الجنجـويـد أو (الجنبغـال) فى غـرب ارتـريـا

 بقلم  : جابـر سـعيـد ـ أرض ألهـرم

مقـدمة :

يبـدو ان هنـاك عـلاقة مـا مابـين أغلـب الاٍتجـاهـات الجغـرافية الأصـلية وبعض الأشـيـاء الغـريبة، فالشـرق دائمـا مبتـلى بالشـتات والضـعف والفقـر والجهـل أينمـا كان، والغـرب ينعـم بالحضـارة والقـوة ووفـرة المـال والعلـم، ولـكن لـمّ شـذ الغـرب السـودانى فأنقلـب بعـض حمـلة الكتـاب الكـريم مـن أبنـاءه الى حمـلة بنـدقـية غـادرة تـرهـب الأهـل والـوطن، ولـمّ اٍبتلـي الغـرب الارتـرى بفئـران أجـنبية تجاسـرت على الاقتـراب مـن مـلاعـب النمـور، أيضـا يبـدو ان لا مـوطن للجنجـويـد مثلمـا لا مـوطـن للارهـاب الـذى عـرف مؤخـرا بالارهـاب العالمى، ممـا يـدل على ان الأرهـاب المحلى قـد يتحـول سـرعانـا الى ارهـاب عالمى مالم يعالج فى الـوقت المناسـب، والصحيـح ان مصطلـح (الجنجـويـد) عـرف فى الغـرب السـودانى اٍسـمـا وسـلوكا، ولـكن بالطبـع لا يعنى ذلك ـ ان سـودان الخيـر والتسـامح أو غـربه المنتـج الـذى عـرف بتـرتيـل آيـات الـرحمة ونشـر الـدين الحـنيف هــو المنشـأ والموطن الثابت لأى نـوع مـن أنـواع الارهـاب، فالجـن جـن فى كل مكان والجيـاد دواب عالمية لم يسـتغـن عنهـا حتى الميسـورون فى كافة بقـاع العالم، كمـا الارهـاب ارهاب فى كل بلـد حتى لـو أختـلفت اهـدافه او شـخوصه أو أنواع السـلاح المسـتعمل، او حتى طـريقة القتـل والبطـش والسـرقة والجبـروت الـذى يمارسـه، وخيـر دليـل على ذلك ظهـور الجنجـويـد ( التقـرا ـ تقـرينى) الـذى تخصص على تهـديـد مواطنى الغـرب الارتـرى منـذ الخمـس أعـوام السـابقة، اذن هنـاك الآن جنجـويـدا جـديـدا ( لنـج) او قـديـمـا متجـددا فى غـرب اٍرتـريـا، وهـو جنجويـدا اٍرهـابيـا يحمـل كل ادوات الاٍرهـاب ويمارس القتـل والسـلب مـن غيـر خـوف أو شـفقة، واٍن كان هنـاك اٍختـلافـا بينهمـا فهـو ـ ان الجنجـويـد الـذى يهـدد الغـرب الارتـرى لا عـلاقة لـه بسـكان المنطقة بعكـس الحـال فى الغـرب السـودانى، فشـخوص هــذا الجـديـد ينتمـون الى اكثـر مـن بـلـد (الهضـبة الاثيـوبية والارتـرية)، ودوابه هى البغـال ممـا يـدعـونـا ذلك الى تغييـر اٍسـمه ليصبح ( الجنبغـال الأجنبى)، ولا نـدرى لماذا يفضلـون البغـال على الجيـاد، ربمـا قـد يـرجـع ذلك لنـدرة الجيـاد ووفـرة البغـال فى الهضـبة، او لأنهم يتعمـدون اٍختيـار البغـال لأنهم ليـسـوا فى عجلة مـن أمـرهم حـيث لا جيـشـا اِرتـريـا يطاردهم أو دفـاعـا شـعبيـا يتعقبهم او حتى تحالفـا ديمقـراطيـا يشـجـب تصـرفاتهم وهـذا أضعـف الاٍيمـان، وقـد يـكون سـبب اٍسـتعمـال البغـال جـاء بغـرض التمييـز عـن الجنجـويـد المحـلى المتواجـد فى الغـرب السـودانى او ربمـا لسـبب آخـر لا نعلمه… والى السـيـرة الـذاتية لهـذا الجنبغــال الأجنبى او الاٍرهـاب السـياسـى والاٍقتصـادى والاجتماعى الـذى يهـدد غـرب بـلادنـا الحـبيبة، وقـد ينتشـر لاحقـا فى كامـل الـوطن الارتـرى وربمـا خارج حـدود البلـدين اذا لم يجـد مـن يتصـدى له الآن : ـ

 

  • ·  المعتـدى : مـزيج مـن الاثيـوبـيين والارتـريـين الناطقـين بلغة التقـراى أو التقـرينية.
  • ·   الـدواب المسـتخـدمة : البغــال .
  • ·   السـلاح المسـتخـدم : كلاشـنكوف + أوزو وبعض الأنـواع الاخـرى.
  • ·   المكان المستهـدف : القاش والبـركة ( غـرب ارتـريـا) حتى الآن .
  • ·   الهـدف : سـياسـى اٍقتصـادى اٍجتماعى .
  • ·   الضحايـا : الـرعاة والمواشـى وكل مـن يتصـدى لهم مـن الأهالى .
  • ·   جهة التسـويق : زريـبة المواشـى بمنطقة (مغـلى) الاثيـوبية .

