تحوّل المجتمع الإرتري إلى كتَّاب وصحفيين ليس عيباً … تعقباً على مقالة الأخ عشكراي

بقلم : أحمد أسناى 

aasenai@hotmail.com                      

لقد قرأت مقالة الخ محمد جمعة عشكراي التي كانت تحت عنوان<< ارتريا .. مجتمع تحول إلى كتاب وصحفيين !>> بدائها قائلاً [ لقد تحول المجتمع الأرتري عن بكرة أبيه الى كتاب وصحفيين ، بل وساسة ومفكرين …… وكذلك الارتريون ، فقد أصبحوا كلهم كتاب وصحفيين وساسة ومفكرين . وكل هؤلاء الكتاب لا يكتيبون الا في السياسة  وتجد كل واحد منهم يملك الحل بين يديه لمشاكل ارتريا السياسية والاقتصادية] وسوف أقف معه في مقالته المختصرة والتي كان دافعها حسب ظني، والذي يحتمل الصواب ويحتمل أيضاً الخطأ والتي لم تكن إلا دفاعاً عن الكاتب السوداني محمد عوض وقد يكون لكاتبها مآرب أخرى والعلم عند الله لأن الحديث عن تحوّل المجتمع الإرتري والكتابات قد فات أوانه ومطالبة الأخ عشكراي بمنع نشر المقالات أيضاً قد طرحها قبله بعض الإخوة الذين حذروا القائمين عليها إذا لم تمنع هذه الكتابات فسوف يكون مصيرها السقوط بل تنبأ بعضهم بنهاية قريبة لهذه المواقع عن الساحة الالكترونية ولكن خاب ظنهم ولله الحمد وراحت تنبؤاتهم أدراج الرياح فها هي المواقع استمرت في نشر المعلومات والأخبار ونشر المقالات التي تتناول أحوال الوطن وتعالج الكثير من القضايا وتنوّر الأجيال الصاعدة من أبناء إرتريا بتاريخهم المجيد وتطورت وزادت عدداً ونوعاً، أما تناول الأقلام للسياسة أو بالأحرى تركيزها على الجانب السياسي والاقتصادي وطرح الحلول السياسية والاقتصادية للبلاد فلا يعني بحال من الأحوال بأن النظام الذي لا يعترف إلا بنفسه سيأخذ بها لأن النظام القائم لا يعترف إلا بانجازاته وأفكاره.

الوقفة الأولى: قولك ( ليست هنالك كتابات لا في الأدب  ولا في الشعر ولا في النثر) وهنا يزداد عجبي فلا أدري لما تعيب أخي عشكراي على الناس تقصيرهم وعدم كتابتهم في الأدب والشعر وكل المواقع فيها أقسام للأدب وكون القصائد والقصص والنثر ذو صبغة سياسية فهذا يرجع إلى عدم وجود حرية الصحافة في بلادي وإلا لرأى الأخ عشكراي من الفنون والإبداعات ما يسره وأن الكتابة  في الأدب والشعر والنثر قد عرفها الارتريين منذ القدم. [الصحافة في إرتريا بدأت من عام 1347هـ الموافق 1928م ومن ذلك التاريخ إلى عام 1954م صدرت باللغة العربية وحدها أو مع لغات أخرى]1 وكان عدد الصحف 20 صحيفة 2

الوقفة الثانية: قلت (نعم ان هناك غياب للحرية ولكن هذا ليس مبررا أن أن يتحول المجتمع بأكمله الى كتاب) أقول: طالما أنك تقر بغياب الحرية فلما تعترض على الكتابة فالمجتمع الارتري مجتمع مسالم لا يميل في جملته إلى الكتابة إلا في حال تعرضه للمنع والضغوط والمضايقات وتكميم الأفواه فقد كانت منشورات الثورة الارترية في بداياتها في عهد الإمبراطور الأسبق هيلي سلاسي بمثابة الرئة التي يتنفس بها الانسان الارتري ويتابع من خلالها أخبار الثوار وتحركاتهم وخاصة داخل المدن لأن إنسان الريف الارتري الذي كان السند المباشر والمحتك بالثوار لم يكن بحاجة للمنشورات لأنه كان يعيش الأحداث لحظة بلحظة كما لا يخفى ذلك على كل من عاش تلك الفترة العصيبة وكان إنسان الريف الارتري يعبر عن حبه لوطنه بالإضافة إلى كونه دليلاً لتحركات العدو وجندياً احتياطياً للثورة كان يعبر عن طريق الفن الذي ينكره عشكراي فقد كان الفن الشعبي بمثابة جهاز الإعلام في ذلك الزمن بل كانت له مواقف في تحريض الشباب للالتحاق بالثوار فمثلاً حين خيّم الجيش الإثيوبي في منطقة (بيان) بإقليم عنسبا حالياً كانت هناك أغنية تحث القاعدون من الشباب للالتحاق بالثوار لأن تلك الخيام ليست (للشباب) وكلمة الشباب في ذلك الزمن كانت تطلق حصراً على الثوار دون غيرهم وهي كنية للتمويه على العدو فكانت كلمات تلك الأغنية (مرّوت مَا كمديني عسكر بيانوخسي شباب ما هبديني – mirwet ma kimdine asker beyanikhsi shebab ma habdine) وتعني: إن كانت فيكم مروءة فالخيام التي في (بيان) ليست للشباب بل هي للعدو فماذا تنتظرون؟ وغيرها الكثير وبجميع اللغات الارترية لا يتسع المجال لذكرها.

