خطر الانتهازيين الأفاكين

قد يتغاضى الإنسان عن بعض الظواهر السطحية المكشوفة التي يلاحظها هنا وهناك، وقد لا يعطي بالا لبعض كلمات لا قيمة لها ولا أهلية لكاتبيها، أو تصريحات سقيمة لإمعة دُفع به أو دُفع له. 

لكن لا يسع الإنسان إلا أن ينتفض حين يرى الانتهازيين والمنافقين والأفاكين وقد تلفعوا بسماجة بأثواب الوطنية، يجوسون في غفلة منا أو في غيابنا خلال تاريخنا وحاضرنا يهمشون هذا ويحقرون ذاك، ويبيعون هنا ويساومون هناك، وحين يطالع كتاباتهم الممجوجة والباهتة وقد تسربلت على ركاكتها بعبارات الموضوعية والحكمة، مع أنها في تقييم حتى من أكمل فصل محو الأمية لا تستحق سوى أن تلقى في مزبلة التاريخ وقمامات الفكر النرجسي، قد يلومني البعض على مثل هذه الكتابات ويرى في هذا المقال لحنا نشازا أو مجرد تهافت لمنازلة الانتهازيين والأفاكين، والانحدار إلى أوكارهم سرعان ما أختنق وتُحبس أنفاسي من سمومهم وروائحهم النتنة، ولكني ومع احترامي لرأي هؤلاء الأخوة والأخوات الذين سموا بأنفسهم عن النزول إلى مستوى هؤلاء الأفاكين، فاليسمحوا لي أن أخالفهم الرأي، لأن التاريخ والتجربة علماني أن الكثير من مشاكلنا إنما هي نتاج الطيبة البلهاء، والإهمال القاتل، وسوء التقدير والترفع الساذج الذي أتاح للإقصائيين إخراجنا من دائرة الزمن والفعل، وشجع الأفاكين والانتهازيين الأبواق على التجرؤ على تشويه تاريخنا بل ووصل ببعضهم الأمر إلى درجة تهديدنا بالإفناء ورجمنا بعبارات فجاعية على ما نحن فيه من فاجعة إمعانا منهم في فجعنا مثل قول حمدان: ( عبدا لله حداد وقومه… سندفنهم أحياء)!!! لكم الله يا قوم عبد الله!! من هم قوم عبد الله حداد الذين يريد لهم حمدان أن يدفنوا أحياء ؟!! وكوصفه للجالية الإرترية في إستراليا بـ ( قبيلة الأبورجني ) ومعروف من يقصد بهذه القبيلة في إرتريا!! والإشارة الخفية التي تغيب عن الكثيرين منا الذين يقرءون مثل هذه الكتابات المريضة هي أن الأبورجني هم سكان إستراليا الأصليين الذين سحقوا من قبل الغزاة الدخلاء، فهو أراد من كلامه أن يقول لنا بأن مصيركم هو مصير تلك القبيلة، السَحق والإفناء. يا للهول !!!! على رسلك يا حمدان !!

ثم إنني مؤمن أشد الإيمان بالمسؤلية التي تقع علي عاتقنا تجاه أجيالنا فهذه المسؤلية تحتم علينا تبصير أبنائنا بهذه الآفات وانعكاساتها المدمرة، فكما نعلمهم سيرة عواتي وكبيري كمثال على الصدق والوفاء والتضحية ونكران الذات، كذلك علينا أن نبصرهم بنقيض هؤلاء كـ ( حمدان ) ومن على شاكلته كمثال على الأنانية والروح المصلحية، والكذب والغدر، وإنما تعرف الأشياء بأضدادها.علينا أن نضرب المثل لمن قُدر له أن يرفع القلم من أبنائنا، لنقول له أن قدرك الذي ورثته عن كابر هو أن تفرح دائما بقلمك، وتحزن وتضحك بقلمك، وتبكي بقلمك، وتحب وتكره بقلمك، لأن قلمك دليل على ما في قلبك وعاطفتك وروحك الخلاقة، وإياك إياك أن تأكل بقلمك، أترضى أن تأكل أختك بثدييها؟! الأكل بالقلم يا ابني مهنة الانتهازيين الأفاكين أمثال حمدان، وكل ميسر لما خلق له، أما قدرك يا ابني أن يهتم قلمك بالمصلحة العامة، وأن تدافع به عن حرية شعبك وحقوقهم بصدق، وأن تتمسك من خلاله بكرامتك وكرامتهم بشجاعة. الانتهازية يا ابني أسلوب الضعفاء، وسبيل الدخلاء، ومن علاماته يا ابني أنك دائما تجده أسير الفرج والحلق، وإياك ومجالسته فإنه كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، أو يؤذيك بروائحه النتنة، وإذا أردت النقد فعليك بالنقد البناء، لأن النقد البناء يا ابني نوع من أنواع الحوار، وتبا للقلم عندما يتحلل من أمانة الكلمة، ولا يبالي بشرف الرسالة فينعق بما لا يعرف، أو ينساق وراء الاتهامات جزافا، أو ينحدر وراء الشتائم عجزا .     

