الكتاحة(2)

بقلم جابـر سعيـد ـ أرض ألهـرم

يقول العـرب

البعـرة تـدل على البعيـر ـ وان طلـيت فـروته بالقطـران

ونبـرة الصوت تـدل عن مالم يـردده اللسـان

 وسـحنة وجه المتكلم تـدل عن نيتـة وان طـاب الكلام

 والحكمة تغلب الكثـرة يوم يجتمـع الفـريقـان

فهــل

كلمة الـوحـدة فى قواميـس فصائلنـا تعني مـدلولهـا اللغـوى، أم التباعـد والشـتـات ثم التـلاشـي والخسـران!!؟

 

فمـا التـدبيـر ونحن .. نـرى البعيـر مـذبوحـا دون البحث عن البعـرة او اللون والأثـر، وماخبئ من الحـديث قـد قيـل علنـا عنـدمـا بـان البعيـر والأثـر، والنية وقـد تحولت الى أفعـال مـرئية ومسـموعة لكل البشـر، والحقيقة التى لا تقبـل الجـدل هى ان نصف شـعبنـا قيادات وحكمـاء ومنظـرين والنصف الآخـر موزع مابـين سـجون الطاغية وبطانته، ودار الهجـرة واللجوء، فمن يتبـع من ـ ومـا العمل وكيف التصـرف الآن، ولمّ الحـال مائـلا بـل متأرجحـا وقـد أجتمعتـا الاثنـتـان ( الحكمة والكثـرة) من قيادات وحكمـاء ومنظـرين، فهـل حِكمُ العـرب هى مجـرد اقوال على غـرار ,, أنفخ حتى لو كان حمـلك ريـش،، أم ان نضالاتنـا لاسـتعادة المفقـودات هى اضغـاث احـلام لا يـتوقع تفعيلهـا على أرض الواقع فى المـدى القـريـب، أم ان العـرب قصـدوا بحكمتهم هـذه ـ السـيف المهنـد لا الحوار والـدواية والقلم، فان كانت الأخيـرة هى المقصودة فبئـس الحكمة والحكمـاء العـرب، وفى هـذه الحالة لابـد ان نعود الى حكم شـيوخنـا ـ قـدمـاء الارتـريـين او العـرب الأفارقة الـذين اورثونـا درب النضـال الشاق باعتبـاره الطـريـق الوحيـد لاسـتعادة الحقوق ومن ثم حمايته، وظلوا يوصوننـا بضـرورة الاسـتعانة بمجالـس الشـيوخ وبالأعـراف الأهلية التى تقـرر اسـتمـرار المطالبة بالحقوق، مهمـا قويت شـوكة أعـداؤنـا والخصوم أو قـلتْ مقـدراتنـا وتـراخت الوشـائج وغابت النخوة وتاريخ الاصول … فهـل نحن مع هؤلاء ام اولئـك … مع العلم اننـا نـرفض بشـدة منطق النـدية الـذى يـريـد ايهامنـا بأن تجـربتنـا النضالية بنيـت على الغـش والتـدليـس، واصبح معنى الـوحـدة فى قواميسـنـا مـزيـدا من التمـزق والشـتات … أنجـدونـا ياسـاسـة القـرن الحادى والعشـرين لنسـتعيـد تاريخنـا المجيـد بمايحمـل من وحـدة تليـدة وتعاضـد تكافلي سـبق ان حقق التحـريـر والاسـتقـلال ، أنجـدونـا وانفسـكم قبـل ان يتنـادى القوم كله بأسـمـاء غيـر الاسـمـاء وبجغـرافية الفـرقة التى سـتغيـر الموروث الوطنى … أفيـدونـا أفادكم ألله !!

