تجارة البشر هل من الحلول ؟

من أي زاوية ترى يمكن تناول هذه الظاهرة وتسليط الأضواء عليها ، لتكتمل الرؤية وتتبلور ؟

ودون الخوض بعيدا في تأصيلها بخطوات الروتين الأكاديمي ، أو التيه مع ممارستها في العالم في العصر الحالي أو عصور قديمة حيث تشتكي منها كل الشعوب أريد أن استوقف القارئ الكريم مع هذه الظاهرة التى تتجسد فيها معانات الإرتريين أكثر من غيرهم وأصبحت مأساة من مآسينا أو فوق كل مآسينا .

على العموم تطلق تجارة البشر اليوم علي ممارسات عدة يكون فيها إستغلال الإنسان حسب ما حرم الشرع الرباني والقوانين الإنسانية الحديثة ، وقد بدأ بها نظام الشعبية في إرتريا بعد الجلاء الإثيوبي في منتصف  تسعينيات القرن الماضي حين أرسل بعض المجندات كخدم تسلم أجورهن  لحكومة الشعبية لكن سرعان ما أوجد الإبتزاز وسوء الإستغلال صراعا ومشكلات فضحت به الممارسات المشينة لكوادر الشعبية مع تلك العاملات وخرج الأمر من المستور الي العلن ، وهذا ما يؤكد حتى الآن أن هذه التجارة من مصادر تمويل نظام الشعبية .

ويمكن ذكر بعضا من صورها التى يواجهها الإرتريون ، مثلا لا حصرا :

– التهريب مقابل أجر أو ما يعرف بالهجرة ، وهذا أعم وهو برضى من يريد الهروب وقد تتحول هذه الحالة أو تحولت الي إرهاب وظلم .

– الاختطاف ، ويكون للمساومة المالية ، او للاتجار بالاعضاء البشرية وهي للهلاك أقرب منها للافراج .

– الاختطاف للتنصير وهذه أخص بالاطفال وهي قليلة في إرتريا لكنها موجودة ، وتقوم بها منظمات أوروبية تأتي بحجة العمل الانساني وتأخذ الاطفال الي حيث لا يعلم .

رحلة الموت

فالهجرة ومغامراتها أظهر وأخطر فمنذو أن يبدأ المغامر ويسلك هذا الطريق يجده محفوفا كله بالمخاطر ، فنهم من يموت مع بداية الطريق ، ومنهم من يموت في منتصفه ومنهم من يموت في نهايتة .

كل أولئك لا يمكن حصرهم منذو بداية القرن الميلادي الجديد وتزايدت  الاعداد المهاجرة من سنة الي أخرى بمتوالية حسابية مضاعفة حتى غدت الأن في ذروتها ، وأعداد الموتى أيضا لها متواليتها فقد يعلن الاعلام عن حالات موت جماعية كبيرة العدد لا يمكن تجاوزها ،وهناك حالات  لا تذكر وهي الأكثر مثل نشر الجرائد السودانية في الشهريين الماضيين موت أثني عشرة مهاجر بسبب إنقلاب العربة المهربة بالقرب من مدينة شندي ، وماذكر عن حادث بالقرب من القضارف أخيرا نجد أن الموتى لا حصر لهم .

وكم من حوادث الصحراء والعطش والتيه الذي يضل فيه المهربون فماتو وأماتو وهناك في المحطات التالية مثل سيناء وليبيا ما هو غني عن التعريف ثم يكمل البحر الابيض والمراكب الهالكة باقي السيرة الحزينة ، وفي أوروبا أرض الاحلام كم من وجد ما كان يحسبه جنة سرابا وصحراء .

وقد أكد لي التجاهل الاعلامي لموت الشاب الإرتري في المانيا في زحمة أحداث مجلة شارل إيبيدو الفرنسية ، أن الإرتريين لا بواكي لهم ، فهم غير محسوبون في صراع الحضارات ولا في عنصريات الاعراق ، ولا في حروب الإرهاب ، ليس لهم محل من الإعراب ، ومن العجيب يتجنب الكل ذكر سيرة لهم ، وكل مواطن يستنجد بوطنه مهما كان مخالفا ومعارض ، إلا الإرتري مشرد ليس له وطن أينما حل ، وهو ما جعلهم أكثر عرضة للانتهاكات الإنسانية ، لا يخاف أحد من عقبا فعله فيهم ، غير مذمم يقطعهم  أشلاء وينهب أموالهم ويتاجر بالأعضاء .

لا شك في أن الذين هاجرو هربوا من وضع يستحق الهروب منه وأحوالا ماساوية تستدعي كل هذه المغامرات ومهما قيل من أسباب كلها تندرج تحت بند واحد هو سياسة النظام الإرتري والظلم والإرهاب السلطوي الذي يعيشه الشعب الإرتري .

فالنبحث عن حلول

 والسؤال كيف يمكن ان تنتهي هذه الماساة ؟ وهل لها من حلول ؟ .

في أعتقادي أن الاوضاع الإنسانية عموما تسير في إتجاه سيشجع على مثل هذه الظواهر ، بدليل أن الذين يتجارون بالبشر أغلبهم ينتمي الي مؤسسات الدول الرسمية ، فتغول المافيا العالمية وهيمنتها على البحار وإتساع وسائل وسبل التفلت من القانون أو إشتراك الجهات الرسمية نفسها بما فيهم عمال وموظفي الصليب الأحمر في مثل هذه الاعمال سيوسع من مثل هذه التجارة .

ولذلك وبإعتبارنا أكثر شعب في هذه المنطقة يتضرر منها يجب البحث عن سبل حماية وضمان سلامة  ، لكن كيف ؟ .

