بينما الشعب يموت جوعاً ويتدفق مهاجراً، الفضائية الارترية تتحدث عن تنمية لا أثر لها في الواقع

جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري

مكتب الثقافة والاعلام

  11 / 12 / 2006م

 

إن الفلاح الارتري الذي يعاقب اليوم بغرامة مالية قدرها خمسين ألف نقفة، لم ير ولم يسمع في حياته بأن هناك في الحساب رقماً يصل الي الخمسين ألف، دعك من أن يتمكن من دفع ذلك المبلغ فديةً مالية، بل حتى بعض المساعدات المالية التي منحها يوماً نظام إسياس لبعض أسر الشهداء لم تتعد في حدها الأقصى مبلغ العشرة آلاف نقفة، علماً أن ذلك السخاء الزائف كان استرداداً باليسار لما منح باليمين، وهذا التصرف كان في رأينا هو الأولى بالإدانة والتجريم والتغريم، فإعطاء عشرة آلاف مقابل انتزاع خمسين ألف، عمل يمكن أن يقدم عليه المجرمون والنصابون، لا الحكام ولا أصحاب الضمير، كذلك لم يترك النظام التجار وشأنهم، فهو قد سعى الي إفلاسهم ومحاربتهم بشتى الطرق والي تشويه سيرتهم دون وجه حق، والتاجر لا شك ينمي ثروته قليلاً قليلاً، مضيفاً المليم الى المليم والقرش الي القرش، ولن يكون التاجر غنياً ولا ذا مال ما لم يجد ذلك الهامش الربحي المتواضع الذي نراه قليلاً ويراه هو كثيراً، وفي الحقيقة لا تقوم حكومة إسياس وزمرته بتسبيب المتاعب للتجار إلا حرصاً منها على ألا يتفوقوا على حزبها مالياً وتجارياً ومكانةً في قلوب الشعب، لذلك فهي تعمل كل ما في وسعها على إلصاق تهم الجشع وانعدام الضمير الانساني بالتجار، وتفتعل الأزمات التموينية والتمويلية، ليخلو لها الميدان فتلعب دور التاجر الشريف وصاحب الضمير والمنقذ من الجوع أو المجاعة، وبإيجاز، يعمل النظام على اتباع سياسة إفقار جميع المواطنين الارتريين بغية الحفاظ على سلطته الغنية والمترفة والمرهوبة الجانب، ويدخل في هذا الإطار ما جرى من معاملات مماثلة للتعامل السيئ مع التجار تعاملتها الحكومة مع كلٍّ من المقاولين والمهندسين، كذلك هناك قرارات رسمية تمنع رجال الأعمال من التصرف في أموالهم المودعة بالبنوك على الوجه الذي يشاؤون، وهذه أو تلك كلها أنواع من التحايل والسطو على أموال المواطنين بغير وجه حق.

 

وإذا كان النظام قد أقدم يوماً على قمع المطالب السلمية لكلٍّ من جرحى ومعاقي حرب التحرير وإضراب المقاتلين المطلبي، وسجن وتصفية مجموعة الخمس عشر القيادية بالحزب الحاكم، لم تكن تلك التصرفات القمعية والوحشية إلا حرصاً كاملاً على سلطة النظام وليس شيئاً آخر، ولم يتبق لهذا النظام إلا أن ينقض على فريسته ممن تبقى بحوزته من جنرالات جيشه الذين ما يزال يودعهم ثقته وإدخال الشقاق بينهم وزرع الخوف في قلوبهم، ولن يطول كثيراً ما يفصلنا من زمان عن سماع مثل هذه الأخبار.

 

من جانب آخر انتزع النظام الشباب اليافع من أحضان الأسر ومعاهد التعليم وحقول العمل ليزج بهم في معسكرات التدريب وخنادق القتال، أو ليشغلهم جميعاً في مشاريع السخرة والعبودية الإجبارية، وليصيروا من ثم نهباً للأمراض النفسية والجسدية الفتاكة، كذلك تتفاقم يومياً أزمات المواد التموينية ليصبح الحصول على القوت الضروري ضرباً من ضروب الصدف السعيدة والأحلام الوردية، وطوابير الخبز وبقية المواد الاستهلاكية وتغلب أعداد العاطلين عن العمل على أعداد من يعملون، كلها صور ناطقة بما يجري في بلادنا اليوم، ومن يمل هذه الحال ويهرب مهاجراً محاولاً الإفلات بجلده من جحيم المعاناة وطوفان المأساة تلحق به شتائم ونعوت الخيانة الوطنية والجشع والحرص على اقتناء الدولارات وفاخر المتاع، بل كانت آخر تقليعات النظام وعجائب تصرفاته، أن حوَّل الأسر التي تقيم مأتماً بالداخل حزناً على فقد أبنائها المهاجرين إما عطشاً في الصحاري، أو غرقاً في البحار، حوَّل تلك الأسر وتلك المآتم والمناسبات الباكية الي وسيلة جديدة من وسائل إدخال الرعب في القلوب، والي مصدر دخلٍ جديد ينتزع به الإتاوات المالية.