 

أذا اسـقطنـا هـذه الامثال على واقعنـا الارتـرى، ماذا نجـد وماذا نفهم أو نـرى !!؟

لاشـك ان واقعنـا الممـزق – قـادة وتوابع وجماهيـر- يـدل على شـكل النتائج التى سـننتهى اليهـا، ومما يقال ايضـا فى الحكم المـأثورة ,, ان كبيـر القوم الـذى لا يجنح الى المشـورة هالك ومهلك من معه ومن يسـيـر من خلفه،، والمعـروف ان القيادات الارتـرية غالبـا تتخـذ ماتـراه، وقلمـا تعود للمشـورة أو لتقصي المعلومـات واسـتكشـاف رغبـات جماهيـرهـا، او لاسـتفتائهم على القضايا مهمـا كبـر حجمهـا أو تعاظمت نتائجهـا، فى حـين ان الوسـط الجماهيـرى دائمـا يـزخـر بالعلم الغـزيـر والتجارب الغنية باعتباره كم يجمع كافة المواهب والـرؤى، فلو سـئل شـعبنـا اليوم عن انجع الوسـائل واسـرعهـا لاسـقاط النظام القائم بالبـلاد، ومن ثم التعجيـل بالتنمية البشـرية والاقتصادية وبناء ماتهـدم، ايضـا اعادة العـلاقات المعطوبة مع الاشـقاء والاصـدقاء ودول وشـعوب المنطقة، لقال شـعبنـا من غيـر تفكيـر او تـردد وتأتأة ,, علينـا بالوحـدة ،، … فهـل هـذا يعنى ان عـدم لجوء قادتنـا الى شـعبهم للاسـتفادة من آرائه ـ  ناشـئ عن غبـاء ام تغابي وعنـاد، ام لعلة ثالثة لـم تكتشـف بعـد !!؟، هـذا من جهة،  ومن جهة اخـرى أيـن دور الكادر القيادى المتقـدم، لمـاذا لا يؤدى دوره باعتبـاره قيـادات وسـطية لا تنحصـر مهـامهـا فقط  فى تنفيـذ السـياسـات المناط بهـا من قيادات الفصـائل، فهى من المفتـرض ان تكون مسـئولة عن ايجـاد الحلول البـديلة واسـتحـداث قـراءة البـرامج ومـراجعة القيـادات والاتصـال بالجماهيـر والـدعـوة الى اللقاءات الحوارية المفتوحة، وفى ذات الوقت من المفتـرض ايضـا ان تنسـق مابـين هـذا وذاك على مسـتوى السـاحة الوطنية، فالكادر هو القيـادات الوسـطية التى تتعاظم مسـئولياتهـا كلمـا تعقـدت القضـايـا البينية، أقول هـذا لأن المـلاحظ هـو امـا وقوف الكادر مع القيادة على  عـلاتهـا وبالـرغم من اخطائهـا المـدمـرة واصـرارهـا على التمادى فيه ـ أو التمـرد عليهـا وبالتـالى تـرك التنظيم والانتقال الى غيـره، والمعـروف أيضـا ان الحياة مشـاركة وسـجال وتنافـس شـريف مابـين الفـرقاء، والغـرض واضح وهو الاتيـان بأفضل النتائح للوعـاء العام، فمثـلا اذا حـدثت مباراة بـين فـريقـين رياضيـين بالتأكيـد سـيكون أحـدهمـا خاسـرا مالم يتعـادلا، وقـد ينتقل أحـد فـرسـان الفـريق الأول للثـانى او للثالث، ولـكن هـذا الانتقـال يحـدث لأسـباب ذاتية قـد تكون مادية او بسـبب تغييـر موقع السـكن او ماشـابه ذلك، دون ان يكون له عـلاقة مـا بالخسـارة التى منيّ بهـا الفـريق، وبالمقابـل ينـدر حـدوث انتقـال مشـجعى فـريق ريـاضى للآخـر بسـبب خسـارة مباراة مـا، وقـد تطالب جماهيـر الفـريق بتغييـر المـدرب او الادارة او تكثيف التمـارين الـرياضية اذا تكـررت الخسـائـر، وهـذا قطعـا يحـدث بغـرض رفع كفاءة اللاعبـين وبالتالى فوز الفـريق. أوردت هـذا المثـال حتى نسـتفيـد منه فى ممارسـاتنـا السـياسـية فالتشـابه بينهمـا كبيـر، حيث لا جـدوى من النـدية التى يعقبهـا الانتقـال الافقى او انشـطار الفصائل السـياسـية على نفسـهـا، لأن من ينتقـل من فصيـل لآخـر بسـبب مايعتقـده خسـارة ـ حتمـا سـيجعله يكـرر هـذا السـلوك مـرات ومـرات، والانتقـال لا يأتى بجـديـد سـواء كان افقيـا او رأسـيا، لأن الحـل هـو التـلاقى والجمـع الـذى يؤدى الى تجميع الصفوة النوعية القادرة على تفعيـل الموجودات والعمل على تقليـل الأخطـاء وبالتـالى الوصول الى نتائج أفضل، فالحالة الاولى قـد شـبههـا أحـد الاخوة الممارسـين للتجارة بأنهـا كمن ينقـل محتويـات جيبه الأيـمن الى الايـسـر او حسـابه من بنـك لآخـر، انطـلاقـا من هـذا ياحبـذا لو عكسـنـا اتجـاه ريحنـا السـياسـية واعـددنـا آلياتنـا التنظيمية لنبحـر نحـو الهـدف  على مـركب وحـدة الـرأى ورص الصفوف طالمـا كانت غايتنـا واحـدة.                                                                                                

