رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي يتحدث لـ الشرق حول قضايا القرن الإفريقي ..

2011-04-30

إفريقيا تدعم جهود قطر في سلام دارفور
التعاون بين قطر وإثيوبيا يعزز السلام في المنطقة

ندعم بقوة المبادرة الخليجية في اليمن

القذافي مهندس صناعة الأزمات في إفريقيا

علاقتنا مع مصر تاريخية وسنتجاوز التباينات

 

أديس ابابا – حاوره محمد طه توكل:

أشاد رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي بجهود دولة قطر لحل الأزمة في دارفور، ورحب بالتعاون القائم بين قطر والاتحاد الإفريقي، وأكد دعمه للمساعي القطرية وقال إن السلام في السودان هو مكمل للسلام في إثيوبيا وتحدث زيناوي في حوار صريح مع الشرق حول ملفات ساخنة في منطقة القرن الإفريقي، وتطرق الحوار إلى الأوضاع في اليمن وليبيا ومصر، وأعرب عن قلقه من تطورات الأوضاع في اليمن، وأعلن تأييده للمبادرة الخليجية، ووجه انتقادات للعقيد القذافي، وقال إن إفريقيا عانت من القذافي الذي كان يؤجج الصراعات. وأوضح أنه كان يتحمل العبء في مواجهات القذافي بقمم الاتحاد الإفريقي وأبدى تعاطفه مع الشعب الليبي وطالب باحترام إرادته وخياراته، وأشاد بالتحولات التي شهدتها مصر وأن السلطة انتقلت بصورة سلسة. وقلل من مخاوف بناء السدود الإثيوبية وستكون مصر والسودان أكثر المستفيدين وامتدح زيناوي تنامي العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي ودول القرن الإفريقي ووجه زيناوي تحذيرات إلى إرتريا وطالبها بأن تختار ما بين السلام والحرب، جاء ذلك في هذا الحوار مع الشرق التي تحاوره للمرة الرابعة على مدى عقدين تقريباً وكانت الشرق أول صحيفة عربية تحاور زيناوي عندما تولى رئاسة الحكومة في عام 1993م، وامتدح دور جريدة الشرق التي كانت أحد أهم النوافذ في تسعينيات القرن الماضي لأخبار القرن الإفريقي وإثيوبيا وقال إن بابه مفتوح أمام الإعلام القطري وأكد رغبته لتطوير العلاقات مع قطر في كافة المجالات وتوقع حدوث نقلة نوعية في العلاقات في المستقبل القريب. وفيما يلي مضابط الحوار:

 

** قطر كانت أول دولة خليجية منفتحة سياسياً وإعلامياً على إثيوبيا لماذا هذا التراجع والتوتر في العلاقات وكيف تنظرون إلى هذه العلاقات في المستقبل؟

* علاقتنا مع دولة قطر كانت في مطلع التسعينيات متميزة للغاية ومؤخرا شابها بعض الفتور لأسباب قد تكون سوء فهم.. المهم يجب النظر إلى الأمام وما يجمعنا مع قطر أشياء كثيرة فقطر دولة مهمة في منطقة الخليج والعالم العربي وكذلك إثيوبيا دولة مؤثرة في القرن الإفريقي وإفريقيا وأرى التعاون بيننا ستكون له نتائج إيجابية في السلم العالمي وسأسعى مع سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى تطوير التعاون لمصالحة البلدين والإقليم بكامله.

 

 

