الدور السوداني المأمول تجاه شعب إرتريا

أولا توطئة  :- 

إن الحديث عن السودان وإرتريا هو حديث بالضرورة  عن العلاقات إن في مستواها الرسمي  أو في بعدها الشعبي  وسواء انطلق  الحديث من النظرة الآنية  أو الاستراتيجية  المستقبلية ، وعند الحديث عن إرتريا  لا بد أن تكون بعض المفردات حاضرة  عند من يريد  التحدث  عن إرتريا مثل : ) نظام الجبهة ، التقرنة  ، اللغة العربية ، الاعتقالات التعسفية ،التفرقة العنصرية الاضطهاد الديني ،الاستيطان ،الإقصاء، الهروب  الخ  …. ) 

تقابلها لوحة أخرى  ( المعارضة الإرترية ، المقاوم والجهاد،  دول  الجوار،   والنزاعات الحدودية ) ، بل الأهم من ذلك كله تلك  المشاعر والإرادات التي  تعتمل  في  نفس من يريد الكتابة ذلك لأن المرء لا يكتب لمجرد الكتابة فقط وإنما يكتب الكاتب عن نفسه وأهله وعشيرته في القطرين مما يعني صعوبة  التحكم  في القلم ولكن  كل هذه المشاعر المتنازعة لا بد من القول بالذي يؤمن به المرء )

 وذلك  من زاويته  التي  يتكئ عليها ويوصله  الاتجاه عنده  ويأتي هذا المقال متماشياً في السياق ذاته.

 وذلك من أجل  :

1-    إن الأحداث على الجبهتين السودانية الإرترية تشهد حراكاً قد يكون بداية لتحول في قابلات الأيام  .

2-      اختلاف طرق التناول بناء  على الخلفيات المشار إليها  قبلاً  مما يعني  ضرورة  الأدلاء بوجهة النظر  لعلها  تكون إضافة في الاتجاه الصحيح لصيرورة العلاقات الإرترية السودانية .

3-     تعقد الملف  السوداني الإرتري سيما في هذا الظرف وتعدد اللاعبين حتى كاد أن ينسى  بعض اللاعبين  الأساسين مما يحتم التذكير وعدم الإسراع في المضي  قدماً في هذا الملف بالسرعة التي بدأت  بها المفاوضات التي تم تدشينها  بتوقيع  اتفاقية وقف العدائيات بين حكومة السودان ومعارضيها  في جبهة الشرق .

4-     ضرورة الانطلاق في حل العلاقات البينية بين الدول وفق إرادة ومصالح  الشعوب وأخذ رأيها  الحقيقي لضمان الاستقرار والوصول إلى بر الأمان في مارثون التفاوض عندما يحين وقتها فهذه التقاط وغيرها مما سيأتي ضمناً أو مباشراً  في السياق يتم تناولها هذا الموضوع .

ثانياً  : تم تناول الموضوع من خلال ما يلي   : 

1/ إرتريا : الأرض ، الشعب ، الدولة  . 

2/ المعارضة الإرترية :بين الممكن والمأمول .

3/ السودان : الدولة الجوار والدور المأمول .

4/ لغة المصالح وتقاطع الإرادات .

 

1/ إرتريا : الأرض ، الشعب ، الدولة  .

الأرض  : إن قلت إنها بلدة طيبة وهبها الله وجمع فيها من خلال وخصال العطاء والتجدد فلا أخالني  مبالغاً و إن قلت إنها تجمّع فيها من الخيرات ومواسم الأمطار وفصول العام  ما تفرق في غيرها فهذه حقيقة يعلمها كل إرتري وإن قلت  إنها أرض بكر  فهي كذلك ، وإن قلت إنها أرض  الصدق  والهجرة الأولى وطمئتها أقدام الصحابة المهاجرين إلى بلادة الحبشة فهي معلومة تأريخية  لامراء فيها !!

إنها أرض الآباء  والأجداد فحق  على الأحفاد أن يعملوا جاهدين  لتكون في مصاف  مثيلاتها  .

ولا أعتقد إن المستعمر الأوربي في العصر الحديث ركز  عليها وأقام  فيها من البنيات  التحتية دون أن تكون لها ميزات جاذبة من مثيلاتها في المنطقة هذا إذا كان ما يفعله الأوربيون دائماً هو في موضع المثال والقدوة والجمال  والكمال  !!

إن أرض إرتريا التي تعاني بها أهلها بغنائهم الشعبي المحلي بالطريقة المبسطة التي يجيدونها حق  علينا  أن لا نفرط  فيها  فهي جزء أصيل من أجزاء الوطن العربي الإسلامي الأفريقي الكبير ثقافة وحضارة وانتماء  وهوية .

الشعب : 

كيف يمكنني الحديث عن هذا  الشعب البطل الثائر  الكريم المناضل  المجاهد ؟ وما الجوانب التي يمكنني التركيز عليها في هذه العجالة ؟! هل أتحدث عن التضحيات والعطاء والفداء ؟! أم أتحدث عن المعاناة  وظروف الشتات وضياع الهوية ؟ وظروف الطغيان والإرهاب التي يعيشها شعب الداخل ومرارة الحرمان والخوف من المستقبل التي يعيشها  شعب المهجر  ؟!

