادة الوعى والتُطور الإجتماعى بدأت أصوات الرفض لطريقة الحكم هنا وهناك فى أوساط المُكونات الأثيوبية الأخرى التى تحس بالتهميش وتشعر بأن حقوقها مُهضومة وأصبحت المُكونات الإجتماعية تلك ترفع من سقف مطالبها وهو مالم تستوعبه السلطات وواجهته بالرفض والإعتقال .

 (4)

الحِراك الإجتماعى فى أثيوبيا ليس صُراعاً عادياً يُمكن تجاوزه ببساطة فالصُراع الإجتماعى بين المكونات الأثيوبية مُتوارث وموجود مُنذ القِدم وكذلك الصُراع على السُلطة ، ولهذا فإن أثيوبيا تحتاج إلى إعادة صياغة كاملة لمُنظومة الحكم لتستقر وبالتأكيد سيكون ذلك خصماً على الحزب الحاكم وبما أنه ليس من المُستبعد تكرار الإحتجاجات فى أية لحظة وسيكون من الصعب التحكُم فى المآلات، لهذا فإن قيادة الحزب الحاكم ستتعامل بحكمة وإتزان مع أى إحتجاجات شعبية أخرى وستقوم بتقيدم تنازلات فى إدارة الدولة والعدالة الإجتماعية وفى إشراك المُكونات الأثيوبية فى إدارة شؤون الدولة ذلك لأنه من الصعب إدارة دفة الحكم فى بلداِ مُترامى الأطراف ومُتعدد الأعراق دون ترضية المُكونات الأساسية فى المجتمع الأثيوبى ، وإن التعامل الأمنى فى حل الصُراعات غير مُجدى فى مُجتمعات تتصف بالشراسة كما أن الحفاظ على مكتسبات الحزب الحاكم التى تحققت طيلة ال 25 عاما تأتى فى مُقدمة الأولويات ولايمكن التَفْرِيطُ فيها من قِبلهم حَسَب مُراقِبون.

(5)

يبدو أن سياسة الإستيلاء على الأراضى التى أنتهجتها الأستثمارات الخارجية قُوبلت بالرفض من المُكونات الأجتماعية  الأثيوبية التى تحس بالظلم والتهميش وبسبب ذلك أندلعت أعمال العُنف مما أسفر عن قتلى وجرحى وحرق ونُزوح ، وأتهم رئيس الوزراء الإثيوبي السيد/ هيلي ماريام ديسالين، دُولاً لم يُسمها بمحاولة “منع بلاده من الإستفادة من مواردها وثرواتها والسعي لزعزعة إستقرارها! لكن الثابت أن منطقة القرن الأفريقى تَعُجُّ  بظلمٍ إجتماعى وإنعدام للديمقراطية فيها وتسلط مجموعات سُكانية على مقدرات الأوطان وثرواتها وبالطبع فإن مطالب الشعوب فى المنطقة بصفة عامة هى العدالة ورفض التهميش وحتماً ستتعالى الأصوات المُطالبة بالحُقوق وستُعلن يوماً ما نهاية لحالة التهميش والسطو على الحُقوق .

 

بقلم : محمد رمضان

كاتب أرترى

Abuhusam55@yahoo.com

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=37887

نشرت بواسطة في سبتمبر 20 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010