المجلس الوطني بين إخفاقات الماضي واستحقاقات المرحلة !!!!

صالح أشواك

25/11/2012م

     كثر هم الذين انتابتهم حالة من التفاؤل إزاء تشكيل المجلس الوطني الإرتري الذي كان نتاج تطور الحراك السياسي الذي مر بمراحل التنسيق ثم التجمع ثم التحالف الوطني و في إثر هذه التطورات الطبيعية  جاء انعقاد المحفل الذي انبثق عنه هذا الكيان في ظل متغيرات عديدة علي أرض الواقع منها ما هو ذاتي و منها ما هو موضوعي فعلي الصعيد الذاتي للمعارضة الإرترية فقد تكرر مشهد أشبه ما يكون بمنتصف السبعينيات شكلاً ومضمون حيث ألتحق بالمعارضة الذين كانوا بالأمس جزء من النظام الذي تصدع عقب التطورات التي  أدت إلي اعتقال ما عرفوا بمجموعة 15 و بالتالي فأن هذا التطور أفرز ضرورات جديدة علي شكل و واقع التحالفات و كان من مقتضيات المرحلة تشكل هيكل قيادي جديد يستوعب هذه المجموعات التي لا تتواءم مع التحالفات التي كانت قائمة ربما لأسباب تتعلق بالماضي و إسقاطاته علي العلاقات البينية بين القوي الوطنية وهذا ربما يحتاج إلي شرح كواحدة من العوامل التي أثرت بشكل سالب علي أداء المجلس الوطني و هو شأن أخر ربما نتطرق إليه في مقال أخر.

أما ما يشكل عاملاً موضوعياً أو خارجياً هو المتغيرات التي حدثت في تحالف صنعاء الذي ربما اندثرت ضروراته في ظل توقيع اتفاقية نيفاشا بين الخرطوم من جهة و بين الحركة الشعبية من جهة أخرى علاوة علي دخول التحالف الديمقراطي السوداني في تركيبة نظام الخرطوم و كذلك أتفاق سلام الشرق الذي كان بمثابة ترتيبات أمنية بين أسمرا و الخرطوم و بالتالي كل هذه العوامل أسهمت في انفراط هذا التحالف هذا فيما يتعلق بطرفه الرئيسي السودان و والطرف الأخر اليمن الذي أنشغل بالحرب علي ما يسمى بالإرهاب و انشغال أجهزة الدولة السياسية و الأمنية بهذه المسألة و كذلك التطورات الداخلية علي صعيد علاقة القوى الوطنية اليمنية بالنظام التي لم تتيح له فرصة لالتقاط الأنفاس هذا وذاك كله ترك أثيوبيا وحيدة كطرف يستعدى نظام اسمرا وله مصلحة في دعم أي حراك سياسي يسهم في إزعاج نظام أسمرا مصحوب ببعض من التريث الذي لا نعرف له سراً سوى تكهنات هنا وهناك كما أن وضع التحالفات بين نظام اسمرا و الحركات الصومالية و تحالف نظام اسمرا مع قوى ربما تختلف معها عقدياً و أيدلوجياً محسوبة علي المعسكر المعادي للولايات المتحدة الأمريكية وفق التصنيفات التي أفرزتها أحداث 11 سبتمبر ، هذا الأمر جعل الدور الإثيوبي يقفز إلي الاهتمامات الغربية كطرف أصيل في محاربة ما يعرف في الدوائر الغربية بمعسكر الإرهاب و بالتالي هذا الأمر جعل من أثيوبيا اللاعب الوحيد في أحداث القرن الأثيوبي وأن جميع الترتيبات أضحت وفق الرؤية الأثيوبية وربما هذا يعد واحداً من العوامل التي أضعفت دور المجلس الوطني نتيجة لتعاطي السلطات الأثيوبية مع الملف الإرتري كملف لا يشاركها فيه أي طرف دولي أو إقليمي و بالتالي فأن الترتيبات تخضع للمعايير الأثيوبية حصراً وهذا أمر فرضته علينا ظروف المنطقة و ربما كثيرين من الارتريين يفهمون ذلك .

في ظل كل هذه المؤثرات الداخلية و الإقليمية تشكل المجلس الوطني لذا فأن هذا الأمر يلزمنا بأن نتعاط مع إخفاقات المجلس الوطني بقدر من الموضوعية ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال إخلاء سبيله من الإخفاقات التي أتسم بها أداؤه قدر تعلق الأمر بالاستحقاق الوطنية علي الأصعدة التنظيمية و الإعلامية و الانفتاح علي الدوائر العربية و دول الجوار الأفريقية إذ أن اغلب أعضاء التنفيذية و كذلك أعضاء المجلس الفاعلين يمتلكون أدوات التحرك التي ربما تنعش أمال الجماهير فيما يتعلق باللقاءات الجماهيرية في دول المهجر و ربما في بعض من دول الشرق الأوسط بما فيها الدول الخليجية الأكثر انفتاحا .

