تنشيط المهجَّرين (فكرة حول الحوار الوطني الأريتري )

بقلم أبوبكر جيلاني

 

ذكردايل كارنيغي في بعض كتبه أن صحافيا سأل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق لويد جورج كيف أن زملاؤه في الحزب تساقطو واحدا تلو الآخروهو لا يزال واقفاً على قدميه في عالم السياسة ذو الرمال الدائم الحراك  قال الرجل بكل إقتصار، إنه يشبـِّه الحواربالصيد ويجيد إعطاء الطعم المناسب لصيده    

وفي قصة أخرى ، صيادًا غبياً كان يحب الكريم ، فتخيل أن الأسماك التي ينوي إصطيادها أيضا تحب الكريم ، ولذلك كان يضع كريماُ على السنارة ويرمي بها إلى النهر كل يوم ، فتعرض عنها الأسماك حتى تذوب الكريمة في الماء وتخرج السنارة خالية من الكريم ومن السمك  ويعود الصياد كل مساء إلى منزله خاوي الوفاض  وأستمر الحال هكذاحتى شُـــِّرد أبناؤه من الفقر، وتراكمت عليه الديون  وذات يوم إشتكى حاله لحكيم ، قال له الحكيم أنظر ماذا تأكل الأسماك وضع لها في السنارة ما رأيتها تأكله 

بدأ بدراسة الأسماك  التي يريد إصطيادها ، ومضى في رحلة الخطأ والثواب حتى إهتدى إلى الأكل الذي تستهويه السمك(الحشرات) وضع حشرة في سنارته فإذا بالأسماك تنهمر صوب السنارة وتوالى الصيد ، وكسب الصياد من تجاربه ومن صبره ومن جهوده بعد جهد جهيد

الكاتب أراد ليقول إن الصديق مثل السمك ، إذا لم تقدم له ما يجذبه ، لايمكن أن ينجذب نحوك هذا المنطق ربما ليس أخلاقيا في بعض الثقافات ، ولكن هو السائد في عالم اليوم على ما يبدو 

الفكرة التي خطرت على البال ونالت عنوان هذا المقال هي من وحي كلام مستر كارنيغي أعلاه قلت لماذا لا أقترح على أهلنا في الحكومة الأريترية أن يجربو طريقة الصياد أعلاه للوصول إلى رغبة شعبهم إذا يريدونيبدو إن أهلنا في الحكومة الأريترية يريدون ليظلو في طوروضع الكريم في السنارة لأجل غيرمسمى ولم يحاولو بعد ليخوضوتجربية الخطأ والثواب كما فعل الصياد أعلاه لوكان أهلنا في الحكومة لايعلمون الطُعُم المناسب ، فالعلاج كان  سهلا مجرد العلم به كان سينهي المشكلة  ولكن المشكلة تكمن في أنهم لا يرون  ضرورة للطعم ، ويريدون ليصطادو بدون طعم أي بطريقة الصيد المباشرإلى مالا نهاية   ولكن طريقة الصيد المباشر تنفع في المياه الضحلة فقط  والشعب الأريتري اليوم غير الشعب الأريتري بالأمس ، عندما كان منبهرا بإنتصاره على إثيوبيا التي كانت مدعومة بالمعسكرين الشرقي والغربي 

 بعد تفكير طويل وشد وجذب مع الذات أستخرت ربي وقررت أن أعطي لنفسي الحق لألعب دورالمفكر لوساطة صلح قد يقوم بها مرة أخرى الشعب الأريتري المهجّر للتقريب بين أهلنا في الحكومة الأريترية وأهلنا في المعارضة الأريترية ووجدت من واجب أي مواطن أن يتكرم بما تجود به قريحته لجمع شمل الأهل بشرط أن لا يتجاوز حدود الأدب وأن لا ينحازإلى أحد الطرفين وكما هو معلوم  في تقاليدنا الأريترية ، إن وسيط الصلح لا يجوزله الإنحيازإلى أحد الخصوم ويجب عليه أن يعتبر طرفيْ القضية أهله لكي تقبل نصيحته  كما يجب عليه أن ينتبه إلى أقواله(أوكلماته ) بدقة وإلاّ الوساطة تفشلولذلك سوف أحاول بقدر المستطاع أن لا أميل إلى أحد الطرفين في هذه الفكرة حتى لا يتأثروالوسطاء المحتملين بميولي وهي في النهاية فكرة إن أهملت سوف لا أشعر بالأسى والتعاسة ، لأن الآلاف من أفكارالمفكرين حول العالم غيري قد ُأهمل من قبل وهي (أي فكرتي هذه )إذا لم تنفع سوف لا تضر أحدا

وكما تعلمون إن وسيط  الصلح في عاداتنا الأريترية له الحق للتحدث عن أخطاء الطرفين بحرية  تامة ولكن في حضورهم ، وفي الحدود الذي لا ينفرهم من بعضهم ليثبت  لهم عدم عصمة البشر وليبرهن للطرفين أن لا أحد من البشرسالم من الأخطاء وأن الأفعال الخاطئة لا يمكن أن تظل طي الكتمان إلى الأبد  كل هذا في سبيل تقريب وجهات النظر وليس للتشهير بالضرورة ولذلك سوف أكتب بحرية تامة وفي النهاية الصلح والتسامح هوالأفضلوالإنتقام يوسع حلقة العنف والإنتقام المضاد ولا يؤدي أبد إلى السلام كما رأينا في أفغانستان وغيرها من البلدان  