 

الحـدث :

منـذ قـرابة خمسـة أعـوام وعلى وجه التحـديـد منـذ شـهـر يوليـو 2001م، تخصص بعض المسـلحـين القادمـين مـن عمـق الهضبة على سـرقة المواشى واٍرهـاب الـرعاة ومـن ثـم قتلهم، وذلك فى منطقـتى القاش والبـركـة، فقـد تمـت سـرقة عشـرات القطعـان الـتى قـدر عـددهـا بعشـرات اللآلاف، وبمتابعة هـؤلاء اللصـوص القتـلة بواسـطة الـضحايـا وبعض الخيـرين مـن أهالى المنطقة ـ أتضـح ان هـذه المـواشى المنهـوبة بقـوة السـلاح الغـادر تبـاع علنـا فى أسـواق الماشـية بمـدينة ( مغـلى) الاثيـوبية، والأمـر الملفـت لـكل المهتمـين بهـذه المشـكلة، ان الجنبغـال لا يتعجلـون امـرهـم ولا يسـابقـون الـزمـن شـأن كافة اللصـوص والقتلـة، ممـا يؤكـد انهم مطمئنـون مـن جانـب السـلطات المحلـية فى البلـدين، وقـد ظهـر مـن خـلال الـرصـد والمتابـعة الـتى تمـت بواسـطة مـلاك المواشـى خـلال العامـين الماضـيين ـ الوصـول الى حقيـقة مفادهـا ,, ان اللصـوص والسـلطات المحلـية فى البلـدين ( اٍثيـوبيـا واٍرتـريـا) فى حالة توافـق متكامـل، ممـا يـدل انهم شـركاء فى فعـل هـذا الأمـر ،، ايضـا الشـكاوى المتكـررة مـن مـلاك المواشـى لم تجـد طـريقهـا الى الحكومـات المـركـزية فى البلـدين، والجـديـر بالـذكـر ان اللصـوص فى الآونة الأخيـرة ارتفـعت درجة اٍطمئنـانهم، ممـا أدى ذلك الى تكـرار غـزواتهم والاسـتيـلاء على المـال والمواشى وقتـل الـرعاة عـدة مـرات فى الشـهـر الواحـد، وعلى مـرأى مـن السـلطات الارتـرية فى منطقة (البـركة والقاش)، هـذا بالاٍضـافة الى تسـويقهـا وقبـض أثمانهـا تحـت سـمع وبصـر السـلطات الاثيـوبية فى أسـواق مـديـنة (مـغلى) الاثيـوبية، ايضـا اتضـح لمـلاك المواشى بمـا لا يقبـل التشـكيـك ,, ان كافة اللصـوص هـم مـن المتحـدثـين بلغة التقـراى الاثيـوبية والتغـرينية الارتـرية،، وهمـا فى الأصـل لغـة واحـدة، وان كان هنـاك بعض الاختـلافات البسـيطة فى النـطق، فهـو شـبيه بالاختـلاف اللغـوى البسـيط الموجـود مابـين مواطنى الـدول العـربية .

وممـا يـذكـر بمـرارة وغضـب مـدمـي ان مـلاك المواشـى المسـروقة تقـدمـوا بعـدة شـكاوى للسـلطات المحلية الارتـرية التى رفضـت اسـتلام الشـكاوى او الاسـتمـاع لهـم وبالتـالى لم تحـرك سـاكنـا، عليه تـم تسـريب هـذا الامـر لنـا ولغيـرنـا لعـله يـرى النـور عبـر وسـائـل الاٍعـلام المقـروء، فتسـعى السـلطات فى البلـدين الى تـدارك الأمـر وتعـويض المتضـررين، وبالعـدم قـد يجـدوا مـن يقـف معهم ليحـول دون وقـوع كوارث أكبـر .

 

