الحزب الإسلامي الإرتري للعدالة والتنمية بين الواقع والطموح

علي أن أعترف مسبقا بفضل الإخوة العاملين في حقل الحركة الإسلامية الإرترية في مختلف مجالاتها  علي شخصيا وعلى الوطن عامة والمجتمع الإرتري المسلم خاصة ، وفي عنقي بيعة أسأل الله سبحانه وتعالى أن ألقاه وأنا وفيا لها .

والذي دفعني لكتابة هذا المقال هو هذا الوفاء والحرص على فضل وجهود الإخوة العاملين من الضياع،  لا سمح  الله، وانطلاقا من عقد البيعة ذاتها التي تحث على التقويم والنصح وقيم العمل الإسلامي الجماعي الذي يتجسد في الشعار ” لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها “.

ونتيجة لتسارع وتيرة الأحداث في إرتريا والمحيط الإقليمي والمتغيرات الدولية ،ولأن آمال وطموحات الجماهير الإرترية المسلمة خاصة والمواطن الإرتري عامة على الحزب كبيرة وتنتظر منه الكثير، بالرغم  من التحديات الكبيرة والعوائق العديدة، ولكون هذه الجماهير هي رصيد الحزب وسنده بعد الله، يجب أن تكون هناك قنوات للحوار والتواصل معها وينبغي أن تكون بيسر وإنفتاح مشجع من قبل قيادة الحزب وكوادره. 

    

وقد يطرح تساؤل لماذا لا يكون هذا النقد من خلال الأطر والمؤسسات التنظيمية الداخلية  ؟ وهل سدت كل منافذ الحوار الداخلي وسط الحزب ؟

 

حتى لا يكون هناك لبس في هذا الموضوع أحب أن أجيب على هذه التساؤلات الجانبية حتى لا ينصرف ذهن القارئ عن هدف هذا المقال في هذه التساؤلات .

 

أولا- أردت أن يكون هذا المقال اجتهادا مني عبر زادي القليل وطرحا عاما يسهم فيه كل ناصح أمين ، لأن الحزب الإسلامي الإرتري خرج من مرحلة الحركة والسرية إلى مرحلة الحزب والعلنية والمساهمة بفعالية في رسم ملامح الوطن و مستقبله،  وهذه قضية كل مواطن. وبهذا المعنى فإن مواقف وسياسية الحزب الإسلامي تؤثر سلبا أو إيجابا على الإنسان الإرتري وبالتالي فمن حقه أن يقول رأيه في الحزب مرتكزا على قيم و آداب الحوار الموضوعي البناء ، بكل حرية وشجاعة أدبية، وعلى قيادة الحزب وكوادره أن تشجع على ذلك ،وينبغي أن يكون شعارها في ذلك ((رحم الله إمرئ أهدى لي عيوبي )).

ثانيا –إن قنوات الحوار الداخلي والخارجي لا يمكن أن تسد في حزب أسس بنيانه على الشورى و الأخوة  ويسعى لزرع الخير في الدنيا ليحقق المكاسب في الدارين ، ولكن الحوار الداخلي  التنظيمي شيء و الانفتاح على الجماهير شيء أخر لسببين رئيسيين.

          1- القيام بتوعية الجماهير لتمارس حقها الرقابي على السلطة السياسية والسياسيين والشخصيات العامة وأن تربى الأجيال عمليا على حرية التعبير المنضبطة من الآن ونحن في المعارضة، من خلال سياسة تحقق مصالح وليست سياسة المضاربة التي تهتم  بتوزيع البيانات وبيع شعارات ونوايا حسنة من غير تقديم أفكار عملية وقدرات إنتاجية تحقق المشروع الوطني في أرض الواقع .والحزب الإسلامي الإرتري كدأبه دائما عليه أن يكون سباقا في هذا المجال ينشر الوعي ويبسط الشورى.

          2- يقال إن السياسي كتمساح له أذنين صغيرتين وفم كبير يلتهم كل شيء، ولكن شعار الحركة الإسلامية وتربيتها أن تكون كالشجر مع الناس يرمونها بالحجر فتسقط عليهم الثمار وتظلهم من حر الشمس.