إن قراءة عابرة لواقع الشعب الإرتري، تعكس بجلاء مدى معانات الشعب من هذه العناصر على مر التاريخ، فقد كان قدر هذا الشعب الطيب أن يحارب من عدة جهات وجبهات، كان عليه أن يحارب أعداء القيم والمثل ومن لف لفهم من الذين لا يرون فيها إلا تحطيماً لنزواتهم الأنانية واهوائهم الشيطانية، ومن عناصر المجتمع التي لمّا تتغلغل ثقافة التعارف والتآخي والحوار والاعتراف بالآخر في نفوسهم، والإيمان بالمثل العليا التي تحث عليها الرسالات السماوية إلى قلوبهم، وإنما كان انتماء فريق منهم للمشروع الوطني ومبادئه التعايشية لضربه من الداخل بخنجر مسموم، وكان انتماء الفريق الآخر للوطن والعقيدة ضعيفاً واهناً أوهن من بيت العنكبوت يتزعزع عند أول امتحان، ويتلاشى مع القليل من الفتات، وفي نفس الوقت كان من قدر هذا المجتمع الطيب أن يقاتل أعداءه الغزاة الذين يتربصون به الدوائر لمحوه من الخريطة أو تذويبه ضمن الثقافة والحضارة الغازيتين. ولا شك أن الأعداء الداخليين أصحاب المشروع الإقصائي أعداء التعايش وأبواقهم الانتهازيين المنافقين كانوا ولا زالوا الأشد خطرا على مستقبل التعايش الإرتري من كل خطر خارجي مهما تعاظم هذا الخطر.

وهكذا فإن هذه العناصر الانتهازية كانت ولا زالت تشكل الخطر الماحق على المشروع الوطنى الإرتري وعقبة كأداء أمام مسيرة الشعب في طريق خلاصه وانعتاقه وبالتالي رقيه وتعاليه بل وأدت هذه الممارسات الضيقة الأفق إلى أن تهوي بالشعب بكل شرائحه وما يمتلكه من قيم ومثل وانجازات ضخمة وعظيمة وتاريخ حافل بالبطولات والتضحية إلى هوّة سحيقة لا يعرف مداها إلا الله.

ومن هنا كان لابد من فضح هذه العناصر الجرثومية التي تشوه قيم المجتمع وتاريخه وتتلاعب بمقدراته وانجازاته وتزرع ثقافة تبريرية لممارساتها النفعية في اوساطه حتى لا تصير الوصولية والانتهازية من الآفات التي تنخر في أوصال مجتمعنا وأسسه ومعولاً هداماً ينقض على قيمنا ومبادئنا.

والانتهازية في مفهومها الاصطلاحي التى نعنيها هي اغتنام الفرصة واستثمارها من أجل أهداف شيطانية أو منطلقات محدودة ضيقة الأفق لا تخرج عن إطار المنفعة الذاتية القصيرة الأمد، أما الانتهازية بمعنى اغتنام الفرص لأهداف سامية ومثل عليا يكافح الإنسان في سبيل تحقيقها ويضحي بالغالي والنفيس على مذبحها فهي عملاً مشروعاً بل واجباً.

فالانتهازية بمفهومها السلبي في الظاهر والمضمون هي داء عضال تعاني منه الأمم والشعوب ويؤدى إذا لم تقتلعه من جذوره إلى انهيارها فهو مرض اجتماعي خطير يسري بين شرائح المجتمع سريان النار في الهشيم ويتحول المجتمع تحت تأثيره إلى مجاميع من الانتهازيين النفعيين الذين يفرطون بكل شيء من أجل تحقيق مآربهم الخاصة ومنافعهم التافهة ويعطونها الاولوية على كل ما يمس القيم والمبادئ، ونتيجة لذلك تتغير مفاهيمها ومدلولاتها بنقائضها كافراز طبيعي لممارسات هؤلاء فيصبح الحق باطلاً والشرف وضاعة والتدين تخلفا والعفة بلاهة والمطالبة بالحقوق عمالة ..الخ.