وفي تقديري أن الاستفادة من أجواء الربيع العربي في المنطقة العربية وكذلك الاستفادة من حساسية التمدد الإيراني في منطقة البحر الأحمر علي حساب الوجود العربي أمر متاح فيما لو تغيرت العقلية الوطنية المحكومة بالتوجس من المحيط العربي في ظل سطوة بعض الذين يسكنهم هذا التوجس علي مقاليد الأمور فأن علي الأطراف التي أصبح سحب البساط من تحت أقدامها أمر متحقق في ظل رغبات البلد المستضيف في خلق توازنات تنسجم مع تحالفات تنظيمية تاريخية مع البعض من الذين اصطفوا مع المعارضة الوطنية مؤخراً  كل هذا وذاك يستدعي تحريك الأمور للجهة التي يمكنهم اللعب فيها و أعني بذلك الذين كان لهم فضل إبقاء جذوة المعارضة مشتعلة في زمن كانت الدنيا تضيق بما رحبت علي كل من يتبنى موقف مناهضاً للنظام الطائفي في اسمرا لذا أن الحضور من الاتجاهات التي بلورة الفكرة الأساسية لبناء تحالفات أبقت علي ديمومة المعارضة أمر مهم للغاية ومن هذا ربما نستشف أن هذا الغياب أو التغيب لهذه القوى ربما فرض نمطاً جديداً في التواصل الجماهيري و الخطاب التعبوي الذي أصبح بعيداً كل البعد عن الداخل وممن هم اقرب إليهم نبضاً و حساً لذا فأن المجلس محتاج إلي معالجات تنظيمية مهمة تعالج هذه الفجوات التي اشرنا إليها متمثلة في غياب قضيتنا عن المحافل العربية فضلاً عن غياب الخطاب الجماهيري المباشر و غياب الخطاب الإعلامي الذي يستوعب إمكانيات الجمهور إذا أن أنجعها هو الخطاب الإعلامي المباشر و هذا لا ينفي أهمية الخطاب التعبوي الذي يستهدف شرائح المجتمع التي نطلق عليها النخب المتعلمة و التي تتعامل مع الفضاء الإسفيري بشكل مناسب .

مع هذه الإخفاقات التي اشرنا و التي بالإمكان تجاوزها ثمة أمر ربما يعكر التفاؤل الذي اكتنف الجمهور الإرتري عند تشكيل المجلس الوطني وهو عدم الشفافية في الدور الإثيوبي إذا أن هناك عدد مقدر من القوى و الأفراد الهيئات الشعبية تنتابهم حالات قلق من هذا الدور نتيجة تجاوز الدور الإثيوبي للدور السياسي الذي ينحسر أمر التواصل فيه مع المجلس الوطني إلي دور أكثر خطورة وهو التعامل مع المؤسسات الجماهيرية بشكل مباشر دون أن يكون للمجلس أي فعالية سواء في الإعداد أو التوجيه غير الحضور الشرفي أو إقحام بعض أعضائه في هذه الأنشطة ليس بصفتهم السياسية بل عبر الصفة الفئوية أو النقابية وهذا أمر يستدعي أن يلتفت إليه المجلس أن يناقشه بشكل واضح مع الطرف المستضيف .

لعله من المفيد القول أن مراجعة كل هذه الإخفاقات و الهنات التي لازمت مسيرة المجلس تستدعي المراجعة الضرورية للآليات التي يدار بها عمل المجلس و كذلك رفع وتيرة العمل النضالي علي قدر يستوعب الاستحقاقات للمرحلة المقبلة بما يحقق التعجيل بسقوط النظام كما هو المأمول من غاية تشكيل هذا المجلس..

في تقديري الإستحقاقت التي تنتظر دورة المجلس القادمة كبيرة ، كما إنه من المهم الإشارة إلي أن بعض التطورات التي تحدث خصماً من رصيد العمل الوحدوي في مواقع أخرى نأمل أن لا
تكون تعبيراً باتجاه التمكين لما يفضي إلي سياسة إغلاق للدوائر فأن المنشود من الدورة القادمة هو العمل علي توسيع دائرة المشاركة بعيداً عن فرض واقع قد لا يخدم تجربة العمل الديمقراطي الذي يجب أن نبعده عن عدم الرشاد عبر دخول دهاليز الأغلبية الميكانيكية التي تفرضها في بعض الأحيان ضرورات ليس لها جذور في بناء المعادلة علي نحو يمثل الحقيقة وخطورة هذا تتمثل في أن نفقد بوصلة التواصل مع الجماهير لذا فأن تشكيل المكاتب يجب أن لا يكون تعبير اقتسام للكعكة . 

 

فلنتأمل !!!!!!!!

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=27321

نشرت بواسطة في نوفمبر 27 2012 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010