جمل هناشيش

بقلم / منصور كرار

الأنبا انطونيوس يدخل التاريخ

منذ أن نشر موقع “أسمرينو” في أغسطس الماضي 2005  نبأ خلاف راعي الكنيسة الأرثوذوكسية نيافة الأنبا/ أنطونيوس الثالث مع النظام الحاكم في أسمرة وذكر المضايقات التي يعاني منها نتيجة لرفضه تدخل النظام في شؤون الكنيسة واعتقال قساوستها الوطنيين‘ توالت الإنباء تباعا مرة بالنفي ومرة بالتأكيد إلي أن تأكد الخبر للملأ وتم وضع قداسته تحت الإقامة الجبرية، ومن ثم تجريده من مهامه الدينية من خلال دراما بهلوانية رديئة الإخراج.

إن ما قام به النظام هو عمل مشين سافر في الرعونة والصلف يجب أن يدان من الجميع‘ انه عمل أحمق اسقط ما تبقي من ورقة التوت التي كان نظام القهر والتسلط يغطي بها عورته أمام آخر معاقله الشعبية من أتباع الكنيسة القبطية (توهدو)  الارترية.

 ويقال أن قداسة الأنبا رفض الانصياع للنظام ومل تدخله في شؤون الكنيسة والعقيدة‘ والبعض الآخر يقول انه قال كلمة حق في وجه عنف النظام وغطرسته وقاوم إمعان “شلة الوديني” في إذلال الشعب الارتري واستعباده‘ كما يقال انه استنكر ممارسات النظام الديكتاتوري في تقنين الفساد الاجتماعي والتحقير والاستهانة بمعتقدات الشعب الارتري وموروثاته‘ أو انه أدان التنكيل الذي لحق ويلحق بالمؤمنين من كل الاديان والطوائف.

 ومهما يكن السبب الذي وضع نيافة الأنبا وجها لوجه أمام بطش النظام فانه عبر بحق عن موقف تاريخي‘ و دخل التاريخ الوطني من أوسع أبوابه‘ حيث:

·       وقف موقفا مثاليا يجب أن يكون عليه كل رجال الدين في مكان قداسته من جميع الأديان قاطبة‘ الذين يحتم عليهم موقعهم الريادي الروحي أن لا يخشوا في قول الحق لومت لائم‘ ولا يهابوا سلطانا في الوقوف مع الحق ومناهضة الظلم مهما كان مبرراته وأشكاله.

·       سجل للكنيسة الأرثوذوكسية الارترية موقفا وطنيا شجاعا ومشرفا في مناهضة الظلم والديكتاتورية‘ وحقق لها مكانة وطنية عليا في التاريخ الارتري لم تنالها من قبل منذ أن عُرِفَتْ بموالاتها للإمبراطور هيلي سلاسي وتأييدها لضم ارتريا وإلحاقها بإثيوبيا.

·       ألقم حجرا أفواه ببغاوات دعاة فصل الدين عن حيات الناس العامة‘ وتهميش دور القيم الدينية‘ باسم العلمانية وفصل الدين عن السياسة.

·       أحرج كل رجال الدين الموالين للنظام أو الساكتين علي الظلم خوفا من بطشه‘ وفي مقدمة هؤلاء ذاك الشيخ المغلوب علي أمره (والذي يشهد له أقرانه بالعلم وبحسن التدين والورع) مولانا المفتي‘ الذي عجز النطق حتى بأدنى مطلب للمسلمين (حقهم في الأوقاف) والذي صدح به نيابة عنه المرحوم الشيخ هداد كرار‘ ولقد سجل الأنبا أنطونيوس موقف مشرف بدون أن يكون له قدوة سابقة في كنيسته‘ في حين عجز المفتي فعل ذلك وهو يملك رصيدا ضخما وقدوة حسنة في علماء المسلمين عبر التاريخ في مقاومتهم للطغاة‘ رجال مثل الشيخ مفتي الديار الارترية إبراهيم المختار‘ والشيخ المفتي الحسيني في فلسطين‘ والشيخ عمر المختار في ليبيا وغيرهم كثير في بلاد الإسلام الواسعة.    

·       والاهم من كل ذلك أسس الأنبا أنطونيوس لأسلوب نضالي سلمي فعال للتصدي للطغاة وتحديهم‘ وكسر هيبتهم‘ أسلوب غير معروف لشعبنا‘ وهو ما يعرف لدي الشعوب الأخرى بالعصيان المدني.

 

تحية للأنبا انطونيوس‘ ومرحبا به في صفوف المقاومة الرافضة للدكتاتورية والقهر‘ وعلي شعبنا بالداخل تطوير موقفه هذا ليتحول الي نواة لعصيان مدني سلمي شامل يقتلع به نظام الإرهاب ألإقصائي من جذوره‘ كما علي الجميع بلورة هذا الحدث إعلاميا لننطلق به في تأسيس تغيير جذري نؤسس عليه مفهوم جديد لوحدة وطنية متينة مبنية علي الشراكة والتعايش السلمي المقنن بميثاق شعبي.


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6835

نشرت بواسطة في فبراير 13 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010