 ولا يخفى أن الانتهازية والنفاق وجهان لعملة واحدة فالانتهازي يضمر من وراء تظاهره بالصلاح أو التملق مصلحته الذاتية غير المشروعة والإبقاء عليها بإتباعه أساليب تتلون بألوانها وتتفصل على مقاساتها. كذالك المنافق يخفي في نفاقه ألواناً من التآمر والأفكار المنحرفة في منهجية مدروسة ويتغلغل بين صفوف المبدئيين والمخلصين مظهراً ولائه وايمانه متحيناً للفرص من اجل القضاء على المشروع وقيمه ومبادئه وكيانه القائم.

وهكذا فإن أهل المصالح والمنافع الآنية هم المنافقون والانتهازيون الذين يبيعون كل شيء. وفي مقابلهم رجال المبادئ الراسخة يرفضون الباطل بكل وجودهم ويصرون على الحق ولو كان الثمن أرواحهم، وكم منهم من قضى نحبه على مذبحه وكم منهم اليوم ما هو شريد طريد، وخائف مقموع، وساكت مكلوم، وداع مخلص، وثكلان موجع.

سلوكيات الانتهازيين وصفاتهم

مارس الانتهازيون أدوارا خطيرة على طول مسيرتنا التاريخية وكانت لهم سلوكيات أقل ما يقال عنها أنها تثير الاشمئزاز فلم يكن لهم لون واحد ولا استمروا على وتيرة واحدة وهذا هو ديدنهم دائماً وفي سيرة ( حمدان ) على سبيل المثال الحافلة بالانتهازية والوصولية واستغلال الفرص أبشع استغلال مواقف نستفيد منها للتعرف على سلوكيات هذه النماذج الشاذة .

وهكذا نجد أن السلوك المنحرف يشذ عن السلوك القويم لأن مما لا جدال فيه أن احساس الفرد بعقدة النقص، وارتفاع ضجيج الانتقام في روحه المريضة يؤدي إلى تعطيل عناصر التفكير في جسمه بشكل أو بآخر، مما يجعله عرضة للسقوط في منزلق الحقد، والاستعداد للمساومة على أي شيئ بأول قطعة رغيف تصل يده.

وسلوك الانتهازي إنما هو انعكاس طبيعي لما يختلج في نفسه من العقد وحب الذات والمصالح الشخصية، هذا بالإضافة إلى عدم تأصل المبادئ في عقيدة الانتهازي ذلك لأن العقيدة فيما لو تأصلت في ضمير الإنسان فإنها تستطيع أن تهذب الكثير من سلوكياته وترسم له طريقة تعامله مع كل ما يجري حوله وسيقيم وفقاً لمعطياتها علاقته مع المجتمع والأفراد.

فحمدان عندما انتقدته مواقع الصمود في تطاوله على المجتمع الإرتري وتشويهه التاريخ الإرتري هاج وماج وأزبد وأرغى وخرج من وكره المعروف كما يخرج الحلزون بعد المطر يتبعه لعابه اللزج البغيض، خرج كعادته يتقيئ سمومه المعتادة من فاحش القول وجزاف السباب، ولم تكن تلك الحالة الهستيرية التي تصنّعها وهي حالة أشبه ما تكون بحالة من يذبح ظل العنزة ليقدمه قربانا لسيده الجديد إلا ضربا من النفاق للظهور بمظهر الدفاع عن هذا السيد الذي لم يسلم هو نفسه من دنس لعابه النتن بالأمس، وتحول إلى ولي نعمته بنفخة واحدة من كيره القذر، وكل ذلك لضمان الفتات، وهذا هو دأب الانتهازيين فهم دائما كالحرباء.

