رسالة مؤرخة ٣ تشرين الثاني /نوفمبر ٢٠١١ موجهة إلى رئيس مجلس الأمن من الممثل الدائم لإريتريا لدى الأمم المتحدة

يشرفني أن أحيل طيا رسالة من سعادة عثمان صالح محمد، وزير خارجية دولة إريتريا، تتصل بقرار الجزاءات الذي ذكر أنه معروض على مجلس الأمن
وسأكون ممتنا لو تفضلتم بعرض هذه الرسالة ومرفقها على أعضاء مجلس الأمن وتعميمهما بوصفهما وثيقة من وثائق مجلس الأمن
 أرايا ديستا
السفير والممثل الدائم
(انظر المرفق).
اسمحوا لي بأن أوجه انتباهكم إلى آخر مشروع قرار يهدف إلى فرض ”جزاءات إضافية“ على إريتريا.
ورغم أنه يبدو أن بعض الأحكام والعبارات المحددة في فقرة المنطوق ما زالت قيد مفاوضات مستمرة، يشمل جوهر التدابير الجديدة قيد المناقشة، جملة أمور، من بينها ما يلي،
١ ‘ التفتيش بسلطات تقديرية للبضائع الإريترية في الموانئ البحرية و المطارات وأعالي البحار ’ وخلال العبور من جانب جميع الدول ”وبصورة خاصة دول المنطقة وذلك لضمان التنفيذ الصارم لحظر توريد الأسلحة “؛  ’ ٢‘ وحظر الاستثمارات الجديدة ”في قطاعي الصناعة الاستخراجية والتعدين في إريتريا؛  ’ ٣‘ وتقليص ضريبة الإنعاش التي تبلغ نسبتها ٢ في المائة والتي تحصلها إريتريا من مواطنيها في الشتات من خلال فرض شروط دقيقة بضرورة بذل العناية الواجبة وتوجيه الاﺗﻬام لمواطنين إريتريين؛  ’ ٤‘ وعرقلة المعاملات التجارية الأجنبية لإريتريا عن طريق فرض رقابة مصرفية حائلة وشروط ضرورة بذل العناية الواجبة؛ ’ ٥‘  وإمكانية إدراج مسؤولين حكوميين مختارين في تدابير منع السفر وتدابير أخرى.
والهدف من هذه التدابير واضح بما لا يستحق مناقشته مناقشة مسهبة فبادئ ذي بدء، تترتب آ ثار أمنية خطيرة على الحكم الذي يعطي من الناحية الفعلية الضوء الأخضر لإثيوبيا وغيرها من الدول التي تضمر نوايا حربية لإريتريا بأن تقوم متى شاءت بتفتيش البضائع المتوجهة إلى البلد . وفي الواقع، سيؤدي هذا إلى تعطيل حركة الملاحة البحرية،. وتقليص حق إريتريا في المرور البريء وخلافا لذلك سيجيز لخصومها انتهاك سيادﺗﻬا ويشجعهم على ذلك.   ومن المؤكد أنه لا يمكن لهذا الحكم الاستفزازي أن يعزز السلام والاستقرار في المنطقة.
ولا يمثل حظر الاستثمارات الجديدة ”في قطاعي الصناعات الاستخراجية والتعدين في إريتريا“  سوى مجرد وسيلة لتعويق النمو الاقتصا دي في البلد في المستقبل . ولا توجد أي صلة مباشرة لذلك بالقضايا المطروحة غير عبارة احتمالية فضفاضة ُ أدرجت في تقرير فريق الرصد، تزعم أنه ”قد يحتمل أن تحول الإيرادات الآتية من التعدين إلى أنشطة تزعزع الاستقرار“.  وكما هو موضح بمزيد من التفصيل في رد إريتريا على تقرير فريق الرصد، ترتكز السياسة الإقليمية لإريتريا بثبات على تعزيز”الأمان والتعاون بين بلدان الجوار “. وليست لديها رغبة أو مصلحة في زعزعة استقرار المنطقة . وعلاوة على ذلك، تستغرق الاستثمارات في الصناعة الاستخراجية ما لا يقل عن سبع سنوات في المتوسط حتى تصبح رابحة  . وبناء على ذلك يعني هذا التدبير حقا كبح جماح النمو الاقتصادي لإريتريا في المستقبل.
لقد أوضحت إريتريا بالتفصيل أسباب وشرعية ونطاق ضريبة الإنعاش التي تبلغ نسبتها ٢ في المائة وذلك في ردها على تقرير فريق الرصد . وفي الواقع، ليست نسبة الضريبة وقدرها ٢ في المائة كبيرة في إطار مالية وميزانية الحكومة . وتكمن أهميتها في الحفاظ على الأواصر بين الشتات والبلد الأم وتدعيم المسؤولية الاجتماعية، التي ُ غرست خلال عقود من النضال من أجل التحرر الوطني، في جهود جماعية من أجل بناء الدولة . وستترتب من ثم تداعيات سياسية على أي تدبير عقابي يستهدف ضريبة الإنعاش، بصرف النظر عن شرعيته الواهية، ويهدف ذلك حقا إلى تقويض تماسك وتضامن الشتات مع بلدهم الأم .  وهذا هو على وجه التحديد جدول الأعمال الأثيم الذي يسعى خصوم إريتريا إلى تحقيقه منذ سنوات .