وإن النقد البناء والمراقبة الجماهيرية والتواصل الدائم معها من ناحية يجعل الحزب يتبنى قضاياها الحقيقية ومن جهة أخرى يطور من بنائه التنظيمي وراؤاه الفكرية وطرحه السياسي ومشاريعه الوطنية.

 

انطلاقا من كل ذلك أدخل في صلب الموضوع : الحزب الإسلامي بين الموارد والإمكانات.

من خلال ما أعرفه عن الحزب الإسلامي الإرتري، وأنا أحد أعضائه العاملين إنشاء الله ، أنه يمتلك موارد كثيرة وكبيرة والتي يمكن تحديدها في نقاط أبرزها بعد أن أعرف حسب فهمي الموارد والإمكانيات.

 

الموارد:- هي الطاقات و المواد الأولية والأفكار و المعرفة و الأفراد …الخ التي يمتلكها الحزب ولكنها تبقى موارد حتى تكتشف وسائل لإنتاجها واستغلالها وتحويلها إلى إمكانيات تحقق الأهداف المرسومة في الزمن المحدد.

وكمثال على ذلك ،  فردين متساوين في الثروة يستخدمها الأول من أجل الحصول على النفوذ السياسي والآخر على نجاح في العمل. فالمورد الأول حول لإمكانيات سياسية تحقق نفوذ وسلطة .

 

الإمكانات:- هي تلك الموارد الطبيعية والبشرية والفكرية والعلمية والسياسية والعسكرية التي استغلت بفعالية ووجهت لتحقيق الأهداف والتي يمكن قياس نتائجها عبر أدوات الوقت والتكلفة المادية ومدى مطابقتها للخطة المرسومة ونسبة تحقيقها للأهداف المحددة. انطلاقا من هذا الفهم سأدخل في تحديد أهم موارد الحزب الإسلامي  وإمكانياته .

 

الشرعية :- وهي من أهم الموارد السياسية التي تعتمد عليها أي جهة سياسية تنظيمية كانت أو حزبية . فالحزب الإسلامي انطلاقا من التكاليف الشرعية واستنادًا على الواقع الإرتري ومرتكزا على أهداف الثورة الإرترية الحقيقية  وانسجاماً مع مفاهيم الديمقراطية ومسلحاً بتأييد الجماهير وعضوية الحزب ومن خلال نضاله ومشروعه السياسي الوطني المتوازن والمبني على أسس العدل والتعايش، من خلال ذلك كله يمتلك الحزب شرعية نضالية وسياسية لا يحتاج أن يستجديها من أحد .

هل هذا المورد حول إلى  إمكانيات تنقلنا إلى مرحلة التنافس في السلطة والنفوذ؟ أم لازلنا في هذا المجال في مرحلة  ناهيك عن تنظيمات أقل منا عدداً وعدة حتى جمعيات (مدنية ) مكونة من عدد قليل من الأفراد تنازعنا شرعية الوجود السياسي ؟ لا يمكن أن يكون في إرتريا حزب إسلامي، فقرة الشريعة لابد أن تحذف من الميثاق، لماذا نقول إن الظلم  واقع أكثر على المسلمين ، الحزب ما هو إلا ردة فعل على ممارسة الشعبية وأنها حالة طارئه ستنتهي …. إلخ !!  قضايانا وخيارتنا هي دائما موضع نقاش ، اللغة، تقسيمنا إلى قوميات ، القوميات، الأرض، اللاجئين …..الخ  .

فالحزب هنا مطالب أن يحول هذا المورد إلى إمكانيات حقيقية تنقلنا إلى  ميدان الصراع والمنافسة في النفوذ وأحقية المساهمة في تمثيل الوطن والمشاركة في قراراته الإستراتيجية انطلاقا من رؤانا وخياراتنا وقناعتنا ، ولا نحتاج أن نلتفت يمنة ويسرى في طرح أي مشروع وطني أجمعت عليه إرادتنا السياسية.

 

إن واقعنا الحالي يقول إن أعلى سقف سياسي نطمح إليه في مجال شرعية تمثيل إرتريا وحكمها هو المشاركة ببعض المقاعد في البرلمان والمطالبة بإتاحة المجال للدعوة.. لماذا؟ وإن موقفنا السياسي من عدم تصدر قيادة التحالف وإتاحة مجال لحروى وغيره مهما كانت المبررات أعطى رسائل غير إيجابية.

