الوطن الذي نريد

الحلقة الاولى

الهوية

بقلم / عمر جابر عمر

 ملبورن – استراليا 2005/3/20

تقديم  

الآن وقد شد الرجال أحزمتهم واتخذت  القيادات قرارها وتوحدت الجهود وامتلكت المعارضة الإريترية رؤية مشتركة وأصبح لها صوتاً واحداً وموحدا – الآن بحق للإريتريين أن يتنفسوا الصعداء وينظرون إلي المستقبل بأمل وثقة . نعم يحق للجميع أن يبتهج ويشد من أزر القيادات التي أقسمت أن تسقط الدكتاتورية وتقيم دولة العدل والقانون .

  وهنا يحق لنا بالمقابل أن نسأل : ما هي طبيعة تلك الدولة التي نحلم بها ؟ ما هو شكلها ومحتواها ؟ من هم أصحابها وبناتها وحماتها ؟ صحيح أن ميثاق التحالف الديمقراطي الإريتري حدد ملامح تلك الدولة وتضمن أسس ومنطلقات دولة ما بعد سقوط الديكتاتورية ولكن ذلك وكما قال المناضل ( حسين خليفة ) رئيس التحالف : عبارة عن معلم عامة لمستقبل إريتريا .

والمطلوب الآن أن نناقش ما تحت ذلك السقف وما هو داخل ذلك الوعاء حتى لا نفاجأ بمتسلل أخر يسرق ذلك الحلم ويعيدنا إلي المربع رقم (1) .

البحث عن هوية

كيف ولماذا ؟

أتصل بي بعض الأخوة وطلبوا مني أن أكتب عن ( الهوية ) ولم أعرف في بداية الأمر مغزى وأهداف ذلك الطلب .

  هل هناك ( هوية  ضائعة ) بالفعل يجب البحث عنها ؟ هل هناك تداخل وتشابك في العلاقات والاصطفاف السياسي والاجتماعي جعل من موضوع الهوية أمراً لا يمكن الإحساس به ؟ ولكن في نهاية الأمر وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب – أنه الظلم وغياب العدالة والمساواة والحرية – قاتل الله الدكتاتورية – قتلت كل شي جميل في حياتنا – أضاعت الجذور والانتماء زورت التاريخ والتراث – وفرضت ( هوية ) لا تفهمها ولا تقبلها الأغلبية .

  الإنسان بطبيعته كانت اجتماعي – يسعى للارتباط بمن حوله والعيش معهم ومشاركتهم في كل شئون الحياة – اللهم آلا إذا كان الشخص ، مصاباً بمرض نفسي ( اكتئاب ) أو خلل عقلي . والهوية في معناها العام هي انتماء وفي مبناها الخاص هي منظومة متكاملة من العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية .

 يبدأ الفرد ارتباطه بالعشيرة – فهي تحميه وتدافع عنه ، وهو بالمقابل يدافع عنها ويفخر بها . ثم مع توسع العلاقات تمتد تلك الروابط إلي العشائر الأخرى والأقاليم المجاورة . أما تلبية لمصلحة مشتركة ( الرعي والتجارة ) أو تضامناً لمواجهة عدو مشترك ( حملات ألولا ) .

  كانت إريتريا في تلك المرحلة من تطورها التاريخي ونمو وعي سكانها بانتمائهم وما يجمعهم من مصالح مشتركة – كان هذا حال البلاد حينما جاء الاستعمار الإيطالي ( 1890 ) أصبحت إريتريا وحدة جغرافية واحدة تخضع لقوانين موحدة يفرضها الإيطاليون . تلك كانت أول تجربة مشتركة تجمع  بين الاريترين – وهى تماثل  – مع الفارق – تجربة المعتقلين فى سجن ما – تجمع بينهم المصيبة ويفكرون معاً للهروب والتخطيط والتعاون للتخلص من محنتهم . صحيح أنهم لا يتفقون علي الخطوة التالية – أي ماذا يفعلون بعد الخلاص ولكن تلك أيضاً هي مشكلة حركات المعارضة والخلاص من الاستعمار والأنظمة الدكتاتورية .

ومع نمو واستمرار التجربة المشتركة والعيش في ظل وحدة أساسية ( استعمارية ) وجغرافية يرتفع انتماء المواطن إلي سقف أعلي أسمه ( الوطن ) ومع تطبيق قوانين ونظم موحدة علي الجميع ينمو الإحساس ( شي ما ) مشترك أسمه الهوية الجامعة ( الوطنية ) وبعد هزيمة إيطاليا والبدء في البحث عن تقرير مصير الشعب الإريتري بدأ موضوع ( الهوية ) يأخذ أبعاداً جديدة .

تم التخلص من المحتل ( إيطاليا ) ولكن لم يتفق ( المواطنون ) علي البديل . تدخلت عوامل خارجية ( إثيوبيا ) لتجهض مشروع بروز الهوية الإريترية واستخدمت في ذلك كل الأسلحة ( الدينية والاقتصادية والتاريخية  ) وتدخلت القوي الخارجية ( أمريكا ) لتحقيق مصالحها الاستراتيجية ووقفت إلي جانب إثيوبيا .

أنقسم الإريتريون إلي فئات ثلاث .