إن الحديث عن شعبنا العظيم  من أي الزوايا نظرت إليه أو تناولته فهو حديث جدير بالوقوف والتأمل .

إن هذا الشعب  الذي لم يبخل على ثورته في فترة المستعمر الأجنبي حيث قدم لها كل ما يمكن  أن يجود  به جواد فجاد بالنفس والمال والبنين  والجود بالنفس أغلى غاية الجود  !! 

وهو الشعب الذي مازال صامداً في وجه طغيان  نظام أفورقي مقدماً ضروبا من التضحيات من خلال دعم قوى المعارضة الإرترية خاصة المجاهدين  الذين صمدوا في وجه أفورقي ونظامه  عندما انحنى له المنحنون وخافه الخائفون أو توسط وتوسل  إليه المتوسلون  ممن قصرت نظرتهم في رؤية ما تحت الرماد وخلله ساعة التحرير وخروج إثيوبيا  من إرتريا! 

فهل شعب بهذه المواصفات يستحق  الخذلان وأن يسلم إلى جلاديه ؟! أم يستحق  النصر والعون بكل ما تعني الكلمة ؟! إن شعب إرتريا يخوض معركة الحقوق وإثبات  الذات منذ فترة المستعمر الأجنبي الذي حاول  أن يكسر إرادته ويحني  ظهره فرفض  كل ذلك ، وقال لا وألف لا  ؟!  وما زال يقولها ويقاوم النظام الحالي عندما رفض رد الحقوق  إلى أهلها وأن ينظر إلى مواطني إرتريا على السواء، فهل شعب بهذه  العظمة والكبرياء يستحق الخذلان ؟!أم النصر والتأييد في معركة الحقوق والهوية وإثبات الوجود .

صحيح أن الشعب الإرتري مرت عليه ظروف التشرد والهجرة والشتات فأثرت في بعض مقومات الحياة ولكنه شعب عفيف أبي كريم لا كما يحاول بعض الكتاب وصفه بأنه شعب جائع وفقير ؟! إن الذين شردوا  من ديارهم إلى السودان وغيرها كان فيهم من يملك المئات من الأنعام بمختلف مسمياتها، ولكنها ظروف الحرب  تركها وهاجر وأصبح يمد يده للعون الإنساني  !!

ورغم كل هذه الظروف فإن الشعب الإرتري شعب يحب  العمل  ويرفض  أن يمد يده حتى لأقرب الأقربين فضلاً عن الأباعد ولكن للحرب أحكامها وملابساتها التي لا تخفي  !!

الدولة  : 

وأعني بها حصراً دولة إرتريا في الإطار الرسمي بعد أن نالت استقلالها من إثيوبيا  وتسلم زمام الدولة حزب  الجبهة الشعبية أحد فصائل الثورة الإرترية  ويمكن أن يتسآءل المرء لا من باب  التكرار والترديد  ولكن من باب التأكيد والتذكير ما الدولة الإرترية في ظل نظام حكم حزب الجبهة الشعبية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي أو على مستوى ا؟الإقليم أو العالم الأرحب ؟!

فداخليا :

إرتريا دولة تعاني  من العجز التام في إدارة البلد بل سعت إلى تفتيت وتبديد  كل عوامل الاستقرار والتنمية  وذلك من خلال :

– منع الشعب من العودة إلى دياره بعيد التحرير مباشرة إذ ما زال ما يقارب نصف الشعب الإرتري خارج الوطن ويوجد في  السودان وحده ما يفوق  المليون نسمة  تقريبا فكيف كان سيكون حال البلاد إذا ما عاد هؤلاء المهاجرون كل إلى قريته ومدينته ألا يعجل هؤلاء بعجلة التنمية والنهضة ؟!

–   سن القوانين التعسفية  التي تمزق نسيج التماسك  المجتمعي  .

–   تجرنة  المجتمع الإرتري من خلال فرض ثقافة  أحادية  بقوة القانون والدولة وعدم احترام خصوصيات مكونات الشعب وللذين لا يعرفون هذا المصطلح ( يوجد في إرتريا  العديد من اللغات أو اللهجات المحلية واحدة منها لغة التجرينية  وقد تواضع أهل إرتريا أن تكون اللغة العربية إلى جانب التقرينية لغتين رسميتين  في البلاد منذ أن تكونت الدولة الإرترية الحديثة  وقبل ممثلو أهل التجرينية  هذا الأمر على مضض  وعندما وصل النظام الحالي  اعتمد التجرينية في الحياة العامة وأقصى العربية .

–   احتكار  السلطة والثروة في البلد على أيدي حفنة قليلة من منسوبي  الحزب الحاكم.

–   خلق وتشجيع  النعرات الجاهلية  بين مكونات الشعب الإرتري  .

–   الاعتقالات والسجون والإرهاب لكل من يحاول الاعتراض على سياسات النظام .

–   اعتقال  الدعاة  ومعلمي  القرآن الكريم  بداية من العام 1993م وفيهم كبار السن من شيوخ إرتريا ممن كانوا  يمارسون مهنة التعليم والتدريس حتى في عهد الاستعمار الإثيوبي مثل الشيخ (محمد إبراهيم شيدلي) مدير  معهد  منصورة  .

