حـكــايــات من بلادى : شمس الحريّة (شمسى ) ورفاقه الأبطال (4)

17-04-2013

بقلم: عبدالفتّاح ودّ الخليفة –المملكة المتّحدة

Khulafa20@yahoo.com

عزيزى القارئ نتابع قصة الخروج الكبير

(الشّهيد (عمر ناصر على شوم)

يحكى لنا الـتأريخ أنّ الـ(بيت جاويش-شرطة) عمر ناصر على شوم)  كان أحد قواد عمليّة خروج(شرطة مصوّع) للثورة على الظلم الإثوبيى لا ندرى هل لضعف التّنسيق، أم لعفوية الحركة فقد ضلّ الشهيد الطريق إلى (حدليت) نقطة تجمّع أعضاء الحركة(المقصود هنا أعضاء حركة تمرّد أفراد الشرطة فى مصوّع)،  وظلّ على مدى يومين يبحث عن رفاقه وهم بدورهم يبحثون عنه ، وعندما  بدأت عمليّة المطاردة الإثيوبية إتّجه إلى المديرية الغربية  وإلتحق بـ (جبهة التّحرير الإرتريّة ) وشارك فى عدة معارك هناك….. وفى العشرين من شهر (4) إبريل من عام  1964(بعد أربعة أشهر ويوم واحد من يوم الخروج الكبير)  إشتبك الثوار مع  فرقة من جيش العدوّ فى منطقة (بوشكو)  فى القاش وقتل فى تلك المعركة 13 جنديّا من الجيش الإثيوبى وإستشهد القائد المجاهد (عمر ناصر على شوم) رحمه الله. ا(1)

الشهيد (محمّد سعيد شمسى)

الشهيد شمسى بعد عمليات المطاردة التى ذكرت أعلاه وخروجه من إرتريا بعد القبض على بعضا من رفاقه وإستشهاد رفيق دربه (قمحد إدريس)  دخل  إلى (أواسا) ومنها (جيبوتى) ومن جيبوتى إنتقل إلى (عدن) وعبرها إلى السعودية ومنها   عبر السودان إلى إرتريا من جديد عبر بوّابتها الغربية، ,فأصبح أحد قواد الثورة الإرتريّة، ومن ( شعب ) جاء الخبر اليقين بإستشهاد القائد …..

يقول الخبر: فى يوم 13 من شهر يناير فى عام 1965 شنّ القائد (محّد سعيد شمسى) بسريّته هجوما خاطفا على مركز(شعب) على بعد 86 كيلو مترا من مدينة (مصوّع) وكان نائبه فى تلك المعركة المناضل (إبراهيم إدريس) الملقّب بـ (إبراهيم منجوس) (2وإستولت  السّريّة  على المعسكر وتكبّد العدوّ 7 قتلى و9 جرحى، وإستولى الثّوار على 30 قطعة من مختلف الأسلحة وإستشهد فى المعركة القائد البطل (محمّد سعيد إبراهيم شمسى) وعلّقت جثته فى ميدان عام فى مسقط رأسه مدينة (قندع) كسائر شهداء الوطن….(3)

 

(رواية العم (محمود أحمد شمسى) عن إستشهاد (القائد)

