الترابي في حديث الأسرار والصراحة عن القرن الأفريقي من الأرشيف

  لقاء مرتقب لأفورقي مع تلفزيون أسمرا

أفورقي يكشف أسرار استيلاء الجبهة الإسلامية على أمواله

الترابي في حديث الأسرار والصراحة عن القرن الأفريقي من الأرشيف

رصد – مركز “الخليج” للدراسات وخدمات إعلامية بالقرن الأفريقي 9/11/2005

أجرى الرئيس الإرتري لقاء مطول مع تلفزيون أسمرا سيتم بثه خلال اليومين القادمين باللغات الثلاثة  (التجرينية والعربي والتجري) حيث تم تسجيل اللقاء المسيس في الاسبوع الماضي، ونوه تلفزيون أسمرا باللقاء المرتقب الذي يتناول الوضع الداخلي والعلاقات مع السودان  وإثيوبيا والأمم المتحدة.

وكشفت مصادر عليمة “للمركز” بأن اللقاء سوف يعكس السياسة الجديدة للنظام، وإن عدد من كوادر النظام أشرفت على الترجمة الموجهة بالعربي والتجرينية لتنسجم مع متطلبات المرحلة الجديدة، واستدعيا عدد من أبواق النظام في الداخل والخارج لقيادة حملة إعلامية جديدة لصالح النظام، وقدمت وزارة الخارجية عدة دعوات لوسائل الإعلام المرئية والمقروءة لإدارة  اللقاءات مع رئيس النظام لتجميل صورته في الخارج.

وكشفت المصادر إن رئيس النظام سوف يعلن من خلال لقائه المسجل مع تلفزيون أسمرا عن سياسته الجديدة، حيث اكتملت مادة النشر التي سربت إلى بعض المواليين والمقربين للنظام  لنشرها قبل البث. ويتركز خطاب أفورقي حسب تلك المصادر على العلاقات مع السودان، ويتناول الوضع العام في السودان، ويتحدث بالتفاصيل حول جهوده لتحقيق السلام في السودان.  ويعرج على ملفات الخلاف بصورة سطحية، ويعلن دعمه للتطبيع مع السودان، فيما يستبعد خطاب أفورقي التطبيع مع أديس أبابا، ويفتح النار على النظام في كل الاتجاهات، ويؤكد لا حوار ولا تفاوض مع أديس أبابا إلا بانسحاب من مدينة بادمي. ويتحدث أفورقي بصورة مطولة حول الأوضاع في إثيوبيا ويعلن تضامنه مع المعارضة الإثيوبية حتى سقوط الحكومة الإثيوبية.

ويقول أفورقي ليس أمام إرتريا خيار آخر سواء الوقوف إلى جانب الشعب الإثيوبي في مواجهة النظام الحاكم في أديس أبابا. ويراهن أفورقي على انتصار المعارضة الإثيوبية، كما انتصرت المعارضة السودانية. ويعرج أفورقي في لقائه على الأمم المتحدة، ويجدد هجومه على أنان ويرفض قرار مجلس الأمن، ويتناول أفورقي  الوضع الداخلي ويركز على التحديات التي واجهت إرتريا بعد الحرب الأخيرة مع إثيوبيا وحملها مسئولية الاخفاق التي تعاني منها حكومته. ويتعهد بمزيد من المشاركة الشعبية في إدارة شئون البلاد. ويتحدث عن إحداث إصلاحات اقتصادية وإعادة النظر في السياسية الاقتصادية وإعطاء مزيد من الإصلاحات للأقاليم وزيادة التعاون بين الحكومة والجبهة الحاكمة وإدارة الأقاليم. ويقول أفورقي إن كافة المشاكل والأزمات سوف يتم معالجتها وسوف نجري إصلاحات وانفتاحيات واسعة، واشترط ذلك بعد إنهاء الحرب مع إثيوبيا وترسيم الحدود بين إرتريا وإثيوبيا.

ويسعى أفورقي لتدعيم التطبيع مع الحكومة السودانية بعد التحسن في علاقات الجبهة الحاكمة في أسمرا مع الجبهة الإسلامية التي دخلت في مواجهات على مدى السنوات العشرة كل منه تعهد بإقصاء الطرف الاخر من الحكم ، حيث تبنت أسمرا معارضي الجبهة الإسلامية. وقاد أفورقي حملة سياسية وإعلامية ضد الجبهة، واستضاف التجمع السوداني المعارض من عام 1995 حتى اليوم، وأخيراً انقلبت التحالفات واستقبلت مؤخراً قادة الجبهة الإسلامية وعلى رأسهم الترابي وعلي الحاج، وكان أفورقي قد وجه انتقادات عنيفة إلى الترابي والجبهة الإسلامية. وقال في عشرات التصريحات يصعب حصرها، جعل من الجبهة  الإسلامية هدف رئيسي في حربه. وأعلن دعمه للمعارضة السودانية حتى سماء أو سقوط حكومة الإنقاذ، وأعطى للخلاف مع الجبهة الإسلامية بعد شخصي مع الدكتور الترابي. واستغل أفورقي الأوضاع الإقليمية والدولية ضد الحكومة السودانية، وحاول ربطها بالإرهاب. وروج علاقة السودان بالأممية الإسلامية.

