حـكــايــات من بلادى : شمس الحريّة (شمسى ) ورفاقه الأبطال (2)

بقلم: عبدالفتّاح ودّ الخليفة

Khulafa20@yahoo.com

تابعنا فى الحلقة الماضية حيثيات الخروج والإستعداد الذى سبقها واليوم الأخير قبيل ساعة الصّفر ونواصل اليوم ما تبقّى من قصّة الخروج العظيمة….

زحفت الجموع نحو نقطة التّجمّع إلى منطقة (حدليت)  على طريق (زولا_ إرافلى) كما طلب منها..وإنتظار الإشارة ، وهى ضوء  السيّارة إضاءة ثم إطفاء ثلاث مرات متتالية…..

ومن ثم تحرك الشّهيد ( شمسى ) والشّهيد (قمحد) ومعهم المفتاح وثالثهم (عندى إدريس ) سائق التاكسى إلى الهدف (المخزن). وعند وصولهم إلى مخازن الأسلحة فوجئوا بمالم يكن فى الحسبان ، تغيّرت عناصر الحراسة..  بعناصر لم تكن من الحركة.. ولكنّ الشّهيدين تصرّفا بكل هدوء وألقيا التّحيّة.. لحظات وبعدها  أشهر ا (شمسى وقمحد )  السلاح على عناصر الحراسة ،قائلين :إن بدرت منكم أى حركة فمصيركم الموت !!!! نحن إرتريون أحرار!!!!! نريد الخروج بالأسلحة إلى الجبال لنصرة قضيتنا..!!!! فعليكما الإختيار بين الإنضمام إلينا أو الموت!! فوافق أعضاء الحراسة بالإنضمام إلى المجموعة تحت تهديد السّلاح ، وفى الحال فتحت المخازن و شحنت الأسلحة على التاكسى، وكانت كمية الأسلحة التى إستولوا عليها:

1-        إثنين برين إنجليزى  2-(30) بندقيّة أبو عشرة 3- (12) مسدّسا 4- (5000) طلقة 5- خمسة قنابل وكان الإتفاق مع (عندى إدريس)   إذا قبض عليه  يجب أن يقول أنه لا يعرف شيئا عن الثورة، وإنّما رجال من الشرطة حملوه السلاح وأوصلهم إلى مكان ما أرادوا، لأنّهم رجال الدّولة ومسلّحون،  وكان يعتقد أنهم فى مهمة حكومية ، وبعد أن أوصلهم (عندى إدريس الدنكلى) إلى (حدليت) واصل الثوار فى السّير ليبتعدوا قدر الإمكان من (مصوّع) حتى ظهيرة اليوم التالى..وفى  ظّهيرة  اليوم الثّانى ،جلسوا  لأخذ قسطا من الرّاحة وليطعموا أنفسهم، فذبحوا كبشا ،إشتروه من المواطنين، وبدأو فى إعداد الطّعام ، وأثناء ذالك ودون أن ينتبه أحد هرب الإثنان رجال الحراسة الذين أخذوا بالقوة عائدين إلى (مصوّع)

وبوصول رجلى الحراسة إلى مصوّع إنقلبت مدينة (مصوّع ) رأسا على عقب ..لأنّ الإثنين  ،أدليا بمعلومات تفصيلية للحكومة كان آخطرها الإتّجاه الّذى سلكته المجموعة عند خروجها من مصوّع، وفى الحال قامت إثيوبيا بتحريك قوة قوامها ( 800)  جندى بعد أن جمعتهم من مختلف النقاط والمراكز ووضعت على رأس تلك القوّة ، ضباطا برتب عسكريّة عالية، وبدأت قوات المطاردة  تزحف نحو (حدليت ) فى شكل كمّاشة،  بجناحين وقلب،  تتحرّك لمحاصرة القوّة التى خرجت، لتبيدها، و كلفت الحكومة ، الجاويش (على ) من منطقة عمله فى (إرافلى ) فى شمال (دنكاليا)  على رأس فصيلة للمشاركة فى المطاردة ، فواجه (الجاويش ) إمتحانا فى وطنيته  وحرجا فى موقفه وكان عليه الإختيار بين المهنة والوطن… ، لأنّه إرترى غيور على أرضه وشعبه، …فما كان منه إلاّ أن إتصل بعضو الحركة والذى كان فى (إرافلى ) حينها (أحمد أمريكانى ) وطلب منه، أن يحرّك شخصا مأمونا فى الحال  وفى الإتّجاه الذى سوف تسلكه (قوات المطاردة)  ليقول للمشائخ وللمواطنيين: إذا سألتهم  قوات المطاردة ،  عن وجهة القوة التى خرجت من مصوّع ، ليخبروهم بأنّ القوّة إتّجهت إلى المديريّة الغربيّة..حتّى تخفّ المطاردة عنهم …ولكن حصل المحظور ووقعت المواجهة الأولى فى قرية (سعيْتو دقّى) فى شمال دنكاليا وفى الطّريق بين مدينة مصوّع وإرافلى…وإستشهد البطل (قمحد إدريس)………

و إستلم القيادة بعد الشهيد (قمحد إدريس) الشّهيد (محمد سعيد إبراهيم شمسى) فقد رآى أن لا سبيل فى الإستمرار فى القتال، فقرّر دفن السلاح، و ثمّ التوجه إلى الجزيرة العربية لمعاودة الكرّة ،  وفى ظلّ  ظروف أحسن… حتّى يخرج العدوّ المغتصب من أرضنا الطّاهرة.. و كانت فى تلك السّاعات الصّعبة، القوات الإثيوبية قد تمكّنت من أسر بعض الثوار من القوة، وما يمكن أن يقال فى نهاية الأمر ، أنّ القوة أدت دورها وأن خروجها إنتشر فى كلّ بقاع إرتريا…وفهمت إثيوبيا أنّ الشعب الإرترى لا ولن  يستكين ، وسوف لن يسكت على الإعتداء والإستيلاء الغاشم، وأنّ الإرترى سوف لن يحمل سلاح إثيوبيا لقتل إخوته وشعبه، بل سوف يوجّه هذا السّلاح عاجلا أو آجلا إلى صدور الجيش الإثيوبى”. (1)

