المعارضة الإرترية وتأملات عام منصرم !

بقلم :  على سعيد

Alisaed30@hotmail.com

 

جرت العادة أن يتأمل المرء في نهاية يومه أو أسبوعه أو بالأحرى عامه عندما يكاد أن ينقضي  أن يقف مع الذات وقفات جرد ومحاسبة لينظر  ماذا حقق من الفوائد ؟ وماذا فقد وخسر وما خططه للفترة القادمة ؟ 

عدت في نهاية يوم مزدحم بالعمل والحركة وانتظار المواصلات وتناول الوجبات الخفيفة على عجل كما هي عادة أهل المدينة المعاصرة ومثل هذا اليوم يكاد يكون متكرر طيلة أيام العام بالصوت والصورة إن لم أكن مبالغاً بالنسبة لي  ولكل من يعيش  في الحواضر والمدن الكبيرة فثارت في النفس هموم وخواطر  على مسيرتنا التغييرية الطويلة وعمرها المديد فأردت أن أنقل هذه الخواطر والهموم  -وإن شئت  فقل  الشجون-  إلى القارئ الكريم  عله يشاطرنيها اتفاقاً أو اختلافاً

1/ قلت في نفسي لقد قام الجيل  الأول من أبناء وطننا العزيز عقب الحرب العالمية الثانية بمحاولات جادة ليكون مثله ومثل  كل  الناس  والشعوب لينفك من قيود  التبعية للغير وليأخذ حقوقه كاملة ويعبر عن ذاته الثقافية والفكرية  والروحية والأخلاقية بالطريقة التي تعجبه آخذاً  في الوقت ذاته استحقاقات الآخرين عليه مدركاً بأنه لا يعيش في كوكب منعزل عن الناس بل هو ضمن  المجموعة البشرية بكل تناقضاتها وأفراحها و أتراحها  فلا يمكن القفز فوق الواقع  المنظور ولكن ماذا حدث ؟ ومن الذي وأد هذه المحاولة الجادة  في مهدها وقطع على تلك الآمال والأحلام الطريق حتى صرنا إلى ما صرنا إليه من التيه وفقد أبسط معاني  ومقومات  المواطنة والحقوق في بلادنا ؟!

هل هو العالم الخارجي وحده أم أن هناك عوامل وأطراف أخرى كانت السبب في ذلك ولماذا ؟ هل اختلفت هذه الافكار واقتنع الكل بأن الندية والاعتراف المتبادل حقوقاً وسكنا وثقافة هو الطريق للعيش السوي في إرتريا ؟! أم أن  الذين قطعوا  تلك الآمال  والأحلام مازالت تعشش  في رؤسهم وأحلامهم الأولى وبشكل أقوى استغلالا للظروف الراهنة ومن ثم يريدون الالتفاف علينا كما التفوا على مكتسبات ثورتنا الباسلة وقطفوا ثمارها ولم يتركوا للآخرين حتى الاستفادة  من عطر الزهور ولو شماَ  دعك من الاستمتاع أو الاستفادة مثل غيرهم فتبددت  الآمال العراض وبدأنا مرحلة جديدة من مراحل المقاومة والجهاد والكفاح وتمترسنا حول حقوقنا وإن فقدنا راحة الجسد والعيش في الوطن لإن فقد الراحة أخف من فقد الكرامة والضمير والذات والهوية عندنا

2/ ثم عدت بخاطري مرة  أخرى أيام كنا صغاراً طلاباً في الكتاتيب  والمدارس إبان معركة التحرير وكيف كانت تنمو فينا  الوطنية وحب الديار من خلال ما نسمع من حكايات  الأباء والأمهات  والجدات وكيف أن إرتريا  جنة خضراء من دخلها كان آمنا وكيف ؟! وكيف؟! 

ولكن متى جاءت مرحلة التحرير ما الخطأ أو الأخطاء التي وقعنا فيها للمرة الثانية وتكرر السيناريو ذاته علينا ؟!! ومما نؤمن به في قيمنا الحضارية بأن  المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين  فكيف لدغنا ؟ نحن ؟  هل هؤلاء القوم أذكى منا ؟ هل أشجع منا في الحرب والسلم وهل  أكثر منا عدداً  وعدة وهل …؟! وهل  جملة  من علامات الاستفهام والتعجب ثارت في النفس  ولكن تحاملت على الذات وقلت كفى اجترار الماضي  فلنبحث عن المستقبل مستفيدين من دروس الماضي دون تجاوز أو نسيان أو مسح للذاكرة التاريخية انشغالاً باليوم !