يقول الأب (محمود شمسى) عندما هاجم (محمد سعيد شمسى) معسكر الشّرطة الإثيوبى فى شعب كان يعرف أنّ الضابط (حسن) رئيس المعسكر كان معهم إبّان التّحرّك الأول للشرطة فى عام 1963 ولذالك  ترك فصيلته بعيدا ، وفى حالة تأهّب قصوى ودخل إلى الضابط (حسن)  ليدعوه إلى الإنضمام إلى الثّورة ،ولكن الضابط وأثناء الحديث عندما أدار (شمسى)  ظهره ضربه الضّابط (حسن ) من الخلف، وعلى حسب الإتّفاق مع أسود (الفصيلة) المرابطة خارج المعسكر، وأيديهم   على الزّناد هجموا على مقرّ القائد، فى لحظة سماع دوىّ الطلق النّاريّة ، ليجدوا قائدهم(شمسى ) مضرجا بالدّماء، فقتلوا الضابط الذى خان العهد وغدر بالقائد، وإستولوا على المعسكر وإستشهد من رفاقهم (إدريس إبراهيم جيواى).. وأحضرت إثيوبيا  القائد ( شمسى) المصاب إصابات بالغة إلى مركز شرطة(عداقا) فى مصوّع ومنها حمل إلى مستشفى (قرار) وبعد أن فارق الحياة حملوه إلى قندع وهناك علّقوا جثته فى ميدان عام على جزع شجرة” (إنتهى)…. وهكذا بقى التّأريخ معلّقا على جذع شجرة ليوم كامل تاركا أثرا لا يمحى، وثورة عارمة على الظلم القادم  من الجنوب دائما وعلى مرّ السّنين…وسجّل الإسم بأحرف من نور على صفحات تأريخ كفاحنا المجيد.

كتب (أحمد طاهر بادورى):(4)

قبل مقتل الجنرال (تدلا عقبيت) بشهور، قام عدد من الرجال من أعضاء البوليس الإرتري في مدينة (مصوع ) بالتمرد وإستولوا على سلاح الحامية وخرجوا إلى الميدان للإنخراط في صفوف مقاتلي جيش التحرير الإرتريأ وربما للإنضمام لحركة تحرير إرتريا. فقد إختلفت الرواية حول خروجهم فيما لحق من صراع بين الحركة والجبهة، والله أعلم .. ولكني بعد هذا العمر والتجربة المديدة، أعلم علم اليقين أنهم كانوا من أخلص المناضلين الذين تركوا بصماتهم في جباه أجيال كثيرة تكن لهم الإحترام والعرفان وتقر أنهم مهما تلى من صراع حتى التحرير بأنهم أبطال هذا النضال والرعيل الأول فيه، وآبائه ضمن الجيل الأول في النضال المسلح لا ينكر عليهم أحد هذا الحق المستحق والمجد المعصوم في تاريخ النضال الإرتري من أجل الحرية” وواصل ليقول: “كل تلك الأحداث المتتالية المزحومة بمعارك الثوار في اماكن كثيرة من ارتريا في السنين الأولى من عمر الكفاح المسلح، واستشهاد الكثيرون من الأبطال .. زادت من تعاظم مد الحركة الوطنية المناهضة للإحتلال الإثيوبي في جميع المدن والأرياف الإرترية وخاصة في أوساط الطلاب.

قيل عن الشهيد (شمسى)(5)

” اشتغل بالشرطة واهتم بالعمل الوطنى منذ بدء الحركة الوطنية كان الشهيد رجل تحد وكبرياء كان رجل قتال ونضال جاد ومستمر من اجل صنع الحرية والسلام .. قاد معارك كثيرة ضد وحدات جيش العدو الذى كان يعرف نقاط ضعفه المتمثلة فى عدم وجود الواعظ الوطنى للثبات فى المعارك .. كان يفهم عقلية الضابط الاثيوبى التى لا تتجاوز اداء الواجب، كما كان يعرف انتفاء وجود علاقة مابين الضابط وجنوده .. كل هذه المعلومات افادت الثورة فى التخطيط ومباغتة العدو فى معسكراته الثابتة او عند تحركه .. ..

مصير بقيّة الثّوار فى عمليّة خروج شرطة (مصوّع) إلى الثّورة(6)