* الأولى تقودها النخبة المسيحية ممثلة في حزب الوحدة ، تطالب بالانضمام إلي إثيوبيا ( الأم ) ولم تكن ( الهوية الإريترية خياراً مطروحاً إمامها .

* الثانية تقودها النخبة الإسلامية ممثلة في الرابطة الإسلامية وهذه رفضت منذ البداية فكرة الارتباط بإثيوبيا للأسباب التالية :

1-              ما رسخ في ذاكرتها  من حملات ( هبتي يوهنس ) ضد المسلمين في إثيوبيا مما أجبر بعضهم للهرب إلي إريتري .

2-               عرفت الإمبراطورية الإثيوبية بأنها كانت معقلاً للمسيحية في القرن الأفريقي ، وحليفاً للكنسية  الأرسوزكية منذ عهد القياصرة في روسيا وكنيسة الإسكندرية   .

3-               كان للمسلمين بدائل أخرى بعضها  خارج إريتريا ( السودان ) حيث القاعدة الإسلامية المتعاطفة معهم ، وبالفعل ذهب وفد من الرابطة إلي السودان وقابل زعيمي الطائفة الختمية  وطائفة الأنصار . وبالرغم من الاختلاف الظاهر بين الرجلين آلا أنهما اتفقا علي جواب واحد :   طالبوا باستقلالكم  وتمسكوا بإريتريا الواحدة الموحدة . كان السيد  علي   الميرغني  زعيم الطائفة  الختمية مشغولاً بوحدة وادي النيل وكان ينظر  شمالاً –  أما إريتريا فرغم أن غالبية المسلمين   فيها كانوا من الختمية آلا أنه من الحكمة أن يبقوا ليشكلوا قاعدة خلفية له   وربما   احتاج   إليهم في المستقبل .

أما السيد /  عبد الرحمن المهدي   زعيم طائفة الأنصار فقد دعم رأي  السيد  علي الميرغني من منطلق أن مسلمي إريتريا هم أتباع   الطائفة الختمية فلماذا يزيد  من خصومه  في السودان . لتلك العوامل وغيرها تمسك  المسلمون في إريتريا بالهوية الإريترية خياراً تاريخياً يحفظ لهم حقوقهم ومكانتهم .

*   الفئة الثالثة  – كانت النخبة المسيحية ( رأس  تسما – ولدأب ولد مريام  — الخ ) وهؤلاء  دخلوا في خصومة وعداء مع الأسرة الحاكمة في  إثيوبيا   بمطالبتهم بمشروع   ( تقراي  تقرنية ) وعندما فشل المشروع عادوا لرفع شعار   ( إريتريا للإريتريين ) ومرة أخرى  رفض حزب الوحدة ذلك  الشعار فكان   أن التحقوا بالحركة  الاستقلالية .

  مما تقدم   نجد بأن المسلمين في إريتريا ( الغالبية العظمى )   هم الذين دافعوا  عن الهوية  الإريترية – المرة الأولى   في فترة تقرير  المصير – والثانية   في ( حركة  التحرير ) والثالثة في الكفاح  المسلح .

كانوا   هم المبادرون والمتمسكون بذلك الشعار حتى تحقق  في  1993م .

ولكن مع بدء   مرحلة الاستقلال أكتشف المسلمون أم الدولة ليس دولتهم . أنها دولة شوفينية لقومية واحدة  تحاول  فرض  ثقافتها ولغتها علي الآخرين أكثر   من  ذلك استأثرت تلك   القومية بالسلطة  والثروة وكل المكاسب  والمواقع عندئذ تراجع   الإحساس بالانتماء إلي ذلك  ( الوطن )  وبدأ البحث عن بدائل لتلك  الهوية ، وهذا أمر   طبيعي ومعروف   في الطبيعة  البشرية .   ففي أوقات المحن الكبرى والمصائب العامة يلجأ الإنسان إلي طبيعة فطرته الأولى أما الدين أو الخلفية الاثنية   والاجتماعية  . ما حدث في إريتريا – بعد الاستقلال وثبوت الهوية الإريترية واعتراف العالم – حدث  أن تسلل قوم غرباء  وسرقوا تلك الهوية والبسوها لباساً أخر .

  أحد الأصدقاء كان يناقشني منذ أيام   حول بعض  المظاهر وأعرب  عن مخاوفه  من بروز ظاهرة التشرزم  والتقوقع ،  والانقسامات  علي حساب   الهوية الجامعة ( إريتريا ) كرد فعل علي  ما أصابهم  .

أشار إلي انتشار المواقع الإلكترونية ذات الانتماء العرقي والاجتماعي  ( جبرتى – كوناما – بني  عامر – ساهو – بلين الخ . ) وأشار  إلي بعض   مظاهر  التمحور والاصطفاف السياسي ذات الطابع الإقليمي .

  ولكن أجبته   : لا تقلق – ذلك أمر طبيعي ومفهوم   عندما يصبح  السقف الجامع آيلا للسقوط وتكثر الثقوب فيه  فان  طوق النجاة هو العودة إلي الجذور والتمسك بالتراث والموروث .

أن  ما تشاهده هو عملية مخاض  عسيرة قبل ميلاد الوطن الجديد  الذي نحلم به  . أنها عملية تصحيح للتزييف الذي مارسته الشوفينية  الحاكمة .