–   بث روح التفسخ والانحلال في أوساط الناشئة من خلال النظم والقوانين المعدة لذلك  .

–   إفقار  الشعب والعمل على تهجير الرساميل الوطنية إلى الخارج أو منعها ابتداء  من الدخول  إذا كانت في الخارج .

–   وضع اللاجئين العائدين من السودان في معسكرات لجوء داخل إرتريا وعدم السماح لهم بالتحرك إلا بتصاريح سفر  إذا أرادوا زيارة أقارب لهم في المدن أو الريف الإرتري  أو أرادوا  الخروج  لقضاء بعض  احتياجاتهم .

–   جعل الشعب يعيش في حالة من عدم الاستقرار النفسي بصورة  دائمة.

–   هذه بعض ممارسات الدولة تجاه شعبها لكن ما صورتها  .

خارجيا : 

منذ  أن وصل نظام أفورقي  عرفت إرتريا بأنها  :

  • دولة تسبب القلق الدائم لجيرانها وذلك من خلال الدخول في نزاع مع جيبوتي .
  • الدخول  في نزاع حدودي مائي مع اليمن
  • الدخول في مشادة مع مصر  بسبب صيادين مصريين .
  • الدخول في نزاع حدودي مع الجارة الكبرى إثيوبيا والذي لم تنتهي آثاره .

إذ كانت إثيوبيا  تمثل لهذا النظام جواز السفر إلى الخارج ولكن تقطعت  الأواصر  وانقلبت الصداقات إلى عداوات ومرارات قد لا تزول آثارها في القريب  العاجل  .

  • الدخول مع السودان في توترات ونزاعات شبه دائمة  بل  تبنى ( منفيستو) إسقاط النظام في السودان  .
  • الإساءة إلى جامعة الدول العربية بصورة فجة  وسمجة ومعلوم ما وراء كل هذه الممارسات و السلوك المشين الذي لا يمثل شعب إرتريا العربي  وإنما يمثل  أفورقي  وأتباعه  .
  • تعددت إساءاته حتى للمنظمات والهيئات الدولية  .
  • في المقابل توطدت  العلاقات مع الكيان الصهيوني  واتخذهم الصديق الحميم والخل الوفي وبنى لهم من القواعد العسكرية ما يمكن  أن يهدد الأمن القومي العربي من الناحية الاستراتيجية ولكن إذا كان النظام غير متصالح مع شعبه ومواطنيه هل يتوقع منه أن يكون متعاوناً  ومتكاملاً  مع دول العالم الخارجي  ؟!  بالطبع تكون الإجابة بالنفي  !! 

بيد أن العجب كل العجب هو في الذين مازالوا  يرجون من أفورقي  خيراً أو يتوهمون دفع الضر عنهم .

إن نظام أفورقي  حالياًَ  في  أضعف مراحل حياته السياسية فهو  قد أحرق كل أو جل قوارب  النجاة وعوامل البقاء ولم يبق معه إلا شذاذ الآفاق من الذين لا يعتزون  بالانتماء إلى مجتمعهم  أو يعملون على حمايته أو الدفاع وإعلان الوقوف معهم ، لأن هؤلاء لا مكانة  لهم إذا زال  أفورقي  ونظامه  الطاغوتي فهل يدرك الذين يهرولون تلقاء أسمرا خطورة هذا السلوك ؟! وأنا أجزم بأن الذين يقدمون لأفورقي كل هذا الدعم  اللوجستي سيكونون أول ضحايا هذا النظام الذي استمرأ الظلم ونكث العهود والخيانة والغدر أما أن للذين ما زلوا يعشمون في العلاقات الهادئة والمستقرة مع النظام الإرتري أن يعيدوا القراءة ويتخذوا القرار الصحيح وليس هناك في نظري فرصة أنسب من هذه الظروف محلياً وإقليمياً  ولكن إذا ما أعيد سيناريو (1991م  -1993م ) من قبل السودان وتعامل  مع أفورقي  بذات الأريحية وذات الطيبة  والبراءة فإنه يكون قد جنى  على نفسه قبل غيره جناية كبرى ويكون كمن يحرث في البحر ويرجو الثمار النضيدة  وعندها يلدغ  من جحر أفورقي  للمرة الرابعة ويبحث عن الطبيب النطاسي ولا يجد من ينقذ حياته ، فنوايا النظام وأجندته مازالت هي ذات النوايا مهما حاول إخفاءها لأن هناك في نظر أفورقي خلافاَ في المنطلقات المحرك للفعل السياسي  وهو يعتقد بأن هذه هي الفرصة السانحة لتحقيق  شيئ من أحلامه مستغلاً الظرف الدولي الحالي الذي يتعرض له السودان ولكن هل هناك ثمة دور وكروت للسودان يمكن أن يستخدمها في هذه اللعبة ؟ وما الفوائد  والمخاطر التي يشكلها  النظام الحالي في إرتريا سيما في هذا الظرف ؟! ومن ثم تجعل السودان في عجلة من أمره ، وهل جبهة الشرق بالفعل هي ذاك الخطر الذي يقوض الاستقرار  في المنطقة على أن لا يفهم كلامي في سياق  التقليل أو التهكم ،فكل ما قال بأن له حقوقاً في أرض ، يجب أن يعطاها وله حق البحث بالطريقة التي يعتقد أنها توصله إلى أهدافه مع الأخذ بعين الاعتبار حقوق ومصالح من يشكلون بعداً اجتماعياً أو ثقافياً في منطقة التفاوض أيا كانت مواقفهم مما يجري على الأرض واختصاراً فإن إرتريا تعني دولة الحزب الواحد والبرلمان المعين منذ (15) عاماً،وأفورقي هو رئيس الدولة ورئيس الوزراء ،ووزير الداخلية وأخيراً وزيراً للخارجية وكل الذين معه عبارة  عن كومبارس في حلبة المسرح السياسي  .