 

الوحـدة ثم الوحـدة ولا شـيئ غيـر الوحـدة :

      

 أولا أهـــلا بكل محاولة او توجه وحـدوى فى السـاحة الارتـرية وبكافة أشـكاله والوانه، مبـارك .. مبـارك علينـا جميعـا، مبارك علينـا الوحـدة الخماسـية الاولى والثانية وايضـا الثالثة التى مازالت فى الطـريق، يبـدو ان الوحـدة سـتتم بالجملة او بولادات جـراحية اختصـارا للوقت الـذى اهـدر سـابقـا وتعويضـا للجماهيـر المتعطشـة، ولـكن الجماهيـر تـرجوا اصحـاب المشـاريع الوحـدوية ان يمهلوهـا بعض الوقت قبل اعـلان ردود افعالهـا ـ حتى تتـذوق طعم الوحـدة التى خاصمت ديـارنـا منـذ عقود خلت .. فالجماهيـر العاشـقة أصبحت تخاف من الـوحـدة مثلمـا تخاف من ردود افعالهـا التى تأتى غالبـا فى وقت غيـر بعيـد عن وقت توقيعهـا، عليه تحبـذ اتمامهـا على مـراحل حتى لا تصاب السـاحة بالتخمة، لأنهـا سبق ان عانت ومازالت تعانى من ردود الأفعـال حتى اصيبت بعقـدة الوحـدة ورد فعلهـا .

هـذه العقـدة تفـرض علينـا ضـرورة البحث عن سـر فشـل التوجهـات الوحـدوية .. اذن ماهى الأسـباب التى تقف فى طـريق وحـدة الكلمة ورص الصفوف .. من هم المتهمـون بتعطيل سـيـر القافلة .. هـل هناك مـرضى وأصحاء أم الجميع مصاب بنفـس الـداء، هـذا اذا اتفقنـا ان هنـاك داء اصـلا ، امـا اذا اتفقنـا بان مايحـدث هـو صـراع المصالح وتبايـن الأهـداف فبيننـا من يقول ان الأهـداف واحـدة وتحقيق المصالح مطلب مشـروع لـكننـا لا نبلغه الآ بوحـدة المعـاول، وهـذا يجب ان يتم باتفـاق يبــرمه الـكل المطالب بحقوقه المشـروعة، وعلى ان يـكون الفيصـل التاريخ والجغـرافيـا والعـدل الناجـز، وان يكون الاسـلوب ديمقـراطيـا لا يخضع لمقاييـس النـدية او تأجيج الجماهيـر نحو الخصومة والعـداء.