  وستعود تلك المرتكزات الثقافية والاجتماعية أكثر قوة وصلابة بحيث يكون السقف العلوي ( الهوية الإريترية ) جامعاً للتنوع والتعدد في شكل جديد من العلاقات وفي صيغة جديدة من المشاركة .

   السودان ( الشمال ) أضاع نصف قرن بعد الاستقلال ليصل إلي ما وصل إليه مع ( جون قرن ) : ( السودان بلد متعدد الثقافات ولابد من اقتسام وتوزيع  الثروة والسلطة  )   وأبناء القومية  الحاكمة في إريتريا والذين  رفضوا نهج الحزب الحاكم و انضموا إلي   المعارضة واعترفوا بالمشاركة  والتعددية  يمثلون بداية التحول  في ظهور فهم جديد واعتراف بالأخر .

تبقى لدي  الطرف الإسلامي قضية أخرى : هل إريتريا عربية أم لا؟ هل تنضم إلي الجامعة العربية ؟.

العروبة هي لسان ( لغة )  فإذا أقرت اللغة العربية  كلغة رسمية في إريتريا فلماذا البحث عن الأصول والجذور  وهي قضية  أكاديمية والحال أن معظم ( العرب ) الذين أصبحوا أعضاء في الجامعة العربية لا يستطيعون إثبات نسبهم إلي قحطان أو عدنان !

أما عضوية الجامعة  العربية فتلك قضية تحكمها المصلحة التي  ستعود إلي إريتريا بالانضمام والخسارة التي تلحق  بها إذا  لم تكتسب العضوية . وحتى الجبهة الشعبية  التي كانت تزداود في الأمر وتنكره جملة   وتفصيلاً تقدمت بطلب عضوية مراقبة ! وهناك دول أوربية – لا يشك أحد في انتمائها الأوروبي –  رفضت الانضمام إلي  الاتحاد الأوروبي والعملة   الموحدة .

  لذا  فان هذه قضية يمكن حسمها في مرحلة  الديمقراطية وستكون مطروحة  في أجنده وبرامج بعض الأحزاب  أو يمكن  أن يجري استفتاء حولها .

الخلاصة :

* هويتنا إريترية – العالم أجمع اعترف بها ويتعامل  معنا علي أساسها .

* تحت ذلك السقف توجد تعددية وتنوع ومن حق   الجميع التمسك بخصوصيته وممارسة ( هويته ) الخاصة باعتراف الجميع واحترامهم  له .

* لا هوية عامة دون الاعتراف  بالانتماء الخاص – أنه تدرج في الانتساب تحدده المشاعر ووجود  المصلحة المشتركة وممارسة المشاركة الحقيقية

  *  نريد  بعد سقوط  الدكتاتورية :

* الوطن الذي  يكون حقاً وواجباً للجميع .

* الوطن الذي يتساوى فيه  الصغير والكبير – الشيخ والرضيع .

*  وطن لا يقوده سمسار  يشتري ويبيع   .

* وطن يفخر فيه   أبناؤه بانتمائهم  إليه ويشعر الجميع بأنه ( الوطن ) ملك لهم .

* وطن يعيش في سلام دائم وينعم  بالرخاء والوفاق وفصوله   كلها ربيع .


الحلقة الثانية

ما هي السلطة ؟؟.

بقلم / عمر جابر عمر

 ملبورن – استراليا 2005/4/1

  هي امتلاك القوة أو الحق  لإدارة شئون الناس وفرض تطبيق القوانين عليهم . وهنا يأتي الفرق بين الدكتاتورية والديمقراطية : الأولى تفرض نفسها بالقوة والثانية تمتلك الحق  بالتفويض من القاعدة ( الانتخابات ).

السؤال الأول : هل مارس الإريتريون السلطة ؟

 الإجابة نعم .

مارسوها من خلال تطبيق  تشريعات وقوانين  ارتضوها واتفقوا عليها ( كل في منطقته )  مارسوها من خلال كنتيباي – دقلل – شوم – سلطان  – مسلينا – جقا – نايب  – والناظر والعمدة .

السؤال الثاني : هل تطلع الإريتريون إلي حكم أنفسهم ؟

 الإجابة  نعم – والشواهد الكتلة الاستقلالية – حركة تحرير إريتريا – جبهة التحرير الإريترية – الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا .

السؤال الثالث : هل يفرق الإريتريون بين الحكم الصالح وغير الصالح ؟.

الإجابة : نعم – والدليل – الموقف الذي يقفه الإريتريون من النظام الدكتاتوري الحالي في الداخل والخارج إذا كانت هناك انتخابات حرة فأن أكثر  من 90% من الإريتريين اليوم سيطالبون برحيل النظام الحالي :

أنه نظام ممقوت – مكروه – مرفوض – معزول – مذموم   —  ولك أن تضيف ما شئت من الصفات الميمية  .

  كيف   نريد السلطة في فترة ما بعد الدكتاتورية ؟.

هناك مستويات :  مركزي – ولا مركزي  ( إقليمي ) .

أولاً :السلطة المركزية

الأسس والمرتكزات  لأي نظام ديمقراطي  هي .

1-      رئيس الدولة – سواء تم انتخابه من الشعب أو من البرلمان – يتوقف  ذلك علي شكل الحكم الذي يختاره الإريتريون رئاسي أو برلماني .