وتلك الإنتفاضة  كانت لإثيوبيا ولكلّ الأجيال القادمة فى إرتريا درسا  وإمتحان للإرادة ، ولكن لسوء حظّنا لم تستطع إثيوبيا فهم الرّسالة وقتها،ومن فهم الرّسالة منهم وأراد أن يقول  : أوقفوا  الظّلم !!! أوقفوا القهر!! أقفوا الحرب! أقفوا النّزيف… أوقفوها كلّها لأنّها  أوبئة قاتلة مثل الطّاعون والعياذ بالله، لا تعرف الحاكم والمحكوم، ولا تفرّق بين الثّرى والفقير ، إنّها مثل الطوفان قد تؤذينا وتؤذى الكلّ !!!!!    منهم البرقادير جنرال(منقستو نواى، وشقيقه العقيد جرماى نواى)، كان نصيبهم الرّجم والقتل والسّحل والشّنق، ولكنهم تركوا رسالة مفتوحة لمن أتى من أجيال  إثيوبيا  بعدهم، وهى: أنّ الظلم لا بدّ أن يزول وزائل!!!! ولذالك كان الثّمن فادحا وعظيما لنا ولإثيوبيا، فقدنا أرواحا طاهرة كان يمكن إدّخارها، للبناء والتعمير، ووفّرنا كلّ الويلات وكلّ العذاب، والفوضى  ، أمّا هم  فمن جرّاء الحرب التى أعلنوها ، على  الشعب الإرترى أصبحوا من أفقر دول العالم ،يتضرّر شعبهم جوعا وعطشا،  ، ومات ملكهم المفدّى ميتة الجرذان، ودفنه أحد (فراعينهم) تحت مقعده ، حتّى يضمن، أنه قد مات وأنه لا  يملك (سبعة أرواح) ولئلا يجعل البسطاء من قبره مزارا وما أكثرهم فى بلد تحكمه الشّعوذة  وقانون كهنوتى سمّوه الـ (كبرى نقّستات)..وتعنى (مناقب الملوك)…أو (جلال الملوك) لمــُلْك فقد كلّ مقوّمات الهيْبة والجلال…

قصّة خروج البطل (شمسى) !!!!!

يقول الأب (محمود شمسى) …

رآى الشهيد( شمسى )  أن الإستمرار فى المواجهة هو إنتحار فدفن مع رفاقه الأسلحة وحمل مسدّسا يحمى به نفسه ومن صحارى دنكاليا توجه بسيارة نقل إلى (جبوتى) وفى الحدود بين دنكاليا و(جيبوتى) قبض عليه وأعيد إلى (دنكاليا ) ولم يدروا حينها، أنّه مطلوب (حيّا أو ميّتا) من قبل السّلطات الإثيوبية،  فعاد ودخل إلى إقليم (وللو) الإثيوبى وسلطنة (أوسا)  ولكن رفاقه لم يتركوه فدبّروا له وهربوه إلى جيبوتى من (أوسا)  وكان هناك رجل من الأحرار ومن معارفه هو (محمود زبير) من (حرقيقو ) كان يعمل حينها  فى حراسة منشآت بترولية..فى (جيبوتى)  كان ملازمه ومعاونه  هناك من ضمن الأحرار الآخرين… ويواصل الأب (محمود شمسى) ليقول:

” ولأنّنى كنت أعمل  فى البحر  ولحسن حظّنا الباخرة التى كنت أعمل بها كانت  تعمل فى خط  (عصب ) _ (جيبوتى) و (عدن) … ومن هناك أردنا أن ننقله إلى (عدن) لأن عدن أأمن له وقد لا تصله يد إثيوبيا لأنّها كانت تبحث عنه فى كلّ مكان.. وكان الأخ (محمود زبير) يخفى أخباره عن كلّ اللّذين سألوا عنه، وكنّا نجلب له الأكل  والشّرب فى مكان مخبأه حتى لا يكون عرضة للتساؤل والإستجواب ،  وكلّ ذالك خوفا عليه ، ولكن عرفت إثيوبيا بتواجده فى (جيبوتى)  فأرسلت صوره ونسخة من جوازه إلى السفارة الإثيوبية  فى (جيبوتى ) للقبض عليه عن طريق السلطات الجبوتية..وهذا الأمر بالذّات عجّل من  عمليّة الإسراع فى خروجه من (جيبوتى)…….ولكن لأنّ الشهيد لم يكن يحمل أىّ أوراق ثبوتية  لم تكن عمليّة الخروج سهلة المنال ، فإتفقنا مع (ربّان الباخرة) التى كنت أعمل بها ،على أن ندفع له 1000 (فرنك فرنسى) مقابل سكوته، وقبل الربّان وقاربت المشكلة على الحل………..

وفى الحلقة القادمة عزيزى القارئ نتابع معا رحلة الشّرفاء وحتى يحين الوقت لكم تحيّة…….

هوامش ومراجع…

 

1-كتاب (حركة تحرير إرتريا – الحقيقة والتأريخ  (صـ 218- 222

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39271

نشرت بواسطة في أبريل 4 2013 في صفحة المنبر الحر, شخصيات تاريخية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010