والتحية كل التحية لمواقع الصمود التي نأت برسالتها المقدسة عن المستنقع الذي أراد المأفون جرها إليه، ومضت في طريقها شامخة ولسان حالها يقول:

أعرض عن كـل ما قـال السفيـه فكـل ما قـال هـو فيه

ما ضرّ بحــرُ الفـرات يوماً إن خاضت بعضُ الكلاب فيه

 فالانتهازية رأي لا أصالة له، ولا يرتكز على أرضية صلبة، وإنما يتحول ويتبدل ويدور مع الريح أينما دارت ولا يقر له قرار.

وصاحب الرأي الذي لا جذور له ولا أصالة يبحث عن ذاته فلا يجدها فيتعلق بأذيال الآخرين ويستميت في سبيل التلبس بالأصالة فلا يجد نفسه إلا وهو عاري الجسد حافي القدمين، وتخبط ( حمدان ) مرة بتلبس عباءة إرتريا واصداره الأحكام على منتقديه تحريم مشاركتهم في تلبس تلك العباءة كتقيؤ لحالة العقد المزمنة التى يعانيها مثال حي لهذه الظاهرة الشاذة، فهو دائما وبدون شعور منه يتقيأ عقده المزمنة،       و يحاول بسماجة أن يسربل نفسه السقيمة برداء الأصالة، ومرة نجده عندما يحس بالعجز الذاتي وهوان النفس وفقدان الحيلة وتتزاحم عليه سهام عقد النقص، يرمي المخلصين في محاولة هستيرية يائسة بحمم من الشتائم أشبه ما تكون بقرع الطبول على ايقاع شاذ تصطك منه الأسماع ولا يسع الإنسان السوي مهما كان مستواه إلا أن يصم أذنيه من ضجيجها، وتصل به الهيستيريا ذروتها عندما يتجاوز الأشخاص إلى المجتمع متوعدا إياه بالويل والثبور والإفناء.

ولما لم يكن للانتهازي عقيدة أو مبدأ يحدد سلوكه ويقومه فانه دائما يلجأ إلى خلق ثقافة تبريرية في اوساط المجتمع ويروج لها ليتسنى له تبرير سلوكياته في الانتهازية والوصولية.

فهذا الأمين محمد سعيد وهو مثال آخر للانتهازيين المغرر بهم يسفه مرحلة من الكفاح والنضال المرير حافلة بالبطولات والتضحيات امتدت لـ 36 عاما، وإمعانا منه في التهميش يصف صنّاع أحداثها بالظلاميين والقبليين والعشائريين في عملية تبريرية واضحة لم يقل بها علنا حتى سيادة الرئيس أفورقي نفسه.

فالانتهازيون في النهاية إمعات خربة، عقولهم معطلة، وألسنتهم تنعق مع كل ناعق، لا يختلفون عن الدواب التي همها علفها واشباع غرائزها الآنية، بلا رأي ولا فكر ولا سلوك قويم، يدورون دائماً حول مصالحهم لا يرون عنها بديلا.

والمعضلة الشائكة أن لا تقف الانتهازية في مجتمعنا عند أولئك المتساقطين، بل الخوف كل الخوف أن تشمل أفرادا من الطبقة المثقفة أو السياسية لتصبح رويدا رويدا لوناً من ألوان ثقافة المجتمع، والطامة الكبرى أن تطال رجال الدين التي تتناقض مع رسالتهم المقدسة وما تحويه تلك الرسالة من مبادئ وقيم بعيدة كل البعد عن نزعات المصالح الذاتية، ولنا من تاريخنا شواهد على الروح الانتهازية كتلك المواقف الداكنة التي وقفها كبار رجال الدين من القساوسة، وذلك باستغلالهم الطقوس الدينية في إرغام شعبنا على القبول بالمخططات التوسعية التدميرية لـ ( هيل سلاسي ) ونجد اليوم أحد رجالات الدين وقد أفتى بجواز تجنيد البنات وسوقهن إلى معسكر الدعارة ( ساوا ) السيئ السمعة ليتحولن إلى دواب للركوب، بل وصف ذلك بالجهاد يتساوى فيه أجر حليمة الإرترية مع أجر أم سليم الصحابية. وماذا نقول في وصف السجناء من الشيوخ والأساتذة الذين اقتيدوا في ظلمة الليل بلحاهم بالعنيدين من قبل أبرز رجل دين في إرتريا.

