اللاجئون والعودة الطوعية… قصة لم تكتمل فصولها!

شعب ارتريا صبر ودي عوتي جل تلبس تو عدكا تأتي تاريخكا ايبدي (ح م علي)  

 بقلم :  كـرار هيابو (أبو علي)

hiabu1_k@yahoo.com

   

في النصف الثاني من العام 1998م ، عقد بالخرطوم الملتقى الأول للاجئين الأرتريين وحضرته وفودا تمثل كل معسكرات اللاجئين الارتريين بالسودان آنذاك والبالغل عددها 30 معسكرا. وكان الملتقى بإشراف مركز درء الكوارث التابع للأمم المتحدة ومقره لندن ، وقد ناقشت الأوراق التي قدمت فيه كافة القضايا التي تهم اللاجيء لاسيما قضية العودة الطوعية .

ومن أهم النقاشات التي جرت في الملتقى تلك التي كانت تتعلق بمقترحات الأمم المتحدة حول اللجوء وانهاء هذه الظاهرة ، خصوصا وان المندوب السامي كان يسرع الخطى لحسم ملف اللاجئين الارتريين وانهاء هذه الظاهرة خلال العامين التاليين لهذا الملتقى ، وكانت المقترحات الثلاث كالتالي:

1 – إعادة توطين اللاجئين في دولة ثالثة ، وهو أمر مستبعد لأنه مكلف جدا.

2 – عودة اللاجيء الطوعية لبلاده ، وهو ما يمكن أن يفعله اللاجيء الارتري لأن بلاده قد تحررت.

3 – إنصهار اللاجيء في مجتمع البلد الذي يقيم فيه ، وهو ما تحفظت عليه حكومة السودان لحساسية الموقف خاصة مع الحكومة الارترية.

وكانت حصيلة النقاش المحتدم والمستفيض بالنسبة للنقطة الثانية بالذات أن يتمسك اللاجيء الارتري بحق العودة ، على أن تعمل الجهات المعنية على إزالة المعوقات، مؤكدين في الوقت نفسه ان الانصهار في المجتمع السوداني امر مفروغ منه ، وهو تحصيل حاصل ، ولا يحتاج الى قرارات ، اذ هو مجتمع واحد بامتداداته هنا وهناك. وقد تناول المتحدثون الموضوع من جوانب عدة ، خاصة المثقين منهم والمختصين ، وكذلك العاملين في حقل المنظمات ذات الصلة بشئون اللاجئين ، وكانت هادفة ومفيدة استحقت التوثيق ، وقد رأينا للأسف مصورا محاصرا ومطاردا داخل القاعة لأنه وقف خلف آلة تصوير أمام أحد المتحدثين ، وكان المتحدث مسؤولا نافذا في المفوضية ، تحدث عن أوجه الرابط والتماثل بين الشعبين السوداني والارتري حتى وصل بالحديث الى قوله ان عملية الانصهار لا تحتاج الى قرارات خاصة وان هذين الشعبين هما امتداد طبيعي لبعضهما البعض ، منوها الى اخلاق الشعب الارتري من واقع المحاضر والسجلات الخاصة بالأمن والشرطة حيث لا يوجد ما يشير الى الاخلال بالأمن أو اساءة استخدام البيئة  والمصادر الاخرى الطبيعية كالمياه والاشجار والمراعي ، بعكس بعض لاجئي الدول الاخرى المجاورة للسودان.

ولم يفت على ذلك المسؤول ان ينوه أيضا بعلاقة اللاجيء الارتري بثورته وتشبثه بوطنه ، وهو ما كشف للحضور فيما بعض علاقة الرجل الطويلة باللاجئين المقيمين في السودان والقادمين من مختلف دول الجوار . ونصح بالتمسك بحق العودة على الانصهار لحصول الأخير تلقائيا. وكشف عن اعتقاده بأنه ليس بين الارتريين خلافات سياسية حادة لدرجة تمنع عودتهم الى بلادهم ، مشيرا الى هناك الكثير من معارفه ادعوا الخصومة مع الشعبية سابقا والحكومة حاليا للاستفادة من فرص الهجرة ، وعندما حصلوا على الجوازات الأجنبية سرعان ما تعجلوا لزيارة اهليهم في ارتريا.

لكن يجب التفريق بين هذه الحالة التي ذهب اليها المسؤول المذكور وما يعيشه اللاجئون الآن ، واذ ان هذه الحالة كانت قبل اندلاع الحرب الارترية الاثيوبية في بادمي الحدودية ، فان استعداد اللاجيء للعودة الطوعية كان يقابله عدم الاستعداد الكافي بالداخل نتيجة للتحامل الذي كان سائدا بين الحكومة الارترية من جهة والمندوب السامي للاجئين من جهة أخرى ، والمطالبات المالية التي تشبثت بها ارتريا ورفعتها الى سقف لم تقترب منه المنظمة الدولية مما جعل فرص العودة تذهب أدراج الريح مع أول فرقعة سلاح سمعت في الجنوب.

قبل احتدام السجال بين ارتريا ومفوضية اللاجئين حول الميزانية الخاصة ببرنامج العودة ، كان قد سبق وان نفذت عمليات عودة طوعية تجريبية بُعَيد الاستقلال لكن نتائجها لم تكن مرضية للعائدين وكذلك الحكومة الارترية ، وكان غياب الخدمات التعليمية احد الاشكاليات مما اضطر معه كثير من الطلاب ممن كانوا في فصول متقدمة الانتظار حتى تلحق بهم الفصول الاولية ، ثم القت الحرب بظلالها واندلعت لتخلف من جديد أفواجا من اللاجئين.

ان مجرد التفكير في بدء برنامج العودة الطوعية في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها كل من ارتريا واثيوبيا ليس مناسبا، خاصة وان شبح الحرب بينهما ما يزال مخيما ، اضافة الى وجود معسكرات النازحين بالداخل فضلا عن المخاوف الدولية من الفجوة في الأمن الغذائي في ظل عدم تمكن قطاع كبير من المزارعين من زراعة اراضيهم بسبب الاحتلال ، وغياب الأمن والسلامة بعد زرع الألغام والمتفجرات المنتشرة في كل الحقول.

ان عوامل كهذه واخرى نفسية وذاتية لابد وان تعقد الأمر وتعمق مساحة فقدان الثقة بين الجمهور المستهدف من جهة واللجنة الثلاثية ، وبين الأطراف الثلاثة المعنية بالأمر وهي المندوب السامي وحكومتي السودان وارتريا من جهة اخرى.

والسؤال هو هل كان السيد /عندات ولجنته يدركون هذه الأجواء قبل أن ينزلوا لقبض ارواح هؤلاء !

أشك في ذلك كثيرا.

 

قبل الوداع:

آب رحـوق  آب قربـا آب سـد ت  زلخـم  أحـوا ت  دقـي  عـدي  رهوا يوردلـكم ( يماني )

Ab ruhuq ab qereba  ab  sedet  zlekum ahwat deki adie rahwa yewredalkum

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6313

نشرت بواسطة في أبريل 19 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010