حوار مع القائد الشهيد أبو رجيلة

  فرجت : هذا حوار مع القائد الشهيد محمد علي أبو رجيلا ، أجرته معه مجلة الشروق في عددها الخامس الصادر في ديسمبر  عام 1996م ،والتي كان يصدرها الاتحاد العام للطلاب الارتريين بالسودان. و ربما هو آخر لقاء للشهيد تنشره فرجت حتى نلقي ضوء على حياة الراحل أبورجيلا.

 

خضنا معركة تقوربا ب “50” جنديا مسلحا وكبدنا العدو 84 قتيلا

التحقت بالجيش الايطالي ثم السوداني وشاركت في حرب الشرق الاوسط

لم نعلن عن استشهاد عواتى الا بعد ثلاث سنوات

أجرى الحوار : النعمان سليمان

هو أحد الرجال الذين صنعوا التأريخ وسجلوا في صفحاته أروع البطولات بمداد دمائهم الذكية ، وهو من أولئك النفر الذين رافقوا عواتى قائد ثورة الفاتح من سبتمبر ، وضيفنا هو أيضا قائد معركة تقوربا – أول مجابهة حقيقية بين جبهة التحرير وجيش الاحتلال الاثيوبي. التقته “الشروق”  في منزله المتواضع بمدينة كسلا السودانية  حيث مازال يعاني من شظف العيش كغيره من أفراد الشعب الارتري وينتظر يوم تحقيق الاحلام الكبرى بعودة اللاجئين ..التقته “الشروق” وفاءا منها للرعيل الأول وحرصا على توثيق حياتهم والتأريخ الذي في صدورهم وتقديمه لجيل المستقبل فالى مضابط الحوار

 

البطاقة الشخصية.

الاسم: محمد علي ادريس أبو رجيلا

مكان الميلاد: مقراييب

الدراسة: الخلوة في كل من مكلى وتندلاى بشرق السودان.

 

ماهي تجربتك  العسكرية قبل الالتحاق بجبهة التحرير الارترية؟ التحقت بالجيش الايطالي في كسلا عام 1941م ، ثم بالجيش السوداني في 14/4/1942م وشاركت في حرب الشرق الاوسط وعدت منها في عام 1945م ، وكذالك حاربت في جنوب السودان حتى عام 1959م وقد انهيت الخدمة في الجيش السوداني  في 14/4/1960م بعد 18 عاما من الخبرة العسكرية.

 

كيف تم التحاقك بالثورة الارترية؟

عندما كنا نعمل في الجيش السوداني كانت لنا اتصالات مع قادة حركة تحرير ارتريا وكذالك مع بعض السياسين امثال ادريس محمد آدم ، وبعد الاتصال بعواتى في ” ابي حشيلا شكور ” قررنا ان يكون الالتحاق به رسميا في 17/1/1962م وكنا 12 شخصا ممن عملوا في الجيش السوداني ووجدنا عواتى ورفاقه في ” أبى حشيلا شكور ” وفي أول اجتماع لنا  اخترنا عواتى قائدا لجيش التحرير الارتري بالاجماع ، ثم تم تقسيمنا الى خمسة مجموعات كل مجموعة تتحرك باتجاه معين والمجموعة الخامسة للرئاسة.

 

ماهي أول مهمة عسكرية كلفت بها في جيش التحرير ؟

كلفت ومعي كل من عمر ازاز و محمد ادريس حاج بالذهاب الى كرن لتقطيع السلوك التلفونية ، ولكننا قمنا بهجوم استهدفنا به ” امباى ” مدير مديرية كرن والذي نجا منه حيث كان قد ذهب الى الكنيسة في عيد للمسحيين.

 

عواتى القائد ماهي أهم الصفات التي تميز بها؟ 

كان عوتى يتمتع بكل الصفات القيادية من الشجاعة الى الذكاء واليقظة وكان لاينام من الليل الا قليلا ، وكان متواضعا جدا مع الجنود والشعب ، ومثقفا يجيد ثمانية لغات وهي العربية – الايطالية – التجرنية – التقرى – الباريا – البازا – الحدارب – الامهرية.

وكان كثير العفة وذات مرة عندما اقتربنا من أهله حاولنا ان نعطيه بعض المال لابنائه لكنه رده الينا قائلا ” لايمكن ان يأكل ابنائي قبل ان يأكل ابناء الشعب الارتري كله “.

 

لقد توفى عواتى القائد الفذ في وقت مبكر كيف تلقيتم نبأ وفاته؟

تلقينا نبأ وفاته بكل صبر وايمان ثابت بقدر الله تعالى ، حيث جمعنا كل الجنود واتفقنا ان نكتم نبأ وفاته وأخذنا القسم على ذلك حيث انه كان مصدر قوة للثورة الارترية ورعب لجيش العدو الاثيوبي ولم نعلن نبأ استشهاده الا بعد ثلاث سنوات.

 

تجربة المناطق في الثورة الارترية كانت بداية الانشقاقات ماذا تقول في ذلك؟

هذه التجربة جلبها المجلس الآعلى من الجزائر وكانت جيدة من  حيث الفكرة ولكن الخطأ الكبير كان في التوزيع لأن كل منطقة كان يؤمر فيها واحد من ابناء القبيلة بحجة  يمكنه تجنيد ابناء  قبيلته و ابناء المنطقة بسهولة وبعد التأكد من فشلها تم تداركها بمؤتمر ” أدوبحا ” ولكن أثارها مازالت باقية حتى اليوم في بعض التنظيمات.