إن إختلاف المرؤ مع أحد الأطراف أوإنتماؤه إلى أحدهم لا يلغي كوننا كلنا أهل ومواطني بلد واحد ، حيث شاءت أقدارالله أن نحمل هوية واحدة ، وهي الهوية الأريترية لذلك علينا أن نتذكر دائمًا بأننا أبناء وطن واحد ولا نتمادى في العداء المكشوف ، ولنترك دائماً شعرة معاوية حتى وإن أختلفنا كثيرا وأتفقنا قليلا هذه وصيتي الأولى التي أوصى بها عتاة السياسة الأريترية وكل من يكتب على وسائل الإعلام  

مراحل الفكرة

الفكرة تتكون من ثلاثة مراحل  (بعد ما تنتخب  الفعاليات الأريترية في المهجر لجنة  تتكون من كل العرقيات الأرترية ) 

المرحلة الأولى  : تخاطب اللجنة أهلنا في الحكومة وفي المعارضة بإسم الشعب الأريتري المهجر عما إذا كانو يرغبون في فتح الحوار في ما بينهم وإنهاء سياسة الرفض 

المرحلة الثانية : إذا لم يستجيب أحدهما أو كلاهما : يتم  مخاطبتهما مرة أخرى عما إذا كانو يقبلون بحكم شعبهم في المهجر إذا أستفتي في أحد أمرين (إما تفكيك المعارضة وإنضمامها إلى الحكومة أو فتح حوار وطني بينهما لتقريب وجهات النظر ) 

المرحلة الثالثة : إذا لم يستجيبا كلاهما هنا تنتهي الوساطة  ولكن إذا أستجاب أحد الطرفين تواصل اللجنة عملها معه  

من مميزات الفكرة إذا رفضها أحد الطرفين وقبلها الآخر ، فبإمكان الذي قبلها أن ينفذها على ضوء التفاصيل الواردة أدناه أو على حسب الطريقة الممكنة له ليقيم حجة تاريخية على الطرف الرافض 

أهلنا في الحكومة يعلمون إنهم بحاجة إلى الشعب المهجر اليوم أكثرمن أي وقت مضى ، لمواجهة تهديدات إثيوبيا ولكن في ذات الوقت لا يرون ضرورة لفتح الحوار الوطني مع أهلنا في المعارضة الذين يمثلون جزء كبيرمن الشعب الأرتري ، ليسألو ماذا يريد الناس لبلدهم ، وماذا لا يريدون ؟ وما هو سبب إختلافهم ؟ “مجرد سؤال ” والسبب أنهم لا يعترفون بوجودهم أصلا ً ، وهذا أمر يعلمه القاصي والداني ولذلك الحالة الأرترية تعتبر من أخطر الحالات ، ولابد من أن تكون المعالجة حكيمة وحساسة ودقيقة وصعبة الخ 

أهلنا في المعارضة عالجوالخطأ بالخطا ، فأرتمو في أحضان إثيوبيا في أول فرصة أتيحت لهم  وهم يعلمون ماذا تعني كلمة إثيوبيا بالنسبة للشعب الأريتري حتى دون حربها الجديد  إثيوبيا هي الحلقة الأخيرة في سلسلة الإستعمار المشئوم ، الذي نكب به الشعب الأريتري

إن الإرتماء الأخير في أحضان إثيوبيا هي القشة الذي قصمت ظهر البعير أعتقد لو أبدوأهلنا في المعارضة صلابة أقوى في وجه إغراءات إثيوبيا ، ربما لوجدو تعاطف أكثر من شعبهم ومن قطاعات كثيرة في الحكومة الأريترية ، ولربما كان ذلك سبباً لفتح الحوار المرجو بعيد الحرب الأخيرة 

أما إذا نظرنا إلى المقارنات التي أجراها الدكتور موسي مسقنا بين تصرفات المعارضة الإثيوبية وتصرفات المعارضة الأريترية كلٌ تجاه وطنه ، وذلك في مقالة له على موقع مسكرم  بتاريخ 25/7/ 2005 م ، أعتقد إنّ تلك المقارنة ينقصها شيء من الدقة ، لأن الدكتورلا أظنه لا يعلم بأن المعارضة الإثيوبية معترف بها من قبل الحكومة الإثيوبية عكس المعارضة الأريترية ، ولذلك إن تصرفات المعارضة الأريترية الخاطئ مرده دوافع إنتقامية للكرامة الشخصية إنهم مصدومون من تصرفات الحكومة تجاههم وتجاه الشعب الذي يمثلونه ،  وهم يعتقدون الآن من خلال أناهم الداخلية ، بأن أي فعل لإسقاط الحكومة يخدم بلادهم وشعبهم ، حتى إذا تم ذلك بالتحالف مع عدوالأمس ، الذي لا يُـؤمن غده إن مثلهم مثل المستغيث من الرمضاء بالنار     