لماذا الذي جُرب لعقود في حكم إرتريا  في حقبة الاستعمار وبعد الاستقلال وأدخل البلاد والعباد في مأزق وفي كل مرة يغير لونه وموقعه نضعه يتصدر دائماً؟ لماذا لا نتصدر نحن هذه المرة لنعلم الآخر كيف تحكم إرتريا بالعدل وتحقيق التعايش بين مختلف مكوناتها والتعاون والتكامل والسلام مع محيطها الإقليمي وعمقها الإستراتيجي. على الحزب أن يكون في الصدارة  لأن الذي يتبع الأثر لا يمكن له أن يكون في المقدمة .   

لابد من العبور من مرحلة نكون أو لا نكون ، علينا أن نفهم الجميع بالتي هي أحسن ، والتي هي أحسن لكل فعل رد فعل مناسب، نحن أحدى الفرسان الحقيقيين المنافسين في ساحة نقدم خدمتنا ومشاريعنا للجماهير وهي الحكم ولها كلمة الفصل .

هذه مسؤولية القيادة والفجوة بين الطموح والواقع كبيرة .

 

الجماهير:-  وهي ثاني أهم الموارد التي تستند عليه أي جهة سياسية. فالحزب الإسلامي الإرتري له رصيد من هذا المورد وتؤيده وتتعاطف معه قطاعات واسعة من الجماهير الإرترية المسلمة بل وحتى المسيحية الواعية . وفي احد اللقاءت  للحزب الإسلامي وفي حديث جانبي قالا لنا أحد كبار الفنانين الإرتريين سيروا ونحن معكم أنتم الباقون لنا. هذا الفنان كان يلهب حماس الجماهير بصوته وأناشيده الوطنية  أيام عز الثورة. كمثال، إذا اعتبرنا هذا الفنان كمورد ومن المتعاطفين مع الحزب فبتشجيع من قيادة الحزب وكوادره يمكن تحويل هذا المورد إلى إمكانيات وطاقة تنشد للوطن وللحرية ولتاريخ الشهداء ، ولكنه لم يستفد منه ومن غيره من عامة الجماهير المتعاطفة مع الحزب بشكل عام وهي موردنا الأساسي ومن أجلها نجاهد ، كيف احتكاكنا بها وتواصلنا معها ؟ هل جئناها نسعى من أقصى المدنية كرجل آل ياسين ندعوها لرفض الظلم والإستكانة والإذلال، هل استنفذنا معها كل وسائل سيدنا نوح؟ فدعوناها سرا وعلانية ، ليلا ونهارا، فوضعت أصبعها في أذانها وأستغشت  بثوبها؟

أم إن وسائل اتصالنا بها ضعيفة وفي مناسبات سنوية وجمود سياسي  وخطاب دعوى وتعبوي  لا يتعدى حدود معسكرات اللاجئين ؟ وهي تنتظر منا خطابا كخطابات حسن نصر الله وخالد مشعل ومواقف حزب الله وحماس……  ولماذا  لا؟

هل طرحنا لها مواقفنا بوضوح عن المؤتمر الوطني للتحالف والذي تحوم حوله تحالفات هنا وهناك وفي الغالب لا يناقش إلا حول قضايانا وخياراتنا !! عن مؤتمر الحوار الذي تعددت تسمياته… مصالحة ،حوار ،وفاق، ولكل تسمية أجندة وهدف أقلها القبول بديمقراطية تقنن للظلم  ، من سيشارك فيه؟ ما هي أجندته ؟ ما دور الجماهير وكيف ستمثل ،فإنها تحتاج إلى توجيه وتعبئه وتنتظر منا رؤية في هذه القضايا المصيرية ، لماذا لا نأخذ العبرة من الاستقلال… النوايا  الحسنة لا تفيد، لا بد أن نستعد ونُعد الجماهير لكل موقف محتمل .   

في ظني إن الجماهير الإرترية بالرغم من روح اليأس الذي يظهر على السطح إلا أن في مكمنها طاقات جبارة وروح نضالية وثابة كأنها فانوس علاء الدين السحري تحتاج إلى خطاب يفك الرموز وإلى عمل يلامس موضع الطاقة لتبث روح النضال من جديد ،وتقول الجماهير للقائد لبيك شبيك أنا بين يديك فيحول بمهارة تلك الموارد إلى إمكانيات وطاقة عمل للتغيير والتعمير وتحقيق نفوذ.