وفي إحدى لقاءات أفورقي مع صحيفة الخرطوم والشرق القطرية أعلن تآمر الجبهة الإسلامية لإسقاط نظامه. واتهم الترابي بدعم الأفغان العرب لقلب الأنظمة في منطقة القرن الأفريقي. وكشف أفورقي تكوين الجبهة الإسلامية مليون مجند في قوات الدفاع الشعبي لإسقاط نظامه. ودعا افورقي محاربة من سماهم بالأممية الإسلامية بقيادة الجبهة الإسلامية في السودان. وكشف عن دعمهم للجبهة الإسلامية في انقلاب 1989. وقال أفورقي أن جبهته لعبت دور في تثبيت الجبهة الإسلامية في الحكم. وكشف أفورقي جهود الوساطة بينها وبين أمريكا قام بها. ولم يخفي أفورقي عن غضبه نتيجة استيلاء الجبهة الإسلامية على أموال خاص بالجبهة الشعبية.  وقال أفورقي إن جبهته قدمت للجبهة الإسلامية أسلحة تقدر بملايين الدولارات لم يتم تسديدها. وكشف أفورقي إن الجبهة الإسلامية اختلست أموال الحكومة الإرترية، وهناك ملفات مفتوحة بيننا، وأشار أفورقي إن أسلحة أخرى تقدر بعدة ملايين دخل بها الجيش الإثيوبي إلى السودان بعد سقوط نظام منجستو كان هناك اتفاق بأن تدفع الحكومة السودانية حدود عشرة مليون دولار مقابل تلك الأسلحة ويدفع المبلغ للجبهة الحاكمة في أسمرا وأديس أبابا . وقال أفورقي إن الجبهة الإسلامية كانت في حاجة إلى الأسلحة نتيجة الحظر المفروض عليها في عام 1991 نتيجة تأييدها للعراق في أزمة الخليج الثانية، ويقول أفورقي إن الجبهة الإسلامية تبرعت في عام 1992 في احتفال استقلال إرتريا مليون جوال من الذرة لم يصلنا منها جوال واحد.

وفي نفس الاتجاه شنت الجبهة الإسلامية هجوم عنيف على أفورقي. ولقد لفت أنظار المتابعين  والتقارب الأخير بين قادة الجبهتين حير البعض وأدهش البعض الأخر. وحتى تعم الفائدة ننشر مختطفات من تصريحات الترابي التي تتميز بالموضوعية حول العلاقات بين الجبهة الإسلامية. فيما أشرنا إلى فقرات مقتضبة من تصريحات أفورقي ضد الجبهة الإسلامية وهي موجودة في متناول المهتمين والباحثين في علاقة الإرترية – السودانية، لأن الخطاب الإعلامي لنظام على مدى السنوات العشرة كان ضد السودان، ولهذا نشير إلى لقاء الترابي.

مختطفات من حوار الترابي منشور في “الرأي العام” وعدة الصحف الخليجية في ديسمبر 1998 ونركز على أهم فقرار ذات الصلة بالمنطقة وخاصة إرتريا فيما يلي:

المدخل

الأصولية في القرن الأفريقي وهم صنعته أمريكا

أفورقي حاربنا لحساب إسرائيل وأمريكا

عودة العلاقات بين الخرطوم وأدس أبابا أمر حتمي

تحدث الدكتور حسن عبد الله الترابي الأمين العام للمؤتمر الوطني الحاكم، عن لملفات العلاقات الساخنة بين السودان ودول القرن الأفريقي.. وتطرق اللقاء إلي خبايا العلاقات التي  جمعت بين الترابي واسياس وزيناوي .

وأيضا الي النزاع في منطقة البحيرات العظمى ومنطقة القرن الأفريقي وأهم المستجدات على الساحة السودانية الداخلية والأسباب التي دعت الترابي إلي الاستقالة من منصبه وكذلك تطرق اللقاء الي ملف تداعيات حادثة الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا .

وحمل أفورقي مسئولية تدهور الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي موضحا أنه اصبح مختل التوازن إثر خضوعه للعلاج في إسرائيل، واستبعد عودة العلاقات السودانية الإرترية ما لم يغير أفورقي سياسته والعدوانية.