ومـن جهة اٍخـرى يتسـاءل أهـالى البـركة والقاش ونحـن نضـم صوتنـا اليهـم، يتسـاءلـون عـن موقـف تحالـفهم الـديمقـراطى الارتـرى الـذى صفقـوا له رغـم محنتهم الخاصـة ومحـن الـوطن السـجـين، كمـا يتسـاءلـون عـن مـواقف الفصائـل الاٍرتـرية كل على حـدة، وبصـفة خاصـة يتسـاءلـون عـن مـوقف جبهة التحـريـر الارتـرية وفصيـلي الكنامـا وقاش سـيـتيت، يـريـدونهـم ان يمـدوا يـد النجـدة الفعلـية لهـذه المنطقة المنكوبة، وان كانـت أيـديهم مغلـولة لاسـمح ألله ـ يـريـدون معـرفة موقفهم الادبى والمعنـوى، بالاضـافة الى الاتصـال بالحكومة المـركـزية الاثيـوبية، طالـبين تـدخلهـا العاجـل والمباشـر لمـداهمـة هؤلاء المجـرمـون فى الحـدود او أسـواق البيـع . واننـا ننـبه كل مـن يهمه الأمـر بـأن هـذا الفعـل الارهـابى اذا كان الـيوم وبـالا على هـذه المنطقة، ففى الغـد القـريب سـيصبح وبـالا  على كامـل الـوطن فى حالة عجـز التحالـف والفصائـل وكـذلك الحكومـات المعنـية، فالضحـايـا سـوف لا يظلـون مكتوفى الايـدى لأمـد طويـل، وحينئـذ قـد تشـتعـل المنطقة نـارا لا تقـوى هـذه الفصائـل وتحالفهـا وكـذلك الحكومـات على اطفـائهـا .. كمـا نـدعـوا كافة المواطـنين الارتـريـين ان يتـداولـوا هـذه القضـية بشـيئ مـن الجـدية وان يغيثـوا أهلهم فى المنطقة المنكـوبة، والمثـل العامى يقـول ,, اٍذا قطـع رأس أخـاك فجـرا .. حتمـا سـيلحـق به رأسـك عنـد الغـروب، اذا لـم تتحـرك فى الوقـت المناسـب لـتتصـدى للمعتـدى،، ونحـن نقـول الـدفـاع عـن البـر يبـدأ عـادة مـن البحـر، والـدفاع عـن المـدينة مـن القـرية … الخ،.. امـا أبنـاء المنطقة عليهم ان يصرخـوا بصـوت أعلىّ ويملـئـوا الأرض صـراخـا وضجيجـا كيفمـا شـاؤوا، ولـكن لينقـذوا ذويهم بشـتى الوسـائـل المتـاحة وغيـر المتاحة، حـيث لا جنـاح عليهم فيمـا سـيقولـون او يفعلـون حيـال هـذا الموضـوع حتى يقـوا أهلهم وكامـل الـوطن مـن اضـرار هـذا الشـر المـزدوج، أيضـا ليـس غـريبـا ان يأتـوا بالعـدل والاسـتقـرار لأهـلهم أولا، وليـس غـريبـا ان تـكون لهم الكلمة الأخيـرة طالمـا كانـت لهـم الاولى فى الفاتح مـن سبتمبـر 1961م، فالثـورة المسـلحة بـدأت مـن هنـا، ومـن المتوقـع ان تـأتى الحلـول النهائـية الناجعـة مـن هنـا، ولـكن ليـس بالضـرورة ان يبـدأ البعض ممارسـة شـروره مـن هنـا … أيضـا هـذا التنـادى لا يعفى الشـباب الارتـرى عـن التنـادى الـوطنى للقيـام بواجبـاته الوطـنية وحـرصـه الشـامـل، لأن الـوطن يفتـرض انه جسـمـا واحـدا يتـداعى له سـائـر الجسـم اذا مـا اٍبتـلى بعضـه بالمصائـب بشـتى أنـواعهـا.

هـذا هـو جـديـد السـاحة الارتـرية، وايضـا هـذا هـو جـديـد حكـومة الجبهة الشـعبية وروافـدهـا التى لا تختـلف كثيـرا عـن الأصـل و ,, مـن شـابه أبـاه فمـا ظلم،، !!… فهـل مـن نخـوة تنقـذ أهلنـا فى غـرب اٍرتـريـا المنكوب على أيـد هـذا وذاك منـذ الفاتح مـن سـبتمبـر 1961م، وكأن هـذه المنطقة فـرض عليهـا ان تحصـد الشـر وهى الـتى  زرعـت الخيـر الـوطنى الـذى يـدعيه الآخـر … وهـل مـن تباشـيـر ذاتـية أو وطـنية تتحـوط للـذود عنهم قبـل ان يسـتشـرى هـذا الــــــداء فينتقـل الى بـاقى ارجـاء الـوطن !!؟.

اخيـرا وليـس آخـر لابـد لى ان أتـرحم على أرواح شـهـداء أفـذاذ مضـوا قبـل ان تطئ هـذه المنطـقة وغيـرهـا أرجـلا آثمـة او غـدرا يسـتبيح كل شـيئ، ورحمة الله على ارواح الشـيـوخ محمـد حامـد شـليشـي / على بنطـاز/ ابـو آمنـة بـاره محمـد / سـليم حامـد دافئ والوهـارديـي الأربـعة الـذين قاتلـوا الاجسـام الشـريـرة وظـلالهـا جاعـلـين المنطقة واحـة خضـراء  فى وسـط صحـراء يبـاب، والتحية لـكل مـن نـذر نفسـه لحماية الاهـل والـوطن فى زمن العـز الـذى يسـميه بعضنـا غابـرا، ومـن ثم ناضـل وقاتـل ومازال يفعـل …. أللهم انى قـد بلغـت، أللهم فأشـهـد، وأخـر دعـوانـا أن لا الـه الآ ألله ولا حـول ولا قـوة الآ بالله .       

 

 

                                                  

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6279

نشرت بواسطة في يوليو 17 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010