الكتابة في الصحافة الإلكترونية الأرترية: شرٌ لابد منه

قـطر- كـرار هيابو ( أبو علي)

hiabu1_k@yahoo.com  

 

سألني احدهم حين التقيته في احتفالات سبمتبر قائلا:(الناس دول اللي قاعدين يكتبوا في الانترنيت ناس مين هم ، بكرة راح يتحاسبوا على كلامهم دة) ، وكان السائل حتى يومذاك ممن يشبعون نهمهم الانترنيتي من خلال حكاوي الناس ، فنصحته بالولوج بنفسه الى هذا العالم الواسع ، والاطلاع على تفاصيله ، وكنت ادرك  تماما ما يعنيه هذا السائل ، وما يحس به من حنق تجاه بعض الكتابات الغير مسؤولة لكُتـَّاب يمكن تسميتهم بكتاب القذف والسب السياسي تحت غطاء الرأي الآخر.

بداية ، لابد من الإقرار ، والإعتراف بالصحافة الالكترونية ، فهي واسعة الانتشار ، ولها سرعة التأثير ، وقد أضحت ضمن اهتماماتنا اليومية ، إذ هي مصدر من  مصادر الأخبار ، ومرجعا لكل باحث عن معلومة في كافة دروب العلم والمعرفة ، يقول الكاتب ’عهد فاضل‘ {لايمكن سوى الاعتراف بالصحافة الالكترونية ، فهي واسعة الانتشار ، وتتوسع بتسارع كبير ، يتحقق فيها تجاوز الحدود والرقابة والخصوصيات ، وكذلك تحقق سرعة التأثير وان اقل من سرعة البث الفضائي بقليل ، واسرع من الصحافة الورقية بكثير ، اذن يمكن تحديد سرعة الصحافة الالكترونية بين منزلتين! منزلة التلفزيون ومنزلة المطبوع، تحت التلفزيون وفوق النشرة المطبوعة. ذلك من المحاسن، السرعة واللاحدود والرقابة الاقل}.

والإنترنيت (الأرترية) اذا جازت لنا التسمية لا تخرج عن هذا الإطار الذي ذهب اليه الكاتب ، وها نحن نقبل عليها ونمخر عباب بحرها اللا متناهي ، كل يبحث عن حاجته ، ولا غرابة في ذلك فالمواقع الأرترية العديدة تقدم لمتصفحيها كل ما يلبي اهتماماتهم من أخبار وتحليلات على المستوى الوطني والاقليمي والدولي ، منها ما يعتبر أيجابي بنظر البعض ، وسلبي في الوقت ذاته بنظر آخرين. وسواء  اتفقنا مع ما نطالعه على هذه الشبكة أو اختلفنا ، فان اقبالنا عليها أضحى أمرا يسير بوتيرة متسارعة وملفتة.

ولا يخطئ أحد وهو يتصفح مواقع الانترنيت الارترية ملاحظة حجم الإنفلات في الكتابة الالكترونية لبعض الأقلام التي تحط من قدر من تشاء دون اعتبار لأدب الكتابة ، وهو أمر لا ينسجم وحجم قضايانا الوطنية الملحة. يذكر الكاتب {عهد} المساوئ العديدة للصحافة الالكترونية فيقول:{ كذلك تستخدم الصحافة الالكترونية لتصفية الحسابات وتفريغ الأحقاد . فهي تضمن غياب الاسم الحقيقي لصاحب (الهجوم) فيقذف ويشتم بأقذع ما يمكن بأسماء مستعارة}. ثم يمضي ليقول عن هذه الصحافة:{تستطيع اللعن والسباب بلا حسيب ولا رقيب}. بعضا مما ذهب اليه الكاتب لا ينطبق على كل المواقع الالكترونية الارترية ، أو ربما يوجد لكنه بدرجة أقل ، وهذا بفضل المحرر الذي يُحَكِم ضميره فيرفض نشر اللعن والسباب والشتائم ، الا ما يمر منها حين يتوافق مع مزاجه ويطرب ضميره.

ومن واقع تجربة الكُتَّاب في الصحافة الالكترونية الارترية ، فان بعضا من هذه الكتابات تنشر تحت توقيعات لأسماء مستعارة ، ولا غضاضة في ذلك طالما أن الاسم الصريح معروف لدى جهة النشر الالكتروني كما هو متبع في كثير من المواقع الارترية التي تشترط تقديم المعلومات الشخصية اللازمة للنشر ، وهي احدى الحسنات التي ينبغي الاشارة اليها ، ودون ذلك لا تقبل أي مشاركة ، لكن التأكد من صحة بيانات الكاتب يظل في أحايين كثيرة أمرا ضعيفا لاعتبارات مختلفة.

لقد ظهرت بعض الكتابات الارترية لجماعات تنسب نفسها الى أماكن ، لكنها لم تكن لتدري أنها بذلك انما تستن سنة سيئة ، ومهما يكن من أمر الإدعاء كونها جماعة أو فردا الا انها لم تكن لتعي حقيقة ما تَقْدُم عليه من ادعاء ، فالمحاذير في الجانب الذي ذهبت اليه كثيرة ، والمسؤولية أكبر ، والعواقب وخيمة. ولم يدر بخلجها أن عالم اليوم غير عالم الأمس ، وقد بات عالما مضطربا يستوجب توخي الحذر ، وليس اطلاق (البالونات) على عواهنها. ان من يريد الخوض في غمار الشأن السياسي عليه ادراك حجم المسؤولية في المقام الأول ، ومعرفة حدود المتاح من الحيز الزماني والمكاني في ذات الوقت ، ومن ثم امتلاك ما يكفي من الشجاعة والاستعداد للبذل والتضحية. خاصة وأن الأمور ما عادت تؤخذ بحسن النية كما يعتقد بعض البلهاء من أمثال أصحاب هذه الأسماء إذ أن لحظة غياب الرقيب الذاتي عندهم ربما تهدم صرح من العلاقات الشعبية والدولية ، أو قد تؤرق أمن المجتمعات والهيئات المختلفة.

وازاء هذه الحالة فان الكتابة في الصحافة الالكترونية الارترية تصبح شر لابد منه وهو ما يستلزم ضرورة تحري الدقة عمن نتعامل معهم في مجال الكتابة للصحافة الالكترونية ، فلا ينبغي أن نتلقف كل نص يقع بين ايدينا ونبحث بين جنبات صفحاته عن حلول لما نعتقده معضلة الحياة ، وسوء الأحوال . وعلى محرري مواقع الانترنيت الارترية خاصة تلك التي ترخي الزمام ادراك حقيقة الأمر ، وما يترتب على تشجيع مثل هذه الظواهر التي تقود الى الانفلات وتشجع العمل الهدام حتى لو كان خارج الحدود ، في بلاد {برَّة}.

وكفى بالله وكيلا

 

قبل الوداع:  

اللهم قد بلغت اللهم فأشهد  

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6287

نشرت بواسطة في سبتمبر 14 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010