هو فعلا السؤال المحير لكن يجب أن نجد له إجابة ، فالسكوت أو ترقب الأحداث أو التباكي الاعلامي مثل الأخرين على أشلاء الموتى ليس عجز فحسب ، وإنما إهمال ولا مبالات ، وأعني المعارضة الإرترية وخاصة المجلس الوطني الذي تأتي مثل هذه القضايا من صميم أعماله ، قد تكون هناك أنشطة فردية لكل تنظيم ويعذر تنظيم بمفرده ينشط في هذا المجال أن لا تُرى ثمرة جهده لأن المسألة جماعية وفوق سلطانه ، وربما للمجلس الوطني  حراك في الأمر ، لكنه دون أفق المنظور ودون عظم وجشامة الحدث ومأساته المتعاظمة ، ولذلك في إعتقادي يجب مراجعة هذا الملف بمفهوم جديد والوقوف عليه بجدية وإهتمام  وعمل جماعي .

ولأن الهجرة في عمومها حالة واحدة ومأساة متكاملة يجب أن توجد الآلية للا جئين عموما مع إفراد حالة الهجرة بخصائصها فالعالقون في اليمن ، سوريا ، العراق ، ليبيا وغيرها حالات لا ذكر لها الا من باب التذكير والإستعطاف الإعلامي من الجهات الإعلامية الارترية  المستقلة .

وإشكالات اللاجئين والمهاجرين من أهم مهام المعارضة ، وهي من العوامل المساعدة لها في المنافع العاجلة والآجلة إضافة الى كونها تساعد في إقناع الشعب بدورها والثقة فيها وبالتالي إشراكها في سرائه  وضرائه ، فالمجلس الوطني يعتبر مقصرا في هذا الملف فهذه القضايا كان يمكنه أن يخترق من خلالها الابواب المغلقة في كل من أوروبا وغيرها وكان يمكنه أن يجد سبل استثمارها في إبراز حقيقة النظام الجائر في إرتريا ،ولكنا يجب أن نتجاوز مافات الى ما هو آتي فالمشكلة خطيرة جدا وهي في تطور وتنامي وعلينا أن نفعل ما بالمستطاع ولذلك أقترح ما يلي :-

– عقد مؤتمر ولو على مستوى ممثلي التنظيمات والمنظمات الإرترية الفاعلة خاص بمشاكل الهجرة وبحث  حلولها .

– تقديم اوراق عمل من خلال تكليف باحثين ذوي خبرة بالشأن.

– إيجاد منظمة – هيئة – لجنة مستقلة دائمة تعنى بشؤون المهاجرين واللاجئين ، بمبا ركة وإشتراك الجميع ، تتابع احوالهم في كل البلاد ، وتعنى بشئون الإرتريين في البلاد التى تتعرض للكوارث ، وترافع عن تظلماتهم مع المنظمات ذات الشأن ، والمؤسسات الرسمية وتعالج مشاكلهم  وتساعدهم في حلولها ، ويجب أن تتكون عضوتها من أولئك الذين لهم خبرة في دول المهجر ولهم نفوذ ومعارف تمكنهم من الدخول في كل الابواب بكل جرءة وشجاعة لأن الأمر إنساني صرف ، ويمكنها أن تطالب بمساعدات مختلفة وعاجلة إذا دعت الضرورة من المصادر الانسانية وكل الدول ، وتعمل على إيجاد صندوق مالي مؤسس يطالب كل الدول والمؤسسات الإنسانية الإسهام فيه بإشتراك دائم  .

– هذه المنظمة  ستضع خطط لمساعدة العالقين .

– مساعدة المهددين بالطرد بتقديم استشفاع  لهم .

– وضع خطط أمنية مع الدول المعنية خاصة السودان ومصر وليبيا تسهم بها المنظمة في معالجة إشكالات مثل هذه الظواهر .

– توعية المجتمع عن المخاطر المترتبة على الهجرة بالوسائل الاعلامية المتاحة ، والبحث لمن أراد اللجوء عن برامج لذلك في الدول التي لها نظم للهجرة مثل الولايات المتحدة وكندا واستراليا وغيرها .

إن المعارضة مطالبة أن ترتقي بأدائها وتستشرف آفاق جديدة تسهم بها في إيقاف نزيف المهاجرين ، والإسهام في تخفيف معاناتهم ، وإلا معارضة لعقد المؤتمرات والندوات وإشاعة أسباب الخلافات ، لا يمكن أن تكون بديلا مقبولا هذا إن وجدت السبيل الى ذلك .

سنقولها صراحة عندما يأتي موسم المؤتمرات الممولة والمسيرة ، نجد الكل يستنفر ليجد له مكانا في المقدمة ، وتعمل الدهاليز لرسم لوحات واقعية  أو وهمية ثم يرمى بالاوراق في الرفوف البعيدة الى حين المؤتمر الأخر ، هذا ليس تجنيا وإنما حقيقة معاشة ، قد لا ننفي وجود العوائق والمثبطات ، لكنها ليست مبررا لبيات متواصل شتوي وصيفي .

فماذا ينقصنا في ذلك إلا الإخلاص المجرد ، والعمل الجماعي المنسق ، لنساعد شبابنا التائه في صحاري وبحار الهلاك ، وعندما نعمل في الأمر بالجد سنجد مقترحات ربما أكثر سهولة وعملية من ذوي الإختصاص والدراية العلمية ، وهناك مراكز بحوث في أورويا اليوم أعدت ما يمكن الرحوع إليه والإستفادة منه .

                              والله المستعان وعليه التكلان

 صالح كرار         

                 salehkarrar@Gmail.com         14/5/2015    

 

                                          

           

 

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34506

نشرت بواسطة في مايو 14 2015 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010