وللأسف بين حجج أهلنا في الحكومة ، وإتهامات أهلنا في المعارضة هناك صاحب الحق المباشر منسياً من الجانبين وكأنه غير موجود  وهو الشعب الأريتري المغلوب على أمره منذ 100 عام ونيف لم يتمكن الشعب الأريتري  وهو صاحب الحق المباشر ، من كسرهذا الجمود ويتغلب على عثرات  قادته في عهد الثورة وفي عهد الدولة ، رغم محاولاته المستمرة معهم ، وحثهم للإنفتاح على بعضهم وهوشعب يتمتع برصيد من نجاح حققه بالنضال المشترك ، بعرقياته ودياناته المتنوعة لثلاث عقود متتالية وتوج نضاله بإستقلال بلاده وإن تخلل عهد النضال كثيرمن الأفعال العنيفة والعدائية تجاه البعض

ولكن لماذا لم يتمكن من إجبارهم ؟

قبل الإجابة على هذا السؤال يجب علينا الإجابة على أسئلة أساسية كثيرة  ولكن ذلك يتطلب العودة إلى الخلف ، إلى بدايات الثورة وتحليل كل مراحل الثورة وهذا ليس ضرورياً لمقالنا هذا ، لأن فيه مرارات لا لزوم لها ، ونحن بحاجة إلى النظرإلى الأمام ، وإلى طرح رؤية واضحة وإجراءات فاعلة لتفعيل الحواربين أبناء الوطن الواحد ولايفيدنا بعد البكاء على الأطلال 

ولكن للعبرة نأخذ لمحات عن البداية وعن الترتيبات غيرالموفقة التي إنتهت بها الثورة وأستهلت بها الدولة الأرتيرية الوليدة أعمالها لنتتبع جذور سياسة الرفض التي واكبت الثورة الأريترية

إندلعت الثورة الأرترية بالإرادة الشعبية ، إلا أن سوء الخبرة وربما ظروف البلدان المحيطة أو الخلفية الثقافية والسياسية الضحلة حالت دون إستهلالها البداية الصحيحةإن البداية النبيلة والمبهرة في نظرالجماهيرالأريترية ، لم تتوج بتصرفات مستقيمة من القيادة حينئذ ، حيث إستهلونضالهم في السنوات الأولى برفض إخوة لهم دون تفويض شعبي حركة تحريرأرتريا رفضت الإنضواء تحت جناح الجبهة،  وكرد فعل متهورأنكرت عليها الجبهة النضال في تنظيم مستقل ، بحجة واهية مفادها “إنّ  الميدان الأرتري لا يتحمل تنظيمين ” مأساتنا الداخلية في عهد الثورة بدأت منذ ذلك اليوم الذي رفضت فيه جبهة التحرير الأرترية  شقيقتها حركة تحريرأرتريا ، وأتخذت خطوة عسكرية عنيفة ضدها  ومن يومها لعنة رفض الأخروالتصفيات هي التي تطارنا إن رفض الآخرليس فعلا أصيلاً في مجتمعنا الأريتري إنه سلوك  طارئ وقصرنظرأفرزته حالة الإنبهار بالثورة في بدايات الستينات   ورغبة الإنفراد بالسلطة والثروة والثقافة في بدايات التسعينات من القرن الماضي  وما بين الستينات والتسعينات من القرن الماضي كانت جولات وصولات من الرفض والقبول والمؤامرات والحروب الأهلية والتصفيات ، وكأن البلاد لم تسع كل أهلها  

وإنتهى مشوارحرب التحرير برفض فصيل أرتري قوي للآخرين الضعفاء عسكرياً( دون تفويض شعبي أيضاً ) ولكن هذه المرة ليس بزعم “إن الميدان الأرتري لا يتحمل تنظيمين ، ولكن بزعم ” ما معناه إن التركيبة السكانية للشعب الأريتري لا تتحمل صراعات حزبية ”  وما بين الرفض الأخيرويومنا هذا صولات وجولات من الإعتداءات ليس على حقوق الإنسان وحسب ولكن على أبسط الحريات الطبيعية وعلى الأرواح البريئة ، لتثبيت هذا الزعم ، وفي سبيل ترسيخ  ثقافة الإنحناء للقوة كثقافة مقبولة لدى الشعب الأرتري  فبينما كان رفض الستينات بسبب السطحية السياسية ، فإن رفض التسعينات يبدوأعمق بكثيرمما يتصوره الجميع

العبارتان “إنّ  الميدان الأرتري لا يتحمل تنظيمين ” والتركيبة السكانية للشعب الأريتري لا تتحمل صراعات حزبية ” هنّ مجرد إنطباعات مسبقة أملتها حالت الخوف والشكوك وربما الإستعلاء ولم تستند إلى أدلة موثقة وتجارب سابقة ولا إلى مبررات علمية ولكن مفعول هذه الإنطباعات هوالذي شكل واقع السياسة الأرتيرية حتى يومنا هذا  

ولكن بالرغم عن قلة الحيلة للعمل الفاعل ، لم يقبل الشعب الأريتري كلا العبارتين  حتى الآن ومن يتأمل الخلفية الوطنية والثورية للشعب الأرتري قد يأمل أنه بإ مكان أي عمل سياسي منظم يقوم به الشعب الأريتري بحرية تامة أن يضع نهاية لرفض الفصائل الأريترية بعضها تحت أي حجة لأن الكره الشخصي أوإختلاف الرأي الحزبي أوالفئوي لايمت إلى مصالح الوطن بصلة ولكن التحرك الشعبي الفعال لم يتحقق حتى الآن 