وللانتهازيين في مسيرتنا النضالية وفي حياتنا اليومية قصص كثيرة، ومواقف مثيرة،  لا يتسع المجال لاستيعابها في هذا المقال، ولسنا بصدد ذكرها إلا إننا وددنا ولخطورة الدور التخريبي للانتهازيين الأفاكين أن نشير إلى أن مجتمعنا اليوم وكما كان بالأمس مبتلى بهذه النوعية من الناس الذين يمثلون دائما الخطوط المائلة التي تسعى إلى الوصول إلى اهدافها قاطعة الخط المستقيم الذي عليه المجتمع من إرث ثقافي وديني، مظهرين غير ما في قلوبهم المريضة وليس فيها إلا الغدر والخداع والمصلحة الرخيصة التي تُملي عليهم مسايرة الوضع القائم مهما تقاطع مع مايدعونه من معتقد، وكثيرا ما يتحينون الفرص للوقيعة بالمخلصين للحصول على الامتيازات بأسهل الطرق لانهم ليس لديهم أي استعداد للتضحية.

لذلك كله نجد أن الانتهازية سببت في مجتمعنا انعكاسات خطيرة وخاصة في الظروف الحرجة التي مر ويمر بها، ولو تصفحنا مفاصل التاريخ الإرتري ووقائعه وأحداثه المرة فسنجد الانتهازيين أبطال تلك الانتكاسات والمرارات، لأن الانتهازي بحكم طبيعته  ليس لا ينتمي للشعب فحسب بل يحطم صموده ويجعله في بلبلة شديدة ويفقده قدرة التمييز بين الحقيقة والزيف وخاصة في مجتمعنا الذي تتفشى فيه الأمية والجهل بحيث تضيع عليه المقاييس والمعايير فيتمزق من الداخل ويصبح كالاشلاء تنهشه الغربان.

ومن خطورة النفعيين والانتهازيين أنهم دائما يعزفون على وتر الجماعة، ويتلبسون بلباس الوطنية، ويظهرون بمظهرها من الخارج فقط في حين أن قلوبهم خواء وعقولهم بوار، لا يحول بينهم وبين الانحراف والوقوع في المهالك مبدأ ولا عقيدة فيكونون عرضة للانزلاق السريع وهذه علامة أخرى علىخطورة الانتهازية وطريقة تفكيرها على ركائز المجتمع.

ومن ثقافة الانتهازيين والنفعيين كيل الاتهامات جزافاً، وتشويه سمعة المخلصين من أصحاب المبادئ الشرفاء، من اجل خلق أجواء معتمة وغائمة وتعكير المياه ليتسنى لهم التصيد فيها بسهولة وليضمنوا استمرار رزقهم القائم على هذه التجارة.

ومن سمات الانتهازي الكذب علىنفسه وعلى المجتمع وعلى الله، إذ نجد الكذب قد استشرى في وجود الانتهازي فاحاطه وتغلغل في كل خلاياه لا يجد منه مهرباً فاصبح جزءاً من ذاته لا يعرف بغيره.

وبما أن الكذب رأس كل الخطايا فإن سائر الصفات السلبية الأخرى التي نراها في سلوك الانتهازيين المنافقين إنما هي نتاج طبيعي لصفة الكذب التي تستولي على كيان وروح الانتهازيين المنافقين.

ومن تلك الصفات الغدر الذي يعتبره الانتهازيون كيسا وذكاء وشطارة، مزيفين بذلك الحق لينسبهم أهل الجهل إلى حسن الحيلة والتدبير الجيد، وهي قراءة للمفاهيم والقيم بصورة مقلوبة، وهذا هو مركز الخطر الحقيقي الذي تزرعه الروح الانتهازية في المجتمع ومنها تنشأ جميع السلبيات والمفاهيم المشوهة التي يصبح معها المعروف منكراً والمنكر معروفاً.

ومن صفاتهم الكثيرة التخاذل، والاحتيال، والذلة، والجبن، والخوف على الحياة  ولذائذها، وسلاطة اللسان.

هؤلاء هم الانتهازيون وتلك بعضا من نماذجهم وصفاتهم وسلوكياتهم التي تشكل خطرا داهما على المجتمع وفي جميع الأصعدة .

اللهم ألهمنا الصبر والصواب، ومحبة الخلق، وعشق الحق، وكره الظلم والظالمين، والاستبداد والمستبدين، والنفاق والمنافقين،والإفك والأفاكين،والانتهازية والانتهازيين. آمين

 أبو فايد

Abofaieda@yahoo.com


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6079

نشرت بواسطة في فبراير 10 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010