ونفى الترابي أن يكون له اي علاقة بالجماعات الإرهابية، موضحا أن أمريكا تصف السياسيين وفق مصالحها إرهابيين وغير إرهابيين، موضحا أنه لم يرفع شعار أسلمة القارة الأفريقية وأن القارة تتميز بالتعايش الديني سلميا وان الإسلام يعيش جنبا لجنب مع بقية الديانات.

واستبعد نشوب حرب من أجل المياه في المنطقة موضحا أن كمية المياه في المنطقة تكفي الجميع وأن من يعتقدون نشوب الحرب من أجل المياه فقراءتهم قراءة خاطئة .

وفي ما يلي مختطفات من الحديث الذي نشر في ديسمبر عام 1998م. لعدة صحف خليجية أعادت نشره صحيفة الرأي العام السودانية.

*- باعتبارك مهندس التحالف السوداني الإرترية الإثيوبي ما هي أسباب انهيار ذلك التحالف؟

**-  لا أنكر ما كان يربط بيننا حلم مشترك رأي النور بسقوط نظام منقستو .. ولكل منا كانت  له استراتيجيته الخاصة وصيغة حكم خاصة.. ولملامح السياسية الإثيوبية كانت واضحة وفلسفتنا في الحكم أيضاً كانت واضحة أما بالنسبة لإريتريا كانت الرؤية السياسية لها قاتمة وفي مرحلة التكون، وكانت لدينا قناعة ثابتة بأن  الجانب الإريتري لن يبعد بعيداً عن الثوابت السياسية للبلدين.

 وربطت بين الدول الثلاث علاقات خاصة تطورت وتبلورت باللقاءات التي أجراها القادة الثلاث وفي هذا المنزل دارت لقاءات عديدة وتبادلنا مع قادة إثيوبيا وإريتريا الآراء  والقضايا ذات الاهتمام المشتركة تحقق كل ما اتفقنا عليه.. وتحطمت  الحواجز نتيجة الاتصالات المتكررة فيما بيننا. ولكن  انهيار هذا التعاون  في عام 94 عندما فاجأنا أفورقي بدون سابق  انذار قطع العلاقات الدبلوماسية، وبعد عام توترت العلاقات بيننا وبين إثيوبيا اثر حادثة أديس أبابا، ومصر لعبت دورا في تأزيم العلاقات بيننا وبين إثيوبيا وتولي أفورقي مهمة تشويه صورة السودان في المنطقة والشيء الذي حز مشاعري هو وصول القطيعة إلى حد الفجور فهما تقولت علي الولايات المتحدة  ومصر فإن قادة إثيوبيا وإريتريا يعرفوني معرفة جيدة على المستوى الشخصي.. وللتاريخ لم تسئ إثيوبيا إلينا ولم نسيء إليها.

ولكن الذي يثير تعجبي لماذا يرد أفورقي  توريث الأجيال كراهية بضعها البعض وتصرفات أسياس أحدثت شرخا عميقا في جدران  العلاقات السودانية الإريترية حتى على المستوى الشخصي لأنني كانت لدى علاقات شخصية مع قادة البلدين وكانوا يزورونني في بيتي وفي الخرطوم وزرتهم في بيوتهم في كل من أديس وأسمرة.

يجب على الناس أن يذكروا محاسن بعضهم فعندما قرر قادة الأحزاب تسليم قادة المعارضة الإثيوبية والإريترية لمنقستو كنت أنا الذي رفضت ذلك بحجة أن ذلك عار على جبين السودانيين جميعا، ولكنهم اليوم يتهمونني  بأنني أصولي وذلك بالرغم من معرفتهم لي عن كثب.

هنالك جهات دولية وإقليمية انزعجت من العلاقات التي كانت تربط فيما بيننا وسعت لنسف تلك العلاقات وإذا كانت العلاقة هادئة فما كنا نحتاج لتدخل أي جهة وكان بإمكاننا مفاجئة الجميع بتكامل اقتصادي واجتماعي ونحدث طفرة حقيقية في المنطقة.

حدثت  أخطأت سواء كانت مقصودة أم كانت غير مقصودة ولا نريد أن نكون أسيرين لتلك المشاكل وبدلاً من البحث عن ضحية لتلك الاخفاقات علينا تجاوز الماضي وتقوية روابط الصلات بيننا لبناء تكتل اقتصادي لدول المنطقة لمواجهة القرن القادم وليس هنالك خيار غير هذا أمامنا والتكاتف والتكامل أمر حتمي بين شعوب المنطقة.