كتب محمد سعيد ناود “رجلا الحراسة الذين عادا إى مصوع ، نقلا معلومات مهمة للإثيوبيين، ، وتمّ الإهتداء إلى إسم (محمّد عبدو ) كأحد المنظّمين لعملية خروج شرطة (مصوّع) فأعتقل فى الحال..ولكن كان هناك دورا مشرّفا ،للشرطيين أعضاء (حركة تحرير إرتريا) وهما الأحرار 1- الجاويش (قبرى سلاسى ) 2- والشّرطى  (عمر على ) فقد أسرعا إلى منزل النّاشط (محمّد عبدو)  وعندما لم يجداه فى المنزل ، فتّشا المنزل فوجدا بعضا من منشورات الحركة، فأخذاها بعيدا وأحرقاها..وعندما جاءت فرقة الإعتقال لم تجد شيئا، بل إعتقلت فقط المناضل (محمد عبدو)… ثمّ أعتقلت السلطات كلّ من 1- محمّد عمر موسى 2- صالح حجّى حسين 3- صالح محمّد 4- محمّد هريشاى 5- عمر موسى عورى. ، ولكن بعد تحقيق إستمرّ ثلاثة أشهر وبعد ثبات المعتقلين على أقوالهم ونفى معرفتهم بأمر التّحرّك ، أطلق سراحهم  وسائق التّاكسى (عندى إدريس ) الّذى قال : بأنّه لم يكن يعرف شيئ وإنّ الذين كلّفوه وطلبوا منه شحن الأسلحة هم رجال شرطة ومن الحكومة وثبت على ذالك إطلق سراحه أيضا .

أمّا المناضلون الذين شاركوا فى الخروج وقبض عليهم كان منهم: المناضل: محمد ناصر 2-أحمد إسماعيل 3- محمد سليمان 4-إبراهيم آدم 5-عبدالقادر حاج  حسين 6- محمود يسين شفا 7-إدريس بقّونى 8-محمود محمد أحمدين 9- صالح شوم 10 محمود عثمان 11- أحمد عمرالدين محمد 12 أحمد يسين إسماعيل…

هولاء تعرّضوا للتعذيب بعد إعتقالهم وبعدها تمّ تقديمهم للمحاكمة بإعتبارهم (شفتا ( وقطّاع طرق وعصابات للقتل والنّهب  ، ولكن موقفهم فى المحكمة كان رائعا ومشرّفا حيث دافعوا دفاعا سياسيا عن أنفسهم وقالوا أمام القاضى ” نحن لسنا لصوص أو شفتا ، لم نسرق شيئا، ولكنّنا خرجنا من أجل حرّيتنا ،بعد قيام إثيوبيا بضمّ إرتريا والدليل العلم الإرترى الذى هو معروض أمام المحكمة من ضمن المستمسكات”   وقد تمّ  عرض العلم الإرترى أمام المحكمة ممّا أثار ضجّة كبرى  وتأييد وحماس كبير من الشعب الذى حضر الجلسات وكان أيضا دور (المحامى الوطنى (قبرى لؤول )(7) الذى حضر خصيصا للدفاع عنهم  مشرّفا ، حيث قام بضحض كلّ الإدعاءات التى  قدّمها ممثل الإتّهام الإثيوبى والذى طالب القاضى  بأصدار قرار الإعدام عليهم جميعا لأنّهم (شفتا ) وقطّاع طرق..وقد إعتمد المحامى (قبرى لؤؤول) على أقوال المتّهمين والمستمسكات التى عرضت على المحكمة وعلى رأسها العلم الإرترى..الذى عرضه المدّعى العام ليثبت خروج البوليس من طاعة الملك…

عملية البوليس  الثانية (8)