2-       المجلس التشريعي – البرلمان وهذا يتم انتخابه مباشرة من قبل الشعب ومن حقه انتخاب  أو إسقاط  الحكومة وسن القوانين والتشريعات .

3-                الحكومة وهذا ينتخبها البرلمان  وتتكون أما من حزب واحد يحصل علي الأغلبية أو إتلاف لعدة أحزاب وهي خاضعة لمحاسبة البرلمان وهي السلطة التنفيذية للبلاد .

4-      الجيش والأمن _

الجيش هي مؤسسة وطنية مهمته حماية الدستور والبلاد   من أي غزو خارجي . وهو في تركيبته وبرنامجه وأهدافه  لا يشكل جزءا من الواقع الحزبي  والاصطفاف السياسي . كذلك الأمن  – في رسالته وأداته يهدف إلي حماية البلاد من الأعداء أو التآمر أو التخريب – وكلا الجهازين هما لحماية الشعب والدفاع عنه وليس للتسلط عليه .

5- القضاء – علي مستوى مركزي توجد  المحاكم العليا ومحاكم الاستئناف . والقضاء  مؤسسة مستقلة  لا يتدخل  في شئونه أحد ولا يفرض عليه أحد – حتى رئيس الدولة   – قراراته .  القضاة الأساسيون يمكن تعيينهم من قبل البرلمان ثم يعطي مجلس  القضاء  صلاحية تعيين  القضاة في المحاكم الأخرى .

5        – الجهاز الإداري  – وهذه واحدة من القضايا التي تحتاج إلي دراسة ووضع أسس للتعيين وشروط تضمن أنصاف كل الفئات واتباع شفافية  في تطبيق تلك الأسس حتى لا نجد أنفسنا أمام جهاز 90 % منه  من طائفة واحدة وقومية واحدة .  أنه نموذج لحضارة وتقدم أي دولة ومقياس لفاعلية السلطة في تقديم  خدماتها ومعيار لمصداقيتها في الاهتمام بقضايا شعبها .

كل ذلك يتم في إطار دستور جامع وشامل يوافق عليه الشعب ويرسم الملامح العامة ويحدد  الصلاحيات ويقنن العلاقات بين العاصمة ( المركز ) والأقاليم ( الأطراف ) .

ثانياً السلطة اللامركزية :

1-      المجلس  الإقليمي – وهذا يتم انتخابه من قبل سكان المنطقة (  الإقليم ) . يقوم بتشريع  قوانين  محلية تساعد  علي تنمية المنطقة ومراعاة  ثقافاتها وتقليدها .

2-       مجلس الإقليم وهو عبارة عن حكومة الإقليم وينتخبه  المجلس المحلي . يقوم  بالأعمال التنفيذية والإدارية والأشراف  علي شئون  المنطقة –  وهو حلقة  الصلة  مع المركز .

3-                  الشرطة – لابد من وجود شرطة لكل  أقليم تستوعب بالدرجة الأولى أبناء المنطقة وتدرك كيفية  التعامل مع المواطنين .

4-      الجهاز الإداري – جهاز الخدمة المدنية – ماعدا المهام التي تتطلب  استدعاء موظف من المركز أو الأقاليم الأخرى فأن الأولوية يجب  أن تكون لأبناء الإقليم – وفقاً للكفاءة والتجربة ليس من المعقول أن يتم توظيف  ساعي ( فراش ) أو سائق  من الأقاليم الأخرى  وأبناء المنطقة  عاطلون عن العمل  ( حدث ذلك في ظل الحكومة الحالية )  أن الحكم اللامركزية لا يعني ( انفصالاً ) بل تكاملاً واعطاء  أولوية  للمناطق الأكثر تضرراً  وتلك   مهمة الحكومة المركزية  التخطيط الاستراتيجي  – الجيش – الأمن – العلاقات الخارجية ) .

5-                 والسؤال : ما هي الأقاليم  التي ينطبق عليها ذلك  ما هو عددها ؟ هل   هي    كما كانت في فترة الاستعمار البريطاني  أم الإثيوبي ؟ أم كما هي   حددها النظام الدكتاتوري  الحالي ؟

تلك  هي مهمة  التحالف الديمقراطي –   لابد من تشكيل لجان متخصصة تبحث  وتدرس وتستمع إلي المواطنين وتقوم بتحضير أوراق عمل تحوي  تصورات وأفكار  حول المستقبل – وأهم القضايا – الأقاليم ( التقسيم الإداري ) ألوية التنمية – الثروة ) . وكل ذلك يتوقف  علي معرفة مصادر الثروة وحجمها وكيفية توزيعها .


الحلقة الثالثة

الثروة

بقلم / عمر جابر عمر

 ملبورن – استراليا 2005/4/12

الثروة هي أما من الطبيعة أي ما تجود به الأرض سواء كان علي سطحها أو تحتها أو فى جوف البحار ، أو ما ينتجه الإنسان من ثروات ويمتلكه ويستثمره . وبما أن البشر غير متساون في حظوظهم من الحصول علي ثرواتهم الخاصة ، فان ذلك يمكن أن يكون بسبب قلة التعليم ، وغياب المهارات وضياع الفرص ووجود عوامل بعضها خارجي والأخر ذاتي يتعلق بالفرد نفسه ومدى طموحه والجهد الذي يبذله  لتحسين أوضاعه  .

