حزب النهضة الإرتري والقوميات

أ/  إدريس صالح

  إن حزب النهضة الإرتري ومنذ ولادته قد لفت نظر الجمهور الإرتري  في بيانه التأسيسي لتبنيه قومية الجبرته. باعتبارها إحدى القوميات في إرتريا  في القديم والحديث من الزمن وقد استنتجت من هذا البيان  فعلا بان مسالة القوميات  تأتى في غاية الحساسية بالنسبة للمجتمع الإرتري  وربما يتساءل المرء  وما حساسيتها  اذ لم تظهر في فترة النضال المرير الذي خاضه الشعب الإرتري  من اجل الاستقلال  فالشعب بآسره وبمختلف أعراقه وأديانه  اظهر التلاحم والتوحد وتمسك بهدف الاستقلال وتحرير التراب  باعتباره غاية  دونها يسقط الاهتمام بالمسائل الأخرى  ولان الخوض في هذه المسائل كان موضع خوف وريب  لربما الخوض فيها كان سيؤدي الى احتراب أهلي طائفي يتهي معه هدف الصراع من اجل الحرية  والكثير من تلك القضايا كان الشعب الإرتري يرى تأجيلها لما بعد التحرير والاستقلال حيث أنها من البداهة  لا تحتاج إلى تسيسها أو اعتبارها قضية شائكة  لان المجتمع الإرتري  ليس صنيع اليوم أو التاريخ القريب بل منذ القدم يعرف بعضه بعضا وكل مجموعة عرقية في إرتريا تحتفظ بهويتها العرقية والتراثية لاشك  هناك قاسم مشترك  قد يكون اللغة أو الدين  ولكن من حيث السلالة والانتماء القبلي فهذا لاشان للساسة فيه ولكن ظهرت هذه القضية بشكلها الصارخ في أيام الاستقلال وبالتحديد عند مرحلة الاستفتاء والتي كانت في عام 1993  عندما طلب من أي إرتري إن يعبأ الاستمارة لكي تمنح له أول بطاقة رسمية إرترية  لان قبلها لم يكن للإرتري أي إثبات رسمي يحدد هويته لكنه  في الانتماء كان يعتمد على ذاته من حيث ولادته النسبية حتى ولو كان مكان الميلاد أو الإقامة بعيد عن الوطن وعند ذلك الوقت جعل المواطن الإرتري في موضع اختيار من حيث الانتماء بان يختار أحد القوميات المعتمدة عند الحكومة المؤقتة حينها  وقد تم اعتماد القوميات من حيث التوزيع اللغوي فقط  فأحدثت مشاكل  كان أهمها موضوع الجبرتى  فقد عرض على الجبرتي أن ينتمي إلي ماتم اعتماده بوجود قومية تسمى التجرينية من حيث اللغة  بحيث إن الكثير من الجبرته باعتبار سكناهم الريئسة في المرتفعات فهم يتحدثون اللغة ذاتها  ولكن لم يتقبل ذلك الجبرتى لانه عرف منذ الأزل بالتسمية المعروفة للجميع في إرتريا   الجبرتى لكن الحكومة المؤقتة  جعلت من الآمر غير قابل للنقاش ولا التفاهم ولم يكن هناك متسع من الوقت لان المشاركة في الاستفتاء لن تتم إلا بالحصول على هذه البطاقة   فقد قبل بعضا من الجبرته بالتسجيل  في إطار هذه التسمية  وذلك حتى لا تفوته فرصة المشاركة في الاستفتاء  الذي بموجبه سيتوج استقلال إرتريا  حتى إن بعض المناطق في العالم تم التعامل مع هذه التسمية  بما يرضي الجبرته بحيث توضع التسمية الجبرتي بين قوسين وكان يقال لهم إن هذا الأمر ليس نهائي وسينظر في الآمر عندما تقوم الحكومة الدائمة على أساس الدستور وتسن القوانين المنظمة لذلك  أما الآن فدعونا نتعامل مع الأمر كسبا للزمن ولعدم تفويت فرصة المشاركة في التصويت فتجمع الجبرتى في كل مكان في العالم لبحث هذا الموضوع وايجاد طريقة للتفاهم مع الحكومة الإرترية المؤقتة  وقد تم الاتفاق بان يتم إرسال وفود من أعيانهم  إلي العاصمة اسمرا لكي يقابلوا مسئولي الحكومة المؤقتة  وفعلا ذهبت هذه الوفود  ولم يتم استقبالها  بل كان السجن في انتظارها  فبالرغم من اهتمام الجبرتي بقضية قوميتهم إلا إن الحكومة لم تعطي هذا الأمر أية اهتمام  بل ذهبت في تعقيد