ولكن هذا كله لم يحدث وهذا المورد الهام لم يستغل بعد حتى يتحول لإمكانات تحارب الظلم وتحقق العدل وتبسط الحرية والديمقراطية.

ونكون مخطئين إذا قارنا أنفسنا في هذا المجال بمحيطنا الإرتري المعارض. ومع الأسف كل تنظيمات المعارضة الإرترية تفعل ذلك وبالتالي لا نجد هناك تقدم وابتكار وإبداع في وسائل الاتصال بالجماهير ،لذا وصلنا إلى مرحلة تكون فيها هذه التنظيمات سعيدة عندما تحضر اجتماعاتها العامة والتي تحاضر فيها قيادات كبيرة خمسون شخصاً نصفهم كل عضوية التنظيم في المنطقة والنصف الأخر من أصدقاء وأقارب القائد ثم يخرج بيان يقول عقد اجتماعا  ناجحا !!  لا أدري ما هي مقاييس هذا النجاح وبمقارنة مع من؟

علينا أن نخرج من هذه الدائرة ونخرج معنا القوى السياسية المعارضة منها ، في مجال الاتصال بالجماهير وحشد طاقاتها، علينا أن نقارن أنفسنا في أقل تقدير مع خصمنا الجبهة الشعبية أيام قوتها، هذا إن لم نتعدى ذلك إلى جماهير حماس وحزب الله وحتى المحاكم الإسلامية في الصومال .

لابد من أن نخرج الجماهير إلى ساحة العمل وهي ترفع راية الحزب والوطن وألوان برتقالية وزرقاء كتلك التي نرها في عالم اليوم وهي تسقط حكومات وترفع من شأن المعارضة ، لا بد أن نوصل الجماهير إلى مرحلة  تحمل فيها شهداء المعركة في الأكتاف وهي تهتف بصوت واحد لا للظلم  لا للمساومة في الحقوق ،نعم للحرية والعدل والتعايش .

علينا أن نصل من خلال هذا السند الجماهيري إلى مرحلة الهيبة التي يحسب لنا فيها الخصم والصديق ألف حساب، وفي هذا المجال الخلاف كبير بين الطموح والواقع .

 

الفكر والطرح السياسي :-  وهو من الموارد المهمة والحزب الإسلامي الإرتري له رصيد هائل من الموارد الفكرية والسياسية التي تراكمت خلال عقدين من الزمن ، من أيام كان فيها الإسلام يعتبر رجعية وتخلف في مفهوم وثقافة الثورة الإرترية. فالحركة الإسلامية نمت نضجها الفكري بممارسة هادئة وهادفة من غير إحراق مراحل، مما سهل عليها في مرحلة الظهور والعلنية أن تخرج بفكر سوي ومشروع سياسي يواكب المتغيرات من مرحلة منظمة الرواد ، والحزب في تطور وتجديد دائم ليس له إشكالية في تغيير الاسم واستبدال قيادات وتطوير أفكار .

ولكن هذا المورد لم يتحول إلى إمكانيات ، رسالتنا الإعلامية لاتصل إلى الجماهير ولقاءاتنا ودراساتنا الفكرية والسياسية المنشورة  نادرة ، وحتى ميثاقنا السياسي بالرغم من أنه مكتوب بثلاثة لغات إلا إنه لم ينتشر بشكل واسع ولم يناقش في أقل تقدير في نطاق النخب سواء كانت مسيحية أو مسلمة. وكما يقول المفكر الإسلامي مالك ابن نبي (لا يكفي أن تبدع أفكارا بل يجب أن توفر لها أسباب الحياة ).

فإن أفكارنا ومشاريعنا السياسية لا نريد لها أن تكون قرارات مؤتمر مسطرة في صحائف بل نريدها أن تكون أعمال تحققها أجيال على أرض الواقع وتحرسها وتنميها كوادر وقواعد الحزب وتستفيد منها الجماهير .