ولكننا هنا نتحدث عن الشأن العام – الثروة العامة وكيفية توزيعها علي الأقاليم والمناطق بالتساوي بحيث لا يشعر جزء من المواطنين أنهم حرموا من حقهم  لا لسبب وإنما فقط لموقعهم الجغرافي أو انتمائهم الثقافي الخ ولكن ما هي تلك الثروة العامة وكيف يمكن توزيعها ؟.

يقول الحديث الشريف .

الناس شركاء في ثلاث – الماء والكلأ والنار .

1/ الماء – يعنى الأنهار – والبحار  – الأمطار والمياه الجوفية وكل ثروة تتجمع بدخول عنصر الماء فيها – ( الثروة السمكية – الملاحات – السياحة ) .

2/  الكلأ – الأرض وما عليها وما في جوفها – والأرض أما للزراعة أو الرعي أو السكن وكل ذلك حق مكتسب يمكن للفرد أو الجماعة الحصول عليه .

تبقى مواقع كالجبال والغابات والصحاري فتلك هي للاستثمار العام من قبل الإدارة – مركزية كانت أم إقليمية

3/ النار  تعني بالمصطلحات الحديثة : الكهرباء – البترول – المعادن الخ .

وللقيام بعملية توزيع الثروة بالعدل يجب أولاً حصر وتحديد تلك الثروة – ومن ثم وضع أسس التوزيع . والهدف من توزيع الثروة هو الحفاظ علي قواسم مشتركة  ( اقتصادية واجتماعية ) تحافظ علي الحد الأدنى من الترابط الاجتماعي وتمنع حدوث شروخ اجتماعية بسبب الفوارق الاقتصادية  .

1/ أولا مع إتاحة الفرصة للجميع لابد من منع الاحتكار سواء كان للفرد أو للجماعة – احتكار السوق أو السلع أو مجالات الاستثمار .

2/ لابد من فرض ضرائب تصاعدية تنظم عملية المكسب وتمنع ظهور طبقة تستأثر بالغني الفاحش والآخرين في قاع الفقر . وتلك الضرائب تستخدمها الحكومة في تقديم الخدمات وتمويل مشاريع التنمية لتضييق الهوة الاقتصادية بين فئات المجتمع .

3/ مع فتح الأبواب للاستثمار الخارجي آلا أن يكون باتجاه الاستثمار الإنتاجي الذي يوفر العمالة ويقلص من البطالة ويفتح المجالات خاصة للشباب للتدريب والتأهيل واكتساب المهارات والخبرات .

4/ لابد من إعطاء الأولوية للمناطق والأقاليم الأكثر حوجه للاستثمار . وإذا ظهرت ثروة ما في منطقة ما فان سكان تلك المنطقة أولى الحصول علي الفوائد التي تجلبها تلك الثروة ( بترول – معادن – الخ ) هذا لا يعني حرمان المناطق الأخرى – ولكنها عملية ترتيب الأولويات بحيث نضمن  بأن التطور الاجتماعي والاقتصادي يسير في خطوط متوازية .

5/ الثروة العامة تستثمر في مشاريع إنتاجية وتنموية أما محلية ( الأقاليم والمناطق ) وأما مركزيا علي مستوى البلاد . لا يمكن أن يعيش جزء من البلاد في رفاهية و ( بحبوحة ) والأجزاء الأخرى تعاني من مشاكل الفقر والتخلف . حتى الخدمات ( مدارس – مستشفيات – طرق – الخ –  ) يجب أن يتم توزيعها بعدل وأنصاف مع إعطاء الأولوية للأكثر حوجه وتضرراً من مرحلة الكفاح المسلح .

توزيع الثروة لا يعني جمعها وتقسيمها بالتساوي علي كل فرد – إنما المقصود هو تثبيت المبدأ في أحقية الجميع في تلك الثروة ثم من خلال التخطيط والتشريع للجهات المختصة ( مركزية وإقليمية  ) يتم استخدامها ( الثرة ) من منطلق الإصلاح العام والبناء الكلي ( الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ) أما الثروة الخاصة وما يصيبه الفرد من عمله وجهده فذلك حق يكفله له الدستور ويتوقف علي جهده وسعيه وحظوظه .

وبما أن الثروة بهذا المفهوم تصبح عامة وملكاً للجميع فلابد أن يعمل الكل علي حمايتها والحفاظ عليها وعدم إهدارها في ميزانيات للحفاظ علي المظاهر والمشاريع غير الإنتاجية .ولكن ذلك كله يتوقف علي وجود وعي عام وشامل والأهم من ذلك قوانين للحماية والتنظيم والمحاسبة ، وفوق ذلك كله أن تكون هناك دولة سيادة القانون – لها دستورها وتشريعاتها ومؤسساتها المنتجة .