*-  الشيخ  الترابي يقال أنك عبرت عن فرحتك بانهيار من سميتهم بحلفاء أمريكا في القرن الأفريقي إثيوبيا وإرتريا ؟

**-  لا أخفى عليك أن التحالف والذي انهار مؤخراً باندلاع الأزمة الحدودية بين إريتريا وإثيوبيا أحدث انفراج على الصعيد الإقليمي وإعادة  التوازنات من جديد لأن ذلك التحالف كان يحمل كثير من التعقيدات يصعب شرحها في هذا اللقاء ولا يمكن أن أنكر أن هذا التحالف يشكل مخاوف وقلق ليس على السودان فقط بل لدول عديدة في المنطقة وليس سرا أن أفورقي كان يتحدث باسم التحالف سواء عن أمن البحر الأحمر وعن السوداني والصومال في أمريكا وعن كيفية تغير  الوضع فيهما ولا أريد أن أجاملك وأقلل عن مدى خطورة التحالف فلقد كان يشكل تهديدا في كل القرن الأفريقي وللأسف  الشديد تحالفت بعض الدول العربية مع أفورقي ضد السودان ولدينا ملفات تثبت ذلك ولكن الوضع العربي الحالي لا يسمح بفتح هذه الملفات فالمهم لدينا قراتنا الآنية التي أحدثت تغير في التحالفات واعتيدت النظر واستفاد الجميع ولا نشمت في انهيار الحلف ولكن والمعروف أن اي حلف يقوم على الإضرار بمصالح الآخرين مصيرة الزوال فنحن نرى وكدول يربطنا القدر الجغرافي أن نعيد قرآتنا وحساباتنا ونبدأ مرحلة جديدة من القرآت ونبتعد من سياسة المحاور التي كانت إحدى أسباب انتكاسة العلاقات في المنطقة.

*- ما هو موقف السودان من بناء إثيوبيا  السدود على منابع نهر النيل وما حقيقة المساهمة الإسرائيلية في ذلك لإثيوبيا ؟

**- السودان ليس لديه تحفظ على بناء السدود من جانب إثيوبيا فمثل ما تستفيد دول المصب يجب أن تستفيد دول المنبع، المخاوف الناتجة والخلاف الناتج بين دول المنبع والمصب يكمن في عدم وجود الثقة بينهما ومثل ما بنت مصر السدود فمن حق إثيوبيا أن تبني سدودها ومن الواضح أن إثيوبيا ومصر لم يجلسا معا لمناقشة ملف مياه النيل بدليل أنه لا توجد اي اتفاقية تربط البلدين وتمسك القاهرة باتفاقية 1959م يعتبر أحد أسباب الخلاف لأن الاتفاقية معمولة من الطرف المصري وحتى السودان لم يشارك فيها وعليه يمكن اعتبار الاتفاقية موقع عليها من جانب مصر ونفسها فنحن غير ملزمين بالاتفاقية نحن نطالب باتفاقيات عادلة تحفظ حق دول حوض النيل، وبما أن موضوع المياه حساس للغاية فان هذا يقضي أن تلتزم كل دول حوض النيل بالاتفاقيات الدولية المعنية بالمياه والتي تنظم مسألة استغلال المياه التزاما دقيقا وأن السودان لا يوافق الانفراد في التصرف في مياه النيل من طرف واحد سواء كان الاستغلال مع الجهات المعنية او جهات خارج حوض النيل واننا نعبر عن انزعاجنا لبعض المعلومات التي تشير الي وجود اتفاقيات سرية مع اسرائيل حيث اتهمت مصر إثيوبيا ببناء سدود بمساعدة اسرائيل وإثيوبيا أيضا تتهم مصر بامداد اسرائيل بمياه النيل بموجب اتفاقيات سرية وهذه الاتهامات المتبادلة القاسم المشترك فيها هو اسرائيل ونحن مازلنا نجمع البيانات الموثقة حول هذه الأمور والسودان يرفض إبرام اتفاقيات بشأن النيل مع أطراف لا علاقة لها به ونحن نطالب الجهات المعنية الابتعاد من هذه الأمور لتجنيب المنطقة من حرب مياه التي يتوقعها الكثيرون وموقفنا تجاه النيل نعتبره رمز للتعاون ومد جزور الصلة بين دول الحوض.