نحن مطالبون عبر طرحنا الفكري ومشروعنا السياسي أن نتحدث مع الجماهير بنصيبها في الدنيا ونحقق لها ذلك تحقيقا لقول الله عز وجل ( ولا تنسى نصبيك في الدنيا ). هذا النصيب قد يكون ما هو أدنى قال تعالى (( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها  و فومها وعدسها  وبصلها، قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم ..  )) . ولكن جماهيرنا لا تريد أن تهبط  إلى مصر فهي هناك وفي السعودية والسودان واليمن والغرب ، ولكنها تحن إلى شجر الدوم في بركة وفواكه عيلا برعد وفي كرن وسمك البحر الأحمر وبطيخ أمبيرمي (حبب على سيكين )، وإنجيره طاف وشيرو في اسمرا ومندفرا ، وحليب (مطيق وحقان) في الساحل…. ولازالت هذه الجماهير تردد أغاني حسين محمد على.

عدنا إندى أقبلنا نحرث إتو ونعلم         شويت نبلع إتو حكاي ليكبئ مي قيم

  علينا أن نفرق بين خطابنا التربوي الداخلي الذي يركز على ثواب وأجر في الآخرة ، ومطالب الجماهير اليومية وفن التعامل معها. والمسافة بين الطموح والواقع واسعة وهذه مسئولية علماء ودعاة ونخب وكوادر الحزب بجانب القيادة .

 

الشباب والتعليم :- وهو من أهم موارد التنمية لأي أمة ومجتمع ناهيك عن حزب ومنظمات. وبشهادة الخصوم والأصدقاء فإن  الحزب الإسلامي الإرتري يملك رصيداً هائلاً على المستوى الإرتري في هذا المجال، وذلك بفضل جهود ونظرة قيادة الحزب الإستراتيجية لسنوات مضت، عبر تشجيع وتوجيه الشباب للتعليم مما جعل عدد كبير من عضوية الحزب يحملون مؤهلات علمية عالية ومتخصصة بجانب عدد كبير من أبناء المسلمين الإرتريين .

لكن أين عطاء هؤلاء؟  أين إمكانيتهم العلمية ؟ ما هي إنجازيهم على مستوى الحزب وعلى مستوى الوطن ؟ ونحن بحاجة لكل جهد ولكل مورد وفي مرحلة يجب أن يكون شعارنا فيها التعاون والتكامل ، نتعلم من مدرسة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، ولسان حال كل واحد منا يقول أبعث معي أخي فهو أكثر مني إمكانية في هذا التخصص أشركه في أمري وأشدد به أسري .

هذه مسئولية التربية على مستوى الفرد والأسرة والجماعة والمجتمع ، أن نصل إلى مستوى تشجع فيه المبادرة الذاتية ويثنى على الإبداع والابتكار.

فكادر الحزب الإسلامي الإرتري هو  أول من يتحمل المسئولية في هذا المجال، ولكن واقعنا الحالي لا يتطابق مع ما نطمح إليه  وهذه مسئولية النخب المسلمة عامة وشباب وقيادة الحزب خاصة . 

الخطاب الديني :-  وهو من أهم الموارد التي يفتقدها الكثيرون من أقران الحزب في الساحة الإرترية. ينبغي أن تستثمر مكانة الدين في فكرنا السياسي وتوظف قدرته في تشكيل العقليات، في أقل تقدير  من الناحية النفسية، ترفض الظلم وتأبى الإستكانة والذل وتبادر للعمل بمنطلقات ذاتية  تقدم الواجب قبل الحقوق .

وهذه رسالة الدعاة في الحزب ومشايخه ،ولنا عدد من المشايخ والدعاة في عضوية الحزب و في المحيط الإرتري ، هل استفدنا من هؤلاء ؟وحولنا هذا المورد إلى إمكانيات تربي المجتمع على قيم العزة والخير والتسامح والبناء .