فى سـاحتنـا السـياسـية كل يتهم الآخـر بممارسـة القبلية أو .. الاقليمية .. الاثنية .. السـياسـات العقـدية، ممـا يـدل ان المشـكل العـام كله يـدور فى اطار الخلافات الثقافية ليختم رحلته بقضية تمـلك الارض، ولـكن مـاذا عن الوحـدة المفقـودة مابـين القـوى المتجانسـة ..؟، هـذه الاخـرى يبـدأ خـلافهـا وينتهى عنـد قضية الأرض شـأن القوى المتباينة ممـا يـدل ان لا عـداء موجه أصـلا نحو جهة بعينهـا.. ففى كـلاهمـا يتم تفعيـل البـرنامج غيـر المعلن، فتحـاك الامـور فى الخفاء من أجـل الوصول الى السـلطة تمهيـدا للاسـتحواذ على الأرض، أمـا الصـدى فيـردد دائمـا نصوص الخطـاب المقـروء الـذى يبـدأ بالـوحـدة وينتهى بهـا .

* فى رأيى المتواضع … الـوحـدة لا تعنى التنـازل عن الحقوق المشـروعة، بل تعنى تأكيـدهـا وثباتهـا، أيضـا الاسـلوب الفيـدرالى لا يعنى الانفصـال، بل  يعنى قطع الطـريق عليه، كمـا ان القبيلة ليسـت مسـبة، فهى النواة الحميـدة الأكثـر قـربـا للتجانـس المتكامـل الـذى يؤدى الى الاسـتقـرار فى غيـاب العـدل والقانون، لاعتمادهـا على صلات قـرابة الـدم وقواسـم اخـرى، ولكن هى الاخـرى لابـد ان تميـل نحو التباين كلمـا كبـر حجمهـا وتغيـرت ظـروفهـا البيئية والاقتصادية، هـذا التغيـر تطور طبيعي يصاحب دائمـا الانتقـال من حالة الى اخـرى، فالتغيـر يحول اتجـاه الفـرد والجماعة والقبيلة الى تبني مفهوم جـديـد قـد يكون فى أحسـن الأحـوال قوميـا وفى أسـوئهـا ماديـا فـرديـا أو شـيئ قـريب من ذلك، اذ تتضائل عوامل التجاذب وتطل بـرأسـهـا عوامل التنافـر قياسـا بمـا كانت عليه فى سـابق الايام، فاذا افتـرضنـا جـدلا ان القبيلة .. القومية او المنطقة … ألخ هى السـبب والمتسـبب فى ضياع جهودنـا وتفـريق طاقاتنـا، مـاذا نجـد وماذا نشـاهـد حينئـذ !؟.. نعـرف سـلفـا ان للقبيلة ايـادى بيضـاء فى رص الصفوف وجمع الطاقات وخلق روح التكافـل والتكامل منـذ اطلاق اول صـرخة وطنية فى الأربعينيـات، ممـا يؤكـد انهـا أداة طيبة اذا احسـن اسـتخـدامهـا، اذن ماالـذى يحـدث اليوم !!؟، لعـل الـذين كانوا على رأس القبيلة آنـذاك كانوا شـيوخـا عقلاء ـ يطوعـون نفوذ القبيلة ويوجهون طاقاتهـا لصالح السـياسـات الوطنية العـامة التى تخـدم مصالح الكافة وتعين الـوطن والمواطن فى التغلب على الصعـاب، بعكـس الممارس الحالي الـذى يجنح غالبـا الى اسـتنفـار همم القبيلة او المنطقة ضـد الاخـرى بغـرض الاسـتفادة الشـخصية للممارس المغلول، والقبيلة أو المنطقة فى هـذه الحالة قطع شـك خاسـرة لأن الـذى اسـتنفـرهـا لا يـريـد لهـا خـيـرا بـل يـريـد ظلم الاخـرى والاتيـان بالخصومة والعـداء لأهله بالاضافة الى التقوقع والانحصـار، هـذا افتـراض ولـكنه وارد، ولكن لمـاذا نفتـرض ان هـذا داء يمارسـه البعض بعكـس البعض الآخـر، لماذا نعلق اسـباب فشـلنـا السـلطوى الفـردى او الشـللي على القبيلة او المنطقة او الثقافة والعقيـدة فنعتبـر كل امـر ينسـب اليهـا تخـريب وتكـرار لأسـالـيب عتيقة وعقيمة ممـا أدى