ذكرى سبتمبر معركة مستدامة ضد ذاكرة النسيان

كان عواتي تعبيرا صادقا للواقع الاجتماعي الذي نشأ فيه..واقع يحتاج الي الفروسية بكل معانيها، فروسية تحمي الدار والمال .. وان الواقع الاجتماعي الذي نشأ فيه  عواتي هو واقع يعزز الكرم والشهامة ونصرة  الضعيف ..وضمن هذه الظروف البيئة  ترعرع  عواتي  ولمع سيفه  خارجا من غمده ضد الظلم ..
وكان دائماً يسلك الطرق المؤدى الي رفع الظلم حتى ولو كان الطريق وعرا.. وهكذاكان نشاطه اليومي انعكاسا وتجاوبا مع روح ومتطلبات المرحلة … وعندما جاءت ساعة النداء الوطني نقل عواتي نشاطه من دائرة  جغرافية واجتماعية  ضيقة الي دائرة أوسع فهمًا واداءا..
 وكان نشاطه دائماً متسلحا بوعي و اخلاقه وشجاعة البيئة التي نشاء فيها .. وعندما ارتفع صوت ونبرة المطالَب الوطنية في ارتيريا.. ساهم هو ورفاقه من الرعيل الاول ونقل الحدث في منطقة ادال  من  دائرة حراك النشاط السلمي الي رد فعل إجابي عسكري ..
 وانطلقت الشرارة الاولى  في الفاتح من سبتمبر عام 1961 بقيادة البطل الشهيد حامد ادريس عواتي  ورفاقه من الرعيل الاول. كانت ادال بداية مشوار طلوع فجرالحرية.. وبدأ النور من هناك  يزحف طاردا جحافل الظلام  في كل ربوع ارتيريا .. انها يوم ادال ، يوم  لانطلاقة الاولى من اجل تمزيق ثوب الظلم  والانطلاق نحو فضاء الحرية ..
وخلافاً الهذا التاريخ المشرق ،نلاحظ  وخاصة في هذه الأيام محاولة بعض الناس المنسجمة مع وعي وتاريخ الاندنت، تحاول طمس التاريخ  عبر ذَر الرماد على عين التاريخ المبصرة  ،من اجل شق طريق اخر للتاريخ خلافا لمنطق  احداث الواقع ..و حتى يكون  هذا الفعل التخريبي للوعي مع مرور الزمن ..وعي الواقع ،ويتحول بذلك  واقعنا السردي لأحداث صنعها ابطال الرعيل الاول في ادال ،وتقوربا ودمبلاس .. الخ من معارك الشرف ضد البوليس والكمندوس والطور سراويت الي حكاوي خرافية التي  لا يلتزم احد  بتصديقها ..
ودائما الخرافة  كما هو معلوم  ان أحداثها كاذبة.. وكل مؤشرات الفعل في الساحة الإعلامية  والسياسية  بشكل ممنهج تذهب نحو هذا الاتجاه ،اتجاه تحويل التاريخ الحقيقي الي خرافة ..
إذن  يجب ان نخوض معارك الدفاع عن الذاكرة  في كل الجبهات ،حتى نهزم معسكر النسيان …ويجب ان نراجع ذاتنا في هذه الذكرى الاحتفالية  بالوقوف مع الذات  حتى يكون للاحتفال  معنى وبُعد دلالي..لأن استهداف اي أمة  يبدأ بتخريب الذاكرة التاريخية والثقافية .. وضمن هذا السياق  نقول لاصحاب  السياحة الوهمية  في قراءة التاريخ.. ان عواتي لم يخلقه خيال  أدب شعبي  بل هو بطل واقعي  واستمد بطولاته من السلوك الميداني اليومي ..
انه بطل شعبي وبطل وطني  صنع التاريخ  والتاريخ لا يصنعه رجل عادي ..
التاريخ يصنعه رجل يتحدى الصعاب والمطبات .. وكان عواتي هذا النوع من الرجال ،رجل تحدى الصعاب ورصف للأمة الارتيرية طريق التحرر من الاستعمار ..ونقل فعل التحدي من واقع الانفعال السياسي اليومي الي  ضافة  شاطئ الفعل العسكري  ..
وبهذه المناسبة نكرر ونقول لعواتي ورفاقة:سوف نتذكر أسمائكم وتضحياتكم كلما مشينا فوق تراب ارتيريا خطوة ،خطوة .. وسوف نتذكر أفعالكم البطولية  كلما قرأنا تاريخ  وجغرافية المكان ..وسوف نتوارث هذا الارث النضالي  بكل أمانة  من جيل الي جيل .. نعم .البلاد تم تحريرها من المستعمر  نتيجة تدفق دماء التضحيات  السخية  لكن لم  يدم فرح الاستقلال طويلا  بسبب غياب العدالة والحريّة ..
وانفتحت على البلاد أبواب متاعب اخرى وهي: طغيان الفرد، الاتجار بالبشر، خطوات هروب متعثرة في صحراء لا أمل فيها  غير كذبة السراب ، وعلى البحر ازدحام مراكب مصنوعة من مواد  حظوظ الغرق ،وعلى متنيها انسان مقيد بالتعاسة، يبحث عن سلم العبور  الي دنيا السعادة ،وإن وصل الي سلم العبور لم يجد هناك دنيا السعادة  .. كل هذه العوامل المتآمرة  فتحت ابوابها لتبتلع الانسان الارتيري  بسهولة  وبذلك دخل  الي دائرة الأزمة  ،أزمة تنسخ نفسها  او تراكم في كل الميادين،  حتى اعلان اخر..
             محمد اسماعيل هنقلا

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=41978

نشرت بواسطة في سبتمبر 4 2017 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010