كم هي من القيادات الدعوييه التي أبرزها الحزب ؟ وكم من الأشرطة الدعوييه التي نشرت بين الناس ؟ كم من عالم عامل قدمناه وله زاد من العلم وقبول لدى الجماهير تسمع منه وتطيع ؟ لماذا لم نستطع حتى الآن إيجاد شخصية دينية كشخصية المفتى إبراهيم المختار رحمة الله عليه ؟

أنا أعرف إن هناك عدد كبير من العلماء للحزب في السودان، ولكن السودان ليسا هو فقط ساحة عملنا ومجال حركتنا و موطن تواجد جماهيرنا .  يجب أن يكون طموحنا وخططنا أن ننقل خطابنا الدعوى  داخل الوطن ، وننافس حكومة الشعبية في مجال شرعية  الإفتاء والتوجيه الديني. فالإمام الخميني خاطب الجماهير عبر الأشرطة من باريس فاستقبلته بعد حين في مطار طهران ، وإسماعيل هنية يخاطبها أسبوعيا في صلاة الجمعة يدعوها للصبر وأنها في صراع الإرادات وإرادتها لابد أن تتنصر ، فهل قيادتنا خاطبت الجماهير في رمضان وأيام العيد ونشرنا ذلك على نطاق واسع ؟  

فأين نحن من ذلك بالرغم من وجود جهاز إعلامي وكادر فني وأجهزة تفي بالغرض وشباب متخصص في الإعلام ومكتب للدعوة والإعلام ، ودعاة ومشايخ وجماهير متعطشة لسماع الخطاب الديني الواعي و الداعي للوسطية والاعتدال؟

فهل واقعنا يتوافق مع ما نطمح إليه ؟

 

الموارد المادية :- وفيها تتوقف تحقيق كثير من الأعمال وتنفيذ المشاريع ،ومواردنا المادية صحيح إنها ضئيلة جدا مقارنة بحجم الأعمال التي تنفذ . وفي هذا المجال أستطيع القول صادقا وفي حدود علمي إن الحزب حول كل ما يملك من الموارد إلى إمكانيات في الجوانب الاجتماعية والإغاثة والتعليم والمنظمات الجماهيرية كالطلاب والشباب والمرأة …الخ

لكن السؤال لماذا موردنا المادية محدودة ؟ علينا أن نبحث لماذا الجماهير كانت معطاة في الماضي أيام الثورة حيث الإنسان العادي كان يتقاسم معها قوت يومه والعامل معاشه الشهري، حتى الطالب وقته ومنحته. وكلنا يتذكر في بدايات قيام حركة الجهاد أننا كنا نرى نساء يتبرعن بحليهن في المهرجانات والاجتماعات العامة ، فما الذي تغير بين الأمس واليوم ؟ علينا أن نجد الإجابة ونبحث عن حلول .

نحن حزب سياسي ولسنا جمعية إنسانية وإن كان هذا الجانب من الأعمال التي نفتخر بها ونتقرب بها إلى  الله ولكنها ليست حلا إستراتيجيا ، الحل هو التوجه في حل المشكلة من جذورها، إنها حالة اللجوء والتشرد.  في هذا الجانب  ينبغي أن نركز، وحتى ذلك الحين الحل الجزئي يكمن في تعبئة الجماهير بأن تتحمل مسؤوليتها وتقوم بوجباتها في الجوانب الإنسانية .

علينا أن نبني مجتمع التكافل والتراحم عبر خطابنا الدعوى وفكرنا السياسي وتوجيهنا المعنوي ، وبهذا المعني مواردنا كبيرة وكثيرة جدا إذا ما قورنت بالماضي ، كم من  أصحاب رؤوس الأموال والتجار من أبناء المسلمين الإرتريين تحملوا مسؤولياتهم في هذا الجانب ؟ وماذا فعلنا نحن  حتى نجعلهم يتحملونا معنا هذه المسؤولية؟ كما كانت تفعل الجبهة الشعبية ((سوق إلكا جوبؤكا فطم ).

نعم لابد من إيجاد وسائل لا أقول تجبر الناس ولكن تجعلهم في مستوى من الوعي والتربية يتحملونا فيه مسؤولياتهم .

لابد أن نقول لهم تعالوا تحملوا معنا المسؤولية في الجانب الإنساني ونحن نعدكم  لا نريد مكاسب حزبية ولا سياسية من وراء ذلك.  لابد من مد جسور الثقة، وهذه مسؤولية الجميع . فمواردنا في هذا المجال كما ذكرت كبيرة ومن الاقتراحات التي ناقشتها مع بعض الأخوة الأخيار كان (مشروع الوقف الإسلامي الإرتري  )

يكون مشروعا طويل المدى يرعى الجوانب الاجتماعية و  الإنسانية والتعليمية و الدعوييه، تكون له هيئة من مختلف الجمعيات الإسلامية الإرترية العاملة في  الغرب ، هذا المشروع لو نفذ سيحقق لنا  كمسلمين الخير الكثير وأهدافا كبيرة .