 

لا شك أن وسائل اعلام النظام لا تتعرض الي ما ذكرنا من قضايا من بعيد ولا من قريب، وعلى العكس، نرى اعلام النظام، خاصةً المرئي منه والمسموع، يحاول أن يصور لنا ارتريا الجائعة الظامئة وكأنها جنة على الأرض، وأن الرئيس إسياس فريد عصره الذي لا بديل له ولا مناص من حكمه لارتريا، ولا حريص غيره على الشعب والوطن، هل هذا ما ظل يحاضرنا عنه نظام إسياس حتى الصمم؟ ألم يكن منذ بداية التسعينيات يصم آذاننا بادعاء أن الصحافة يجب أن تكون منصفةً ومسئولة؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!

 

قد يستغل إسياس وأبواق اعلامه لبعض الوقت غياب الكثيرين عن وطنهم وديارهم وإقامتهم خارجها، فيطلعهم على ما يروق له وينتقيه من صور زائفة، ويحجب عنهم الكثير المثير من صور الحقيقة والواقع العاري، ولكن شعبنا المتواجد بالداخل أو قريباً من الوطن يدرك كل الحقيقة ولا تنطلي عليه هذه الأكاذيب ولا تلك الأضاليل، وسيظل الصحفيون والاعلاميون الذين يعتقلون أو يقتلون أو يختفون من على وجه الأرض معالم ساطعة على هذه الحقيقة، إن ما يستخدمه النظام من دعاية يحرس بها سلطته، باتت تنكشف يوماً إثر آخر، وإذا كان الكثير من العاملين بالصحف المستقلة قد غادروا البلاد مفلتين من مصير زملائهم المعتقلين، فعاشقو النظام من الأدوات الصحفية أيضاً بدأوا بدورهم يغادرون ويختفون، وقد حاول النظام الذي جن جنونه من هذه الظاهرة الخطيرة عليه، حاول أن يزرع جواً من الرعب والتهديد وسط إعلامييه وذلك بمساءلتهم وتحميلهم مسئولية من هربوا من أفراد مؤسسته الاعلامية.

 

إن نظام إسياس يخاف من الصحافة الحرة خوف الحمل الوديع من الذئب المفترس، فهو نظام لا يقدر على تحمل النقد حتى من الأفراد ناهيك عن المؤسسات الصحفية والاعلامية، ولهذا نراه صباح مساء يقوم بطرد المؤسسات الإغاثية والمنظمات الأجنبية غير الرسمية، وذلك لأنه يعلم أن تلك المنظمات لن تحجب حقيقة ما يجري في البلاد لا عن حكوماتها ولا عن شعوبها وبشتى الوسائل الحديثة، كما أنه يعلم تماماً أن ما تطلقه أبواقه الدعائية سوف يتناقض كل التناقض مع ما تعكسه وسائل تلك الهيئات والمنظمات من حقائق سافرة، ألم يطرد النظام مراسل البي بي سي/ جوني فيشر من ارتريا لأنه نقل حقيقة كون المواطنين الارتريين تلقوا نبأ استشهاد أبنائهم في الحرب الارترية الأخيرة ( 1998 – 2000م ) بالحزن والألم؟ علماً أن اعلام النظام وقتها كان يدعي أن المواطنين قد تلقوا النبأ بالفرح والزغاريد. ألم يطرد السيد/ بانديني سفير ايطاليا والاتحاد الاوربي بارتريا لأنه فقط سأل واستفسر عن مصير وأحوال المعتقلين من الصحفيين المستقلين ومجموعة الخمس عشر القيادية؟ وماذا يعني منع الصليب الأحمر الدولي من زيارة المعتقلين سوى حجب الحقيقة التي سوف لن تكون في صالح النظام؟ الم تعتقل الصحفية الارترية / روت سمئون لكشفها خطط النظام لمحاربة الحكومة القائمة بالسودان والتي أعلن عنها في اجتماعاتٍ جماهيرية مفتوحة؟ إذاً ليس من المصادفة أن تأتي ارتريا الأولى افريقياً والثالثة عالمياً في مجال اعتقال الصحفيين، لذلك يتفق اليوم القاصي والداني على دكتاتورية نظام إسياس الحاكم في ارتريا وأنه عدو لدود لحرية الصحافة.

 

ولهذا نرى جهازي التلفزيون والإذاعة الارتريين يهربان من التحدث عن شؤون بلادهما وشجونها، نجدهما يقتلان الوقت ويزجيان الفراغ في الحديث المسهب عن شؤون اثيوبيا ومشكلاتها، هذا بينما تعج اثيوبيا بالصحف التي تنتقد وتعكس الأوضاع الداخلية الاثيوبية بحرية وشفافية، ليس ذلك فحسب، بل نجد في اثيوبيا أن المعارضين للحكومة هناك يعتلون مقاعد البرلمان الوطني ويوجهون من منابره النقد العلني المرئي والمسموع الي حكومتهم، إذاً هذه اثيوبيا التي ينشغل ويتسلى تلفزيون ارتريا وإذاعتها بأوضاعها بدلاً من الانشغال والتسلي بأوضاع بلادهما التي تستحق الرئاء والعويل.           

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6810

نشرت بواسطة في ديسمبر 11 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010