 


الحلقة   الرابعة

دولة سيادة القانون

بقلم / عمر جابر عمر

 ملبورن – استراليا

القوانين يتم وضعها لتنظيم حياة الناس – علاقاتهم – واجباتهم – حقوقهم وبصفة عامة حركتهم اليومية . وكلها كانت تلك القوانين نابعة من إرادة الناس ومعبرة عن رغباتهم كلما وجدت قبولاً وتأييداً . لهذا فان استشارة الناس قبل وضع الدستور أمر حيوي ومعرفة آرائهم – ومقترحاتهم مسألة مركزية في عملية الأعداد ومن ثم موافقتهم النهائية عليه من خلال استفتاء يمثل الفيصل في تحديد مشروعية تلك الوثيقة .

أن الدستور هو التعبير عن تطلعات ورؤية المواطنين وهو الوثيقة التي تفصل بين نظام دكتاتوري وأخر ديمقراطي . أنه البوصلة التي يهتدي بها المجتمع وتضبط إيقاع حركته اليومي ويضع أسس وشروط عمل أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية ، والقضائية وعلاقاتها فيما بينها وعلاقة الدولة ككل مع المجتمع ( العقد الاجتماعي ) والدستور هو علامة ودليل علي حضارة الأمة ومقياس لمدى جديتها للنهوض والتنافس مع الأمم الأخرى .

وهو ( الدستور ) وأن كان جامعاً وشاملاً آلا أن يفسح المجال لوجود تشريعات وقوانين فرعية أخرى لا تتناقض معه ولكنها تختص بشئون  وقضايا داخلية وفرعية أو بمجموعات لها خصوصيتها ( مثل قانون الأحوال الشخصية  للمسلمين وقانون الأرض وتوزيع الثروة … الخ ) .

أن الدستور ( مظلة ) يستظل بها الجميع ولكنهم تحت تلك المظلة يحق لهم ابتكار وتشريع قوانين تجعل حياتهم أكثر يسرا وسهولة . الدستور هو القانون الذي يتساوى أمامه الجميع ويمثل ضمانة لكل فرد في اكتساب حقوقه وعدالة في توزيع الواجبات . والدساتير أنواع – وليس هناك دستورا مثالياً يحتذي به – فلكل شعب دستوره الذي يجسد طموحاته ويعبر عن خصوصيته . ويعكس ثقافته وتركيبته الاجتماعية والسياسية ولكن يجب أن تتوفر عدة شروط في أي دستور يراد له أن يكون نموذجياً قابلاً للثبات :

* أن لا يكون جامداً ويصبح عقبة أمام أي تطور اجتماعي مما يفقده القدرة علي مواكبة المستجدات والمتغيرات في المجتمع المعني .

* أن لا يكون عرضة للتغيير والتبديل كلما كانت هناك مصلحة حزبية أو فئوية وراء ذلك الموقف مما يفقده الثبات والاحترام الذي يجب أن ينظر به الناس إليه .

الدستور ليس ترفاً أو تحفة يقتنيها الناس لوضعها في متحف أو الأرشيف . ولا هو لوحة تجميليه لرفع العتب والتباهي إمام الآخرين .

* أنه ضرورة حيوية لتشكيل وصياغة حياة المجتمع بأسره .

* أنه آلية لا غنى عنها لبناء المجتمع الديمقراطي وتنظيم حركة المجتمع وتحديد توجهاته وتقنين علاقاته .

* أنه المرجع الذي يلجأ إليه الناس إيجاد التفسير لما كانوا فيه مختلفون ومعرفة الإجابة علي الأسئلة التي تواجههم

ليس بالضرورة أن يكون الدستور تفصيلياً يحوي الحواشي وهوامش  الشرح والتفسير – فهناك دائماً قوانين لاحقة وملحقة تصدر للتفسير وتيسير فهم مواده . لقد كانت ( دساتير ) الأعراف والتقاليد غير مكتوبة ولكن كان  لها حفاظها وحماتها ومفسروها من قيادات العشائر وواجهات المجتمع .

وبريطانيا ذات التجربة الديمقراطية العريقة ليس لها دستوراً مكتوباً !!.

الأساس هو وجود وعي عام وإيمان لا يتزعزع وقناعة ثابتة بالدستور وضرورته . أن الذاكرة الجمعية للمجتمع والوعي العام والفهم المشترك تشكل ضمانات حقيقية لحماية الدستور ومنع أي انحراف أو تحريف أو تجميد له .

ولكن مع توفر ذلك كله لابد من وضع ضمانات قانونية وإجرائية واجتماعية وسياسية لتحقيق ذلك الهدف . لابد من خطوات تسبقه وإجراءات تواكبه وضمانات تتبعه .

1/ أن يتم إشراك القاعدة في مراحل إعداده وذلك بجمع آراء ومقترحات كافة  قطاعات المجتمع .

2/ تتم القراءة والمراجعة في الهيئة التشريعية المنتخبة  ثم يعود إلي القاعدة لإقراره بشكل نهائي ,

3/ في مرحلة التطبيق لابد من توفر أجهزة ومؤسسات لتطبيقه وحمايته وتفسيره ( قضاء مستقل – صحافة حرة – منظمات المجتمع المدني – الخ )

4/ وجود القدوة التي تكون نموذجاً للالتزام به – بدءا برئاسة الدولة وانتهاء بمنتصبي الجيش والأمن مروراً بموظفي الدولة . والتطبيق العملي لذلك يكون بمحاسبة المسئولين في كل مخالفة ( بدءا من كسر إشارة المرور إلي استغلال النفوذ والتهرب من الضرائب . والنتيجة ستكون دولة سيادة القانون . دولة يعرف فيها المواطن حقوقه فيطالب بها وبالمقابل يدرك ما عليه من واجبات تجاه بلده ومجتمعه فيبادر إلي أداء ذلك الواجب دون ضغط أو مطاردة من . في دولة القانون تكون السيادة لقانون ولما كان القانون من وضع المواطنين  فأن المواطن هو ( السيد ) والقائد هو ( خادم الشعب ) أنها الدولة الحضارية التي يفخر بها مواطنوها ويحترمها العالم .