يدعي بعض التبريريين  بإن الفكرالسياسي لمعظم الأرتريين لم يصل بعد إلى النضوج ، وقد أنجزومهمة الإستقلال ثورياً بعاطفة وطنية قوية ربما هذا الرأي صحيحاُ بعض الشيء ، بدليل لم يصل الشعب الأريتري خلال الخمسة عشر سنة الماضية إلى المستوى الذي يمارس فيه ضغوط منظمة وفاعلة على الذين نصبو أنفسهم حكاماً بحكم الشرعية الثورية ولا يريدون الصعود إلى الشرعية الدستورية من خلال إشراك كل مكوناته في صياغة الدستوروالقوانين المكملة له وفي إرساء دعائم دولة القانون والتعددية السياسية ليتمكن من عزل المتطرفين والرافضين للتعايش السلمي ويحتضن المعتدلين وذوي البرامج الوطنية الخالصة  

وايضاً حجة هؤلاء التبريريين مردودة لأن منسوبي الجبهة الشعبية الأريترية ومؤيديها أيضاً جزء من الشعب الأرتري ، وما ينطبق على الشعب الأرتيري ينطبق عليهم كأفراد سواء في النضوج أو في السطحية بما في ذلك النضوج السياسي  ، وإن عدم الفاعلية السياسية للشعب ، لاتعطي أحدًا الحق لمصادرة الحقوق السياسية والثقافية والإقتصادية للآخرين 

التجارب أثبتت بأن شمولية الأحزاب اليسارية تتحول تدريجياً إلى دكتاتورية فردية ، ويتحول الحزبيون الشموليون بدورهم إلى ضحايا للديكتاتوريه التي ناصروها ومهدو لها الطريق في البداية ، وهذا ما رأيناه في كثيرمن البلدان العالمية ، وليس فقط في أريتريا 

ولتفادي مثل هذه النتيجة لقد طالب بعض الوطنيين في اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحريرأرتريا بعيد الإستفتاء ، بالعودة إلى خيارات الشعب والإسراع إلى المصالحة الوطنية تمهيدا لتشكيل حكومة وحدة وطنية ريثما تجتمع الجمعية التأسيسية ، إلا أن ذلك لم يجد إستجابة من صقورالتنظيم المنتصروأفلتت الفرصة وكانت سببا في صدمة كبيرة لعدد كبير من كوادرالجبهة الشعبية الأكفاء ، وكأنهم كانو يتوقعون النهاية التي ستئول إليها بلادهم التاريخ لا يعيد نفسه إلا أن بإمكان الحكومة حتى الآن أن تتخذ مبادرة شجاعة وتقطع الطريق أمام أعداء الوطن وتعلن عفو عام وحوار وطني في آن واحد دون عزل لأحد 

إن الذي نشاهده ونقرأه على الإنترنيت وعلى المطبوعات الحزبية المختلفة منذ الإستقلال حتى يومنا هذا شيء جميل يوحي بالرغبة إلى الحرية وإلى الإنفتاح على البعض ، وإن تخلله نوع من الشتائم والإتهامات المتبادلة  ولكن الأمر لا يعني الحكومة أو المعارضة فقط الجماهير المهجّرة  في خارج والموجودة في أرتريا لا بد من أن تقول كلمتها بشكل جماعي منظّم بطريقة ما 

الحكومة ترى أن لاوجود للمعارضة  وتصف زعماء المعارضة بأفراد غوغائيين معزولين ليس لهم هدف إلامصلحتهم الخاصة ، وتتهمهم كوصوليين أعداء للوطن لأنهم في نظرها يعملون لعرقلة برنامجها الوطني للتنمية والتعمير  متخفيين خلف ذرائع الديمقراطية وحقوق الإنسان ، مستغلين التباين الثقافي والعرقي والديني للسكان ويتوعد صقور الحكومة ، نهارا جهارا كل المخالفين لبرنامجهم ورؤيتهم بالويل والثبور، وعظائم الأمور، ويعتقلون كل من يظنون فيه مشروع معارض داخل أرتريا ، وكأن برنامجهم هذا جاء بتفويض شعبي وقد إختفى العديد من المواطنين في ظروف غامضة ، حسب التقارير الواردة من منظمات وهيئات دولية عديدة وهذا شيء لا يدعو إلى القلق على مستقبل البلاد وحسب ولكن يدعو أيضاً إلى الإستغراب والشفقة ، لأن التاريخ لا يرحم وأن المجتمع الدولي يراقب بالمرصاد  وفوقهم الخالق يرى كل شيء 

لقد تبين خلال الأربعة عشرعاماَ الماضية ، إنّ الحكومة الأريترية ترى بإنها هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الأريتري ، ولذلك  نراها تتصرف كيفما تشاء ، وبناءًا عليه فإن ما ينتظرالمعارضة الأريترية هوالعمل الدؤوب والواعي والمسئول بوتيرة أسرع لدحض هذه الرؤية 

المعارضة تصف الحكومة بالدكتاتورية حيناً وبالطائفية والشيفونية أحياناً أخرى ، وبكل نعوت المفردات  البشعة المعروفة لديها ، دون أن يحرك ذلك ساكناً في الحكومة ، ودون أن تضع المعارضة الجماهير الأرترية صاحبة الحق المباشرفي محك المسئولية وبين هذا وذلك الشعب الأرتيري هوالذي يدفع الثمن داخل أرتريا وفي المهجر 