** كان الصومال أحد أسباب التوتر وعلاقاتكم تحسنت مع الحكومة فيما لا يزال الفتور يشوب علاقتكم مع قطر لماذا برأيكم؟

* لا توجد خلافات مباشرة بيننا وبين دولة قطر نحن خلافنا كان مع الحكومة الإرترية التي باتت مصدراً لعدم الاستقرار في المنطقة حيث دخلت في خلاف مع إثيوبيا وجيبوتي والسودان واليمن واليوم هي أكبر عنصر مزعزع لاستقرار الصومال، إرتريا اليوم تعرف بأنها دولة صانعة للأزمات لجيرانها.. ما أود تصحيحه أن علاقتنا مع قطر لم تتوتر بسبب الأوضاع في الصومال أو دعم قطر حينها للمحاكم الإسلامية، بدليل الآن علاقتنا مع الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد جيدة بعد أن كان خصماً لنا والمشكلة مع قطر ليست نابعة من الأوضاع في الصومال وإنما المشكلة الحقيقة كانت مع دولة إرتريا اللاعب الأبرز اليوم في ما يشهده الصومال.. وكان ينبغي لنا في حينه نقل هذه الملاحظات والتحفظات للجانب القطري لكن الأهم هو اليوم بالنسبة لنا في إثيوبيا إقامة علاقات إيجابية مع قطر وتجاوز سوء الفهم الذي حدث في السابق.

نحن نقدر دور وجهود دولة قطر لدعمها عملية الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي لكن في نفس الوقت يزعجنا دعمهم لإرتريا.. لكن عبر هذا الحوار مع جريدة قطرية أنقل رغبة إثيوبيا الصادقة عن إقامة علاقات بناءة مع دولة قطر لا تقل أهمية عن بقية دول الخليج.

 

 

** ان مأخذكم على علاقات قطر بإرتريا ألا ترون أنه يحمل حساسية مفرطة لأن قطر على علاقة لصيقة مع كل من دول القرن باستثناء إثيوبيا؟

* نعم قطر لها علاقات جيدة مع كل دول القرن الأفريقي ولكن نتطلع بان تكون علاقتها جيدة مع إثيوبيا وأن علاقتها مع إرتريا اعتبرناها خصماً على إثيوبيا وأن دولة قطر تلعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية أنا أريد أن تكون قطر فعلاً علاقاتها ممتازة مع الجميع وتسمع ملاحظاتنا وتلعب دور الوسيط النزيه في حل الأزمات بالمنطقة.

 

 

** لكن قطر فعلاً لها دور ملحوظ في حلحلة النزاعات على سبيل المثال حلت الخلاف بين السودان وإرتريا وكذلك بين جيبوتي وإرتريا؟

* تلك الجهود كانت إيجابية وتحظى بالتقدير والدعم من جانبنا وأن أي جهد قطري لحل النزاعات في الإقليم مرحب به لأن أي استقرار في المنطقة ينعكس على إثيوبيا وجميع الدول.

 

 

** إثيوبيا بلد مهم ومؤثر في الشأن السوداني وقطر لاعب رئيسي في أزمة دارفور.. ما موقفكم من الجهود القطرية في السودان؟

* الشأن السوداني مهم بالنسبة لنا واستقرار السودان يأتي في سلم أولوياتنا.. جهود دولة قطر في هذا الصدد نعتبرها إيجابية لان السلام والاستقرار في السودان ينعكس مباشرة على استقرار إثيوبيا لأن الأزمة في دارفور أخذت أبعاداً خطيرة خاصة في الوسط الإعلامي حيث تم تشويه الوضع ولم تتعامل الوسائل الإعلامية معه بالشكل الطبيعي دون التضخيم، قطر حتى الآن حاولت لملمة الأزمة المبعثرة وتوجيهها في الاتجاه الصحيح ونحن في إثيوبيا كما ذكرت لك نؤيدها ونقدر جهودها في هذا الاتجاه والاتحاد الإفريقي هو شريك داعم للجهود القطرية ونحن على إطلاع مباشر عبر الاتحاد بما تقوم به دولة قطر ونحن نؤمن بان العمل يتم بتنسيق بين قطر والاتحاد الإفريقي لأن الأزمة تشكل خطراً حقيقياً للسودان كبلد إضافة إلى وجود مشاكل أخرى في السودان مما يتطلب تضافر جهود الأشقاء لمساعدة السودان وإنهاء ملف الأزمة في دارفور.