ذلك الى اعتبـار القبيلة مسـبة،  بـل تهمة كل يـرمي بهـا فى وجه الآخـر ويتبـرأ منهـا امام الجميع قائـلا ان فـلانا هـذا قبليـا، وقـد يتمـادى فى غيه ويقول القبيلة ,, المعينة،، بأسـرهـا متهمة بممارسـة القبلية، ألم تـكن العقيـدة واللغة هى احـدى العوامـل التى تشـكل القبيلة، وان القبيلة بما تحمـل من عقيدة وباقى مفـردات الثقافة هى التى تحـدد هوية القوم ومـركـز قوتهم فى غيـاب الـدولة، كمـا تسـاهم بسـخاء فى نصـرة الوطن وعـزته، والتاريخ الارتـرى المعاصـر أكـد بمـا لايتـرك مجالا للشـك ان القبيلة هى التى اشـعلت نار الحـرية ودفعت مهـرهـا غاليـا، ومن جهة اخـرى القبيلة والمنطقة … ألخ لم يـكن اختـراع ارتـرى، لأن كل الشـعوب التى سـبقتنـا فى تأسـيـس كياناتهـا الجغـرافية ودولهـا ونواميسـهـاالوطنية وبالتالى تكوين اداراتهـا الحكومية، مـرت بهـذا المنعطف البـدائى الـذى نعيشـه، لكنهـا تغلبت عليه بعـد تجارب كثيـرة وحوارات مطولة، وتوصـل علمائهم الى ان النواة الصغـرى تسـمو فتصبح الخصم والحكم كلمـا ضعفت الوحـدة الكبـرى والعكـس صحيح، أى ان النهج القبلى يسـمو ويجتهـد لبلوغ الغايات المشـروعة للقبيلة ثم يتجاوزها الى غيـر المشـروعة واللامحـدودة كلمـا ضعفت الـدولة والعكـس صحيح، وفى الحالة الارتـرية لا نملك تجارب الـدولة ـ  كمـا لا نمـلك حكومة سـواء بشـكلهـا النموذجى او البـدائى، ايضـا جلنـا متفق فى تشـخيص نهج دولتنـا اللادولة التى لا تمـلك حـدود تعـرف بهـا او مواثيق تحتـرمهـا فتفـرض على الآخـر احتـرامهـا، كمـا لا تعتـرف للمواطن بحقـوق يصونهـا دسـتور وطني او يسـنـدهـا عـرف محلي … هـذا الأمـر حـدث بسـبب تغيـيب النصف الأول من المجتمـع والوصاية على النصف الثـانى ممـا أدى ذلك الى سـيادة الحاكم الفـرد الـذى طغى وتجبـر بسـبب غيـاب الـوحـدة الوطنية، أيضـا متفقـون فى نهج الحكومة اللاحكومة التى أخلت بـكل شـيئ من غيـر اسـتثنـاء ممـا أدى ذلك الى خـلو الـوطن من مواطنيه، هـذه هى الحكومة التى حبانـا ألله بهـا عقابـا لنـا على مافعلنـاه بأنفسـنـا ومازلنـا نواصـل فعله، والنتيجة اننـا لا نمـلك تجارب دولة او حكومة رشـيدة تمسـك بالمقود وقلبهـا على شـعبهـا ـ عليه لابـد من ايجـادهـا بعـد التغلب على معضلة ايجـاد الـوحـدة المفقـودة، ولهـذا يسـتحسـن ان نبـدأ بـدايـات صحيحة تحقق الحـد الأدنى من الحقوق الثابتة للمـواطن، على ان نواصـل تباعـا تحقيق المتغيـرات على مـدى الأيـام والسـنوات المقبلة، فالله جـل شـأنه خلق السـموات والأرض ومابينهمـا فى سـتة أيـام وهـو القادر على خلقهـا فى لحظة ـ  هـذا عـزى لنـا لنتـدبـر الامـور بـروية وتـرتـيب، كمـا يجـدر بنـا الاسـتفادة من تجارب الآخـرين لنتمـكن اليوم من الوصول الى أهـدافنـا بأقل خسـارة، ونحقق غـدا أحـلامنـا من خـلال مواصلة نضالاتنـا المسـتمـرة وتجاربنـا الـذاتية المسـتوحاة من التـراكم النضالي .                                                                                            