*-ما حقيقة التهم القائلة بان السودان يدعم  المعارضة الإريترية-الإثيوبية؟

**-  نحن مبدئيا لا نتعامل بأسلوب التلويح عندما تحدث أي تباينات في وجهات النظر ونؤكد أننا لم ولن نستخدم كروت  المعارضة سواء ضد إثيوبي أو إريتريا في أي خلاف سياسي معهم ولا نريد  ادخال المنطقة  في مزيد من الاضطرابات وان الاستقرار في إثيوبيا وإريتريا ينعكس إيجابيا على السودان والمنطقة، ومن المعروف أنه توجد أعداد بكبيرة من الإريتريين والإثيوبيين في السودان ووجودهم لم يكن مشكلة في يوم من الأيام ونعتبرهم في وطنهم وأرضهم والمشكلة الحقيقية هي أن أفورقي به عقدة تتمثل في أن  الذي أتى به الي السلطة يخاف أن يأتي بآخرين للسلطة، فموقف السودان واضح  حيث كان يساند حق تقرير المصير للشعب الإريتري فأفورقي طلب من السودان أن تبني سور من الحديد على طول الشريط  الحدودي لتتحكم في الداخل والخارج، وأما عن موضوع الحدود فللسودان حدود مع 9  دول ولم تكن في يوم من الأيام مثار خلاف مع دول الجوار بل كان التواصل والتعاون معها.

*- كنتم تتمتعون بعلاقات حميمة مع اسياس فلماذا حدث انقلاب مفاجئ في العلاقات السودانية – الإرترية؟

**- هذا السؤال حير الجميع ولا اعتقد أن أفورقي نفسه يستطيع أن يجيبك عليه وان كان هو المعني لأن مايربط بننا وبين أفورقي رابط أخوي وحتى أن اجتماعات لكي لاتأخذ الطابع الرسمي كن نجتمع بالقادة الإرترين في منازلنا فكانت علاقتنا بهم ذات طابع شخصي فالتصرفات التي بدرت من افورقي احدثت اهتزازا كبيرا لدى المجتمع السوداني وحاول بتصرفاته هذه الاساءة للإرتريين ونحن نعلم أن الشعب الإرتري شعب كريم ومضياف وهذا لتعاملي معهم عن كثب فافورقي حاول بتصرفاته هذه أن يخلق حواجز نفسيه كبيرة في العلاقات السودانية الإرترية بصفة خاصة لانه كلما قام بهجوم على العرب والسودان ونكرانه للمساعدات التي قدمت له منهم يجعل العالم العربي في موقف النفور منه ويعتقد أفورقي وبهذه السياسة يمكن أن يعزل إرتريا من محيطها العربي ولكن قرآت أفورقي كانت خاطئة لانه قائد متهور يقطع علاقات شعوب تربطه صلات متجزرة وكبيرة في التاريخ وعلى العرب ألا يغيروا في علاقاتهم مع الشعب الإرتري نتيجة تصرفات قائد متهور وهناك من يعتقد أن سياسة التغيير المفاجئ للعلاقات مع أفورقي أتت بعد زيارته الي سرائيل في رحلة العلاج حيث تم علاجه في مستشفيات الإسرائيلة من مرض الملاريا في المنخ ولكن في الحقيقة تم تطعيمه بإبرة أخرى أخلت بموازين عقلة أفقدته ذاكرته وبدأ يتعامل معنا بعقلية اسرائيلية واستعمال القوى ونشر الدمار والخراب وربما يكون هذا هو السبب في أفورقي الذي فاجئنا جميعا حتى زملائه الذين  يتعامون معه باعتباره انسان غير طبيعي اتضحت في مواقفه التي اتخذها مؤخرا سواء على الصعيد المحلي او دول الجوار.

*- ما هو تقييمكم للعلاقات الإثيوبية السودانية  وتصوركم لمستقبل تلك العلاقات.. وكيف يمكن التغلب على أزمة الثقة التي ظهرت مؤخراً؟

**- من قناعتي الثابتة أن العلاقة بين السودان وإثيوبيا علاقة ثابتة واستراتيجية وهناك مصالح وتاريخ مشترك، ومجيء الجبهة الديمقراطية إلى سدة الحكم في أيدس أبابا أعطى هذه العلاقة دفعة جديدة وطرحنا لكثير  من القضايا كان فيه الكثير من التطابق والعلاقة  بين البلدين في ظل الإنقاذ والجبهة الحاكمة في إثيوبيا تعتبر من أهدأ الفترات في تاريخ علاقات البلدين.

والخلاف الذي  حدث خلاف طارئ وعابر يمكن معالجته واحتواءه بالتنسيق بين قيادتي البلدين، والفجوة بينهما اشتركت فيها عوامل متعددة يعرفها الجميع وهذا الخلاف أجل كثيرا من عمليات الاستقرار والتنمية  والحقيقة الموجودة أمامنا هي استحالة تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي بعيداً عن تعاون البلدين، ولكن هنالك جهات عالمية وإقليمية تقف عائقاً أمام هذا التعاون البناء…  والفترة الماضية كافية لقيادات البلدين للخروج بتجارب تجنبهم سلبيات السنوات الثلاث الماضية وعدم تكرارها وذلك لمصلحة الشعبين ولا يعقل أن تكون قيادات البلدين أسيرة لتلك الأزمة.