 

 

** ما مدى استعداد أديس ابابا للتعاون مع الدوحة لتنفيذ مشاريع استثمارية بإثيوبيا؟

* بالطبع إثيوبيا تفتح أبوابها أمام الاستثمارات القطرية ونحن على استعداد لإقامة شراكة متكاملة مع قطر في كافة المجالات وهناك روابط تاريخية مع دول الخليج وقطر واحدة من هذه الدول.. إثيوبيا في الوقت الراهن تستقبل مستثمرين من البرازيل والصين واليابان والهند وتركيا وإيران وتقدم لهم امتيازات مغرية وتسهيلات وخدمات ممتازة بغية تشجيع الاستثمار الأجنبي في إثيوبيا لاحظ المسافات التي تفصل بيننا وبين هذه الدول هي قارات ومحيطات وبحار فكيف إذن المقارنة بقطر الأقرب جدا لنا جغرافيا وهناك قواسم مشتركة بيننا.. والمسافة لا تعد إلا ساعات قليلة، ونحن في إثيوبيا على استعداد لتقديم كل التسهيلات والخدمات للمستثمرين القطريين وبهذه المناسبة أوجه دعوة لكل المستثمرين القطريين لزيارة إثيوبيا لينضموا لبقية الاستثمارات الخليجية وسيجدون كل الاحترام من جانبنا.

 

 

** كيف تقيِّمون علاقات بلادكم مع دول الخليج العربي؟

* علاقتنا مع دول الخليج متميزة للغاية وتشهد من حين لآخر تطورات إيجابية في مختلف المجالات، وتعاون وثيق مع دول مجلس التعاون الخليجي وشهدت نقلة كبيرة مع المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات خاصة في المجال الاقتصادي. واستطيع أن اقول أقمنا شراكة اقتصادية ونتطلع إلى مزيد من التعاون، كما أقدر لرجال الأعمال السعوديين الذين كانوا سباقين في الاستثمار في بلدنا كما نشاهد تدفقات هائلة للمستثمرين السعوديين والكويتيين والإماراتيين وأن زيارة رئيس وزراء الكويت لإثيوبيا كانت لها نتائج إيجابية وكذلك التعاون الاقتصادي الذي شارك فيه عدد من الوزراء السعوديين أحدث نقلة كبيرة في الاستثمارات السعودية بإثيوبيا وعلاقتنا معهم في مختلف مجالات التعاون السياسي والاقتصادي متطورة، على العموم علاقاتنا مع دول الخليج تعتبر في أفضل حالاتها وتعيش عصرها الذهبي حيث تزايدت السفارات الخليجية في إثيوبيا وهو مؤشر إيجابي لتطوير آفاق هذه العلاقات مع دول الخليج بشكل عام.

 

 

** ما التسهيلات والامتيازات الخاصة التي تقدمها إثيوبيا للمستثمرين الخليجيين؟

* نحن في إثيوبيا وضعنا إستراتيجية خاصة محفزة لجذب المستثمر الخليجي إلى إثيوبيا التي تعتبر من الدول الغنية جداً بمواردها الطبيعية كما وضعنا خططاً لتقديم خدمات تسهيلية وإجراءات شفافة لخلق مناخ مناسب يستقطب المستثمرين الخليجيين. وبإمكان المستثمرين إكمال كافة الإجراءات عبر سفاراتهم في إثيوبيا من خلال الاتصال بشئون التجارة بالخارجية الإثيوبية وحتى تطلعهم سفاراتهم بالإجراءات والتسهيلات المتبعة في هذا الخصوص. ولذلك أنشأت وزارة الخارجية قسماً خاصاً يتولى مهمة تنفيذ إكمال الإجراءات للمستثمرين الخليجيين والاتصال بكافة الجهات المعنية. وأعطينا الأولوية لقطاع الزراعة بعد أن لاحظنا وجود رغبة للمستثمرين السعوديين وبصورة عامة للمستثمرين الخليجيين لذلك خصصت الحكومة أكثر من ثلاثة ملايين هكتار لغرض الاستثمار تكون تحت تصرف المستثمرين كما تبدي استعدادها لاستقبال مستثمرين خليجيين يعملون في قطاع الصناعة والتعدين والسياحة.. وأنا على المستوى الشخصي أتابع قطاع الاستثمار من أجل تنفيذ المشاريع الاستثمارية بنجاح.