 نخلص من هـذا ان لا علاقة مابـين التخـريب الـذى يحـدث فى سـاحتنـا والقبيلة التى يتهمهـا البعض زورا، فالقبيلة أداة تعارف وتقارب وتجاذب وبنـاء على الـدوام، أمـا الشـتات والفـرقة هـو مسـئولية كل من يفشـل فى تحقيق رغبـاته  الفـردية اللامشـروعة، وبالتالى يهم جاهـدا لسـرقة القبائل او المناطق الاخـرى بأسـتخـدام الاولي (حاميهـا حـراميهـا) اى كمن يحارب الأجنبي وسـلوكياته ليمارس ذات السـلوك، اذن هـذا الفاشـل هو المجـرم الـذى يقوم بالتـدليـس والابتـزاز، هو الـذى يسـيئ الى عشـيـرته وباقى القبائل وكافة مفـردات الثقافة، كمـا يسـيئ الى الأطـراف المتنازعـة لأنه هو سـبب النـزاع والخـلاف، وهو الـذى يسـعي الى تمـزيق الصـلات والوشـائج التى كانـت ومازالـت موجودة مابـين سـائـر مكونـات الوطن عبـرالأزمنة المتعاقبة ـ هـذا السـلوك يحـدث عن علم ودراية وتخطيط أحمق وتدبيـر أقـل مايقـال عنه انه مؤامـرة ضـد الوطن بأسـره، والغـرض أولا واخيـرا هـو تحقيق رغبـات ذاتية فـردية مقابل اسـاءة مباشـرة لـكافة مكونـات الوطن بمـا فيهم من يـدعى المـدبـر حـرصه عليهم، فالتاريخ الارتـرى المـروى لم يسـجل حوادث قبلية كانت السـبب فى خـلافاتنـا الاجتماعية او السـياسـية قـط اذا اسـتثنينـا خـلافـات المورد والمـرعى او سـرقة الحـلال والانعـام، ولـكن هنـاك عشـرات الأفـراد الممارسـين للسـلوك الوصولي المعـروف خطـأََ بالقبلية، اذ يأتون بالجـرم ثم يحملـون وزه لقبائلهم وكافة مواطنيهم .. كلنـا نعلم ان هـذا السـلوك يحـدث لارضاء الرغبـات اللامحـدودة ولاشـباع شـهوات الوصولي لجمع المـال أو تقلـد المناصب والفوز بمـزايـا السـلطان على حسـاب الـكل الصامت، اذن هـذا داء فـردى لا علاقة له بالجماعة وان حـدث فـرضا بشـكله الأوسـع فالعـلاج يكمن فى ادارة الحوار الوطنى المباشـر وتسـمية الاشـياء بأسـمائهـا على مسـمع من الجميـع، حينئـذ سـيكشـف تـدبيـر الوصوليون وسـيتم تبـرأة القبيلة والمنطقة والثقافة والعقيـدة بل كافة مكونـات الوطن من الجـرم الـذى رددنـاه حتى فقـدت الكلمـات معانيهـا .                                                                            