2/ المعارضة الإرترية : بين الممكن والمأمول

   لا أريد بدء حديثي بالتقليل من دورها أو الانطلاق  من جلد الذات عند الحديث  عن المعارضة الإرترية فأنا أعتقد وعلى خلاف ما يذهب إليه بعض الزملاء بأننا جميعا الذين نتناول الآن الأقلام والدفاتر ونتكلم وننتقد وننظر أبناء المقاومة والصمود ، وماكنا في اعتقادي أن نكون كذلك لولا وجود تنظيمات المعارضة الإرترية سيما الذين صمدوا  عندما اغتر بعض فصائل المعارضة  بعيد  التحرير وذهبوا إلى اسمرا ثم عادوا إلينا مسرعين بعد أن وجدوا واقعاً غير ما كانوا  يتوقون وأصبحوا  يؤدون  أدواراً على المسرح  السياسي غير راضين  عنها تماماً  فعادوا مبكرين والعود أحمد !! مع إنني أتحفظ في أدوار البعض من الذين انضموا  مؤخراً  إلى فصائل المعارضة  !! 

وعليه فإن ما يكتبه البعض من النقد وما يمكن  أن يرد هنا لماماً  ومباشراً  فإنه ما يأتي من قول محب  إلى محبيه ومن منطلق المسئولية التاريخية التي نتحملها على المستوى الفردي  قبل الجماعي ، وهذا هو المعتقد في  كل الذين يتناولون موضوع المعارضة الإرترية مع اختلاف في درجة الانفعال وطريقة  التعبير عنه !!

             هذا عتباك إلا أنه مقت  ***  قد ضمن الدر إلا أنه كلم

وبعد هذه الكلمات أدخل مباشرة في تحليل العنوان الفرعي الذي أوردته المعارضة الإرترية بين الممكن والمأمول ويجدر سوقه في شكل تساؤل رئيس ما الممكن الذي كان ينبغي على المعارضة أن تفعله ولم تفعله ؟ وما المأمول والمنتظر منها ويترآى للناظرين أنها فرطت أو قصرت فيه؟!! والذي يمكن  أن يتفرع منه تساؤلات فرعية منطقية ينبغي  أن يقف عندها كل من يريد تناول موضوع المعارضة :

أولا: على المستوى التنظيمي هل المعارضة منظمة ولها القدرة على تحريك  الجماهير الإرترية ؟ كاتب هذا المقال يرى  إن ذلك متحقق بدرجة كبيرة حتى لو لم يكن بقدر الطموح .

ثانياًَ : على المستوى الاستراتيجي والأيدلوجي هل ترى المعارضة  هذه القضية من حقها من الدرس التحليل ومن ثم الوصول إلى رؤى وأفكار جامعة يمكن أن تكون أرضية ومنطلقاً لاتفاق رضاء جامع  في مستقبل  البلاد ؟يذهب كاتب المقال إلى أن هذه القضية فيها غموض على المستوى الجمعي وهناك من يتهرب من مناقشة قضايا الرؤى والأفكار العامة ويكتفي ببرنامج الحد الأدنى الذي يمثله حالياً ميثاق التحالف الديمقراطي وحتى هذا الميثاق هنا جهات عديدة داخل وخارج التحالف تسعى للانقضاض عليها وتقويض ثوابته من خلال الإثارة ما يعتبر  جوامع الكلم عند أطراف رئيسة في التحالف  .

ثالثاً : ما اعتبره محمدة تستحق الشكر واستطاعت المعارضة المحافظة عليها في إطار الممكن  إيجادها لوعاء جامع يلتقي  فيها الفرقاء ويتعرف كل فصيل على مدى تقبل الآخر له سواء على مستوى الحركة أو الفكرة وهذا في نظري منقبة جميلة تستحق الإشادة  وينبغي أن يحافظ عليها  .

فالتحالف في إطاره التنظيمي الحالي يمارس مهام الدولة بصورة مصغرة  .