 

 

** كيف تنظرون إلى التطورات في اليمن؟

* نشعر بقلق شديد من التطورات الجارية في اليمن لعلمنا أن تأثيراتها سوف لن تقتصر على اليمن وحده وإنما ستتعداه إلى مناطق محيطة باليمن لذلك نحن ندعم المبادرات الخليجية الرامية إلى إنهاء الوضع في اليمن الذي تربطنا به علاقات لصيقة الصلة ونتمنى أن تتغلب الحكمة اليمنية بتجاوب الأطراف مع المبادرة الخليجية لحل الأزمة بالطرق السلمية ولنا علاقة مع كل الأطراف في اليمن ونحن على استعداد لتوظيف كل إمكانياتنا لطي هذه الصفحة من الخلافات بين اليمنيين.

 

 

** لكن ما مبرر قلق إثيوبيا مما يجري في اليمن؟

* اليمن عبر التاريخ هو جسر للتواصل بين القرن الإفريقي والجزيرة العربية ودائما اليمن يؤثر ويتأثر بالأوضاع في منطقة القرن الإفريقي. اليمن حالة استثنائية من حيث تعقيداتها المتعددة تركيباتها المتميزة وهناك عوامل كثيرة تجعلنا نقلق منها وجود قبائل مسلحة فضلا عن موقعه المؤثر تأثيراً مباشراً مع أمن البحر الأحمر والمحيط الهندي وقربه من منطقة الخليج الذي لم يفصله عن القرن الإفريقي سواء مضيق باب المندب. وان حدث انفلات في اليمن سيهدد الأمن المائي وخط الملاحة الدولي ومن الصعب التكهن بمخاطرها المحتملة ونحن نعلم انهيار الدولة ونتائجه لأننا نشاهد الشعب الصومالي الذي يعيش منذ عقود دون حكومة مركزية.. وأنا شخصيا أثق في الشعب اليمني في أنه سيتجاوز هذه الفترة بحكمة وعقلانية ولذلك أجدد الدعوة لكل الأطراف للتعاطي بإيجابية مع المبادرة الخليجية. والأخذ في الاعتبار كل المطالب المتعلقة بالقوى الوطنية ومراعاة تطلعات الشعب اليمني وحدته وسيادة أراضيه.

 

 

**ليبيا تشهد تطورات خطيرة رغم أنها كانت اللاعب الرئيسي في إفريقيا والقرن الإفريقي بصفة خاصة لماذا لم نسمع صوت إثيوبيا حتى الآن؟

* إثيوبيا لم تعلن عن موقفها فيما يجري في ليبيا لسببين رئيسيين أولاً لكون مواقف ليبيا في منطقة القرن الإفريقي كانت تخريبية بامتياز حيث كان يتبنى النظام سياسة واضحة تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتأجيج الصراع في المنطقة، ونحن في إثيوبيا مواقفنا تجاه القذافي كانت واضحة منذ وقت مبكر حيث كنا نعارضه بشدة في القمم الإفريقية، وكثير ما تدب بيني وبينه خلافات أثناء القمم والقادة الأفارقة يعرفون ذلك جيدا. وكان القذافي عادة ما يحدث الضجيج والفوضى في قاعات الاجتماعات وما كان أمامي سوى التصدي له. وبخصوص ما يجري في ليبيا اليوم نحن لم نرد الحديث عن الأوضاع غير الطبيعية التي تشهدها ليبيا لأننا نمثل دولة مقر الاتحاد الإفريقي ونحن ملتزمون بقراراتها.. ودائما إثيوبيا لا تخرج عن الإجماع الإفريقي.. بالإضافة إلى أن إثيوبيا ولأول مرة منذ تأسيس الاتحاد الإفريقي لم تكن عضواً في مجلس الأمن والسلم الإفريقي ولذلك التزمت الصمت وأيدت القرار الذي تبناه المجلس بشأن ليبيا لأننا ملزمون بتنفيذه سواء نؤيده أو نعارضه لكن إذا كنا عضو في المجلس لطرحنا وجهة نظرنا بصراحة شديدة فيما يجري بليبيا.