دولة الظلم ساعة ، ودولة الحق إلي قيام الساعة .


الحلقة  ( 5 )

 بناء الأمة

بقلم / عمر جابر عمر

 ملبورن – استراليا

في لقاء ضم وفد من التنظيم الموحد مع الحكومة الإريترية المؤقتة عام 1992م – وكنت عضواً في ذلك الوفد – دار الحديث حول هموم بناء دولة  إريتريا الحديثة .وحينما جاء دوري في الحديث قلت :

( بناء الدولة مهمة كبيرة وشاقة ولكن هناك مهمة تسبقها وتواكبها وتتواصل معها حماية لها – تلك هي مهمة بناء الأمة – قد  ( نبني ) دولة لا تستند إلي أمة موحدة لها جذورها وطموحها – مثل الكثير من الدول الأفريقية المعاصرة – ولكن إذا نجحنا في بناء الأمة بصورة صحيحة فان الدولة التي تعبر عن تلك الآمة ستكون أيضاً ناجحة . )

  وحينما تحدث ( أسياس أفورقي ) رئيس الحكومة الإريترية المؤقتة  في ذلك الوقت قال :

( صحيح ما قاله الأخ عمر – أن بناء الأمة يجب أن تكون له أولوية ونحن في الجبهة الشعبية سنتعاون مع الجميع لتحقيق ذلك …..  )  .

   هل كان يكذب ؟.

ليس تماما …..  فموضوع بناء الأمة كان يحتل حيزاً كبيراً في فكره – خطط له وعمل من أجله منذ مرحلة الثورة وعندما جاء إلي السلطة بدأ في تنفيذ ه ….  ولكن السؤال . أية أمة ؟؟ أنها أمة العنصر الواحد والثقافة الواحدة وما تبقى فهي هوامش وتوابع لا تغير شيئاً بحضورها ولا ينقص شي بغيابها !

وتلك ليست الأمة التي نعني أو ننشد – ما هي الأمة التي نريد أن نبنيها ؟ ما هو شكلها ومحتواها ؟؟ ما هي مرتكزاتها ومنطلقاتها ؟؟ ما هي طموحاتها وتطلعاتها ؟؟

   يقول المصريون في وصف وتعريف أمتهم : ( عنصري الأمة ) إشارة إلي المسلمين والأقباط ).

فما بالك بالحال في إريتريا والعناصر كثيرة والمكونات متعددة ومتباينة – دينية وثقافية وعرقية !؟ .

1/ الخطوة الأولى هي الاعتراف والإقرار بمكونات ذلك المجتمع – الاختلاف الديني والتباين الثقافي والتعدد العرقي – الاعتراف  لا يعني الإقرار بالوجود والسلام بأسلوب  ( متحفي ) كما يعترف الأستراليون بالسكان الأصليين باعتبارهم أصحاب الأرض الأصليين ويتوقفون عند ذلك الحد !! .

بل أن ذلك الاعتراف يجب أن يتبعه ويصاحبه إعطاء الحقوق الكاملة والتعامل الصحيح والمساواة في الحقوق والواجبات .

2/ الاختلاف الديني – إقرار حرية العقيدة وممارستها دون قيود – سواء كان بتدريس الدين في المدارس الخاصة والاعتراف بالأعياد الدينية وجعلها جزءا من أعياد الدولة الرسمية وإصدار القوانين الخاصة التي تتعلق بتنظيم حياتهم ( قانون الأحوال الشخصية ) والأهم من كل ذلك ضمان مشاركة الجميع في السلطة الجميع في السلطة والثروة .

3/ التباين الثقافي – لا يتوقف عند تشجيع ودعم كل مجموعة للحفاظ علي ثقافتها وتطويرها ، بل يجب جعل تلك الثقافة جزاء من المكون الثقافي الكلي للأمة – من فنون واداب وتراث وعادات وتقاليد بمعنى أخر لا يجب أن نشير  إلي ثقافة ما بأنها إريترية ونصف أخر بأنها تخص فئة معينة !!.

4/ التعدد العرقي – الاعتراف به يجب أن يتبعه إعطاء كل قومية فرصة متساوية للمشاركة في الحياة العامة – بدءا برئاسة الدولة والوزارة وانتهاء بمؤسسات الدولة ( الجيش – الأمن ) مروراً بجهاز الخدمة المدنية – والحكم الإقليمي هو أحد وسائل تحقيق تلك الغاية .

  • ·        إريتريون نحن ؟ – نعم
  • ·        نشترك في وطن واحد ؟ – نعم .

ولكن ذلك المسمى وتلك الجغرافيا تصبحان بلا معني ولا قيمة إذا لم يكن الأساس مرتكزاً إلي تلك المكونات والعناصر .