والمهم أن تتسع قنوات الحوار التي تؤدي إلى التوصل إلى ثمرات جيدة لحل كل الخلافات التي طرأت .. ولا توجد مشكلة  حقيقية بين البلدين بل ان الخلاف محدود في إطار تداعيات أحداث  يونيو 95.. والخلاف   بيننا وبين أديس أبابا عكس الخلافات السودانية مع أوغندا  وإريتريا اللتين تقودان  حرب ضد السودان بالوكالة وتخططان لاسقاط النظام وتقسيم السودان.

*- هناك قلق من علاقاتكم بالجماعات الأصولية الإسلامية وازداد ذلك  القلق اثر تبنيكم لمؤتمر الشعب العربي فما تعليقكم؟

**- السودان نفسه ضحية الإرهاب وأنا على المستوى الشخصي تعرضت للإرهاب والجميع يعرف ما تعرضت له في (أوتوا) كندا.. والمحزن أن بعض الدول والأفراد احتفلوا بالاعتداء واعتبروا  من اعتدى علي بطلا من الأبطال  وتصدرت صورته الصفحات الأولى من الصحف العربية والأجنبية… أما الإرهاب على السودان من كل من إريتريا وأوغندا وأمريكيا يصعب تبريره… وهنالك بعض الدول التي تتداخل في شؤون السودان الداخلية وتمد المتمردين بكل أنواع الدعم لإلحاق الدمار بالسودان… وإريتريا ومصر تستضيفان  علناً الجماعات السودانية المتمردة فالسودان مستهدف، وعلاقاتنا بالجماعات الإسلامية  علاقات عادية وليست سرية… والسؤال  لماذا  التركيز على علاقات السودان بالجماعات الإسلامية ولماذا لا يسلط  الضوء على علاقات دول الجوار التي تدعم المتمردين علناً، هل هنالك إرهاب أكثر مما يقوم به أفورقي ضد دول الجوار أما ما يقوم به موسفيني في الكنغو وتصنيف  الإرهاب بين مرتبط برضا وبمطلب أمريكا ممن ترضى عنهم بغض النظر عن أعمالهم الإرهابية فهم غير إرهابيون، ومن لم ترض عنهم يصنفون أوتوماتيكياً من الدول الراعية للإرهاب، ونحن ضد الإرهاب بكل أشكاله ومبادئنا الدينية وفلسفتنا السياسية تؤكد توجهنا ذلك، فالإرهاب  ظاهرة ولدتها الضغوطات وأن على أمريكا إعادة حساباتها وأن ممارسة سياسة الوصاية وتسليط عملائها ضد السودان لن يغير من سياسية السودان بقدر ما يؤدي إلى مزيد من التطور في المنطقة، والإرهاب ظاهرة صنعتها الولايات المتحدة في المنطقة.

*- ما الذي  جد لرفع شعار أسلمة أفريقيا بالرغم من ان القارة تعتبر موطناً للإسلام والمسلمين؟

**- أنا بالنسبة لي شخصياً أعرف أفريقيا أكثر من معرفتي منطقة أخرى باعتباري جزءا منها ..الإسلام دين المشرق المسالم  عاش جنبا إلى جنب مع المسيحية في أفريقيا خاصة في إثيوبيا والمسلمون يحلمون معزة خاصة لإثيوبيا ويجب أن يتمعن الناس في سر  اختيار النبي (ص)  للحبشة الأفريقية أن تكون دار الهجرة الأولى… ولماذا لم تختار أوروبا أو غيرها، فهنالك سر عظيم يتمثل في تكريم الرسالة لأهل الحبشة.. ومن خلال مهمتي وإدراكي لحقيقة الأوضاع في أفريقيا لا يمكن أن أتبنى فكرة أسلمة القارة، وأحياناً أقرأ أشياء منسوبة إليّ  الهدف من ورائها بذر فتنة دينية في القارة الأفريقية التي تتعايش فيها الديانات المتعددة، وأن الدين الإسلامي لم يكن يوماً من الأيام مشكلة ولن يكون مشكلة أو عقبة في المستقبل فإن جميع مشاكل القارة ناتجة من الأوروبيين الذين يريدون أن تستمر الخلافات من أجل نهب خيرات القارة واستغلالها، فالخطر على أفريقيا ليس من السودان بقدر ما هو من أوروبا وأمريكا.