·   القومية قـد تكون قبيلة واحـدة تنتمي لأصل واحـد بجانب اشـتـراكهـا فى قواسـم اخـرى، وقـد تكون مجموعة قبائل متعـددة ومتشـعبة او اتحـاد أو كونفـدرالية قبائـل تجمعهـا روابط ووشـائج معينة كأن تشـتـرك كلهـا فى الثقافة ( عقيـدة وعادات وتقاليـد، ولسـان مشـتـرك وتاريخ سـابق وحاضـر ومسـتقبـل منتظـر) بجانـب صـلات الـدم والقـربى وتقاسـم السـكن التاريخي المحدد الـذى تجـد فيه اكتفاءا ذاتيـا، وقـد تكون دولة او عـدة دول تشـتـرك فى اكثـر من قاسـم مشـتـرك، اذن هى مجموعة تبـدأ متجانسـة ولـكن لابـد من تبـايـنهـا كلمـا كبـر حجمهـا او تغيـرت ظـروفهـا الاقتصادية، وقـد يـزيـد تجانسـهـا وتكاملهـا نتيجة لوصولهـا للمعادلة العادلة التى تتوائم مع نظمهـا الاجتمـاعية والاقتصادية والسـياسـية … على كل فى نهـاية المطاف لابـد من سـيادة التبـاين او التجانـس بفعـل التغيـر الـذى يحـدث لهـا مـا اذا كان سـلبيـا او ايجابيـا.

·   الاقليم هـو موقع جغـرافى قـد يجمع قوى متجانسـة واخـرى متباينـة، ولـكن يظل موقع جغـرافى يفتـرض ان يتمتع فيه سـكانه بالمسـاوات فى الحقوق والواجبـات، ايضـا يتأثـر بالتغيـر فيبلغ غايته فى الاسـتقـرار نتيجة لاقـرار معادلة العـدل، أو نتيجة لتجانـس حميـد مـا بـين سـكانه من خـلال التجاور والاحتكاك الـذى يبـدأ بخلاف يعقبه حـوار فاتفـاق مالم يتـدخـل فى الأمـر عنصـرا سـلبيـا كالوصولى المـذكور آنفـا،  وقـد يحـدث هنـا اوهنـاك خـلاف تتلوه خصومة او مشـاحنات صغيـرة او كبيـرة ولـكن لابـد ان ينتهى ايضـا بالاتفاق والتعايـش وفقـا للنظم التى يقـررهـا مجالـس الشـيوخ فى العـرف المحلي او المشـرع المـركـزى، هـذه طبيعة البشـر منـذ ان حـدث أول خلاف مابـين ,, هابـيل وأخيه قابـيل،،.

