الزهايمر يلفح أديس مرتين

وقد تأصل فى قرارة نفس هذا الشعب حقيقة مؤداها  ” إذا كانت آذان المعارضة من طين لا يجدى معه سوى اللت والعجن ، فإن أذن النظام من الأسمنت المسلح ب “حديد عز” الذى لا يسمح لـ ” فرقة حسب الله ” أن تؤدى إستعراضها المعتاد فى التشريفة الوطنية المسالمة وتخترق صممه ، وإن كانت الكلمات أعيتنا فى هجاء النظام فإن الكل مــــات من وجع المعارضة التى أعجزتها نقطة تنهى بها سطر النضال العقيم لتتيح للتاريخ فرصة الشروع فى كتابة سطر جديد للأمة .

وفى ظل وطن مبتلى بـ  – عشاق التراب الذى بنى فيه قصر الرئاسة فى أسمرا – من المعارضات الفاخرة التى تنهل من الغالى والنفيس ليبقى الحال على ما هو عليه والتى تسمح لنفسها بإستخدام المتاح وغير المتاح من وسائل المقاومة  بسياسة  ” النفس الطويل ” حتى يسقط النظام من قبل آخرين ،  فإن الكثيرين أيضا من المخلصين للوطن من المعارضين الأوفياء اللذين – لا هم لهم سوى مصلحة الوطن العليا واللذين يشغلهم تراب الوطن الذى بنى عليه معسكر ساوا وسجون الإعتقال – لا يزالو يهبون  لنجدة إرتريا ولو على أنفسهم ولو بكلمة حق عند سلطانين جائرين.

وفى هذا السياق تحضرنى مقالة للكاتب المصرى الساخر أيمن الجندى بعنوان ” كلية المعارضة ” تدور فكرتها حول شاب من أسرة فقيرة جدا يستعد لإمتحانات الثانوية العامة ولا يهتم بإستذكار دروسه ووالداه مغتمان لذلك ولكن فجأة يقرر الشاب الإستذكار بحماس غريب وينكب على دراسته ليل نهار حتى تعجبت أمه لحاله فسألته عن سبب تغيره المفاجىء والكلى فرد عليها بأنه قرر أن يدخل إحدى كليات القمة التى تتطلب إحراز مجموعا كبيرا للقبول بها ، فسألته عن تلك الكلية فأجاب  ” كلية المعارضة ” فغضبت الأم وشكته لوالده لأنه يريد أن يضيع مستقبله ، فرد الإبن مطمئنا لها : يا ماما فى نوعين من المعارضة إحداهن جادة ومنكبة على مصلحة الوطن والمواطن وهى منبوذة ومعذبة ومعتقلة، والأخرى المعارضة الفنجرية التى لا تهش ولا تنش ولكنها فقط ” تقش ” الأخضر واليابس ولها كما يقال ” قيمة وسيما ” ، فسأله الأب عن مرتبه إن تخرج فى هذه الكلية وإشتغل بها ، فرد الإبن : المرتب 80 ألف جنيه . فسأل الأب : فى العمر ، رد الإبن : لأ فى الشهر ، هنا تهللت أسارير الأب وبارك الفكرة و زغردت الأم  بما وسعها وراحت تدعى له ” روح يا إبنى ربنا يخليك أكبر معارض فى مصر ” إنتهى. وحيث أن أم الدنيا قدوة  لكل الدنيا خاصة من لا قدوة لهم ” فالحال من بعضه ” إلا أن هذه الكلية لدينا لا تحتاج لكل هذا العناء (!).

