انتقال سلسل للسلطة في إثيوبيا.. وتغليب قوة المنطق على منطق القوة

توكل يشيد بالانتقال السلمي للسلطة في إثيوبيا

 هيلي ماريام دسالنج  رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد، ييقسم اليمين الدستورية أمام النواب   (AFP)

هيلي ماريام دسالنج رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد، ييقسم اليمين الدستورية أمام النواب (AFP)

مركز الخليج   22.9.2012

نجحت إثيوبيا في ترسيخ مبادئ العمل المؤسسي وارساء تداول السلطة السلمية وتغليب قوة المنطق خلافا للمعهود في المنطقة. حيث قدمت التجربة الإثيوبية بموذجا فريدا باحتكامها على الدستور لملئ الفراغ الذي خلفه غياب زيناوي، وعقد مجلس نواب الشعب الإثيوبي “البرلمان” أمس الجمعة جلسة استثنائية وصادق  “البرلمان” بالإجماع على تعيين “هيلي ماريام دسالنج” لمنصب رئيس الوزراء خلفا لرئيس الوزراء الراحل ملس زيناوي، ودمقي مكوننن نائبا لرئيس الوزراء ووزير التعليم، وأدي كل من “هيلي ماريام دسالنج” ،ودمقي مكونن” اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة الفيدرالية الإثيوبية ومجلس نواب الشعب البرلمان.

وكان الجمعة يوما مشهودا في ذاكرة التاريخ  الإثيوبي المعاصر من خلال التحول الديمقراطي الذي استطاعت الجبهة الثورية الديمقراطية “الحزب الحاكم” أن تتجاوز الفراغ الذي تركه الرحيل المفاجئ لرئيس الوزراء ملس زيناوي.

وبعد أن أدي رئيس الوزراء الجديد هيلي ماريام دسالنج  اليمين الدستورية أمام نواب الشعب الإثيوبي “البرلمان” خاطب المجلس والحضور بكلمة وجهها إلى الشعب الإثيوبي أبان فيها عن عزم حكومته لتنفيذ كافة البرامج التى وضعها الراحل بما فى ذلك برنامج الخطة الخمسية للتنمية الشاملة الجارية فى البلاد. وقال دسالنج “أن السياسة الخارجية لبلاده تعد من الثوابت وبالتالي لن يكون هناك تغيير في هذه السياسة من بعد رحيل ملس زيناوي، كما تعهد دسالنج بأن تستمر إثيوبيا في دورها على المستوى الإقليمي والدولي، ودعا الشركاء والمانحين لمواصلة دعمهم لإنجاح الخطة الخمسية للتنمية الشاملة فى البلاد، كما أكد دسالنج أن حكومته ستكون من أولوياتها الاهتمام بالجيش وحفظ السلام والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي. وأكد دعم بلاده لتحقيق الاستقرار في الصومال وبذل مزيد من الجهود لمساعدة السودان وجنوب السودان لحل خلافاتهم.

 وقال إن الحزب والحكومة الاتحادية والشعوب الإثيوبية ستمضي قدماً في تنفيذ ما رسمه زيناوي من خطط وبرامج دون كلل ولا ملل. وقال في خطابه لن أدخر جهداً في تحقيق التنمية الشاملة التي بدأها الراحل في عدد من المشاريع الإنمائية مثل مشروع سد الألفية الإثيوبي “النهضة”، ومد شبكة السك الحديدية والاتصالات والطرق وغيرها من المشاريع التي تسعى البلاد لتحقيقها، ووعد أيضاً بالعمل على ان تكون المؤسسات الإثيوبية في خدمة الشعب، والنهوض بالاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب”، وقال إن من أولويات الحكومة في المرحلة القادمة تعزيز جهود البلاد في تحقيق صحة الأمومة والطفولة من أجل خلق بيئة صحية خالية من الأمراض، ودعا الشعوب والقوميات الإثيوبية للوقوف إلى جانب الحكومة من أجل تحقيق التنمية الشاملة والنهوض بالبلاد خلال الـ 10 سنوات القادمة إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط، وعبرً دسالنج عن ارتياحه لوقوف الشعب الإثيوبي إلى جانب الحكومة والجبهة الثورية وطالبهم بالمزيد من التعاون.

وأضاف دسالنج أن إدارته ستعمل جاهدة من أجل المحافظة على المكتسبات التي حققتها إثيوبيا في عهد الراحل ملس زيناوي، وقال إنه سيعمل مع كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني من أجل تحقيق الحريات العامة والحكم الرشيد والديمقراطية في البلاد.

وقال نحن اليوم فى طريق وعر ومرتفع ولاينبغى ان نستريح فى نصف الطريق لان الاستراحة تعنى التقهقر الى الوراء، وعليه لابد من مواصلة المسيرة للوصول الى القمة .

واكد دسالنج عن ثقته بان البلاد ستخطو بثبات نحو غاياتها ، ودعا الى تكاتف الشعب والعمل بروح الامس لتحقيق طموحات الغد.

وعقب مراسم التنصيب صرح مدير مركز الخليج للخدمات الإعلامية محمد طه توكل لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية.حيث قال أن عملية إنتقال السلطة تمت بطريقة حضارية إستندت الى الدستور، وقال إن إثيوبيا إستطاعت على مدى عقدين إقامة مؤسسات تحمي مكتسبات الشعب الإثيوبي وبهذا تكون إثيوبيا قد قدمت نموذجا جديدا لتداول السلطة بصورة سلمية في إفريقيا ولن يخفى على المراقب إنعكاساتها الإيجابية لهذه التجربة في دول شرق إفريقيا .