   أن الهوية الجامعة ( إريتريا ) يجب الوصول إليها عبر بوابة تلك ( المحطات ) التي تمثل الهويات الخاصة )

    ومن أجل تحقيق تلك الهوية الجامعة – الإريترية – لابد من إقرار وبناء وإرساء الأسس التالية .

أولاً   اللغة الرسمية – لقد أختصر المسلمون الطريق وقاموا بتيسير مهمة البناء باتفاقهم علي لغة واحدة – العربية  ، ماذا كان سيكون الحال لو تمسكت كل قومية بلغتها وطالبت أن تكون لغة رسمية ؟ وللحقيقة والأنصاف فان لجنة الدستور برئاسة دكتور ( برخت هبتى سلاسى )  في تقريرها النهائي قدمت توصية باعتبار اللغتين العربية والتجرنية لغتين رسميتين – وذلك نتيجة لاستطلاع رأي القاعدة .

ولكن فجأة أستدعى ( أسياس أفورقي ) لجنة الدستور وفي اجتماع رسمي حضره إلي جانبه مساعده الأمين (  عبد الله جابر ) قال لهم ( أن تلك التوصية هي ضد سياسية الجبهة الشعبية وضد برنامجها وبالتالي لا مكان لها في الدستور — ) وبذلك تم الإعلان الرسمي عن ( وفاة ) اللغة العربية !.

وفي لقاء موسع للكادر وممثلي المنظمات برئاسة ( يمانى قبرأب )  المستشار السياسي لرئيس الدولة – نوقش موضوع اللغة مرة أخرى وكان رأي أغلبية الحضور : اعتماد اللغتين العربية والتقرنية لغتين رسميتين  وعندما وجد رئيس الجلسة أن الأمور لا تسير بالاتجاه الذي يريده الرئيس أعطى الكلمة للأمين العام للجبهة الشعبية ( الأمين محمد سعيد ) الذي قال أن قرار الجبهة الشعبية هو عدم اعتماد لغة رسمية ، وسنعمل علي ( تعويم ) اللغات حتى تتنافس فيما بينها !! ) وأنهى رئيس الجلسة الاجتماع قائلاً : تلك هي إرادة الشعب !!.

وبذلك تم ( تشييع ) اللغة العربية  نهائياً بعد إعلان وفاتها في الاجتماع الأول . ويبدوا أن أمين الجبهة الشعبية لا يفهم مصطلح ( تعويم ) – اللغة أولاً ليست ( عملة ) يمكن تعويمها – والمصطلح ثانياً يستخدم لإنقاذ وضع اقتصادي متردى ، وإعطاء فرصة لتقوية آليات السوق والتقاط الأنفاس حتى تستعيد العملة أنفاسها ! أما أن يطبق ذلك علي اللغات – معنى ذلك ( إغراق ) تلك اللغات ( الضعيفة ) لأنها لا تستطيع أن تنافس لغة أصبحت عملياً اللغة الرسمية في الدولة – التقرنية – وهذا ما كان  يخطط له أصلاً . إذا لم يتم إقرار اللغتين فلن تكون هناك أمة واحدة – وحسناً فعلت منظمات المعارضة بإقرارها ذلك في ميثاقها .

ثانياً  – دولة العدالة والمساواة – دولة يحكمها القانون ويشارك فيها الجميع .

ثالثاً :  الحرية والتعددية السياسية .

رابعاً : منظمات المجتمع المدني – أن دورها لا يقتصر علي حماية عضويتها وتنفيذ برامجها الخاصة بل أن تركيبتها ونشاطاتها ستكون بامتداد الوطن وتضم أعضاء من مختلف الخلفيات الثقافية  والعرقية والدينية .

الأمة التي نريدها هي :

  • ·        أمة متماسكة – تعيش في وفاق واتفاق ويشترك فيها الجميع في الحق والواجب وتحترم كل فئة الأخرى .
  • ·        أمة تؤمن أن الوطن لها ويجب الدفاع عنه وحمايته . تعتز بتأريخها وتفخر بأمجادها ولها رسالة تنقلها من جيل إلي جيل .
  • ·        أمة لا تنكسر ولا تنهار إمام المحن والكوارث ولا تصاب بالخيلاء إذا حققت نجاحاً علي الآخرين .
  • ·        أمة تعمل يومها بلا كلل من اجل غداً أفضل وتبني حياتها علي قيم ومثل عليا لا تتزعزع .
  • ·        أمة لا تخشى من يحاول أن يعتدي عليها ولا تخون من يمد لها يد الصداقة – ولها رسالة إنسانية تجمعها مع بقية سكان المعمورة .
  • ·        أمة تكون قيمة الفرد فيها  بما يقدم ويعطي وبما يملك من صفات ومواصفات تقدمه علي غيره .

وفي غياب هكذا أمة فان الدولة التي تنشأ ستكون هيكل بلا روح وجسد بلا عقل – تسير بلا اتجاه وتلعب بها الرياح تأخذ ولا تعطي – تفرق ولا تجمع – تعيش ليومها ولا تحسب للغد – منقطعة عن جذورها – منفصلة عن محيطها وهكذا حال إريتريا اليوم

             كان الله في عون الشعب الإريتري .


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6528

نشرت بواسطة في مارس 20 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010