رابعاً :  استفاد التحالف  كثيراً من تصدع علاقات النظام الإرتري بدول الجوار  وأوجد له  شرعية التحرك بغض النظر دوافع الذين يتعاونون مع المعارضة ولكنها سانحة وفرصة  جيدة تستحق التطوير والإنماء والرعاية ولا تستحق  التضحية بها لصالح نظام أفورقي فهل متخذوا القرار في السودان يتفطنون للخطوات الحالية التي تتم مع نظام أفورقي ؟! وإذا كانت السياسة هي فن الممكن فإن التحالف قد استطاع من خلال العمل المقاوم الذي يقوم به المجاهدون وبعض مناضلي التحالف  وعاد فضله على فصائل  المعارضة لأن لغة المقاومة والصدام هي التي يفهمها أفورقي فهل من الفضل أن يعزز اتجاه مقاومة النظام والتعامل  معه باللغة  التي يفهمها . أم التحرك في الاتجاه الذي يضعف المقاومة ؟ّ 

آمل  أن تكون القراءة والتحليل من أهل القرار في سياق  كلي  وليس  في إطار جزئي فرض غير متوقع  !! وإذا كان  هذا الممكن  الذي تحقق  شيئ منه في المعارضة فما المأمول الذي ينتظره الشعب ؟!

أولا :  إن الشعب مل حياة الغربة والشتات ويريد أن يعود إلى دياره  ويقضي بقية حياته خاصة كبار السن الذين هم في أخريات حياتهم فلذلك هؤلاء يتضايقون من كل يوم يمر لا تحقق فيه المعارضة كسباً ملموساً على الأرض.

ثانياً : المأمول الذي يريد الجميع حالياً دون تأخر فتح باب الحريات العامة في إرتريا ، وهذا لا يتم إلا من خلال العمل العسكري الفاعل والعمل السياسي والدبلوماسي الذي يستثمر هذا الجهد ويحمي  تلك المكتسبات ولكن هل تم تأهيل  المعارضة في هذا الاتجاه بالقدر الذي تحقق  من خلاله أهداف الشعب ؟!  

أنا أتحدث من خلال المتابعة والتحليل وليس لدي معلومات وإحصاءات فمن خلال المتابعة لما يجري على الأرض وطبيعة عمل المعارضة يمكن أن يتوصل المرء إلى أحد أمرين : إما عدم وجود قناعة أصلا بالعمل العسكري الجاد والفاعل لدى بعض أطراف  التحالف ، أو عدم  وجود المعينات والقدرات المالية التي يتحقق من خلالها البرنامج العسكري، وفرض ثالث  لعل البعض يذهب إلى عدم جدوى العمل العسكري في إرتريا ، وفي اعتقادي هذا من أكبر  الأخطاء وإذا جنحت إليه فصائل المعارضة جميعا فشرعية هذا النظام  وبقاءه في السلطة مستندة إلى الآلة العسكرية والأمنية ولا بد من تفتيت  هذه القوة وكسر شوكتها ، وما يمكن أن يثار هنا هل قدمت الدول التي  ترعى المعارضة الإرترية وتستضيفها كل ما يمكن أن يطور العمل العسكري ويحقق التوازن بين النظام الإرتري ومعارضيه ومن ثم يرضخ لاستحقاقات السلام ؟ أم أن ما يقدم للمعارضة هو مجرد نثريات إدارية يمكن ؟أن يعطاها كل ضيف أو صاحب حوجة خاصة ؟! 

إن الذين تحملوا  عبئ معارضة النظام الإرتري وقدموا لها التسهيلات  عليهم التعامل مع ملف  المعارضة هذه الأيام بمزيد من الصلابة وبمزيد من العطاء والغطاء حتى يستريحوا من كابوس افورقي فالظرف الحالي  الذي يمر به النظام الإرتري أتصور أنه أنسب الظروف  وأكثرها مواءمة للتخلص  منه .

3/ السودان : الدولة الجوار والدور المأمول   

قد وردت بعض الإشارات عن السودان ودوره من قبل  ولكن بما أن المقال مركز حول الدور السوداني وما يؤمله منه الشعب الإرتري كان لا بد من تناوله بصورة مسهبة غير مملة هنا بإذن الله .

أولا : قبل كل شيئ لا بد من التأكيد على أن ما قدمه السودان للشعب الإرتري لم يقدمه أحد من دول العالم ، وذلك لاعتبارات كثيرة ليس هذا مجال ذكرها .

ثانيا :  إذا طلب من السودان  أن تكون له أدوار أكبر من غيره تجاه شعب إرتريا أو  توجه إليه أبناء إرتريا باللوم فإنه يندرج في سياق كلي ثقافي حضاري اجتماعي  حقوقي ، الخ  … 

وعليه نأمل من الذين يقرءون المقال من زملاءنا في السودان  أن يغفروا ما يمكن أن يعد عتاباً لهم  . 

ثالثا:  لا أريد هنا أن أسرد أطوار العلاقات السودانية الإرترية في بعدها الماضي والحاضر ، وما يمكن  أن تكون  إذ فيها العديد من الثغور والبسور والمواقف السالبة في مختلف حكومات السودان المتعاقبة  بدءا  بحكومة عبدالله خليل ومروراً بعبود ، وحكومة المشير  جعفر النميري  وأخيرا  حكومة الإنقاذ  بقيادة الرئيس عمر البشير  . 