*- ولكن المعارضة تقول  وجدت القبول من دول الجوار باعتبارها ممثلاً للشعب السوداني وأن هنالك شبه اجماع بأن نظامك يشكل خطراً على السلام الإقليمي فما تعليقك؟

**- على حسب معرفتي بهم ليس هنالك جامع حقيقي بينهم والخلافات الحادة فيما بينهم معروفة للجميع فهم اتفقوا على أن لا يتفقوا، وفي اعتقادي أنهم هم الخطر وليس حكومة الإنقاذ..  والتجمع عبارة عن تجمع لمصالح أجنبية وإقليمية يستهدف زعزعة  سلام واستقرار المنطقة ككل  وباستثناء إريتريا وأوغندا  فلا توجد  دولة في المنطقة تؤيد خطوتهم الهدامة وجميع الدول المتورطة في معادة السودان رهنت قرارها لأمريكا  وخسرت “ما تسمى” بالمعارضة السودانية بتصرفاتها حتى الدول الداعمة لها  وحساباتها الخاطئة  أدى إلى وقوف قيادتها مع إريتريا ضد إثيوبيا ومع أوغندا ضد الكنغو، والشيء الغريب أن الصادق المهدي والميرغني بدأو يتحدثوا نيابة عن رؤساء دول المنطقة وذكروا أن رئيس وزراء إثيوبيا أكد لهم أنه لن يعيد العلاقات مع السودان فهل فقدت تلك الدول المتحدث باسمها حتى يتحدث الميرغني  والصادق  المهدي نيابة عنها؟ فهذا يكشف عدم التوازن الذي تعيش فيه قيادات ما يسمى بالتجمع الوطني.

ونحن لا نتعامل على ضوء ما يروجه هؤلاء، ولكننا نثق في أن رئيس وزراء إثيوبيا لا يمكن أن يتحدث بهذا الأسلوب ولنا اتصالات مع الجانب الإثيوبي ودول الجوار الأخرى وكل تصريحات التجمع تؤكد ما تعانيه من عزلة دولية.

*-  الحكومة السودانية تتحمل المسؤولية فيما يحدث في إريتريا لأنها تحالفت مع أفورقي ضد الفصائل الإريترية المعادية فما تعليقكم؟

**-  إذا كانت هنالك جهة تتحمل المسؤولية ستكون تلك الجهة المعارضة الإريترية نفسها  لأنها ظلت ترفض التوحد والعمل المشترك حتى قبل استقلال إريتريا وهم أنفسهم الذين تركوا الساحة لأسياس لينفرد بها..  ونحن بحكم علاقاتنا جمعنا الفصائل الإريترية وطلبنا منها تقديم تصور موحد  لتحديد مستقبل إريتريا، ولكن للأسف فوجئنا بأن التنظيمات الأربعة. الرئيسية رفضت الجلوس مع بعضها البعض  وذلك كان في عام 90  وذلك قبل استقلال  إريتريا بعام فقط وقتها الثوار الإريتريين كانوا يسيطرون على 85% من الأراضي الإريترية والسيطرة كلها  كانت تحت الجبهة الشعبية الإريترية بقيادة أفورقي وبعد تحرير إريتريا  طلبنا من كل الفصائل الإريترية  وضع برنامج الميثاق الوطني وللأسف الجهة الوحيدة التي قدمت لنا برنامجاً متكاملا كانت الجبهة الشعبية أما الفصائل والأخرى طالبت منا مساعدتها كتابياً تحرير إريتريا من أفورقي، فالفصائل  الإريترية ما كانت تدرك أدوارها التاريخية، ونحن كسودانيين كانت أمنيتنا استقلال إرتريا وتحقق ذلك الحلم بغض النظر عن من يحكم إريتريا واعتبرنا الاستقلال استراتيجياً عاملاً مهماً في استقرار المنطقة التي لم تهدأ طوال السنوات الثلاثين التي سبقت استقلال إرتريا..  واعتبرنا اعتراف  الحكومة الإثيوبية الجديدة بحق تقرير المصير لإرتريا عبر الاستفتاء مبدأ يجب مساندته وتأييده ولذا انحزنا  إلى الخيار الذي حقق للشعب الإريتري السلام والاستقرار  ومن هذا المنطلق طلبنا من الفصائل الإريترية  أن يتحدوا لكي نتوسط بينهم وبين أفورقي وللأسف الشديد تجاوزنا الجميع وبدوا اتصالات سرية تمخض  عنها انصهار بعض الفصائل في الجبهة الشعبية والبقية الباقية بقيت خارج إريتريا.