·        وحـدة الـرأي التى لا تلغي الحقوق أو تباين المطالب ـ هى الاداة العمـلية المطلوبة للخـلاص من الحاضـر المؤلم والتسـطيـر للمسـتقبـل المنشـود، والوحـدة ليسـت اقوال نـرددهـا بـل هى افعـال ملموسـة تفعـل على ارض الواقع، وهـذه لا تأتى الآ بسـمو سـلطان العـدل الـذى يضمن الحق لأصحابه، وعنـدئذ فقط تصبح الـوحـدة الاداة السـحـرية التى تؤكـد نجاح السـياسـات وثبات المواقف وضمـان اسـتمـرارهـا، اذن من هنـا يبـدأ التشـخيص .. أيضـا هـنـا يكمن الـداء والدواء الشافى الـذى سـيؤدى الى اخـراجنـا من الـدوامة بـل العتمة الحالكة التى نعيـش فى مجالهـا المغناطيـسى الطارد منـذ عام 1945م .. من هنـا يبـدأ أول الطـريق ( والحـديث موجه لسـاسـتنـا ثوار الأمـس) ومن هنـا يتم تصحيح اتجـاه المسـيـر غيـر المتأرجح، ولـكن قـد يتسـائل بعضنـا عن كيفية الوحـدة المجـدية مع الاشـارة الى تبايـن الـرؤى التى تتـرجمهـا المطالب او الأهـدف، حيث ان بعضنـا يطالب فقط بتحقيق الـديمقـراطية وآخـرون بحقوق مغتصبة او ضائعة وسـط  زحمة المطالبـين وماأكثـرهم فى سـاحتنـا، فالمتأمـل فى خواص الممارسـات وقـراءة الخطـاب السـياسـى وربمـا النهج التنظيمى يجـد تبايـن واضح بينهـا، ممـا يؤكـد تبايـن المطالـب المعلنة وتغلب الممارسـات على الخطاب المقـروء، عليه أرى صعوبة فى توحيـد الصفوف رغم وحـدة الـرؤى التى يطـرحهـا كل على حـدة، من هنـا أرى ان الضـرورة تفـرض علينـا ان نتفهم جميعـا ,, الاسـلوب الفيـدرالي اللامـركـزى،، الـذى حتمـا سيحقق مطالب الجميع من غيـر ان يخـل بوحـدة الوطـن، هـذا الاسـلوب سـيتيح لنـا الخـروج علنـا بالخطاب الممارس ويلغى ازدواجة الخطاب ( نظـرى مقـروء + عملي ممارس)، كمـا سـيؤدى الى سـهولة لقاء التجمعات المتجانسـة فى النور فيحقق بـذلك وحـدتهـا الـداخلية ويجيـز تحـركهـا وطـرح افكارهـا على الملأ، وبمـا ان الـكل متفق على وحـدة الـوطن وتماسـكه بكامـل خارطته الجغـرافية لابـد ان يتوفـر قـدرا عاليـا من التواصـل والتحالف الجغـرافي بـين القطاعـات المختلفة، عنـدئـذ سـيتحقق قـدرا كبيـرا من رغبـات الفـرد والجماعة فى حـدود مواقعهم الجغـرافية ـ  وبالمقابـل سـيتحقق قـدرا آخـر من الـرغبـات المكتسـبة من خـلال تحالفه مع من يـراه حليفـا له، هـذا من جهة ومن جهة اخـرى سـيصبح لـكل منـا بـرلمانه وحكومته وبالتالى دائـرته الانتخابية المتجانسـة بقـدر أكبـر، وسـيلتقى الجمـيع فى البـرلمـان الفيـدرالي ويـدين بالولاء للحكومة المـركـزية بالقـدر الـذى يوفـره الـدسـتور الوطني الجامـع. كلمة أخيـرة: لابـد من التنويه الى ان هـذا الاسـلوب لايمكن تطبيقه الآ بعـد زوال النظام الجاثم على الصـدور، ولكن يجب ان نتفهمه ونبحث فى مـزاياه وعيوبه منـذ الآن.  

·   هـذه القـراءة الصـريحة لا أدعي امتلاكهـا لأنهـا قـراءة لمـا يـدور فى المجالـس الارتــرية أينمـا وجـدت … أمـا الفيـدرالية فهى علم كمـا يعلم الجميع وماأنـا الآ احـد المصفقيـن لهـا اذا رأت النور فى الوطن المتعـدد الأعـراق والثقافـات، حيث أراهـا تناسـب واقعنـا وتعـددنـا الاثنى والعقـدى والثقافى والجغـرافي، لأنهـا تسـمى الاشـياء بأسـمائهـا من غيـر ان تجنح لتحميل زيـد او عمـرو وزر الاخفـاقات والاشـكاليـات المتتابعة، فياحبـذا لو تفاكـرنـا وتحاورنـا بهـدوء وعقـلانية وبنية الوصول الى حلحلة قضايانـا البينية من غيـر ان يكون بيننـا ,, فالق او مفلوق،، او طـرح خـلافاتنـا فى المـزاد العلنى بوضعهـا فى الأطـار القطـرى المتصارع، لأن هـذا الطـريق سـيؤدى بنـا غـدا الى تـدويـلهـا .. نعم تـدويلهـا وبالتالي تمـزيق وطننـا ثم الخضوع للعبودية من جـديـد .. وحينئـذ سـنتحول جميعـا الى مجانـين ودراويـش وضاربي طبول وحيـد القـرن الـدولي، وقـد نـردد افـرادا وجماعـات كلمـات الأسـى والحسـرة والتمنى مثل ,, ياريت تعـود بنـا الأيـام لماضيهـا،، والسـلام ختـام.   


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5907

نشرت بواسطة في أغسطس 17 2004 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010