رثاء معلّم ابناء الشهداء والمقاتلين …. الشيخ محمدعلى سليمان

عمر ليلش – لاهاى

اهداء:

“الى كل من علمنى حرفا  براً ومعروفاً واعترافاً بالجميل”

ما اصعب ان يكتب المرء عن جند مجهول ……..                                

ما اصعب ان يكتب المرء عن شخص كان مربيا ومعلماً  لأبناء الشهداء والمقاتلين فى اصعب الظروف الأمنية والماديه…

ما اصعب ان يكتب المرء عن رجل كان بيته كثير الرماد من كثرة الحطب والفحم الذى كان يظل مشتعلاً من بزوغ الفجر حتى بعد  صلاة العشاء لأكرام الضيوف واستقبال  الجنود الجرحى واللاجئين من هنا وهناك.

فكان منزل الشيخ محمد على سليمان رحمه الله، لم يكن منزل سكنى فقط بل كان مقرا متعدد المهام الوظائف ، حيث  كان:

– مسجدا تقام فيه صلوات الجماعة .

– عيادة او مستشفى يعالج فيه الجنود الجرحى حتى يستردوا عافيتهم ومن ثم يعودا الى ساحة الوغى والحرب لمقارعة الأعداء.

– كان  بيت ضيافة يوفر سبل الراحة والاستجمام  للجنود الذين يأتون الى السودان من ميادين القتال فى ارتريا ، لقضاء الأيجازات المرضيةاو  لأهداف اجتماعية.

– كان بيته بمثابة صالات “ترانسيت” للاجئين القادميين من ارتريا الى كسلا حتى يحين وقت  سفرهم الى مناطق اقامة اللاجئين فى كل من سمسم والقربة و ودالحليو و بقية  المناطق.

– كان بيته رحمه الله مأوى للمرضى  وذويهم الذين كان يأتون من المناطق الريفية المختلفة الى كسلا بغرض العلاج او اجراء الفحصوصات الطبية.

– كان بيته ” خلوة”  يدرس فيه ابناء الشهداء والمقاتلين للقرآن الكريم وتخرج من هذه الخلوة على سبيل الذكر وليس الحصر من ابناء المقاتلين الأستاذ محمد حربى ابن المناضل عبدالله حربى ( ابو هاشم حربى) ، ومن ابناء الشهداء  :

* عماد ابن الشهيد محمد ادريس عمر حاج

* عمر وصلاح ابنى الشهيد على احمد على

* المرحوم جمال ابن الشهيد خليفة ابا سبير

* عثمان عمر يحى ابن الشهيد عمر يحى

* عثمان وخليفة وجامع وعلى ابناء الشهيد احمد وللو وكذلك غيرهم من ابناء الشهداء والمقاتلين الأخريين.

مما سبق ذكره يتضح لنا ان الشيخ رحمه الله لم يكن فقط قاضيا من حيث المهنه بل  كان شيخا و معلما قديرا ومربيا كريما واخصائيا اجتماعيا حيث كان برفقة  كل من المناضليين الأستاذ محمود انصره ” ابو نور الدين”  ومحمد الأمين ( ابو الأستاذ عبدالله ” وادالة وابناء الشهيد حسين شاقى  والمرحوميين  الشهيد ادم قندفل ،  وعبد الكريم احمد (سنى فالو) “ابو احمد عبد الكريم” و حسين سمر العول وعمر حاج ادريس  وديغول ،  كان  يشكّل معهم  حلقة وصل فى تفقد احوال اسر  الشهداء والمقاتلين فى كسلا من خلال الزيارات فى الأعياد والمناسبات و فى ايام المحن كهطول الأمطار الغزيرة وسيول الأنهار والترع  وحتى فى الأيام العادية .

 كان هولاء الأبطال يقفون وقفة رجل واحد فى تشجيع ودعم ابناء الشهداء والمقاتلين معنوياً و ماديا لمواصلة درساتهم وحثهم على المثابرة والجد والأجتهاد من اجل النجاح فى الحياة العلمية والعملية. فكان الشيخ محمدعلى سليمان احد اولئك الجنود الأوفياء .

كان شيخنا  كسائر اولئك  الرجال ، لم يدخر جهداً فى تمثيل ابناء الشهداء والمقاتلين،  كولي  امر لهم عندما كانت تطالب المدارس حضور اولياء امور الطلبة لحضور اجتماعات مجلس الأباء للمدارس… وكان يقوم بتمثيلهم على اكمل الوجه  و خير تمثيل.  وكان رحمه الله، عطوفا رحيما ، لدرجة كان يصعب عليه ضرب تلاميزه فى “الخلوة” اثناء تعليم حفظ القرآن وتجويده، ويتعامل مع طلبته  بطرق حكيمة تحببهم فى حفظ القرآن  والحرص على المواظبة  وهذا ما كان يميز خلوته عن سائر الخلاوى الأخرى بالأضافة ان تعليم القرآن فى خلوته كان مجانيا لوجه الله .

وعرف  فضيلة الشيخ و القاضى محمد على سليمان بحبه الشديد للعلم  ولذا كان يحث الطلبة ويشجعهم  فى حب العلم ويشجع الشباب لنيل الشهادة فى سبيل الله والوطن كنتيجة طبيعيه لحبه المفرط للوطن ورفضه للخضوع  والظلم ، كما كان يشجع امهات وزوجات الشهداء فى الصبر على السراء والضراء.

 هكذا  كان سلوك شيخنا …

عطاء بلا توقف و كرم بلا حدود وانفاق فى السر و تحدى فى العلن.

واخيرا لا يسعنى الآ ان اعزى نفسى وابناء الشهداء والمناضليين الذين حفظوا القرآن على يديه واسر الشهداء والمقاتلين الذى كان عوناً وسنداً لهم،   وكما لايفوتنى ان اقدم اسمى ايات العزاء لآبنى المغفور له بأذن الله الأخوين محمد محمد على سليمان باليمن و جامع بالسودان، ونسأل الله ان يلهمهم الصبر والأيمان.

“وانا لله وانا اليه راجعون”

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8804

نشرت بواسطة في يناير 11 2005 في صفحة شخصيات تاريخية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010