التحول في ارتريا يصنعه الشعب الذي نجح في اختبار الإرادة

إن الشعوب هي التي تصنع مستقبلها  فهذه المقولة لا غبار عليها وليست محل جدال ففي هذه الأيام وعقب إعلان التوصل إلى سلام بين إثيوبيا وارتريا وجدنا من أبواق النظام من يتشدق بأنه قد حقق انتصارا على أعدائه وان نهجه في التعامل مع مشكلة الحدود كانت صائبة ويذهبون بالقول بان النظام استطاع خلال العشرون عاما الماضية الحفاظ على سيادة الوطن وذلك من خلال إتباعه لسياسية عدم الخضوع والاستسلام  ونجدهم يهنئون أنفسهم على تحقيق هذا الانتصار العظيم من وجهة نظرهم .

ففي الحقيقة اليوم نجد شعبنا قد انتفض انتفاضة قوية  للدفاع عن حياد هذا الوطن الغالي الذي لم يأتي بسهولة بل كان مكلفا بكل المقاييس وان ما دعاه إلى هذه الانتفاضة هو ما يراه اليوم من تصرفات النظام الاستفزازية التي توضح بجلاء بان الوطن أصبح سلعة في يد اسياس يتصرف فيه كيفما يشاء ، وقد أحس المواطن الارتري ومن خلال التصرف الذي أبداه اسياس في اديس اببا بأنه في سبيل تحقيق نزواته الشخصية المتمثلة في تحقيق العظمة والكبرياء ليس لديه أي تردد في بيع ارتريا وشعبها في أبشع صور الحماقة.

فعندما تجد رئيس دولة يعطي التفويض العلني لرئيس دولة أخرى في أن يتصرف في الدولة وشعبها كيفما يشاء وان يعلن ابتهاجه في وجود رئيس دولة أخرى يضع  فيه الأمل والخلاص  في عبور كافة المشاكل التي تعيشها بلاده في حين أن هذا الوطن وبسبب سياسية هذا الرجل يفتقد إلى اعز ما يملك من فتيانه وفتياته.

فالذين يحاولون أن يجدوا غطاء لتصرفات النظام الهوجاء التي لا نرى فيها أية عقلانية أو إحساس بالكرامة الوطنية وقيمة الوطن الذي كلف شعبه ثمنا باهظا من خلال محاولة لوي عنق الحقيقة الجلية والمضي في شغل الناس بتواري التجراي من الحكم في إثيوبيا وجعلهم سبب كافة المشاكل التي عاشت فيها ارتريا والتي يحاول أن يجعل منها شماعة لفشله في إدارة الحكم في البلاد .

وان الذين يحاولون تغطية فشل النظام خلال السنين العجاف داخليا أو خارجيا وعجزه التام في انتشال البلاد من جملة المشاكل التي عاشتها وتعيشها البلاد قائلين انه كان في حالة الدفاع عن سيادة الوطن والحفاظ على التراب فهم قبل غيرهم يعيشون حالة من الوهم غير مقبولة إطلاقا .

والآن يحاولون أن يقولوا بان البلاد تعيش حالة من التحول من حالة الدفاع عن سيادة الوطن نحو الشروع في بناء الوطن اقتصاديا  ولكن السؤال المهم هنا من الذي يصنع التحول في البلاد هل البلاد التي تم تفريغها من شبابها قادرة كما يقولون أن تمضي نحو بناء الاقتصاد فمن الذي يبني هذا الاقتصاد المزعوم وهل فعلا شعبنا وقبل خروجه من حالة الخوف والرعب وانعدام شعوره بالاستقرار والطمأنينة قادر على العطاء بعقل منفتح وهل فعلا النظام وكما يزعمون حقا بأنه ينشغل هذه الفترة في التخطيط نحو التحول  أم هم يعيشون وهما كدأبهم فالنظام بلا شك في واد وهم في واد آخر .

هؤلاء الذين يعيشون حالة من البحث في أساليب التبرير والتمويه دفاعا عن مصالحهم نقول لهم كفاكم فالشعب الارتري اليوم أصبح في وضع  قادر على التمييز ولا تنطلي عليه الأكاذيب التي تتخذ من العواطف والمشاعر غطاء وتتخذ من كيل التهم والنيل من الآخرين متكئا في محاولة التمكين للنظام بان يستمد الحياة وينفخ في جسده الميت الروح  فهيهات .

والتساؤل الذي يطرح نفسه على كل لسان ارتري هو ما هي المشاكل التي تواجه الشعب الارتري والإجابة  لا تحتاج إلى بحث وليست هي معضلة بل صارت الإجابة  بكل وضوح بان الشعب الارتري مشكلته هي انه يفتقد إلى الدولة التي تتوفر فيها مقومات الدولة الحديثة ، فالحرية والعدالة والمساواة مفتقدة وان الركيزة الأساسية لكل ذلك هو الدستور الذي يعد الضمانة الأساسية لحياة المواطنين .

فالاقتصاد لا شك هو عصب الحياة وان كافة الدول شغلها الشاغل  هو كيفية توفير الحياة الملائمة للمواطن  ، ولكن يقينا بان كل ذلك لن يتم طالما الإنسان والذي هو العنصر المهم في حلقة النمو الاقتصادي  مكبل بقيود الخوف والاضطهاد ولا يشعر بالأمان .

فإذا كان ما يدعيه أبواق النظام  فعلا بان البلاد مقبلة على التحول بوجود هذا النظام فان الواقع هو خير برهان فعليهم أن يدللوا على ذلك من خلال خطوات عملية تم اتخاذها في هذا الاتجاه فالارتريين  لا يشهدون هذه الأيام إلا الاحتفالات في داخل البلاد وخارجها  تؤذن في الشروع في تحقيق دمج بين الشعبين والبلدين ومشكلة الحدود والتي هي سبب تفجير الصراع تظل تراوح مكانها وأصبح الشغل الشاغل للنظام تمكين إثيوبيا من تحقيق كل رغباتها  في بلادنا ،  يتم كل ذلك بدلا من تمكين المواطن الارتري من أن يعيش تجربة بناء وطنه من خلال إتاحة فرصة جديدة لكافة أبناء الوطن للمشاركة في إعادة البناء من جديد والاستفادة من التجربة الماضية باعتبارها غلطة كبيرة ارتكبت في حق المواطن ، فبناء الأوطان اكبر من الدفاع عنها وشعبنا مهيأ ليثبت للعالم اجمع بأنه لوحده قادر على إيجاد ارتريا الحلم ولديه من الإمكانات البشرية والمادية أفضل من أي دولة أخرى في القرن الأفريقي ، فالشعب الارتري اجتاز اختبار الإرادة في اختياره للاستقلال ولكنه لم يدخل اختبار الكفاءة والمقدرة في بناء الوطن من كل جوانبه ومرد ذلك هو النظام الذي كرس سياسة الأحادية وتغول على كل مقدرات الوطن وتصدر المشهد لوحده في عزلة تامة للشعب الارتري .

 

حزب النهضة الارتري – مكتب الإعلام

15/8/2018م

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43408

نشرت بواسطة في أغسطس 15 2018 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010