المسألة وصرحت على لسان مسئوليها إلي إنكار وجود ما يسمى بالجبرتي في وطن يسمى إرتريا  وإذا الجبرتي أراد إن  يعيش تحت هذا الاسم فليبحث عن وطن آخر أما إذا أراد إن يعيش في إرتريا اليوم فسيسمى بالتجريني  فلينسى هو أو غيره وجود هذا الاسم بهذا البلد  ولتذهب كل كتب التاريخ الى الجحيم  فالحكومة ستكتب التاريخ حسب ما يودي إلي تحقيق أهدافها السياسية ليس إلا فالجبرتة وحيث لا ينكر أحد كانوا معروفين في وسط المجتمع الإرتري  بتجردهم في هذه المسائل الحساسة وذلك لكونهم يميلون دائما إلي الاهتمام بما يلم الشمل ويقوي الوحدة ويعولون دائما على الوطنية والتراب في التآخي والمودة  ويشهد لهم الجميع  في داخل إرتريا وخارجها أما بعد الاستفتاء فعادوا يهتمون بمسألتهم الخاصة قوميتهم ووحدتهم وكيانهم واصبحوا يتساءلون أين اخوتهم في الوطنية والمصير حتى إخوانهم في الدين  ليس هناك من أحد أعطى اهتمام لقضيتهم واقر بحقهم الطبيعي بان يعرفو بتاريخهم وباسمهم الذي عرفو به منذ آلاف السنين وعليه فقد اصبحو يتساءلون ما المخرج من هذا المأزق وفي ظل تهكم الحكومة الإرترية بالمشكلة واعتبار تحرك الجبرتى زوبعة في فنجان لن يؤدي إلى شي وتبعا لذلك فقد تفاقم الأمر واصبح الحديث بهذا الشأن في كل تجمعات الجبرتى وعند الآخرين  حتى جاءت الحركة الفيدرالية وتعلن رسميا وعن قناعة بان الجبرتى كيان قائم بذاته لايمكن وبأي مبرارت إن يلصق الى قومية لا يمت إليها بصلة سوى اللغة  ثم بعد ذلك تأسس حزب النهضة الإرتري وتبنى هذه المسالة باعتبارها قضية أصبحت وطنية وسياسية لان التاريخ الإرتري سيطمس ويلحقه التحريف إذا سلم المجتمع الإرتري بما تذهب إليه الحكومة الإرترية  وان مثل هذه القضايا إذا تم تجاهلها ستؤدي الى مشاكل عويصة المجتمع الإرتري في غنى عنها  والجبرتى ليسو بقلة ولهم تاريخ مشرف على المسرح السياسي أو النضال المسلح يكفي إن الشيخ عبد القادر كبيري الذي يعتبر أول شهيد وطني من اجل الاستقلال ينتمي إليهم  وإذا قلنا إن هذا الشهيد ينتمي إلى قومية التجرينية  إلا يعني هذا قلب التاريخ رأسا على عقب ومن ثم عدم التمييز بين من نادى للاستقلال وعلى الدوام وبين من نادى إلى الوحدة مع أثيوبيا واعتبرها قضية حياة أو موت وفي ذات السياق فقد صدر بيان عن رابطة طلاب ابناء الجبرتة في الجامعات والمعاهد العليا في السودان بتاريخ 12/10/2006 يعلن رفضه التام لتقسيم القوميات في إرتريا على أساس اللغة ويؤكد على إن الكيان الجبرتي قائم بذاته لايمكن دمجه مع كيان أخر على أية أسس حزب النهضة الإرتري موفق في تبني هذه المسالة وذلك لأهميتها في عامل الاستقرار الاجتماعي والسياسي في إرتريا  بالإضافة إلى القضية الكلية المتمثلة في البحث عن العدل والحرية والمساواة لكل الإرتريين  وعلى هذا الحزب معول الكثير من التغيير في الساحة الإرترية داخليا وخارجيا وقد اظهر الكثير من الإرتريين اهتماما خاصا بهذا الحزب وذلك لحداثة نشأته لاسيما وان قيادته شابة وجديدة  على الساحة والجبرتة بصفة خاصة اظهروا اهتماما  بهذا الحزب حيث انه اهتم بقضية قوميتهم  ففي المؤتمر العالمي لجمعيات الجبرتى والذي عقد بهولندا فقد ايدوا قيام هذا الحزب وقالوا بأنه يعبر عن تطلعاتهم ومعلق عليه آمال كل الإرتريين لان يكون بوتقة يلم شمل الإرتريين  على الوطنية والتسامح .  

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6751

نشرت بواسطة في أكتوبر 20 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010