كتب ناود: “كان القرار الذى إتخذته قيادة الحركة بعد قيام إثيوبيا بضم إرتريا إليها هو :منع إثيوبيا من أن تنعم بالإستقرار فى إرتريا، وعدم إعطاءها الفرصة لتلتقط أنفاسها، وقد تمّ ذالك بالمظاهرات وعملية خروج البوليس  من مصوع بكامل أسلحتهم إلى الجبال ، وبما أن” عملية مصوع كانت محدودة العدة والعدد، قررت قيادة الحركة إتباعها بعملية أخرى أكبر وهى إخراج كلّ شرطة المنطقة الشرقية فى إرتريا ولتلك الغاية عقدت سلسلة من الإجتماعات فى (قمهوت) و (قندع) حضرها كلّ من (محى الدين على) و(آدم على)  (إحمدين عبدالقادر)  و (كحساى بهلبى)   ومن جانب رجال البوليس حضرها (صالح سالم) والجاويش آدم (مسؤول المخازن) فى شرطة قندع.. وحضرها أيضا (أحمد وللو )  ( وخليفة باسبير ) عضوى الحركة لما لهم تجربة فى العمل العسكرى فى الجبال، (9) وقامت قيادة الحركة فى تجميع المال الكافى للعملية إذ حرّكت بها من بورتسودان كلّ من (يسين عقدة) و (محى الدّين على ، وآدم على) وعند وصولهم إلى (قمهوت) حدث تطوّر آخر لم يكن فى الحسبان ،فقد علمت (جبهة التحرير الإرترية ) بالعمليّة وقامت بعض عناصرها بالتحرك فى سوق (قندع) بجمع التبرعات من وسط التجار  طالبة  منهم أن يدفع أى تاجر مبلغ (50)  (برا )  إثيوبيا لإنجاح العمليّة وهنا وصل الخبر إلى المخابرات الإثيوبية  وبالتالى قامت السلطات بتجريد كلّ قوات الشرطة من أسلحتها ومن كلّ مراكز الشرطة فى المنطقة الشرقية وهى( قندع، مصوّع،ماى عطال،نفاسيت) وكان عددهم  قد  قارب  على ( 110)  نفرا وضابطا وضابط صف، تمّ إعتقالهم  وجمعهم فى سجن (سمبل) فى أسمرا، وظلّوا تحت التحقيق لمدة شهرين كاملين، وعندما لم يجدوا أى دليل ضدّهم أفرجوا عنهم  وقاموا بتوزيعهم فى مناطق متفرقة ومتباعدة فى كلّ من إثيوبيا وإرتريا… وبعيدا عن سمهر والمنطقة الشّرقيّة…

وبما أنّ صالح سالم (10)كان العنصر الأساسى فى عمليّة البوليس الثانية، قد إعترف عليه البعض، ولذالك قد تعرض للضرب والتعذيب حتّى كاد أن يموت وفقد فى ذاك التعذيب إحدى عينيه، لكتمه الأسرار وعدم إدلاءه بشيئ ومن (أسمرا) نقل إلى سجن (ألم بقانج) فى (أدّيس أببا) وأفرج عنه لاحقا بعد أن برّأته المحكمة” (إنتهى)

 

هوامش…ومراجع

1- كتاب (إرتريا – رحلة فى الذّاكرة لـأحمد طاهر بادورى صـ 171

2 – كتاب (كفاح إرتريا صـ 119

3- نفس المرجع أعلاه  صـ 120

4–(من كتاب: إرتريا… رحلة في الذاكرة  بقلم / أحمد طاهر بادوري ص. 26 – 28)

5- إعداد: صفحة “حامد إدريس عواتي” – فيسبوك

6- – كتاب (حركة إرتريا –الحقيقة والتّأريخ (صـ 212-222)

7-يقول ناود فى صفحة (222)  فى كتابه (حركة تحرير…..) وبمناسة ذكر المحامى الوطنى (قبرى لؤول) أيضا هناك المحامى الوطنى (موائل مبرهتو) عضو حركة تحرير إرتريا ، وعضو فريق (عدوليس) الرياضى  كان يتطوّع دوما للدفاع عن العناصر الوطنية أمام المحاكم

8-نفس المرجع صـ 224

9–هناك تناقض فى رواية الحركيين نفسهم فى قصة الخروج الثانية فما كتبه المناضل محمّد سعيد ناود نقضه المناضل القيادى فى حركة تحرير إرتريا (محمّد برهان حسن) فى كتابه (حركة تحرير إرتريا- محطّة من محطّـات مسيرة نضالنا الوطنى)..صـ 98،-100

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39282

نشرت بواسطة في أبريل 17 2013 في صفحة المنبر الحر, شخصيات تاريخية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010