السبب الثاني رغم معارضتنا بشدة لسياسة القذافي تجاه أفريقيا إلا أن المسألة من ناحية أخرى خاصة بالشعب الليبي ولن نستطيع أن نتخذ مواقف تجاه ما يجري في ليبيا استنادا إلى كراهيتنا لسياسته الخارجية وأن القضية في ليبيا هي بيد الشعب الليبي وهو من يستطيع أن يختار حاكمه ونحن مع تطلعات الشعب الليبي واحترام إرادته رغم أننا نحتاج إلى مزيد من المعلومات لأن المسافة التي تفصلنا مع ليبيا كبيرة جدا.

وأعربنا عن أسفنا للدماء الليبية المسفوكة واحتكام الأطراف إلي السلاح.. ما يهمنا اليوم أن نرى نهاية سريعة لمعاناة الشعب الليبي، ونؤكد في هذا الصدد أننا نعارض بشدة أي تقسيم أو مساس بوحدة ليبيا، أرضاً وشعباً ونتطلع أن تعيش ليبيا في ظل نظام ديمقراطي تعددي يكفل الحريات العامة للشعب الليبي وأن يختار الشعب من يمثله وأن يعيش في سلام واستقرار.

 

 

*** ما أسباب الخلافات بين دول المنبع والمصب؟ وما الجدوى من توقيع الاتفاقية في ظل معارضة كل من مصر والسودان؟

* الدول الموقعة على الاتفاقية تؤمن بأن الاتفاقية تخدم الجميع وتتضمن مصالح جميع دول حوض النيل وكانت هذه الاتفاقية نتاج 10 سنوات من المفاوضات شاركت كل الدول وتابعتها المنظمات الدولية المهتمة منها بالمياه. وعلى مدى تلك الفترة الطويلة كانت هناك نقاشات تناولت كافة الملفات المتعلقة بمياه النيل إلى أن تمخضت عنها هذه الاتفاقية التي وقعت عليها أغلبية دول حوض النيل، وخلال تلك المفاوضات التي شارك فيها البنك الدولي، وفي النهاية توصلنا إلى اتفاق كنا نعتقد أنه ينهي الخلافات حول مياه النيل لأننا لم نكن نتفاوض من أجل التفاوض وبالتالي توصلنا إلى اتفاقية تعد الأول من نوعها وتحدد العلاقات والاستفادة من المياه بين دول حوض النيل رغم وجود التحفظات من السودان ومعارضة مصر التي تتمسك باتفاقية عام 1959م التي وزعت الحصص بينهما، وهذا هو سبب الخلاف بين دول المنبع والمصب، وبالتالي قمنا بالتوقيع على الاتفاقية الجديدة “عنتيبي”، والمجال لا يزال مفتوحاً أمام مصر والسودان ونحن نعتبر المياه هبة إلاهية لخدمة البشرية.

 

 

** ولكن لماذا لم يكن بإمكانكم أن تتفهموا المطالب المصرية السودانية؟

* مشكلة مياه حوض النيل عمرها أكثر من 50 عاماً وكانت هناك مفاوضات طويلة لحلحتها ولكن الذي أعرفه امتدت هذه المفاوضات لـ10 سنوات واجهتنا خلالها مشكلة واحدة وهي تمسك مصر باتفاقية لسنا طرفا فيها بعض هذه الاتفاقات بين قوى استعمارية ومصر والبعض الآخر بين مصر والسودان. وما لمسناه حقيقة هو أن المياه تحولت إلى ملكية خاصة لدول بعينها، وترى إثيوبيا من المستحيل الالتزام باتفاقيات لم تكن جزءاً فيها.