أولها – تحقيق شعورنا بالجسد الواحد مهما اختلفت ألسننا وأعراقنا و اجتهاداتنا في الفكر والسياسة والدعوة.

ثانيها – سيعزز فينا الثقة بالذات الجماعية وأنها قادرة بأن تحل إشكالاتها عبر مبادرات ذاتية وقيم التكافل والتعاون .

ثالثا – يجعل الفرد منا يشعر بفضل مجتمعه عليه فيهتم عبر مبادرات ذاتية بان يحافظ وينمي هذا المجتمع المتراحم  المتكافل المترفع عن الخلافات الثانوية من عرق وقبيلة وإقليم .

كيف نحقق مثل هذا المشروع ؟

أولا-  نستطيع تحقيق مثل هذا المشروع  و غيره عبر نقل المسؤولية في هذا الجانب على الجماهير الإرترية  المسلمة نعزز الثقة بالفعل بين مختلف مكونتها ونطرح عليها الفكرة ونسندها بما نملك من طاقات ونطلق لها الحرية دون وصاية و سنرى الخير الكثير.

ثانيا- لو قلنا إن ثلاثة ألف من  المسلمين الإرتريين المقيمين في الغرب من الألوف العديدة تبنو هذا المشروع ، وكل واحد منهم تبرع سنويا بمبلغ قدره 120 دولار أي بمعدل 10 دولارات شهريا . (120×3000=360.000 دولار سنويا ).

بهذا المبلغ بامكاننا أن نبني في سنة قسم داخلي مجهز بكل المستلزمات من مطعم وقاعة ومسجد ومكتبة وسكن للشباب أو الشابات في مصر أو السودان أو الهند .

وبهذا نسهم في حل مشكلة التعليم  في الوضع الحالي بشكل جماعي حتى يصلح الله الأوضاع في إرتريا .

أليس هذا مورد كبير  يمكن تحويله بيسر إلى إمكانيات حضارية تحقق روح التعاون والإحساس بالانتماء، فلماذا لم يتحول إلى إمكانيات ؟ الإجابة على هذا السؤال مسؤولية كل إنسان إرتري قادر على الحركة ولو في متر مربع واحد فهو مسئول. وفي هذا المجال أيضا الطموح لا يتطابق مع الواقع.

لذا أرجو من  كل الأخوة الأخوات  القادرين على بلورة وتبني وتطوير هذا المشروع كفكرة ووسائل وجمعيات أن نقوم بمبادرات ذاتية، ونعتبر مثل هذه الأعمال من البر الذي مطالبين لنتعاون فيه قال الله عز وجل (( وتعاونوا على البر وتقوى ..))، وسيكون لنا إنشاء الله صدقة جارية غدا عندما ينمو ويتطور ونبني به مدارس ومساجد في ربوع  الوطن وفي منطقنا المهملة من التنمية .

على الحزب الإسلامي في الجوانب الإنسانية العامة والتي تخص المجتمع ككل أن يسلك هذا المسار ويشرك الجماهير في تحمل المسؤولية بعيدا عن الانتماء الحزبي والتوجه السياسي .

علينا أن نرفع أفق الوعي لدي الجماهير ونفرق بين المسارات والرؤى الإستراتيجية، أمامنا تحدي كبير كمجتمع ونحن على حافة نكون أو لا نكون.

العلاقات الإقليمية وإستراتيجية التعامل  :- هذا أيضا من مواردنا الكبيرة التي لم تستغل حتى الآن بشكل أفضل ، بالرغم من الفرص الكبيرة والكثيرة التي أهداها لنا إسياس بعنجهيته وحروبه ولكننا لم نستفد منها كما ينبغي ، ولم نستطع حتى الآن تحويل هذا المورد المهم إلى إمكانيات وعلاقات إستراتيجية .

