الى جنات الخلد يانبراس العلم

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الى جنات الخلد يانبراس العلم

 

تتوالى علينا هذه الايام اخبارا  تفقدنا الطمأنينة وتكرس فى داخلنا الخوف بقوة لم تعهدها نفوسنا الصبورة على البلاء يرحل عن دنيانا رجالا ونساء  كانوا خير اولياء لنا طوال رحلة الانسان الارترى من انطلاق الكفاح المسلح  حتى التحرير الكامل لترابنا , وكلما تطلاعنا المواقع الارترية برحيل احد ابطال صانعى هذا النصر يتداعى الى ذهن كل واحد منا صور ومشاهد هذا البطل سواء كان  يعرفه شخصيا او سمع عنه اوقراء عن بطولاته. يحس بالآسى والالم لنهاية هؤلاء الابطال  بهذه الصورة نهاية لاتليق ببطل, بانسان وهب حياته لهذا الشعب بكل تفانى ووفاء للمبادئ   تجد الكثير منهم يرحل عن دنيانا نتيجة مرض عضال ولم يجد من يعينه على التداوى منه او نتيجة هما وقما لما انتهى اليه حاله او نتيجة انخراطه فى عملا فوق طاقته ليقوم بسد رمق ابنائه الذين انجبهم بعد ان افنى حياته فى الثورة ولم يكن فى مقدورنفسه الابية المناضلة وروحه الثورية ان يشحظ بهم او ان يعمل فى عملا يتنافى مع مبادئه التى ضحى بعمره من اجل تثبيتها حتى ينعم بنتاجها ابناء هذا الشعب وابنائه يرحلون ويتركون فى نفوسنا هذا الالم والحسرة على اننا  لم نكون اوفياء لهم حتى بالكلمة  بان نسطر تاريخهم بان ناخذ عنهم تاريخ نضالى  طويل وعظيم سطروه بكل شجاعة نحسها فى انفسنا.

نحسها فى حياتنا من يوم ما ادركنا وعرفنا ابجديات الوطن الذى ننتمى اليه , بالامس طالعنا موقع عدوليس بخبر وفاة الاستاذ الجليل محمد على الحاج مدير جهاز التعليم الارتري , وحينها تلاحقت صور هذا الرجل الوقور امام عينى  بسحنته السمراء الجميلة رجلا ترى فى عينيه السكينة معلما حتى فى ملامح وجهه فى لباسه فى حديثه الهادئ المؤدب له رتم خاص فى الاداء لم يصدف ان رأيته غاضبا اذا القيت عليه التحية ردها بالسؤال كيف حالك وكيف حال الدراسة عليكم بالاجتهاد عليكم التزود بالعلم

بناء الاوطان يأتى بالعلم رحل هذا الرجل بعد ان عانى من المرض لزمن طويل ولم ندرى عنه

ان رحلة الانسان الارترى فى طلب العلم والمعرفة من غير اى مبالغة فى تعظيمها ليس اقل عظمة من نضالات الشعب الارترى من اجل الحرية وان لم تكن هذه الرحلة سببا فى وعى هذا الشعب بضرورة استقلاله من الاستعمار وكان طلاب العلم نواتها الاولى ومنهم شهيد العلم استاذنا الجليل محمد على