لقد فكرت المعارضة منذ الإستقلال في خياريْ الإستإصال والصراع السياسي في آن واحد دون أن تمتلك الآليات اللآزمة لأي منهما  ولكن لوكان التركيز في خيارواحد فقط وهو خيار الصراع السياسي الفعال لدفع الحكومة للتخلي عن سياسة الرفض ، ربما لكانو أكثر نجاحاً 

الإستإصال أوالإزالة بالقوة عن طريق الإنقلاب العسكري أوعن طريق شن حرب عصابات فعالة قد تتحول إلى حرب أهلية شاملة ، أوالإنقلاب العسكري لم تتوفرله الإمكانيات اللوجستية والفنية  ثم إن الجيش الشعبي جيش تنظيمي من الدرجة الأولى ولا يعاني من أي تيارات سياسية مؤثرة في داخلهوالحرب الأهلية مرفوضة بالطبع من قبل السواد الأعظم من الشعب الأرتري ، وربما قد تهدد هذه المرة السيادة الوطنية والتركيبة السكانية الحساسة والمنهكة وهناك مخاطر التدخل الأجنبي وغيره  وقد تبيّن في حالات كثيرة من العالم ، إن الحل العسكري لايحل مشاكل سياسية داخلية مهما كان أحد الطرفين متفوقاً على الآخروالضحايا دائماً هم المواطنين البسطاء ولذلك يجب إستبعاد خيارالإستإصال والإجتثاث ، لأن القضية في نهاية الأمرهي قضية وطنية وليست عرقية ولا حزبية ولا شخصية  

إذن خيار العمل السياسي الفعال هوالأنسب والأكثرملائماً للوضع المحلي الإقليمي والعالمي الحالي قد لا يأتي هذاالعمل بتحولات سريعة ولكن قد يجبرالحكومة للإعتراف بالرأي الآخرفي نهاية المطافوبالتأكيد سوف يحافظ هذا المسلك على السيادة الوطنية الأرترية بشكلها المعترف به دولياًأليات الضغط ما هي إلا الحشد الجماهيري والعديد من الإجراءات التي تهدف إلى تهيئة المواطنين المهجّرين بحيث يدلو بأصواتهم فردا فردا فيما يشبه بالإستفتاء ، وإجراءات أخرى مهمة أهمها إجادة التعامل مع الشعب الأريتري المهجّر بصفة مباشرة ، وهم نسبة لايستهان بها من مجموع الشعب الأريتري  ثم بعد ذلك إيجاد طريقة ما لأخذ رأي المواطنين الموجودين داخل أريتريا

المعارضة الأريترية تدعي بأنها صاحبة حق ، وعليها إثبات هذا الحق من خلال إشراك صاحب الحق الحقيقي والمباشر ألا وهو الشعب الأريتري)والشعب المهجّرهوالأسهل للوصول إليه ولكن الضغط ليس بالضرورة نحوالحكومة فقط    

إن مهام اللجنة الشعبية المقترحة في هذه الفكرة هو لتنشيط الشعب المهجّـر وتوجيهه من خلال ما يشبه إستفتاء مبسط ، إماّ  للضغط على المعارضة للتخلي عن معارضتها مؤقتاٌ ريثما يتم تخطيط الحدود مع إثيوبيا وإنهاء العلاقة مع إثيوبيا والإنضمام إلى الحكومة الأريترية والوقوف بجانبها في حالة نشوب حرب جديدة لا سمح الله ، وهذا قد يجد آذاناً صاغية من قبل الحكومة، أو الضغط على الحكومة  للتخلي عن الإنفراد بالسلطة والثروة وهدرالوقت والمال الشحيح للدفاع عن السلطة ، والإلتفات إلى جوهرمشاكل التنمية والإستقرار، دون الإنتظار إلى ترسيم الحدود ،  وفتح الحوار المباشر مع المعارضة ، وهو ما تسعى إليه المعارضة ربما قد تأتي مثل هذه الضغوط الشعبية المباشرة بنتائج إيجابية وخصوصاً إذا وصل صداها إلى المحافل الدولية بما في ذلك مجلس الأمن الدولي بمساعدة القوة الدولية التي تدعم التحرك من أجل الديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان ولا تتم مثل هذه الضغوط المباشرة إلا من خلال الإستفتاء الشعبي     

إن الإستفتاء القادم قد لا يتطلب مصروفات ضخمة ولامناديب تجول البلدان العالمية ، ولامؤتمرات دورية  مجرد ترتيبات بسيطة قد تكون بداية فاعلة للعمل المنظم ، والطرف الموافق في الترتيباب بإمكانه أن يتعاون مع اللجنة الشعبية المكونة لهذا الغرض بل بإمكانه أن يتعاون مع منظمات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة إن أمكن ذلك وذلك وبعد إخطار الدول التي تستضيف المهجّرين الأريتريين ويستحسن أن تقوم اللجنة الشعبية  بإعداد البرنامج واللآئحة المنظمة له بالطريقة التي تراها مناسبة  ومن المفيد أن تضم اللجنة وكل اللجان الفرعية عضواً من كل من :-