وأذكر   هنا  :

أ / ليس هناك انفعال سوداني على مستوى الشارع العام بقضية إرتريا فأين الخلل ؟! فالشارع السوداني  ينفعل  بقضايا  العالم البعيدة  لكنه لا تجده ينفعل بقضية المسلمين في إرتريا  بل قد لا يعرف  عنها الكثير  ومعرفة الشارع  السوداني لإرتريا  يتركز حول إن  الإرتريين عبارة عن  (حبش) وخدم يعملون في البيوت وجوعى وفقراء مع حفظ كامل التقدير الاحترام للأحباش وللذين يفرقون بين الناس وفق منازلهم وهذا الكلام ليس في سياق التعميم حتى لا نظلم الذين يتعاطفون مع قضية إرتريا من أهل السودان ولكن الحديث عن الصورة العامة  .

ب / يتم التعامل مع الملف الإرتري في إطار مخابراتي  فقط ولا يتجاوزه إلى الأطر السياسية أو الجماهيرية أو فعاليات المجتمع الأخرى المؤثرة في الرأي العام السوداني وهذا ليس تغولا على أهل المخابرات ورجاله الذين يؤدون دورهم وفق ما يرسم لهم  في بلادهم ، ولكن أحسب أن القضية تحتاج إلى أكثر من هذا فهل هناك ضعف ناتج من المعارضة  نفسها أم إن هذا  هو القدر المسموح به ؟!

ج / الموقف السوداني الرسمي في كل خطواته مع قضية إرتريا في مرحلة الثورة أو بعد التحرير لا أجده يتبنى  قضايا المسلمين الثقافية  والاجتماعية ويتفاوض بها مع الذين يملكون زمام الأمور سواء في مرحلة الثورة أو الآن في ظل نظام الجبهة الشعبية مع أن هذا حق مشروع في العرف العالمي قديماً  وحديثاً إذ نجح أفورقي مثلاً بتبني قضايا الأقليات والمهمشين في السودان فما بال السودان لا يتبنى قضايا المهمشين والمظلومين والمضطهدين في إرتريا ولو من باب  التعامل بالمثل ؟!

د/ وإذا تحدثنا عن السودان الرسمي في عهد حكومة البشير سواء في حكومة الإنقاذ فإننا نجد قد  : 

–         بعد التحرير مباشرة قطع كل حبال الوصل مع المعارضة الإرترية ووضعها أمام خيارات صعبة معروفة  عرفت حينها بالخيارات الثلاثة ( أما الدخول إلى إرتريا والعمل من الداخل أو العيش كلاجئين في السودان وترك العمل السياسي أو البحث عن بلد أخر غير السودان ، ووقتها لم تتضح  بعد معالم الدولة الإرترية وأضطرت المعارضة أن تبحث عن البديل سواء في طرق  العمل من السودان أو الذهاب إلى دول أخرى مما أعاد نشاط عمل الفصائل الإرترية إلى الوراء مئات المرات فهل تشهد هذه المرة عودة الخيارات ذاتها ؟!! أم إن متخذ  القرار في السودان قد استفاد من درس الماضي ويتعامل بشيئ من التعقل  في هذه الأيام؟!!ولا يضع البيض  في سلة واحدة خاصة وإن المعارضة تبحث هذه الأيام عن البدائل واتخاذ كافة الإجراءات  التحوطية فحسب إفادات قيادات فيها لا يدركون إلى الآن ما ذا يراد بهم ؟وما مصيرهم ؟ وما الدور  المطلوب؟ّ منهم وهل قضيتهم مطروحة ضمن أجندة  التفاوض مع النظام الإرتري ؟!أم أنهم لا مكان لهم من الإعراب  ؟!

–   قدم السودان للنظام الإرتري الحالي العديد من صور  الدعم المعنوي والمادي  بعد التحرير في مقابل التضييق  الذي ذكر المعارضة  فشهدت الفترة خلال (91-1994م ) إبرام حوالي (8) اتفاقيات تعاون وتكامل واتفاقية أمنية مشتركة ثم التوقيع عليها في 24/4/1994م فماذا قدم أفورقي للسودان ؟! 

خلال الفترة من ديسمبر 1994م  – 1997 ثم من 8/11/2001م  وإلى الآن .

–   تبنى النظام الإرتري  خيار إسقاط حكومة السودان  وأعتبرها خطراً على المنطقة  . 

–   فتح الأراضي الإرترية على مصراعيها  براً  وبحراً لكل معارضي  الحكومة السودانية و في سابقة  غير معهودة  سلم السفارة السودانية  للمعارضة السودانية  .

–    دخل  مع المعارضة  السودانية في معارك شرسة  في جنوب السودان و في شرق السودان فكان احتلال كسلا  في 8/11/200م وهمشكوريب  وتشكيل القلق الدائم للحكومة السودانية من خلال العمليات العسكرية التي تستهدف الطريق القومي  بين بورتسودان والخرطوم  .

–   وخلال هذه الفترة  كانت مواقف السودان مع معارضي أفورقي تتم بصورة خجولة  غير متكافئة لا مع المرحلة ولا مع الحدث  .