لقد رحل مثل غيره من طلاب العلم من قريته الصغيرة بعد ان ادخر قليل من المال او باع بقرة او ناقة او قنطار شعير وقصد الطريق الطويل من سهول سمهر عبر المنخفضات وشرق السودان الى وداى النيل ثم القاهرة حيث رواق الا ظهر الشريف رحلة تحمل فى طياته قصص وقصص ورويات وايام من العذاب تكبدها هؤلاء الاجلاء فى سبيل ماذا فى سبيل العلم كان البعض منهم ينقطع به السبيل ويتوه فى فى الصحراء والبعض منهم يعجز عن اكمال الرحلة بسبب انقطاع المصاريف ويطر للعمل فى القرى التى على الطريق اياما حتى يوفر زاد الرحلة الى الرواق واذا كان اثنين رفاق طريق اعطى احدهم زاده للاخر حتى يكمل الطريق وبقى هو يعمل حتى يلحق به ومنهم من بقى فى هذه القرى شهور وشهور حتى يدخر زاد الطريق ويواصل رحلته كانت مشقة ما بعدها مشقة يصلون رواق الازهر وينكبون فى العلم وينهلون منه فى جميع المجالات وقد كانو مبدعين حقيقين فى علوم الدين وعلوم اللغة والعلوم الحديثة ونال اغلبهم فى بداية الستينيات من هذا القرن اعلى الدرجات الجامعية وانخرط  اغلبهم فى العمل الوطنى وكان لهم الدور الاعظم فى ترسيخ مفاهيم وطنية تشبعو بها فى مرحلة مهمة من تاريخ النضال العربى اثناء رحلتهم العلمية وقد ساهم هؤلاء ايضا فى نشر التعليم ابان عهد الامبرطور البائد ونشر الوعى الوطن عبر نضالات الحركة السياسية الارترية وقتها وقد شكل وجودهم فى ربوع الوطن تاثير سياسى تمثل فى عضويتهم ومساندتهم  لحزب الرابطة الاسلامية وكانت لاشعارهم العربية ومقالاتهم السياسة دور كبير فى صحيفة الرابطة وانطلق الكفاح المسلح وكان لهؤلاء الدور الاكبر ايضا وجدناهم فى السودان وقد انشاء جهاز التعليم الارترى فى منتصف السبعيانيت فى كل مناطق اللاجئين فى السودان وفعلا  قامو بتاسيس جهاز تربوى قدم التعليم لقرابة ربع مليون ارترى فى مختلف انحاء السودان فى عدد من المدارس لاتقل عن خسمة وثلاثون مدرسة من الابتدائى الى الثانوى وقامو بتنسيق مع الدول الصديقة بتوفير منح دراسة لاكثر من 9000 طالب على حسب اخر احصائية لهم فى عام 1994 م وقد كان هذا الاستاذ الجليل ورفقاه من المعلمين الاجلاء الاستاذ المرحوم محمود صالح سبى  والاستاذ احمد عمر الحاج والاستاذ المرحوم ادم مندر والاستاذ المرحوم عبدالنور احمد والاستاذ المرحوم هداد والاستاذ المرحوم محمد ابراهيم نعمان والاستاذ المرحوم ادريس عبده خليفة والاستاذ عبدالعزيز سرور والاستاذ ابراهيم منتاى والاستاذ يوسف ادم والاستاذ جابر شكروه والاستاذ ابراهيم الحاج والاستاذ محمود حامدوالاستاذ المرحوم ابرايهم محمود والاستاذ ابراهيم اسماعيل كل هؤلاء الاساتذة الاجلاء فى ادرة جهاز التعليم الارترى كانو خير ساهر على تعلم ابناء الشعب الارترى فى اصعب الظروف ولم تنتهى رسالتهم كما هو الحال مع بعض مناضلى هذا الشعب انتهى نضالهم باستقلال ارترى بل واصل هؤلاء يرفعون راية العلم ويخدمون طلاب العلم من ابناء اللاجئين الباقين فى السودان وظل الاستاذ الجليل ورفاقه فى تأدية الرسالة وأبة نفسهم ان تغلق مدرسة فتحت للعلم وهناك من هو فى حاجة لهذا المدرسة من ابناء هذا الشعب الذى لم يحالفه الحظ ليعود الى وطنه  

اين نحن من هؤلاء وكان  بفضل الله وفضلهم عرفنا طريقنا فى الحياة وقد كان بفضل الله وفضلهم تزودنا بالدين والدنيا وعرفت نفوسنا الوطن والولاء له . وكان  اقل ما يستحقونه من الجميع هو تكريمهم من باب الوفاء ولم يحدث هذا فى حياتهم لا من طلابهم ولا من دولتنا الموقرة واقل مايستحقونه بعد رحلو من دنيانا وقد زاد خوفنا هو الدعاء لهم فى هذا الشهر الكريم بان يغفر لهم ويسكنهم مع الشهداء والصديقين وان يعين اهلهم

ابو عمر

احد طلاب مدارس جهاز التعليم الارترى

            استراليا

Haynaba_9@yahoo.com  

 

 

   

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8080

نشرت بواسطة في أكتوبر 21 2006 في صفحة تربية وتعليم. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010