مشيراً الى أن عملية إنتقال السلطة تمت بانتخاب الإئتلاف الحاكم هيلي ماريام دسالنج رئيسا للجبهة ودمقي مكنن نائباً له، وكان ذلك في إجتماع عادي أجراه المجلس المركزي للإئتلاف الحاكم، وتعتبر هذه الخطوة مرحلة حاسمة في عملية إنتقال السلطة.

وتأتي المرحلة الثانية والأخيرة في الجلسة الإستثنائية التي دعا اليها أبادولا قمدا رئيس البرلمان لإتخاذ قرار بشأن المقترح الذي تقدم به حزب الأغلبية الى البرلمان يرشح فيه رئيس الجبهة لتولي منصب رئيس الوزراء خلفاً لزيناوي، إذ تمت المصادقة عليه من قبل أعضاء البرلمان بالإجماع عملاً بمقتضى نصوص الدستور مما يعزز الاستقرار في إثيوبيا، وقال توكل للصحيفة أن مالفت إنتباهه هو غلبة الروح الديمقراطية التي سادت أجواء الجلسة وأضاف قائلاً أن عملية تداول السلطة وإنتقالها السلس من الحرس القديم الى جيل الشباب يكشف الأبعاد المتقدمة التي إنتقلت إليها الدولة الإثيوبية في ظل الحكم الديمقراطي للجبهة الحاكمة، كما إستبعد توكل حدوث تغيير في السياسات الداخلية والخارجية، مشيراً الى أن مرتكزاتها تستند الى فلسفة الإئتلاف الحاكم الذي اقر بالإجماع خارطة الطريق التي تدير دفة الحكم في إثيوبيا قبل رحيل ملس، وأوضح توكل أن الدور الإثيوبي لن يتأثر إقليمياً ودولياً.نسبة لثقلها التأريخي ودورها المحوري في العملية، بالإضافة لتمتع شخصية زيناوي الكارزيمية في العقد الأخير بقراءات إستراتيجية ومؤسسية جنبت إثيوبيا الوقوع في مطب الصراع على السلطة التي تعاني منها دول المنطقة. وحول العلاقات الإثيوبية الإرترية قال توكل إن علاقات الشعبين ستظل ذات خصوصية مستبعداً حدوث تغيير في علاقات النظامين، وقال توكل أن الأسباب التي أدت الى القطيعة قائمة،مبيناً أن الخلاف كان بين الإئتلاف الحاكم في إثيوبيا والجبهة الحاكمة في إرتريا وبالتالي لن يحدث أي تغيير، نافيا إمكانية حدوث تحسن في العلاقات برحيل زيناوي وقال إن الخلاف ليس له بعد شخصي لأن المواجهة مع الإئتلاف الحاكم الذي وضع شروط لحل الأزمة مع الجانب الإرتري مؤكداً  أن الملفات الخلافية لازالت عالقة ،وأضاف بأن إثيوبيا مع خيار منظمة الإيقاد التي تبنت قرارات ضد الحكومة الإرترية وكذلك مع الإتحاد الإفريقي ومجلس الأمن الدولي الذي تبنى عدة قرارات في هذا الشأن موضحاً أن أي بحث للعلاقة مع أسمرا يجب أن تسبقه ترتيبات دولية وإقليمية لأن الخلاف قد تم تدويله بين إرتريا والمجتمع الدولي.وقال توكل إن زيناوي ربما كان أكثر مرونة في شأن التفاوض لإيجاد مخرج للأزمة مع إرتريا،التي رجح إمكانية ظهور تعقيدات بالغة الصعوبة بعد رحيله لأن التعامل هذه المرة سيكون مع كتلة إئتلافية موحدة وبالتالي سيأتي الرد على الإستفزازات أو الإختراقات من الجانب الإرتري بقوة وحزم، حيث إستبعد توكل بروز أي تطبيع في الأفق القريب لعوامل كثيرة لايتسع المجال لذكرها، هذا وتوقع أن تستمر العلاقة المتميزة بين الإئتلاف الحاكم وقوى المعارضة الإرترية وربما تتمتع بالقوة أكثر مماكانت عليه لأنها علاقات إستراتيحية بين شعبين، وناشد توكل كافة القوى الوطنية الإرترية للإرتقاء إلى مستوى التحدي الماثل بحشد كافة الطاقات ورص الصفوف وانضواء الجميع تحت مظلة موحدة تجمع كافة القوى الوطنية لتحمل مسئولياتها لإنقاذ الشعب الإرتري الذي يواجه الأمرين بين مطرقة جبروت النظام وسندان إخفاقات المعارضة.

وطالب في معرض حديثه بضرورة وقف التراشقات الإعلامية التي تخطئ في بعض الأحيان إصابة أهدافها لتخدم دون قصد الخصم الذي من المفترض أن تترصده، ودعا الى ضرورة وضع ميثاق شرف يوحد الخطاب الإعلامي للقوى الوطنية ويساهم في إيقاف النزيف الداخلي الذي يهدد أرضية الوحدة لهذه القوى وناشد الجميع لعدم إقحام الحلفاء والأصدقاء في خلافاتهم وصراعاتهم التي ستكون خصماً على المشروع الوطني لقوى المعارضة .

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=26101

نشرت بواسطة في سبتمبر 23 2012 في صفحة الأخبار. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010