الوقفة الثالثة: أما قولك (ويا ليتها كانت كتابة ….. إلخ) لِمَ هذا التعميم يا أخي الكريم فلو قلت بعض الكتابات يمكن ان نلتمس لك العذر ونقول بأنك كتبت حرصاً منك على جودة الكتابة وسلامتها وتنوعها، فلا أدري ما سبب التعميم في الحكم، اما الكتابة المخلة بقواعد المقال والالتزام بادب الخلاف والاختلاف فليتك تحدد المقالة أو المقالات وتناقش اصحابها ناقداً او ناصحاً (والدين النصيحة) فما بالك في الأمور الدنيوية فمن باب أولى أن يكون فيها النصح والنقد البناء والرد الهادف والأمر متاح في هذه المواقع التي أصبحت منابر للحوار وتبادل الآراء  بين ابناء الوطن بعد أن فقدوا الأمل في الكتابة عبر الصحف الداخلية والتي لا تنطق إلا بما يرضي المقامات إن كانت هناك مقامات ترضى بما يكتب الآخرين.

الوقفة الرابعة:قولك: (وهذه رسالة الى من يهمهم الأمر من أصحاب المواقع التي تنشر مثل هذه الكتابات ، ويجب أن تكون هناك قواعد للنشر وضبط الجودة ، واذا لم تنطبق هذه القواعد على مقال فيجب أن لا ينشر ، وذلك حرصا على المصلحة العامة وليس الا ، بحيث أن تشمل هذه القواعد السلامة اللغوية ، والموضوعية كذلك) أقول: وأنا اضم صوتي إلى صوتك إذا كان الهدف من هذه الرسالة هي المصلحة العامة ، وقد كنتُ اول المطالبين بضوابط النشر قبل أكثر من عامين.

الوقفة الأخيرة: (ومن المضحكات التي رأيتها وانا أتصفح مواقع الانترنت ، الذين كانوا يردون على مقال نشره الصحفي السوداني محمد عوض حول المعارضة الارترية …..إلخ) فلا أرى أي مدعاة تجعل تلك الردود من المضحكات فالاخوة الذين تناولوا مقال الصحفي السوداني محمد عوض حول المعارضة الارترية، فهل النيل من المعارضة الارترية بسبب إعجاب محمد عوض بالجبهة الشعبية واسلوبها في الحكم ووصفها بالنموذج الأمثل يعتبر تقدماً أم هو أم هو رمي الشعب الإرتري وقواه السياسية بالنقيصة والدونية، أما فيم يتعلق بمعرفة السودانيين لارتريا ووجود حكومة ومعارضة فيها، لا شك بأنك قلت جزء من الحقيقة فهناك الكثير من السودانيين يجهلون الكثير عن غرتريا أرضاً وشعباً ولكن لا يعني بأن كل السودانيين يجهلون تاريخ إرتريا.

همسة أخيرة أخي عشكراي لم أقرأ لك أي تعليق فيما يكتب عبد القادر حمدان من مقالات تحوي ألفاظاً لا تمت إلى الصحافة والإعلام وأدب الاختلاف بصلة وهو كما لا يخفى عليك صاحب موقع مسخّر لمدح الجلاد فهل ردود الإخوة كانت سبباً وجيهاً لاتهام شبعك ومجتمعك؟؟ مجرد سؤال؟؟

والله من وراء القصد

_____________________________________

الهوامش:1-موجز تاريخ إرتريا الحديث – كتيب- جبهة التحرير الارترية-قوات التحرير الشعبية صفحة 36-37

2-نفس المصدر بتصرف ص 36-37

ملحوظة: الأغنية التي ضمتها المقالة أعلاه لم أشر إلى القومية التي تتحدث بها فهي بلغة قومية البيلين لذلك لزم التنويه.

 

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6162

نشرت بواسطة في مايو 25 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010