 و تبنيا لنظرية المؤامرة – بعد اليوم – و التى أثبتت فاعليتها طوال السنوات العشرين الماضية  فى حين كنا فى غفلة إحسان الظن بالجميع ، وبعد أن فاض كيل إحتمال المعارضة بأحزابها وإنشقاقاتها وتحالفاتها ومجلسها الوطنى وعلى رأس كل ذلك إثيوبية أجندتها للتغير، فإن من حق هذا الشعب علينا أن نعبر عن خيبات أمله فى الجميع خاصة بعدما إتضح مؤخرا من مواقف إثيوبيا الغريبة تجاه من تدعمهم وتستضيفهم على أراضيها من قوى المعارضة التى يعقد عليها الشعب المسكين أملا فى التغيير و التى تهيب بها إثيوبيا أحيانا وتحترمها – فى حدود – وتغيبها عن الوعى وتستفزها وتلغى شخصيتها ووجودها – بلا حدود – ولا مسائلة ، وهو الأمر الذى إعتادت عليه تلك القوى المستضعفة  فى إستسلام تام ما أعطى لأديس إنطباع أحقيتها فى الصولان والجولان وفرض السيطرة التامة على تلك القوى كونها الممول الوحيد لها ” ومن كان هذا حاله مع الدولة التى تتبنى قضاياه فكيف بمواقف الدول الأخرى منه من حيث الإعتراف به أو حتى الإحترام ”  ، إلا أن التجاوزات السافرة التى تمارسها أديس أمام الكواليس فى جرأة تمكن من الحلفاء وإستخفافا بهم وبقدراتهم – يضع كل من التحالف الديمقراطى و المجلس الوطنى فى حالة لا يحسدون عليها – خاصة وهم لا ينبسون ببنت شفة بالخصوص على الدوام  وهو أمر يزعج الشرفاء اللذين إبتلعوا غصة  أديس فى حلوقهم وأجنداتها الخفية من أجل تغيير واقع مظلم فى أسمرا إعمالا لمقولة ” ظل أديس ولا ظل حيطة ”  ومقولة ” اللى تكسب به إلعب به ” ، إلا أن الزهايمر السياسى الذى يلفح أديس فى كل مرة تنسى فيها إلتزامها بالتعامل مع ممثلين رسميين للمعارضة التى تحتضنها وتقرر خيانتها فجأة مع شباب يافع فى المعترك السياسى يذكرنا بهلوسة زهايمرية أثيوبية كبرى تعتقد أن هذا الشعب سينسى جراحاته الدامية القديمة و الجديدة منها للأبد، فكم من مؤتمرات لا معنى لها عقدت على أراضيها لأفراد لا يمثلون سوى أنفسهم بدأ من مؤتمر المثقفين والذى غيبت القوى السياسية الرسمية عن ماهيته قبل وأثناء إنعقاده و إنتهاءا بمؤتمر الشباب الذى يعقد حاليا على أراضيها وطبعا بتغفيل و إستغفال تام لأكبر قوى تمثل المعارضة جمعاء وهو المجلس الوطنى الذى ولد على يد أديس منذ أشهر قلائل ومن ثم تم إلقاءه على قارعة الطريق دون خارطة طريق تذكر ، الغريب أن هذا المؤتمر الشبابى يتزامن مع المؤتمر الخامس للشباب الإرترى فى ساوا الذى يعقد حاليا فى أسمرا ويحضره نحو ثلاثة آلآف شاب وفتاة إرترى من جميع أنحاء العالم على نفقة الدولة ونحو ثلاثين ألف شاب وفتاة من الداخل وكأن أديس تنافس أسمرا فى إستجلاب الشباب وتعبئتهم لصالحها وكأن كل تلك الأحزاب المعارضة التى ترتمى فى حضن أديس بما تحمله من مؤيدين لا يكفى. ولكى تستجلب أديس إليها أكبر عدد ممكن من هؤلاء الشباب لم تحدد شروط بعينها للحضور فقط أن يكونو شباب دون الأربعين من العمر ويحملون جوازات سارية المفعول ومستعدون للخوض فى الأوضاع الحالية فى إرتريا ، ويالها من شروط مغرية للخوض فى عرض الوطن مع مغتصب سابق ويحلم باللحاق بالضحية الفالتة مرة أخرى على يد الشباب بحجة توفيق ” راسين فى الحلال ” ، إلاأن ثمة رياح قد تأتى بما لا تشتهيه سفن أديس الحبيسة وربما  “على نفسها جنت براقش ” بهكذا فعلة نلمس واقعيا ردة فعل غاضبة من الشباب الوطنى الحر نحوها سواء من المعبرين عن رفضهم عبر مواقع التواصل الإجتماعى أو المعلقين على بيانات الدعم أو الشجب للمؤتمر أو من عبر عن رأيه صراحة فى مقالة تحمل رسالة حب ووفاء لإرتريا وحدها دون غيرها كالأستاذ جمال همد فى مقالته ( ماذا تبقى لكم ) والمنشور فى موقع عدوليس  ، والدكتور عبدالله جمع إدريس فى مقالته ( مؤتمرات مؤتمرات ) المنشور فى موقع عونا ، وهذا ما تسنى لى الإطلاع عليه بالشأن حتى تاريخ كتابة هذه المقالة.

 وفى الختام أذكر بأن ” أديس” التى كانت فى ذات مقالة ” فى الحلق ”  والتى ربما من أجلها لم ولن تصلنى أى دعوة رسمية منها كشابة تتحقق فى جميع شروط ومواصفات حضور الملتقى الشبابى الأخير من الشبابية و دونية الأربعين و جواز السفر سارى المفعول ،  إلا أن ” أديس ” اليوم لفظت تماما خارج الحلق وبقيت غصاتها السابقة واللاحقة تغمرنى  ببشرى أن التغيير الذى نسمو إليه  لن يأتى من قبل أديس أبدا كما أنه لن يأتى من قبل المعارضة ولا من قبل ثورة لا قبل لشعبنا فى الداخل بها  بل ” حواليهم ولا عليهم ”  ، فكم من مهارات تكتيكية فردية وإبداعات شبابية أو شيبية تفعل الأفاعيل ” وتسوى الهوايل ”  وما أكثرها فى تاريخ الأمم من قبلنا ورب مهارة فردية لشاب فريد تحيى موات أمة وتنجز فى دقائق ما لم ينجز فى عقود ، ورب عجز يولد قوة كعجز بوعزيزى  ” فيشفى صدور قوم مؤمنين ” ،  ورب  قهر يولد فكرة  فيحرج أمة كحذاء منتظر الزيدى الذى تعدى أمته فأسعد أمما بكل بساطه ،  والتحية  مقدما لكل شاب ينوى أن يثبت بالدليل القاطع أن الرجال قوامون على النساء فى التغييرأيضا ،أيضا وأن إرتريا ليست عقيما ولا شارفت سن اليأس الثورى و البطولى  ، والسلام.

مرفق مع هذه المقالة  دعوة الملتقى الشبابى فى أديس حديث المقالة.

https://www.farajat.net/ar/wp-content/uploads/2012/07/invitation-addis.pdf

 hmaran1@yahoo.com

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=24660

نشرت بواسطة في يوليو 13 2012 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010