 

 

** هناك مخاوف مصرية من بناء إثيوبيا سدود جديدة وتأثيرات ذلك على أمنها المائي ما حقيقة هذه المخاوف؟

* هذه المخاوف لم تكن في محلها على سبيل المثال أن السد الألفية الجديد يقدم خدمة لإثيوبيا بنسبة 50 في المائة وللسودان 30 في المائة ولمصر نسبة 20 في المائة لكن التكاليف مائة بالمائة تتحملها إثيوبيا وكان من باب الإنصاف أن تساهم مصر بنسبة 20 في المائة والسودان بنسبة 30 في المائة في بناء السد لأن العائد مشترك.. إثيوبيا ستولد الطاقة الكهربائية من السد ومصر ستستفيد من المياه التي تتدفق إليها باستمرار دون أن يكون هناك نقص في حصصها المائية وكذلك التقليل من نسبة رواسب الطمي والعوامل الطبيعية كالأمطار والتبخر.. هذا السد يعزز من الأمن المائي وينظم تدفق المياه بنفس الكمية على نهر النيل. فهذه المخاوف ليست في محلها، وأن السد يقع بالقرب من الحدود السودانية — الإثيوبية وبالتالي سيكون السودان من أكبر المستفيدين فمثلا هناك سد سوداني في منطقة “الرصيرص” لم يكن يستفيد منه والآن بناء السد الألفية يوقف عملية جرف الطمي وستتحول المنطقة إلى منطقة زراعية كبرى لتعزيز مقولة السودان هو “وصلة غذاء العالم” وهذه هي مصلحة مشتركة للسودان ومصر وإثيوبيا، لذلك لا مبرر للمخاوف المصرية نحن حريصون على مصلحة مصر كما نحرص على مصلحتنا.

 إثيوبيا شهدت في السنوات العشر الأخيرة تحولات جذرية هامة في مختلف المجالات وعلى الصعيد الإنمائي كانت ضمن 10 دول أسرع نمواً وفق تقرير الأمم المتحدة وتقرير المجلة الاقتصادية اللذين أشارا إلى أن إثيوبيا ستكون في السنوات الخمس المقبلة واحدة من خمس دول تحقق نسبة نمو سريع في المجال الاقتصادي الذي حققنا فيه حتى الآن نسبة 10 في المائة ونتطلع لتحقيق المزيد في المستقبل المنظور. وبحسب التقارير الدولية أن الاقتصاد الإثيوبي من الاقتصادات الصاعدة في إفريقيا. إثيوبيا بلد فيه أكثر من 80 مليون نسمة وتعتبر سوقاً واعداً ومرشحاً ليكون من أكبر الأسواق للصناعات العربية والإفريقية، وأن موقعها الجغرافي وقربها من المنطقة العربية يعطيها ميزة خاصة لجلب المستثمرين العرب، هذا بالإضافة إلى عوامل كثيرة منها المناخ المعتدل طول السنة ووفرة المياه والاستقرار الأمني، كل هذه عوامل مجتمعة خلقت أرضية مناسبة لانتشار الاستثمار الأجنبي فيها. كما تعيش إثيوبيا داخليا عصر التسامح والتصالح بين أبنائها ويوجد توافق ووئام بين مكوناتها حيث العدالة الاجتماعية والتسامح والمساواة في ظل دستور البلاد الذي يكفل لكل مواطن حقوق المواطنة بالتساوي ودون تميز. ويوجد فيها تعايش سلمي بين الديانات السماوية يمثل نموذجاً فريداً في التعايش السلمي بين الشعوب الإثيوبية.. واستطيع أن أقول إن إثيوبيا هي أول دولة في المنطقة تسمح للمسلمين بإنشاء محاكم شرعية إسلامية وكل قراراتها نافذة وهذا يعتبر من الإنجازات التي تحققت للمسلمين بان يحتكموا للشرائع الإسلامية.. وما نعتقده أنه إنجاز حقيقي في إثيوبيا اليوم هو “إثيوبيا تعيش عصر الحريات واحترام الديانات السماوية وأن الدولة تقف على مسافة واحدة منهم”.

المصدر : صحيفة الشرق القطرية

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=13329

نشرت بواسطة في أبريل 30 2011 في صفحة الأخبار, حوارات. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010