–   تبنى أفورقي المعارضة الدارفورية عندما توصل  السودان  إلى اتفاق مع المعارضة  السودانية   الجنوبية ثم تبنى  جبهة الشرق وسحب ملفها من أيدي كل اللاعبين سواء باتفاق أم غير ذلك ؟!! المهم أنه سحب الملف وأخيراً وهو يتوسط لحل مشكلة شرق السودان تبنى الفصائل الدارفورية  التي تعارض اتفاق أبو جا وعقد لها  مؤتمراً توحيداً في العاصمة أسمرا في نهاية يونيو  المنصرم فماذا كان رد الخرطوم  ؟! 

–         كل مارشحت  به وسائل الإعلام السودانية  على لسان المسئولين السودانين هو الاحتجاج وأبداء الأسف لفعل أفورقي  ليس إلا ؟فهل هذا كل ما يمكن  أن يقوم به  السودان بل إن الأدهى من كل ذلك وحسب ما تم نشره في صحف الخرطوم في مطلع يوليو الجاري فإن  الجهات السودانية المختصة أخطرت المعارضة الإرترية بعدم السماح لها بمزاولة النشاط في السودان ، ومنع عقد المؤتمرات التنظيمية  في السودان فهل هذا هو قرار الخرطوم النهائي  خاصة  بعد أحداث  حمرة الشيخ  ؟! 

–   بل أن أفورقي  بتبنى  شرق السودان  بصورة انتقائية  يتعامل مع بعض مثقفي  أبناء  الشرق  ويتجاهل فئات اجتماعية  عديدة  ذات وزن  وتأريخ  وأرض  في شرق السودان  فهل يدرك  الدكتور مصطفى عثمان  وهو السياسي  المخضرم  خطورة التعامل بهذه  الطريقة مع ملف الشرق ؟! أعتقد  إن أفورقي يريد أن يقود شرق السودان  إلى مرحلة  عدم استقرار اجتماعي وإجماع وطني لأن أفورقي لا يعرف العيش  إلا  في ظل النزاعات والتوترات والتفريق بين الناس ؟، وكلي أمل أن يتدارك أصحاب القرار في السودان الوضع حتى لا تجر المنطقة إلى ما لايحمد عقباه . فالوفاق  الاجتماعي أولى خطوات السلام والتنمية والتطور وأمل أن يستصحب  الدكتور مصطفى ولجانه المتفاوضة  أحداث غرب السودان وكيف بدأت؟ وإلى أين وصلت الآن ؟ وكيف دولت  ؟!! وكما ذكر  التقرير الدولي للعام  2005م  الصادر عن منظمة الأزمات الدولية فإن الوضع في شرق السودان  أخطر من غربه ولعل الأخوة في السودان  ينطلقون  من  هذه الحيثية  فيسرعون للتفاوض ولكن يبقى الخطأ في نقطة الارتكاز ، والبداية الصحيحة هي الضمان الحقيقي في الوصول إلى وفاق رضائي ولو كان نسبيا ! فينبغي أن نعالج  القضايا في إطار كلي فلا أحسب إن استقرارا سيشهده شرق السودان ما لم تحل مشكلة المعارضة الإرترية المتجذرة في شعب شرق السودان والمتداخلة معه اجتماعياً فكل اتفاق لا يتعامل مع ملف المعارضة الإرترية بواقعية وعقلانية أحسب إن مصيره  الفشل  دون ريب  لأن هذا واقع  على الأرض وتجاوز الواقع ضرب من الوهم  وفي اعتقادي  عدم التعامل معها يعني إغفال حق أصيل لما يربو عن المليون نسمة من الذين يعيشون  في السودان  منذ ما يقارب الخمسين عاماً !.

وخلاصة مايمكن قوله هنا تجاه الدور السوداني الرسمي   هو :

 1/  أن يتعامل  السودان  من منطلق  اليد العليا  ومن منطلق  صاحب الحق  في تبني قضية  المسلمين  في إرتريا وليس  مجرد استعطاف  أو تدخل في ما لا يعنيه  .

2/  أن يتعامل مع ملف المعارضة بصورة أكثر فاعلية وأن يقدم لها كافة أشكال الدعم  الذي من شأنه أن يوصلها إلى أهدافها وأن لا يفرط فيها كما فرط  من قبل ، ومن ثم يأتي  اليوم الذي يبحث فيه عنها  ولا يجدها فكل معارض ممكن جداً  أن يكون  حاكماً ذات يوم  مهما طال الزمن !!.

3/  ضرورة حساب الربح والخسارة في التفاوض مع النظام الإرتري على المستويات كافة 

4/ أن يسأل نفسه هل هذا هو التوقيت المناسب وإجراء المفاوضات مع النظام الإرتري ويخدم المصلحة السودانية العليا أم هي خدمات مجانية دون مقابل للنظام الإرتري الذي يعاني جملة من الأزمات والاختناقات الداخلية والخارجية .

