رحيق المنابر ((( 14 )))

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

أما بعد :

المسلم في الغرب والحلال الطيب :

ما رايت فى الغرب مسلما الا وهو يجتهد أن يكون اللحم الذي يأكله حلالا، بل تجد قوائم أرقام تحذرك من شراء الأصناف التى تشتريها بسبب أنها توجد فيها إضافات محرمة مثل شحم  الخنزير او الكحوليات أو غيرها، وهو أمر يسر اي مسلم غيور على دينه ، لأ نَ الله عز وجل أمرنا في كتابه الكريم وقال :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)

والحلال هو: الطيب النافع الذي خلقه الله لعباده وأباحه لهم والحرام هو : الخبيث الذي حرمه عليهم ونهاه عنهم ، فهو سبحانه وحده يعلم ما يصلح صحتنا وما يفسدها ، ولذالك هدد الله وتوعد  الكذابين المفتريين على أحكام الله تعالى ، سواء كان تشديدا أو ترخيصاهددهم بتوجيه سؤال خطير اليهم ( وما ظن الذين يفترون على الله الكذب ) ونحن قد إبتلينا في الغرب بأناس كل واحد منهم يتوج رأسه بعمامة المفتين وينصب له منبر إفتاء ، ويصدر أحكاما إما يغالى فيها لأنها تناسب هواء أو يترخص فيها لأنها تحقق مصلحته ، والأمر عندنا معاشر المسلمين شرع منضبط بكلام الله ورسوله فلا يحق لأحد من الناس أن يحرم أو يحلل بهواه ، بل نأكل ( ما أذن الله به )   ( قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ. وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ ) ( يونس ).

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحلال ما احل الله في كتابه ,و الحرام ما حرم الله في كتابه و ما سكت عنه فهو مما عفا عنه.)

التناقض العجيب:

تجد هذا المسلم الذي يتورع عن أكل الطعام الحرام ويحتاط لدينه تجده ( كأنه حاطب ليل ) لا يميز أو لا يرغب أن يميز بين أن تكون حزمة الحطب التي بين يديه أهي أخشاب أم ثعابين، فتجده يغض الطرف عما جمعت يداه وحوي جرابه ، وأنا اقول هذا من خلال تجربة في حقل الدعوة الإسلامية ( في اروبا )  إمتدت لفترة لابأس بها في ساحة الدعوة والإفتاء ، وتقريبا لا يمر على يوم من غير أن يستوقفني مستفت أو يتصل على سائل أو يبحث عنى محترق متوتر .

ولست أنسي إمرأة مسلمة كا نت تسكن في قريتنا التي نسكن فيها ، وكانت تتجشم الصعاب وتمشي المسافات الطوال لشراء ( اللحم الحلال )، وكانت في بيتها لا تطبخ إلا لحما انتفت عنه أية شبهة تحرمه ، وفي نفس الوقت كانت تعيش تحت عصمة رجل نصراني وتلبس ملا بس فاضحة وكاشفة، وقد علمتني دروب الدعوة أن يكون مدخلى مع المدعوا من خلال الجانب الإيجابي فيه ، فكنت أشكرها على حرصها في أكل الطيبات ، وعموما كان هذا الحبل الممدود مع الله رباط خير جعلها تفكر على مزيد من الإلتزام .

أنوار الإيمان وإحتيالات الشيطان :

أعرف شبابا متدينا يعيش في الغرب يدير معارك كبيرة مع المتهاونيين على  التمسك بالهدي الظاهر للنبي ، وحسنا فعلوا, لأنهم للتفريط في خير الهدي غضبوا ،وبفريضة الأمر بالمعروف ذكروا ،وبالنهي عن المنكرجهروا  ، ولــــــكن في نفس الوقت تجدهم للأسف يتهاونون ويترخصون بل يستبيحون طرقا غريبة ومشبوهة للحصول على المال ، وهم الذين يقرؤون ويعلمون الناس حديث النبي – صلى الله عليه وسلم         { الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات } ، فكيف بالله عليك أيها العارف بأحكام الله تنغمس في الشبهات وتحوم حول حمي والمحرمات؟ .

كلمتي ليست لمن حاصرتهم القوانين ولفظتهم الجالية المسلمة .

قد لا يصدق القارئ البعيد عن واقنا إذا علم أن بعض من نصب نفسه مفتيا للناس ، كان يفتي لهم بإباحة مال الكفار ويجوز لهم السرقة ، وقد ترتب على هذه الفتاوي أن يشوه الإسلام من خلال القبض على فتيان وفتيات وهم في حالة تلبس بالسرقة ، وكان يصلي معي في المركز بعض هؤلاء ، ويحاولون جمع الشباب حولهم والتاثير عليهم ، ولكن الحمد لله حاصرتهم القوانين بقيودها ولفظتهم الجاليات المسلمة ، فتراجع الكثير منهم وخفت صوتهم وقل تأثيرهم ، فو كان الكلام مع هؤلاء لكان تقطيب الجبين أقل انكماشا وحرقة القلب اقل إتقادا ، ولكن ان تقع هذه التجاوزات من شباب يحملون نور القرآن وضياء السنة وسمت السلف الصالح لهو أمر يدعوا الي العجب والإندهاش ،

تجد في أفراد الجالية وقد يكون ممن يعلم القرآن أو يقف فى منبر ، تجده مثلا يعيش هو في مكان وزوجته وأولاده في مكان وذالك من أجل الحصول على مزيد من أموال الدعم الإجتماعي ، قد يقود سيارته من غير رخصة أو تأمين ،و قد يتقاضي أموالا من الضمان الإجتماعي بحجة عدم الحصول على عمل بينما هو يعمل سرا ( عمل أسود).

