خروج ( دمحيت ) المكسب والخُسارة

 

(1)

وصل نظام الحُكم فى أرتريا لمراحل مُتقدمة من التخبط وعدم المسؤولية تجاه شعبه وفى إدارته للدولة فأضحى القمع والإعتقال التعسفى سمة النظام، وغياب القوانين صفة تلازمه ولا توجد أية بوادر خروج من هذه المحطة الظلامية فالنظام وصل محطته الأخيرة التى يصعب فيها إصلاحه أو حتى أن يتراجع إن أراد فهو فى نقطة اللاعودة !!! والأكثر غرابة هو تجرد النظام من التعامل بهامش إحترام مع من فتح لهم أبواب الدولة والمؤسسات ليكونوا ورقة سياسية فى صراعه المحموم ضد الدولة الجارة أثيوبيا وبذلك سقطت أخر أوراقه التى كان يستند عليها فى صراعه بخروج قوات دمحيت التى وصلت قيادتها لقناعة عدم صلاحية النظام فى التعاطى معه وفضلت العودة للنظام الذى عارضت سياساته وهو ماصرح به قائد قوات الدمحيت السيد  (ملا أسقدوم ) التى تمردت ودخلت أثيوبيا بعد معارك مع قوات النظام الإرترى .!

(2)

تنظيم الجبهة الديمقراطية لتحرير تغراى الأثيوبية المعروفة ب ( دمحيت ) هو تنظيم إثيوبى مُعارض كان يقوم بأنشطة مُعادية لنظام الحُكم فى أديس ابابا مُنطلقاً من الأراضى الأرترية ، كان يقوم نظام أفورقى بإستخدامه فى حماية نظامه المُتهالك وفى قمع الشعب الأرترى ، وصار يقوم التنظيم بمهام الجيش الوطنى الأرترى فى مسلكٍ يتنافى وسُلوك الدول ، هذا التنظيم كانت تتم رعايته بصورة خاصة حيث الدعم والتسليح والتموين بصورةٍ أكبر من الجيش الأرترى ! وكانت من مهامه حماية الحدود وحراسة المؤسسات والقيام بكشات التجنيد الإجبارى وهنالك أكثر من تنظيم أثيوبى معارض لكن كانت قوات الدمحيت هى الأكثر عدداً والأكثر تسليحاً والأقرب للنظام لعوامل عدة لا يتسع المجال لذكرها …

(3)

خرجت قوات دمحيت بعد أن رفضت فرض نظام اسمرا عليها السيد/ برهانى نقا (رئيس تنظيم حركة قنبوت 7 ) رئيساً على الجبهة المتحدة الإثيوبية التى تم تكوينها فى المؤتمر التوحيدى لقوى المعارضة الذى عُقد بتاريخ 7/9/ 2015 ، هذا وقد بدأت قيادة دمحيت منذ فترة التواصل مع الإستخبارات العسكرية لأثيوبيا للعودة وتم التخطيط لذلك منذ عام بإتفاق وترتيبات فى غاية السرية وفى السمنار العسكرى الذى عقدته قوات دمحيت على مقربة من الحدود الأثيوبية السودانية فى سبتمبر الجارى وفى منطقة تبلدية القريبة من حدود السودان وأثيوبيا قررت مجموعة من قوات دمحيت بقيادة ملا أسقدوم بإتخاذ قرار العودة إلى وطنهم ، فاجأ القرار الحكومة الأرترية التى لم تكن تتحسبه وحدثت معارك بين قوات النظام الإرترى وقوات دمحيت المتمردة وتعقبت القوات الأرترية قوات دمحيت حتى الحدود السودانية وحاولت التوغل للأراضى السودانية ولكن منعتها القوات السودانية من التوغل داخل أراضيها بل وقدمت التسهيلات لقوات دمحيت لعبور السودان نحو أثيوبيا ، وهنا ظهرت يقظة الحكومة الأثيوبية  ومؤسساتها فى تمهيد عودة هؤلاء المعارضين حيث كانت تتابع عن كسب الأحداث وظهر التنسيق الكامل بينها والحكومة السودانية !! وهنا أنكشف ظهر الحكومة الأرترية ووضحت متانة العلاقة السودانية الإثيوبية! والأكثر فضاحة هو الإختراق الأمنى الخطير الذى كشف هشاشة وضُعف إستخبارات النظام الإرترى والتى تُفلح فقط فى قمع شعبها المغلوب على أمره وزعزعة إستقرار جيرانها فى الحدود ..!!

(4)

أما مصير من تبقى من قوات دمحيت فى ارتريا سيتعامل معهم النظام بقسوةٍ شديدة وسيكونوا مصدر شك ولن تُوكل لهم أية مهمام فى الداخل الإرترى وسيتم إبعاد معسكراتهم من الحدود وسيُفرض عليهم القيام بعمل نوعى ضد نظام الحُكم فى أديس لتأكيد ولائهم ، والتمرد الذى بدأ لن ينتهى ولو بشكل مُنفرد خاصة وأن معارضة الأثيوبيين لنظامهم خاصة مُنتسبوا دمحيت لايخرج من صياغ عدم حصولهم على مكاسب شخصية والتى إن تحققت لهم سُرعان مايتركون معارضتهم لنظام أديس ابابا ! هذا العامل الذى لم ينتبه له النظام سابقاً والذى كان السبب الأساس فى التمرد سيكون هو العامل نفسه كارثياً على من تبقى من قوات دمحيت خاصة وأن تبعات الإختراق ستستمر ..

(5)

هذا الحدث يقودنا لسؤال هل سينتهى دور المعارضة الأثيوبية فى أرتريا ويتوقف التدفق للإنضمام للمعارضة الإثيوبية فى أرتريا  ؟ قطعاً الإجابة ستكون بلا ، فأثيوبيا ذات الكثافة السكانية العالية والعطالة المتفشية بين الشباب فضلاً عن الرواتب المتدنية ، إضافة للصراع الإستخباراتى بين الدول والذى يتخذ من أرتريا مُنطلقاً له لتنفيذ مُخططاته لن يتوقف وسيظل النظام الإرترى  يلعب دور الوكيل للدول وهى العملة الوحيدة المتبقية للنظام ، وعلى أثيوبيا أن تُدرك ذلك جيداً وتتعامل بشكلٍ مُختلف مع قوى المعارضة الأرترية لتستعيد حقوق شعبها المُسلوب ولتحقيق إستقرار المنطقة بإزالة نظام أفورقى الذى يُعكر صفوها نظام أسمرا الفاشى ..

(6)

إن خلاصة ما حدث كان مكسباً كبيراً للشعب الإرترى لأن قوات دمحيت كانت مُهدداً للسيادة الوطنية الأرترية وقد أشرت إلي ذلك فى مقال كتبته منذ فترة بعنوان ( دمحيت ورقة سياسية أم مُهدد للسيادة ) حيث كانت دمحيت حليف النظام القوى لنظام اسمرا! وخروجها كان ضربة مُوجعة للنظام المُتهالك وخسارةً كبيرة له، وأن الدولة الأثيوبية ورغم السلبيات فالحياة السياسية فيها مُستقرة والنهضة والنمو يمضيان فيها بخُطى ثابتة وواثقة لأن هنالك دولة تعرف ما تريد  ….!!

 

محمد رمضان

كاتب أرترى

Abuhusam55@yahoo.com

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35516

نشرت بواسطة في سبتمبر 30 2015 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010