5/ الدور الأبرز المأمول من السودان الشقيق أن يكون لإرتريا الأخ الأكبر والجار الذي تؤمن بوائقه وأن يعرف من هم حلفاؤه الحقيقيين في إرتريا ويتخذ كل خطواته وفق حسابات دقيقة  وعدم  الوقوف في الخانة الخطأ  وبالتوقيت  الخطأ ، وأن لا يؤمل الرجاء والماء من سراب بقيعة  يحسبه الظمآن ماء وأن لا يكرر أخطاء الماضي  إذ التأريخ  لا يرحم فارتكاب خطأ يمحوا من الذاكرة  صفحات الأعمال المشرقة.

وإذا تنزلنا إلى لغة المصالح  وتقاطع الإرادات في عالم السياسة فإن هناك تقاطعات ينبغي أن تسير وفق وتيرة متصاعدة وأن لا يعمل كل منها  ضد الآخر من الناحية الاستراتيجية  وهذه الإرادات والتقاطعات هي:

 1/ السودان أين تكمن مصلحته حالأً ومستقبلاً على الجبهة الشرقية لحدوده مع إرتريا التي تزيد  عن الستمائة كيلومتر   ؟! 

2/ إرتريا الدولة والشعب أين تكمن مصلحتها ؟

3/ المعارضة الإرترية أين تقف الآن  ؟ وأين تكمن مصلحتها  ؟وهل تتضرر  من الحل السلمي الذي يتم بين السودان وإرتريا إذا سار وفق خطة استراتيجية  وبطريقة صحيحة. وهل تريد أن تعيش دائماً  في المنافي ؟

لا أحد  يذهب إلى  هذا القول  على ما أعتقد  .

4/ شرق السودان بكل مكوناته الاجتماعية والثقافية و الحضارية ، هل ينبغي أن تتوافق  إراداته  وأن يؤخذ رأيه  فيما يجري . أم سيكون أمام أمر واقع  ؟! 

5/ وعامل مهم جداً لا يمكن إغفاله وهو إرادات الدول الخارجية التي لها مصالح في المنطقة وهذه الإرادة  تدخل عبر العديد من المنافذ  ولكن و بالنظر لما يجري  إن كل  الذين راهنوا على الحل الخارجي  ومجاراة الإرادة الخارجية والرعاية الدولية وأهملوا الإرادة المحلية قد تجرعوا مرارات الفشل وتم خذلانهم عند التنفيذ على الأرض فينبغي  أن يسعى  أصحاب الشأن جميعا نحو التوافق الجمعي  للإرادات المحلية حصراً دون تجاوز كامل.

وأخيراً :

فإن المفاوضات المزمع عقدها بين حكومة السودان وجبهة الشرق برعاية النظام الإرتري يذهب كاتب هذه السطور إلى أن المستفيد الأول والأخير هو النظام الإرتري  وليس السودان ولا أهل الشرق إذ كيف يستطيع أن يجمع ويعمل بين الفرقاء من يسعى دوماً للتفريق وإشعال نيران الحروب ويشرد شعبه ويجعله يعيش في سجن كبير يسمى (إرتريا) وكيف يمكن أن يكون متصالحاً مع الجيران من يرعى مفاوضات جبهات سودانية تسعى لإفشال  اتفاق أبوجا الذي تم بين السودان وجبهات دارفور برعاية أممية ؟!

وكيف يمكن أن يتوسط في حل مشكلات السودان وهو يعاني من الإشكالات وحالات الهروب اليومي  من أخص أفراد النظام حتى وصل الأمر إلى جرنالات الأمن والجيش  بعد أن بدأ بالسفراء والوزراء  ؟ّ

لا أعتقد بأن نظام  أفورقي المعهود عنه الغدر  والخيانة وعدم احترام الجوار  أن يكون وسيطاً أميناً  ونزيها  في حل مشكلة شرق السودان وخير دليل على ذلك ووفقاً لما نشر بعض في الصحف اليومية السودانية إن هذه المفاوضات خدمة النظام الإرترية فقد استطاع النظام الإرتري أن يوظف الاتفاق الأمني توظيفاً يؤمن له مصالحه دون أن يضع كل كروته في سلة واحدة !

فما الذي يخشاه أفورقي حالياً ؟ وهل يقوم النظام الإرتري بهذا الدور وفق الإرادة الوطنية ورعاية المصالح المشتركة بين إرتريا والسودان  أم أن هناك أجندة  خفية تدار من  وراء الكواليس  لا يعلمها إلا أصحباها ؟! ويقوم  الآخرون  بأداء الدور المسرحي  دون معرفة مآلات  الأمور  وكيف ينتهي  ( الفيلم )؟!! 

وهل سيمضي السودان ويتجاوز لإرتريا أحداث حمرة الشيخ  واستضافت المؤتمر التوحيدي لجبهة الخلاص الوطني ؟! 

وهل سيضحي السودان  بحلف  تعاون صنعاء ويضرب  عرض الحائط بمصالحه الحيوية مع إثيوبيا  ؟ أم أنه يقوم  بذلك وفق  تفاهمات مع إثيوبيا  هذا ما سوف تكشف  عنه قابلات الأيام ؟ .

بقلم علي محمد سعيد

باحث بمركز البحر الأحمر للدراسات والبحوث

Alisaed30@hotmail.com

14/6/1427هـ  -11/7/2006م

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6709

نشرت بواسطة في يوليو 13 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010