صلاح القلب مرتبط بطيب المطعمومات

مما لا شك فيه أن هناك علاقة وثيقة بين صلاح القلب وفساده، وبين طعام العبد وكسبه، فإن الكسب إذا كان حرامًا، فإن القلب يفسد بهذا، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات) عقب بقوله: ألآ وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب”. والقلب هو الملك والمحرك والقائد، والأعضاء رعيته وأتباعه، وهي تصلح بصلاح القائد، وتفسد بفساده.

قال المناوي: “وأوقع هذا عقب قوله: “الحلال بيِّن” إشعارًا بأن أكل الحلال ينوره ويصلحه، والشُّبَه تقسيه”.

التحذير من أكل الحرام:

نهى الشرع المطهر أتباعه عن أكل الحرام، سواء كان هذا المأكول أموالاً وحقوقًا للناس، أو طعامًا حرم الله تناوله، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة].

وقد جاء في تفسيرها عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “هذا في الرجل يكون عليه مالٌ وليس عليه فيه بينة، فيجحد المال ويخاصمهم إلى الحكام، وهو يعرف أن الحق عليه، وقد علم أنه آثم، آكل حرام”.

وقال قتادة رحمه الله :اعلم يا ابن آدم أن قضاء القاضي لا يحل لك حراما ، ولا يحق لك باطلا ، وإنما يقضي القاضي بنحو ما يرى وتشهد به الشهود ، والقاضي بشر يخطىء ويصيب، واعلموا أن من قضي له بباطل أن خصومته لم تنقض حتى يجمع الله بينهما يوم القيامة فيقضي على المبطل للمحق بأجود مما قضي به للمبطل على المحق في الدنيا.

أكل الحرام والدعاء

إن لطيب المطعم أو خبثه أثرًا مباشرًا في قبول الدعاء، فإن كان العبد يتحرى أكل الحلال الطيب فإن دعاءه أقرب إلى القبول والإجابة، أما إن تجرأ على أكل الحرام فإنه يضع بذلك الحواجز والعوائق والسدود  بين دعائه وبين الإجابة والقبول.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [المؤمنون] وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة] ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟”[رواه مسلم].

الأكل الحلال سبب لقبول الدعاء والعبادة ، كما أن الأكل الحرام يمنع قبول الدعاء والعبادة ، فقد قال ابن عباس رضي الله عنه: “لا يقبل الله صلاة امرئ في جوفه حرام ، ويقول وهب بن الورد: “لو قمتَ مقام هذه السارية لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل في بطنك حلال أو حرام”.

ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا :

حسبنا الله ونعم الوكيل ، تجد مسلم يتعاطي الخمر مع كافر فإذا قال له : أليس شرب الخمر في دينكم حرام ، قال: عادي!!!!! وإذا قال له تعال كل معي الطعام قال له : لا أنت كافر ولا يجوز لنا نأكل لحم الكافر ، هذا اشبه بحال الرجل الذي زني بإمرة ثم ذهب الى امام المسجد يقول له : أن في ورطة وحيرة من امري ، فقد زنيت وحملت المرأة وأنا الآن في فضيحة ، فقال له الشيخ : أيها الأحمق ما دام ابتلاك الله بهذه القاذورات ، لمَ لمْ تعزل ؟ فقال له : إمام مسجنا يقول: العزل مكروه!!

مشكلة واحد يؤلمه رأسه يحك رجله  .

المال حسابه حلال وحرامه عقاب :

المال هو قوام الحياة ، وقد أولاه الإسلام أهمية كبيرة في التشريع الإسلامي ، فأوجب كسبه بالحلال وصرفه في المستحق له ، ونهي عن الإسراف فيه والتبذير، ونصب الموازين يوم القيامة للحساب عليه ، فقد قال – صلي الله عليه وسلم ( لن تزول قدما عبد حتي يسأل عن أربع، عن شبابه فيم ابلاه، وعن عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به ) فسوف تسأل وتقف أمام الله يسألك عن كل فلس كسبته وأنفقته ، فإن كان حلالا حوسبت فيه وقد قال النبي – صلي الله عليه وسلم لعائشة : يا عائشة من نوقش الحساب عذب، أما إن كان المال من حرام فسوف تعذب وتكوي به .

إخواني في الله الصبر على الفقر أفضل من البكاء في النار ، فلا نحتال على الله فهو علام الغيوب ، وتحايلك على القوانيين لا يمكن أن يحل لك حراما ، فأتقوا الله إخواني ولا تدخلوا الحرام في جوفكم بتأويلات فاسدة  فكما قال عليه الصلاة والسلام :    (فيما رواه كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلاَ كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ) صححه الألباني )

أخوكم / محمد جمعة أبو الرشيد

Mja7

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=3256

نشرت بواسطة في مايو 7 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010