الحكومة الأريترية من أجل المراقبة إذا وافقت ، والتحالف الديمقراطي الأريتري  والمواطنين المؤيدين للحكومة الأريترية والمواطنين المؤيدين للتحالف الديمقراطي الأريتري أو غيره من الأحزاب ، ومنظمة غير حكومية معنية بأوضاع الوافدين أو منظمة حقوق إنسان محلية ، والقطر المضيف إن أمكن ، والأرتريين الذين نالو جنسية البلد المضيف والذين يقلقهم شأن بلدهم الأم أريتريا ، وعلى أن تشكل لجنة فرعية في كل مدينة يعيش فيها 1000 أريتري أومن أصل أريتري أوأكثر 

 صيغتا الإستفتاء المقترحة  :-

أريد أن تفتح الحكومة الأريترية لحوار وطني مع كافة فصائل المعارضة الأريترية  ، وأن تعتبرهم ممثلين لجزأ من الشعب الأريتري ، وليس بصفتهم الشخصية ، وذلك بغرض الوصول إلى وفاق وطني يقود إلى التعددية السياسية ، ونظام حكم ينسجم ومكونات الشعب الأريتري  بغية العيش في أريتريا بالتراضي لتنميتها والدفاع عنها سوياً دون إنتظار ترسيم الحدود مع إثيوبيا 

أو

أريد أن تنخرط  المعارضة الأريترية وكل من يؤيدها إلى الحكومة الأريترية على شكل أفراد إذا أرادو ، أو التخلي عن المعارضة وعن الإتصال بإثيوبيا لحين ترسيم الحدود الإثيوبي الأريتري ، على أن يفتح الحوار الوطني ويستهل الإصلاح السياسي بعد ترسيم الحدود مع إثيوبيا وبعد إنتهاء قضية الحدود ،وطبقًا لبرنامج الحكومة    

– يختار كل مستفتى واحدة من الصيغ أعلاه

– ترفق النتائج مع قوائم أسماء الأريتريين أو ذوي الأصول الأرترية المقيمين في شتى مدن العالم ، وترسل إلى رئاسة الحكومة الأريترية ورئاسة التحالف الديمقراطي الأريتري ومنسقية الإستفتاء المركزية بواسطة بريد إليكتروني  

فإذا تمكنت هذه اللجان من إرسال قوائم بتوقيعات وأسماء  400000 إلى 500000 أريتري  في أقل تقدير، ، سوف  نحصل على صورة واضحة عن رأي المهجّرين الأرتريين بخصوص الحوار الوطني 

إذا لم يستجيب طرف ما لنتائج الإختيار في الشهر الأول بناءا على رفضه الأساسي ، ترسل في الشهرالثاني صورمن تلك الرسائل مصحوبة بقوائم الأسماء والتوقيعات إلى سكرتيرالأمم المتحدة ، وسكرتير الإتحاد الأفريقي ، والإتحاد الأوروبي ، والجامعة العربية ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، وإتحاد الكنائس العالمي ، ومركز كارتر ، ورئيس منظمة العفو الدولية ، وسكرتير منظمة الإيقاد ، وسكرتير منظمة الساحل والصحراء ، وسكرتير منظمة الكوميسا ، ومنظمات حقوق الإنسان العالمية ، والمنظمات غير الحكومية  وتكررهذه الرسائل بشكل دوري ، وتضاف قوائم جديدة من الأسماء كل  شهر أما اللآجئين الموجودين في السودان ، فبإمكان أخذ توقيعات أو بصمات  النساء والرجال وأسماؤهم وإرسال صورها إلى الحكومة وإلى المنظمات أعلاه بالبريد التقليدي مباشرة من معسكراتهم لكشف العدد الحقيقي الذي يعيش في السودان حتى الآن

نحن في عصر أصبح فيه العالم قرية ، ولم يعد هناك ما يسمى “عدم التدخل في شئون الآخرين”  بعد ما أعقب عدم التدخل هذا مآسي وجرائم طالت العالم ،  ولذلك الإستعانة بمراقبين دوليين متطوعين أثناء تفعيل الحملة قد يعطي المزيد من المصداقية  وقد تفيد إستشارة قانونية ، عما إذا كان القانون الدولي يعطي الحق للمواطنين المهجّرين والمتجنسين من أصول أخرى أن يستقتو لكي تحاور حكومة  بلدهم الأم  ممثليهم ، أو أن يقاضو حكومة بلدهم الأصلي أمام القانون الدولي لسوء المعاملة التي تعرضو لها وأقاربهم ، أو إذا لم تحترم رغباتهم وقد تفيد إستشارة قانونية أخرى ، قد يطلبها التحالف الديمقراطي الأريتري ، عما إذا كان القانون الدولي يجبر حكومة عضو في هيئة الأمم  ، أن تحترم رغبة مواطنيها أو جزء منهم ، أو يطلب منها السماح للمواطنين الموجودين تحت سيطرنها أن يدلو بأصواتهم في قضية ذات علاقة بها ، كالإستفتاء أعلاه مثلاً  

وقد تدعم هذه الحملة بمظاهرات شهرية في البلدان التي تسمح بذلك ، للضغط على الطرف الذي يرفض النتيجة أو الذي يرفض الفكرة من أساسها حتى تظل القضية حية ليس على أورقة المنظمات الدولية وحسب ، لكن على الشارع الدولي أيضاً وهي حجة تاريخية سوف تقام على الطرف الرافض 