أصبحننا ملفا أمنيا في دوائر المخابرات تتعامل معنا الحكومات وفق أجندتها الوطنية ولا تحسب لنا أي حساب. علينا أن نخرج من هذه الدائرة في العلاقات ،ونبني علاقات راسخة على مستوى تحالفات إستراتيجية مع أحزاب ومنظمات وحكومات ونطرح أنفسنا بالفعل وليس بالقول مع غيرنا من تنظيمات المعارضة الجادة بأننا  البديل القادم والقادر على تغيير الأوضاع في إرتريا.

لابد أن نؤسس لرؤية إستراتيجية وطنية خاصة بنا وفق مصالحنا الوطنية بعيدا عن تأثيرات وإستراتيجيات دول الجوار مهما حسنت النوايا، لابد من بذل الجهد لفرض وضعية تحترم فيها إرادتنا الوطنية وخيارتنا الحزبية في الداخل والخارج ، وعلاقاتنا مع دول الجوار تؤسس وفق هذا مبدأ مصالح الشعوب والإحترام المتبادل.

وهذا في واقع اليوم لا يتأتى إلا عبر القوة بمختلف مشتقاتها والتي لا يفهم إسياس سواها .

نحن بحاجة لقوة المنطق مدعومة بمنطق القوة ولغة الحوار تعززه لغة الحراب.

ولنا موارد كبيرة وكثيرة في هذا الجانب لم يستفد منها بشكل أفضل حتى الآن .

1-   إرث الثورة الإرترية والخبرات المتراكمة غير المستغلة على كل الأصعدة

2-     ثقافة البندقية المرسخة في ذهن الإنسان الإرتري والذي لم يقتنع بعد بوسيلة سواها .

3-     التحالف الديمقراطي الإرتري وتشكيلته العسكرية وعلاقاته السياسية .

كل هذه الموارد يمكن تحويلها إلى إمكانيات من خلال قرارات سياسة شجاعة. على سبيل المثال لماذا لم نبادر حتى الآن بتأسيس نواة  لجيش وطني منضبط ومستوعب لمختلف المكونات الإرترية، يحمي الجماهير والقانون والدولة والوطن و مكون  من التشكيلات العسكرية القائمة الآن  والمبعثرة في تنظيمات. إن لم نبادر بذلك فسنصبح أمام خيارات أحلاها مر في المستقبل القريب إذا سقطت  حكومة الشعبية، مليشيات مسلحة وفوضة السلاح ، أم الاحتفاظ بالجيش(الشعبي) الحالي كما هو وبالتالي نقع تحت رحمة عسكر إسياس ، والخيار الثالث بلا قوى نطلب الحماية من دول الجوار ونكون ملطشه ، لذا عل الحزب كما بادر في إرساء قيم التحالف السياسي و وصل مع غيره من  التنظيمات إلى تحقيق الميثاق الوطني للتحالف،  لابد من تعزيز ذلك عبر دمج القوى العسكرية .

بجانب ذلك نحن بحاجة إلى ميثاق شعبي. على الحزب أن يطرح مشروع حلف فضول إرتري يحقق:-

1-  الاحترام  والقبول المتبادل والتعايش بين مختلف مكونات إرتريا  الدينية والثقافية والفكرية والسياسية

2-      أن لا يكون في إرتريا مظلوما ومضطهدا

3-    بناء دولة القانون والعدل  بعيدا عن فلسفة المسميات

4-    ترسيخ القيم الإنسانية والأخلاق الإرترية النبيلة

5-    وحدة وطنية في إطار التنوع.

مشروع  أو ميثاق شعبي في هذا الاتجاه يبني أرضية وقواعد للتعايش لأن التوافق السياسي في إطار التنظيمات غير كاف وغير مضمون، علينا أن نرثي ذلك في إطار الشعب و الأجيال. 

إرتريا اليوم تعيش في مرحلة المشاعر المتضاربة  كأنها نهر متدفق إذا لم نوجد له قنوات الصرف في الاتجاه الصحيح والمثمر والمبني على خطط ورؤى متفق حولها ستتحول هذه المشاعر إلى فيضانات تدمر ولا تعمر وتهلك الحرث والنسل.  

 

  والله من وراء القصد وما أردت إلى الإصلاح

                              محمد نور صالح  كراني      

                               ستوكهولم – السـويد          

 

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6825

نشرت بواسطة في نوفمبر 19 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010