3/ ثم تحولت بالذاكرة فيما بعد التحرير  وبعد أن أصبحت حكومة أفورقي هي حكومة إرتريا المعترف بها دولياً  و إقليميا فقلت هل كان بالإمكان لو أننا لم نسلك طريق المعارضة  أن نحدث تغييراً مؤثراً من داخل النظام ؟ وبالتالي  هل كان يمكن أن نسقطه من خلال المظاهرات  والاعتصامات والمذكرات واللجؤ  إلى السفارات القوية ممثلة الدول العظمى ثم نعطى حقوقنا إذا ضغط هؤلاء على النظام ؟! جاءتني الإجابة بالنفي القاطع  وقلت في نفسي إن هذا أشبه ما يكون بالخيال العلمي  أو أحلام اليقظة  أو حتى سذاجة في التفكير ولكن خطر  لدي تساؤل لماذا ؟ أليس  الأشياء المذكورة  معمول بها في العالم ومن خلالها استطاعت العديد من الشعوب  أن تأخذ حقوقها ؟! قلت اللهم  أن نعم ولكن ليس مثل إرتريا ولا مثل حكومة أفورقي فتساءلت لماذا ؟ فقلت لعل الشعب لا يقوم بالاعتصامات والإضرابات  المطلوبة  ؟! أو لا يجيد لغة القوم ولا أساليبهم ؟! ولكن استبعدت هذا الخيار  على الفور لأنه غير منطقي ، قلت هل ما نشاهده على الأرض هو مخطط وبرامج معد مسبقاً قد أحكم القوم قواعده ومن ثم يصعب  تغيير مسار  البوصلة واتجاهاتها مهما كانت العوامل المؤثرة وما نراه في الظاهر ما هو إلا لعبة الكراسي وتقاسم الأدوار حتى ولو سجن البعض وطرد البعض  وعارض  وظاهر المعارضة وما أفورقي إلا رمز للبرامج والتوجه والنهج  وليس ظاهرة عرضية يمكن أن تختفي ؟ قلت نعم كل شيئ في عالم السياسة جائز; سيما وإن هؤلاء يجيدون مثل هذه الأفاعيل  فقلت هل هذه عودة إلى حقبة السبعينات من القرن المنصرم  ;ولكن وفق قواعد جديدة للعبة  هذه المرة ولكن أرجو أن يكون هذا من باب الخاطر والخيال وهو من باب المثل الذي يقوله أهلنا : ( أروي لبالعو من حبل لالي سكي ) قلت لعله ولكن لا يكاد عقلي يصدق هذا بمثل هذه البساطة ولكن الأيام بيننا !!

4/ ثم انتقل الخاطر إلى ما بعد ما يوم 1998م  وما حدث من الخلافات والمعارك والقطيعة بين أصدقاء الأمس وأعداء اليوم في حكومة أفورقي وملس زيناوي  وإفرازاتها على الساحة الإرترية والإقليمية فقلت في نفسي لعل هذه تكون  الفرصة الأخيرة للخلاص والانفكاك خاصة وأن جسم المعارضة قد أصبح واحدا وإن اللهم والهدف غدا أيضاً واحداً وإن المحيط الإقليمي كله أصبح مناصرا للحق الإرتري  وأن حلف صنعاء معنا  وأن  ولكن قلت لقد طال الانتظار وبدأت فرحة  الأمل التي تنامت في شفاه إنسان المهجر الإرتري  تنـزوي وتتوارى فأين قيادات المعارضة الواطئين على الجمرة حقاً الذين تحملوا عبئ المصير والمسير الطويل ما بالهم ؟ وما أصابهم ؟ وهم قد خبروا الساحة جيداً وأصبحت معالم وقواعد اللعبة تنكشف لهم يوماً إثر يوم ما ذا دهاكم ؟! أم نحن نستعجل عليهم وهم يعدون لنا المفاجئات السارة ؟!

قلت لعله خاصة وإن هناك في صفوف المعارضة أكثر من جيل  وأكثر من اتجاه فكري  وسياسي  أرجو أن تكون جميعها عوامل دفع قوية لتحقيق  المقصود ولكن تساءلت وقلت لكن إخواننا من القادة في المعارضة كيف يعملون وسيعملون مع القادمين الجدد من الذين قالوا بأنهم انسلخوا من رحم النظام واختلفوا معه كليا أو جزئيا ، ولكن قلت إن مثل هذه الأسئلة قد لا تكون لائقة في مثل هذه الظروف ولكن إخواننا بالتأكيد لا تخفى عليهم قواعد اللعبة السياسية ونحن ينبغي  أن نعطيهم الفرصة  ولا نعكر عليهم مزاج العمل قلت حسناً  ولكن أرجو أن تكون العواقب  حميدة فالقوم لا يؤمنون أبدا !!

وختاماً   :  كانت تلك هموم وخواطر جاشت في النفس فسطرتها للقارئ الكريم وأقول لقيادات المعارضة  عليهم بالعمل الدؤوب وأخذ الحيطة والحذر وإحكام قواعد اللعبة واستصحاب حقائق الجغرافيا والتاريخ واستكمال كل عناصر القوة فأنتم تنوبون عن الأمة وتخوضون معركة شعب مصيرية عليكم بالصبر والعمل الجاد والشعب معكم ولكن طال الانتظار  وكادت شمعة الأمل التي بدأت تلوح في الأفق أن تختفي  مع نهاية كل عام دون أن ترى الجماهير الإرترية جديداَ في سماء المعارضة مع كل التقدير والاحترام لعطاءاتكم وصبركم طوال فترة الثورة وإلى الآن ولكن نريد الوصول بالسفينة إلى شاطئ الآمان والاستقرار في بحر العام القادم ضمن عقد حقوقي اجتماعي يتواضع عليه الجميع في إرتريا

وفق الله الجميع

‏31‏‏/‏12‏‏/‏2005‏م


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6177

نشرت بواسطة في ديسمبر 31 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010