اللآجئون الإرتريون .. القضية المنسية

بقلم : الأستاذ إبراهيم فار

 

اللجوء يعني العيش خارج الوطن بما تحمله هذه المفردة من معاناة نفسية ، إقتصادية ، إجتماعية ، سياسية يتكبدها الإنسان ، واللجوء يعني الإضطرار عكس الإختيار ، وأسباب اللجوء كثيرة منها الكوارث الطبيعية والحروب وإنتشار الأوبئة  وكذلك الأسباب السياسية -لإضطهاد – ولقساوة اللجوء بإعتباره كارثة تصيب المجتمعات البشرية أصبحت موضع إهتمام العالم لأنها قضية إنسانية وكونت لها هيئة دولية(المفوضية السامية لشئون اللآجئين) وكذلك عقدت الإتفاقيات الدولية حتى تأخذ وضعها القانوني في المعاملات الملزمة للأطراف الموقعة عليها ، وكغيره من الشعوب التي أصابتها النوائب تعرض الشعب الإرتري للجوء نتيجة الظروف الإستعمارية التي ألمت به وكانت فترة الإستعمار الإثيوبي أكثرقساوة لما إقترفته الأنظمة الإثيوبية البائدة ( هيلي سلاس ، منغستو) من مجازر شنيعة وإتباع سياسة الأرض المحروقة تجاه الشعب الإرتري ، ورغم الصمود الذي أبداه الشعب الإرتري في الإلتفاف حول ثورته وتقديمه التضحيات في مواجهة هذه الهجمات البربرية ، إلا ان الأوضاع اللآإنسانية التي ترتبت على تلك السياسات وضراوتها  أجبرت قطاعات واسعة منه للجوء والنزوح ، فغادر الديار وترك الممتلكات  منذ بداية الستينات الى السودان وإن لم يأخذ ذلك شكله القانوني – الإستقرار في معسكرات تحت إشراف المفوضية السامية لشئون اللآجئين ) حتى كان عام 1967م والذي يؤرَخ كعام للإعتراف القانوني لللآجئين الإرتريين وبالتالي إلتزام المجتمع الدولي عبرهيئاته المتخصصة للتخفيف عن معاناتهم بتوفير الأمن والغذاء والمساعدات وإقامة معسكرات اللآجئين في ولايات السودان الشرقية (البحرالأحمر، كسلا، القضارف ، الجزيرة ) وعبر معتمدية اللآجئين في السودان حددت الأطراف المعنية بشئون اللآجئين الإرتريين وهي المفوضية السامية لشئون الللآجئين بالأمم المتحدة والسودان كبلد مضيف عبر معتمدية اللآجئين بالسودان واللآجئ الإرتري كطرف معني بالحماية والمساعدة .

ويمكن القول أن فترة ماقبل إستقلال إرتريا وجدت قضية اللآجئين الإرتريين إهتماما دوليا وإقليميا ،و بالرغم أن المعسكر لم يمثل للإرتري بديلا لوطنه خلا ل تلك الفترة ‘ إلاً أنه وجد فيه إهتماما أفضل مما يعانيه اليوم ، فإذا إتفقنا أن إرتريا أصبحت دولة مستقلة منذ عام 1991م وظهرطرف جديد في الوضعية وهو الحكومة الإرترية التي كان يفترض أن تتعاون مع الأطراف الأخرى (الأمم المتحدة ، البلد المضيف ، اللآجئ) لتهيئة الظروف الملائمة لعودة  اللآجئين لديارهم ، فإن هذا الطرف أتى كمستثمر للوضعية أكثرمن كونه حريصا على عودة اللآجئين لوطنهم  ،فمنذ الوهلة الأولى لقدومه بادر بوضع شروطه التعجيزية أمام أنشطة الهيئات الدولية المتخصصة في برامج العودة داخل إرتريا والإغاثة الإنسانية عموما وكذلك إستغلال وضعه كطرف لمصادرة الحقوق المالية لللآجئين ، وغير خاف توتر العلاقات مع هذه الجهات في أكثر من حين ومجال ، في ظل هذا جاء الإنقطاع التام للمساعدات من المفوضية السامية لللآجئين عن هذه المعسكرات  ليعيش اللآجئين في معاناة جديدة بين سندان الأمم المتحدة ومطرقة الحكومة الإرترية ، هذا إذا تم النغاضي مؤقتا عن سياسات هذا النظام التي لاتشجع للعودة فقط بل جعلت من الوطن الإرتري طاردا لأهله دافعة موجات جديدة من اللجوء الى دول الجوار كافة (السودان ، إثيوبيا ، جيبوتي، اليمن ) نتيجةلحروبه العبثية في المنطقة ومحاولاته لعسكرة المجتمع كلٍيا وللإضطهاد السياسي والديني والعرقي الممارس حاليا في إرتريا ، ليشكل ذلك عبئا إضافيا على الحالة الحرجة القائمة أصلا . أما م هذا الوضع المأساوي يتعامل العالم مع وضعية اللآجئين الإرتريين بشكل خجولي – إن لم نقل متناسي – للقضية والوضع ، فقضية اللآجئي الإرتري إنسانية بالدرجة الأولى بما تحمله هذه الكلمة من معان في طياتها والتي تشمل كافة حقوق هذا الإنسان سياسية كانت أوحرية فكر ومعتقد أومساواة في الحقوق والواجبات على أساس المواطنة ، فما يعيشه اللآجئ الإرتري اليوم من معاناة تجاوز ما سلف ، وما يحدث من النظام القائم ينذر بما هو أسوء ، وهو ما يتطلب من العالم عموما وخاصة الأمم المتحدة وهيئاتها المختصة لا أن تبادر فقط  بمراجعة قراراتها في شأن اللآجئين والنظر لمطالبهم المتواضعة بل أن تنتصر لدورها في منع الكوارث قبل حدوثها  وتلزم النظام في إرتريا للتقيد بمعاييرها  في حقوق الإنسان وإحترام المواثيق والمعاهدات الدولية ذات الشأن بمعالجة أوضاع اللآجئين خارج وداخل وطنهم . ويتطلب أيضا من البلاد المستضيفة مراعاتها للقواعد الدولية في وضع اللآجئين وبصورة خاصة قراراتها بالطرد والإبعاد القسري لإرتريا  لما يمثله ذلك من خطر على حياتهم ، كما يقع على عاتق اللآجئ الإرتري  دور تفعيل قضيته أمام العالم وهو أمر مرجوا ومنتظر من ملتقى اللآجئين الإرتريين الذي تأسس عام 1997م  وكذلك من لجنة اللآجئين الجدد والهيئات الإنسانية والثقافية والإعلامية الإرترية ، ونتمنى لمؤتمر اللآجئين الإرتريين المقرر عقده أواخر هذا العام أن يكون منبرا فاعلا في وحدتهم وعكس معاناتهم التي لاحصر لها والتي تتلخص نهايتها في العودة الطوعية الحقيقية الى بلدهم الأصلي إرتريا حين ترفرف فيها رايات إحترام حقوق الإنسان والحرية الحقيقية والديمقراطية الفعالة والتنمية المستدامة والإستقرار السياسي والإجتماعي .     


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6244

نشرت بواسطة في أكتوبر 24 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010