وحتى الذين يحملون الجوازات  الأريترية يجب أن لايمانعوعن المشاركة في هذه الحملة لأنهم بالتأكيد لايرفضون الخيروالإستقرار لبلادهم

وإذا قبلت كل الأطراف المعنية بالنتيجة ، يجب أن يبدأ الحوار بحضور مراقبين دوليين ، ويبدأ ممثلي الشعب المنضوي تحت قيادة التحالف الديمقراطي الإرتري وغيرهم وممثلي الحكومة الأريترية بوضع الخطوط العريضة للحوار الوطني ، ولبرنامج وطني مؤقت  ويبدأ الحوارالشاق من أجل السلام والإستقراروهدفه الأسمى “السيادة الوطنية الأرترية فوق كل ‘عتبار”  وأما التنازلات السياسية من الجانيبن ، لم تسقط بالضرورة الحقوق المدنية والقانونية للمجني عليهم من قبل المعارضة أو من قبل الحكومة خلال 14عامًا الماضية  

يوجد أكثر من مليون وربع مهاجرولاجئ أريتري أو من أصول أريترية منتشرون حول العالم  فمنهم من إكتسب جنسيات بلاد المهجر ومنهم من ينتظردوره ، ولكن لا شك كلهم أومعظمهم قلقون على أوضاع وطنهم الأم ، وإن أستجاب بعضهم لمهرجانات الحكومة من حين لآخرقد تكون إستجابة الكثيرين لحضور هذه المهرجانات شوقاُ على ثقافات بلادهم ، وليس بالضرورة تأييداً سياسياً للحكومة الحكومة تقيمها في البلدان التي يتركزفيها تواجد الأرتريين القادرين على الدفع ، ولاتقام في معسكرات اللآجئين بالطبع ، او للأرتريين المقيمين في الدول الفقيرة ربما لأنهم لا يرجى منهم التبرعات المجزية ، ولذلك إن أهداف هذه المهرجانات واضحة   وأيضاً ليس بالضرورة أن نعتبر حضور المهرجات التي تقيمها المعارضة كلهم مؤيدين للمعارضة ، ولذلك حضور المهرجانات لا يمكن أن يعتد به لصالح أي طرف  

أما اللجان التي سوف تقوم بهذا العمل ، علينا أن نمنحهم كل الثقة ، ونحسبهم أكفاء للعمل المطلوب ، والله حسيبهم ، ونتوقع منهم التمتع بما يلي من باب الإطمأنان :     

1- شعوروطني متقدم عن بقية أفراد شعبهم ، نكران الذات ، التفاني  

2- ديناميكية في بتنظيم برنامج الحملة تنظيماَ دقيقاَ بحيث لا تترك أي مجال للخطأ  

3- التعاطي والإستفادة من أدوات الإعلام المعاصر، الإنترنيت ، البريد الإلكتروني  

4- فتح منافذ جديدة نحو المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وواسل الإعلام ودعوتهم للإشتراك في مراقبة الإستفتاء والترويج له  

5 – عدم الميل إلى أي طرف خلال الإعداد للإستفتاء أو خلال نفيذه  

 مرة أخرى أقول إن الثورة الأرترية إندلعت بإرادة شعبية ، ودعمها الشعب الأريتري بشكل تصاعدي على مدى ثلاثة عقود متتالية ، وتوج رغبته بإستفتاء شهير ، أسفرعن ميلاد جديد لأرتريا ، ويتحمل تبعات الثورة حتى هذه اللحظة بكل ما تعنيه الكلمة ، ولذلك هو صاحب الحق أينما وجد ، وبإمكانه أن يعدل مساربلاده ، إذا وجه الوجهة الصحيحة ، وبقليل من التنظيم والمثابرة والإنفتاح  إن الشعب الأريتري الذي أبهرالعالم بتضحياته ، ومثابراته وصبره على الشدائد ، والذي هزم قوى إقليمية مدعومة بالمعسكرالغربي حينا والمعسكر الشرقي حينا آخرعلى إمتداد النصف الثاني من القرن العشرين ، كفيل بأن يضع حدًّاَ لمعاناته وإلى الأبد ، ولكنه بحاجة لمن ينظمه ويضع أمامه  المبادرات المبتكرة ، بعد أن ألتقط أنفاسه ، وهدأ إنبهاره بوطنه الوليد ، وزالت الغشاوة من أعين الكثيرين من دهماءه ، حيث كانت تغلب عليهم العزة بالإثم  والآن بعد عقد ونصف من التيه وقد حاصرته المعاناة والفقروالمرض والجهل والجفاف في الداخل ، والحسرة والعوزوالغربة في الخارج   يجب أن  ينتفض مرة أخرى ، ولكن إنتفاضة من نوع جديد ، وبنكهة خاصة 