*- ولكن  أفورقي اتهمكم  بدعم المعارضة الإريترية وتجنيد اللاجئين الإريتريين في صفوفهم إجبارياً؟

**-  هذا ليس صحيحاً  لأن المعارضة كانت موجودة في السودان ولكن إنكار  أفورقي لحقوق رفقائه أدى إلى تنامي المعارضة الإريترية والسياسات التي مارسها ضد فئات بعينها ساهمت في ازدياد المقاومة  ضده- وأسلوب  أفورقي هو المسئول عن تنامي قوى المعارضة الإريترية أما بالنسبة للاجئين الإريتريين فإن السودان  يعتبر وطنهم الثاني وليس عندنا أي اعتراض على بقاءهم فيه فالأراضي  السودانية الواسعة تكفي الجميع ونرحب بجميع إخواننا  الإثيوبيين والإريتريين والمصريين فاليأتوا ويعمروا الأرض  ويأكلوا من خيراتها.

*-  أيضاً هنالك اتهامات ضدكم بدعم المعارضة الإثيوبية والأوغندية فما تعليقكم؟

**-  بأمانة شديدة لا توجد أي معارض إثيوبية في السودان وآخر معارضة إثيوبية قمنا بدعمها كانت الجبهة الديمقراطية لشعوب إثيوبيا التي تعتلي الان سدة الحكم في اديس أبابا ودعمنا لها كان نتيجة اتحادنا في الرؤية السياسية وإيماننا بأن النظام الإثيوبي السابق كان يكلك خطراً حقيقياً ليس على جيرانه فحسب بل على الشعب الإثيوبي نفسه، وإثيوبيا الآن تنعم بالاستقرار والمساواة والديمقراطية وليس هنالك داعي ومبرر لرفع السلاح ضدها.. ومن الخطأ الفاضح  دعم أي قوى إثيوبية في هذه الظروف والحكومة الإثيوبية كسبت احترام الرأي العام الإقليمي والدولية نتيجة سياساتها الجديدة وإسهاماتها في عملية إرساء السلام والاستقرار أكسبتها احترام الجميع.

 ولا تدعم المعارضة الأوغندية ولكن سياسات موسفيني الخاطئة أدت إلى رفع المعارضة الأوغندية السلاح ضده.

*- هنالك تخوف من اندلاع حرب عرقية وطائفية في القرن الأفريقي  فما رأيكم في ذلك؟

**-  شعوب القرن الأفريقي شعوب متقاربة وهذه  التكهنات لا تأتى إلا من جهات تجهل تماماً حقائق الأوضاع في المنطقة  فالشعوب السودانية والإثيوبية والإريترية والصومالية والجيبوتية  تتمتع بعوامل الوحدة والتكامل أكثر من الشعوب الأفريقية وتعتبر منطقة القرن الأفريقي المنطقة الوحيدة المحصنة ضد أي نعرات قبلية فلا يوجد فيها أي تعصب وتعتبر نموذجاً  للتعايش الديني .. والمشكلة الوحيدة التي تعانيها المنطقة هي مشكلة التسييس ولكن أطراف بعيدة تريد تشويه صورة المنطقة مستخدمة  إمكانياتها الإعلامية  الضخمة.

وإذا كانت هناك كراهية فإن المستعمر هو المسؤول عنها فالاستعمار الإيطالي والبريطاني جندوا أبناء المنطقة لإشعال الحرب ضد بعضهم البعض ومسألة الصراعات العرقية في المنطقة مستبعدة وإذا أخذنا إثيوبيا مثلاً تتكون من قوميات ولكنها بعيدة  عن التعصب  العرقي وحضارة شعوب المنطقة لا تسمح بأي حال من الأحوال وقوع حرب عرقية.. وبصرف النظر عن انتماءاتها  الديني فإن شعوب المنطقة تعود إلى أصل واحد وذلك  يستبعد كل المخاوف.

*- تقولون هنالك تحالفا أمريكيا إسرائيليا إريتريا ضدكم فما دليلكم على ذلك؟

**-  مسألة التحالف ليس مجرد افتراضات ولكنه حقيقة ثابتة فما هي إمكانية أفورقي التي تمكنه فتح أربع جبهات في آن واحد مع اليمن والسودان وإثيوبيا وجيبوتي إن لم تكن  وراءه أمريكا وإسرائيل… فإمكانية أفورقي التي نعرفها جيداً لا تكفي حتى لمواجهة المعارضة الإريترية ناهيك عن فتح أربعة جبهات والغيبة التحالب لإريتريا  واقتصادها المنهار وحرب الثلاثين سنة التي عاشتها لا تسمح لإسياس بأي حال من الأحوال للظهور  بهذه القوة، وهذه الحقائق كلها تؤكد بأن أفورقي يقود  حرب الوكالات في المنطقة وعلاقاته بإسرائيل ليست هاجساً بالنسبة لنا وهنالك عدد من الدول العربية التي لها علاقات وتعاون وثيق مع إسرائيل ولكنه لم تستخدم تلك العلاقات لتهديد أمن الآخرين  كما يفعل أفورقي.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=4544