الحمدابي وآخرون…

محاولة لنفض الغبار عن محتويات الصندوق.

الحلقة الأولى

 

 عبد الرحيم الشاعر

قبل فترة ليست بالبعيدة وجه الاستاذ الشاعر محمود لوبينت نداءا يطلب فيه من تزويده بقصيدة الشاعر أحمد سعد ” الأمير” وسارعت بارسالها اليه وذكرت له ضمن ما ذكرت اسم شاعر آخر معروف للكثير من الذين عملوا أو تلقو تعليمهم في مدارس اللاجئين  والثورة في السبعينيات، ولما كان لشعره لون مختلف وددت لو ان الاستاذ القى لنا ضوءا على أعماله.  ثم جاء الاستاذ ود الخليفة واعلن معرفته به وذكر الرجل بكل خير، فمن هو الحمدابي يا ترى وماذا كانت مساهمته في مجال الكلمة المناضلة.

وكان  الاستاذ محمود  قد تحدث في موضوعه ذلك عن الاجحاف  من السياسين الذين مثلوا دور الرقيب على ضمير الكاتب وانتاجه حتى تقييم المادة المكتوبة كان يخضع للأمزجة الشخصية والولاءات العصبية المتعددة من التنظيمية الى القبيلية والاقليمية لهذا وجد البعض ترحيبا  وقبولا والبعض اجحافا  وتهميشا على ماكتب من انتاجهم الثقافي ، وغرضي من ذكر الحمدابي كان لاسباب منها ان الحمدابي من هؤلاء الذين وجد قبولا من البعض  ورفضا من البعض الآخر الذين طنو ان ما كتبه الحمدابي لا يرقى الى مرتبة الشعر، وتعدى دور الرقيب من الكتاب والشعراء الارتريين الى الشعراء المتعاطفين من العرب مع القضية الارترية ، ففي الوقت الذي وجدت فيه رائعة الشاعر السوري سليمان العيسي ترحيبا وقبولا حتى اصبحت أغنية معروفة الى تجاهل ديوانا كاملا طبع على نفقة الشاعرة السودانية آمنة نقد الله وكانت أحدى عضوات الاتحاد الاشتراكي السوداني في عهد الفريق النميري  وأسمته  ” اسمرا ” هذا الديوان رغم وصوله الى معظم مكاتب جبهة التحرير الارترية  وقوات التحرير الشعبية ، تلك التي في السودان أو العواصم الخارجية ولكنه حجب من القارئ الارتري لا لشئ ولكن أعتقد بسبب هذه القصيدة:

الى روح الشهيد علي محمد ابراهيم

                    شعر آمنة نقد الله

أى عرس في المدينة

فارس الساحة كان فينا

أى عطرا يملأ الساحات سحرا

كان انت

لم تكن ابدا ضنينا

يا عزيمة الثوار فيه

صبرينا

علمينا

مر الرحيل

كيف ننسى خبرينا

يا رفاقي

أجمل الموتى شهيد

حرك الوجدان فينا

هذا سلاحك يسأل

هذا وشاحك

علم.. يرفرف

حين ندخل اسمرا فاتيحينا.

وفي قصيد أخرى تقول  معنونة اياها فتاة من جبهة التحرير :

عاتبني الرفاق

لأن مفهوم الحب

بعد لقياكم تغير

عاتبني الرفاق

لأن همي صار من أعوامي أكبر

قبل أعوام… ياصحابي

كان حلمي أن يطول الليل أكثر

كنت أبني مثل أقراني قبابا

صرت أبني مع الثوار خندق.

 

فمن يا ترى الذي حرمنا من مثل هذا الشعر غير الرقيب المجهول، ثم عندنا الشاعر السوداني صاحب ديوان  ” اغنيات الخبز والشمس والحرية ”  وكان حينئذ عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي لم يسمع عنه الارتريون الا عندما تغنى له المبدع ادريس محمد علي قصيدته ” ارتريا يا جارة البحر” على شرف مهرجان قرطاج بتونس ومعها قصيدة للشاعر محمد عثمان كجراى بعنوان ” جئناك يا قرطاج ” كتبت خصيصا لهذه المناسبة  ولم يتداول الارتريون ديوان التجاني الا بعد انتفاضة ابريل في السودان عن طريق معارض الحزب ومعارض اللجنة الثورية.

فسيرة الحمدابي الذاتية حسب ذكرها في ديوانه المعنون بـ ” لغة البنادق” وعدد صفحاته العشر وقصائده الأربعة ، الصادر في عام 1977م يقول انه من مواليد أغردات ، درس المرحلة الابتدائية بمعهد أغردات العلمي الابتدائي ، والمرحلة الثانوية بمعهد ام درمان الثانوي العام . ومما ساعد الحمدابي في انتشار قصائده  السبب لا غيره بالاضافة الى سهولة القصيدة:  وهو عند البدء بتكوين مدارس الثورة اثر تدفق اللاجئين كان المدرسون يجتهدون في اختيار المواد التي يقومون بتدريسها، لانعدام المنهج وحتى عندما شرعت التنظيمات في كتابة مناهجها أو استيرادها من الدول العربية  كانت المواد المقدمة تختلف  من منهج الى آخر حسب توجهات كل تنظيم الا فيما يخص مواد العلوم والرياضيات،  فمن ضمن مادة ” المحفوظات” كانت قصائد الحمدابي ، قصائد أحمد سعد قصائد لشعراء فلسطينين منهم هارون الرشيد وقصيدته ” أنا لن أعيش مشردا انا لن أظل مقيدا” هذا زمن كانت الكلمة تفعل سحرها على الشباب ومن تأثيرها  كان الكثيرون يهرولون الى الميدان للحاق بالقافلة. خاصة الأغنية الثورية التي كان لها دور بارز في ذلك.

هنلك شاعر ارتري آخر هو من هذا النوع المجهول سوى وسط زملائه ورفاقه وهو الشهيد حسن ادريس شيخ وهو نوع من الشعر صوفي دارج في بعض جوانبه، وثوري صارخ  فصيح في لغته في البعض الآخر. فقد تميز الشاعر ببساطته وحبه للبسطاء ولمعشر الفلاحين بالذات لما كان يرى فيهم بأنهم عمود الثورة الفقري والواهبون لكل ما يملكون من غير من ولا أذى. تميز شعره بالبساطة ووجود بعض المفردات الدارجة وأحيانا وجود قصائد كاملة بالعامية. كان من طلاب جامعة ام درمان الاسلامية واستشهد وهو في طريقه الى الميدان هو بعض من زملائه الارتريين والسودانيين اثر انقلاب السيارة التي كانو يقلونها . لم تنشر له أدبيات الثورة  ولكن له شريط مسجل بصوته وهذا نموذج لشعره:

الليل العاتي الفجر لازم يقهرو

والحديد الصلب النار تذيبو وتصهرو

وثورة أصيلة كثورتي تدهش عالمنا وتبهرو

بالدم تعبر للسلام

والنار لسانها للكلام

ينطق بالحق ويجهرو.

 

ستجد ضمن هذا الموضوع بعض من شعره بصوت الشهيد حسن ادريس شيخ ( ورجاء مني من له صورة للشهيد ان يرسلها الى فرجت )

الى اللقاء في الحلقة الثانية

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7985

نشرت بواسطة في أبريل 21 2006 في صفحة مرفأ الذاكرة. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010