أما بالنسبة للسياسيين الأرتريين ، نعلم أن هناك تجارب فاشلة أدت إلى هذه القطيعة فيما بينهم وهذا الرفض الدائم  وهناك عناصر مخضرمة تعمل مع  المعارضة حتى الآن وهم لا يجيدون فن التكتل الإستراتيجي وفن العمل الوطني ولهم دور تاريخي هدام في ضرب الوحدة الوطنية سابقًا ، ويتحملون جزأ من المسئولية التاريخية في ما آلت إليه الأوضاع الأريترية الآن ، وقد كانو سبباً في دمار فصائلهم ولكن هؤلاء الآن قلة ولا يمكن أن يؤثرو على توجهات القوة الصاعدة في المعارضة  ثم أن الحوار الوطني ضرورة وطنية تمليه مصلحة الشعب الأريتري ومصلحة السيادة الوطنية وليس لخاطر سواد عيونهم وهناك جزأ من الشعب متمسك بالمعارضة على ضعفها ، ولكي لا يوجه هذا الجزأ إتجاهاً بعيدً  قد لا يحمد عقباه لا بد من فتح الحوار الوطني على مصراعيه ، على الأقل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه  

إن التهديد الإثيوبي لأرتريا والدفاع عن أرتريا لايعني الحكومة الأريترية وحدها ، بل يعني كل الشعب الأرتري ، ولكن إعطاء الأولوية لقاضايا الحرب والحدود والسيادة الوطنية على حساب حقوق الإنسان والوفاق الوطني حق أريد به باطل  كما أن الوقوف مع عدو تاريخي لدود ضد سيادة الوطن ووجوده ، بحجة معارضة موقف الحكومة الرافض لرأي الآخرين  في هذه المرحلة ، يعتبر خطرًا ماحقاً على الوطن الذي كلف إسترداده ثمناُ غالياُ ، وقد يكلف ضياعه هذه المرة لا سمح الله ضياع شعب بكامله وهدر 100 عام من الكفاح 

عارعلينا أن نجد أنفسنا منقسمين حتى الآن والعالم من حولنا يتحد كل يوم إن سياسة الرفض التي يمارسها أهلنا في الحكومة الأريترية لأسباب هم أدرى بها ، طال أضرارها حتى الذين كانو يؤيدون الحكومة من باب هي أول حكومة لنا ، وطالت حتى المحايدين البسطاء من الشعب الأريتري ولم تكتفي بالمعارضين ، لأن الكل إمتنع عن الإستقرارفي أريتريا بسبب المستقبل الغامض الذي أفرزته هذه السياسة  من سنن الحياة  إن الضعيف لن يظل ضعيفاً إلى الأبد والقوي لن يظل قوياً إلى الأبد  حتى أمريكا سوف تضعف إن شاء الله  القوة الدائمة هي لله وحدة ، وكان يجب أن نبني علاقتنا مع بعضنا على أساس هذه الحقيقة ، لأن منطق القوة والضعف لا ينسجم والتعايش السلمي بين الديانات والأعراق ولا يمكن أن يغير أحدا إسلوب حياة الآخرين بالقوة ، إلا أنّ الناس يمكن أن تتعلم من بعضها على مرالزمن 

أكتفي بهذا القدرلأن الكلام الكثير قد يضر بأداء لجنة الوساطة إذا رأت النور  ، وأنا لا أريد أن تفشل اللجنة هذه المرة 

إن الفكرة أعلاه قد لا تكون مستحيلة ولاصعبة ، وأتمنى أن لا نضطرإليها في أي يوم من الأيام ولكن تخيلتها بما يشبه حلم اليقظة وكأننا سوف نضطر إليها يوماُ ما لنجدها حقيقة ماثلة أمامنا ، وقد أستبد بنا الحال وتمادينا في رفض بعضنا ، لأن دوام الحال من المحال 

أرجو من الحكومة الأريترية أن تقوم بالمبادرة المرجوة لكي تحرك بها عواطف شعبها تجاه وطنه من جديد ، وتجمع الشمل مستغلتاُ هذا التهديد الإثيوبي المستمر ولتستفيد من مشاعرالحب الذي يكنه الشعب الأرتري لوطنه وأرجو أن لا تتحمل المواجهة مع إثيوبا لوحدها أكثرمن هذا ، وتجمع  المواطنين المهجّرين حولها من خلال الأحزاب والتنظيمات التي يميلون إليها لصون وحماية الوطن ولتخفيف الضغط والحمل على المواطنين الموجودين في أريتريا وفي هذا خطوة كبيرة نحو الطريق الصحيح  

وأرجو من أهلنا في قيادة المعارضة أن لا يتمادوْ في علاقتهم مع إثيوبيا التي ربما قد تجرنا نحو خطأ تاريخي آخر ، أخطر وأبشع من الخطأ التاريخي الذي وقع عليه حزب حبرت ( حزب الوحدة مع إثيوبيا في الخمسينات من القرن الماضي  ) والذي كلف الشعب الأريتري الكثير الكثير إن العلاقة السياسية بين المعارضة الأريترية وإثيوبيا خطرعلى الوطن الأريتري وليس على الحكومة الأريترية فقط ، كما أن  هذا التصرف ينفرجزأ كبير من الشعب الأريتري من حول المعارضة ، بغض النظرعن الدوافع وعما يساق من حجج    

اللهم إفتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين  

ملحوظة  أرجو أن تقوم المواقع العربية الأرترية بترجمة هذا المقال إلى اللغة الإنجليزية واللغة التجرينية لتعم الفائدة 


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6223

نشرت بواسطة في يوليو 31 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010