 

الثورة الارترية قامت على اكتاف  الشعب في الريف، ماذا كان دور العلماء ورجال الادارة الأهلية في ذلك؟

كان لهم دور كبير خاصة العلماء في توعية  وتوجيه الشعب  وحثه على بالالتفاف حول الثورة ودفع الشباب الى صفوف الثوار من أجل الحرية ، وما يمكنني ذكره على سبيل المثال عندما خرجنا ببعض الاسلحة  قبل التحاقنا بعواتى خبأناها  في ” عد سيدنا حامد ” الذي تجاوب معنا بصورة كبيرة وفي منطقة الماريا قابلنا  ” سيدنا  محمد عجيل ” بحفاوة كبيرة  وكان يذكرنا بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم  واصحابه واخبار الغزوات ويوصينا بالصبر والاقدام وكان محمد ود شيخ داؤود المرشد السياسي لعواتى  في اتجاه البني عامر وقد  تبرع ب 50 رأس من الابل للثورة في عام 1963م.

 

معركة تقوربا كانت أو ل مواجهة عسكرية كبرى مع الجيش الاثيوبي  ماذا كانت نتائجها ومن كان قائدها؟

في تمام الساعة الثانية عشرة طهرا وفي منطقة ” تقوربا ” في يوم 15/3/1964م كانت هذه المعركة وكنا سبعين جنديا والمسلحون كانوا خمسين جنديا فقط ، وجيش العدو كان يتكون من 27 عربة وكانت نتيجة المعركة 84 قتيلا من جيش العدو و18 شهيدا من جيش التحرير أما قائد المعركة فهو ( أبو رجيلا).

 

لقد ذكؤت ان الثورة الارترية نشأت في الريف الارتري المسلم والعلماء المسلمين كان الدور الكبير فيها ، ماذا كان دور رجال الدين المسيحي وطيف قابلتم تدفق الشباب المسيحي في الثورة الارترية عندما انهار نظام هيلا سلاسى؟

كان موقف رجال الدين المسيحي سلبي منذ فترة تقرير المصير فالكنيسة كانت وراء دعوة الانضمام الى اثيوبيا ، وقد مارست الكثير من الضغوط على الوطنيين من ابناء هذه الطائفة ، وعندما تدفق الشباب المسيحي  الى الثورة قابلناهم بكل حفاوة وترحاب وكنا نعاملهم معاملة خاصة ونعطي النثريات للواحد منهم اكثر مما نعطي للمسلم ، ولكنهم لم يعاملونا بمثلها ويردوا لنا الجميل ” قالها بحرقة شديدة “.

 

ما هي اسباب انهيار جيش التحرير الارتري ودخوله الى السودان عام 1981م؟

كانت الجبهة تعاني من ضعف كبير في الجانب السياسي والاقتصادي في الوقت الذي كان فيه الجانب العسكري قويا وكان الجنود يعطون اجازاتهم بدون نثريات ولكن كان بعض المسيحيين لهم ارتباطات مع الجبهة الشعبية فكان وضعهم افضل من الجنود المسلمين وعمومما فان الخلاف بين المكتب العسكري بقيادة عبد الله ادريس والمكتب السياسي بقيادة أحمد ناصر كانا السبب الاساسي في انهيار جيش التحرير الارتري.

 

أين كان أبو رجيلة لحظة تسليم جيش التحرير السلاح للقوات السودانية؟ 

كنت في ”  ألقدين” مع عبد الله ادريس محمد وبعض من جهاز التسليح والذي رجع الى الشمال وبرفقته حامد آدم سليمان وبعض الجنود بعد ان رفض التسليم للقوات السودانية.

أين كان أبو رجيلا لحظة  رفع العلم الارتري في أسمرا؟

كنت في اسمرا حيث تمت دعوتنا كرعيل من قبل الحكومة لحضور الاستفتاء واعلان الاستقلال فحضرنا لحظة رفع العلم الارتري وكل ما اتمناه ان ينعم كل ارتري بالحرية الكاملة. وقد قابلنا بعض المسؤولين وشرحنا لهم وجهة نظرنا تجاه ما يهم مصلحة البلاد والمواطنين الا المرحوم ” كلباى ” الذي شذ عنا حيث ابتدر حديثه ” اللهم صلي على محمد وبارك على آل محمد ” ثم قال ” نحن اليوم جئنا هنا كفصيل من جبهة التحرير الارترية ” وهذا بالتأكيد كلام لا ترضاه الجبهة الشعبية ولم يبث حديثه عبر الاذاعة وعندما رجعنا الى كسلا رفض ان يكون ضمن الرعيل كما رفض المرتب الذي تدفعه الجبهة الشعبية للرعيل.

 

كلمة أخيرة توجهها للطلاب؟

أوصيهم بدخول كل التخصصات وخاصة الفنية منها وأقول لهم ان التحدي امامكم كبير وليس كل متعلم يستطيع ان يقود المجتمع الارتري.

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=1900

نشرت بواسطة في فبراير 26 2010 في صفحة حوارات, شخصيات تاريخية, مواقع تأريخية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010