وفي هذا المضمار، لا تنبع العوائق المصرفية الكثيرة جدا وغيرها من العراقيل التجارية المقترحة في مشروع القرار، من استنتاجات معقولة تم التوصل إليها لأن إريتريا ارتكبت مخالفة ”أو جرائم تستحق معاقبتها عليها“.ويضغط خصوم إريتريا من أجل اتخاذ كل هذه التدابير لتقويض مسيرﺗﻬا الإنمائية وإبطاء وشل الاستثمارا ت المباشرة الأجنبية المتزايدة في البلد بجعل بيئة الأعمال التجارية صعبة ومختلة قدر الإمكان . ويتوخى منع سفر مسؤولين حكوميين مختارين في المقام الأول تعزيز صورة ”الدولة المنبوذة“ التي يروج لها أعداء إريتريا، لدوافع سياسية خفية أيضا . ويتضح هذا بجلاء من القائمة المشينة بأسماء كبار المسؤولين في الحكومة الإريترية التي نشرﺗﻬا إثيوبيا في العام الماضي .
وتترتب تداعيات أخرى إجرائية وموضوعية خبيثة على الجهود التي تُبذل حاليا والتي يلزم فحصها بدقة شديدة . وتزخر ديباجة مشروع القرار باﺗﻬامات جسيمة بقيام إريتريا ”بدور إقليمي يزعزع الاستقرار “ و ”رعاية الإرهاب“ وهي اﺗﻬامات لم ترد حتى في تقرير فريق الرصد المعني بالصومال وإريتريا . وعلاوة على ذلك، تم تجاهل رد إريتريا الشامل تجاهلا تاما دون بذل جهود جادة للتأكد من صحة الاﺗﻬامات الموجهة إليها لضمان الموضوعية والحياد .
واشتركت غابون ونيجيريا اسميا في تقديم مشروع القرار في محاولة متعمدة لصبغه بصبغة إفريقية . وهذا غير صحيح من الناحية الإجرائية وتشوبه أخطاء موضوعية . إذ أن الاتحاد الأفريقي لم يوافق على قرار يدعو إلى فرض جزاءات إضافية على إريتريا. والبلدان ليسا طرفين في المسائل المتنازع عليها.  بل إن من وضعوا القرار الحالي كانوا هم أنفسهم في الواقع وراء صياغة القرار (١٩٠٧)2009.
لقد أ ّكدت إريتريا على الدوام أن القرار ١٩٠٧ (2009) الذي اعتمده مجلس الأمن في كانون الأول / ديسمبر 2009 , لا يستند إلى حقائق أو قانون.وفى هذا الصياق حاولت إريتريا دون هوادة في العامين الماضيين عرض قضيتها على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على أمل التماس الإنصاف وإلغاء هذا القرار الذي لا يوجد ما يبرره . وهناك حقائق كثيرة، من بينها وثائق ويكيليكس، تكشف الآن النقاب عن أن معارضي إريتريا كانوا قد أقروا وناقشوا بنشاط فرض عقوبة انتقامية لا مبرر لها على إريتريا تحت مظلة مجلس الأمن وذلك في عام ٢٠٠٦ أي قبل أن تحتل الأزمة في الصومال مكان الصدارة في هذه المسألة برمتها بفترة طويلة .
وكما أوضحنا في الماضي، يفرض القرار ١٩٠٧ (2009 ) حظرا على توريد  الأسلحة لإريتريا، في حين ما زالت إ ريتريا ضحية عدوان إثيوبي، حيث تحتل إثيوبيا أراض إريترية ذات سيادة في انتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الاتحاد الأفريقي بشأن عدم المساس بالحدود التي رُسمت في الحقبة الاستعمارية؛ والمواد ذات الصلة من صكوك الأمم المتحدة بشأن تسوية المنازعات الإقليمية عن طريق آليات التحكيم . إلا أن مجلس الأمن نفسه الذي ارتأى معاقبة إريتريا بصورة جائرة ما زال يغضّ النظر عن انتهاكات إثيوبيا للقانون الدولي، التي هدّدت وما زالت ﺗﻬدد السلام والأمن الإقليميين وكما أ ّكدنا في مناسبات شتّى، لن يمكن قبول فر ض حظر على تزويد إريتريا بالأسلحة، من حيث المبدأ، لأن ذلك يضعضع المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة بشأن حق أي دولة عضو في الدفاع عن النفس في حالات الاحتلال والعدوان، كما هو الحال في الواقع بالنسبة لإريتريا.
وفي ضوء هذه الحقائق ومن أجل العدالة والسلام، أرجو منكم التكرّم ببذل جهودكم لإجراء تقييم متعمّق ومنصف للمسألة برمّتها بغية ضمان ما يلي:
١) أن يتصرف مجلس الأمن للأمم المتحدة بحيادية ونزاهة وإنصاف عند اضطلاعه بمهامه بشأن صون السلم والأمن الدوليين والإقليميين؛
 
٢) أن يُلغى القرار ١٩٠٧ (2009 ) وجميع الإجراءات التي تبعته وذلك على أساس تقييم عادل ومنصف للحقائق على أرض الواقع.  
 
(توقيع)
عثمان صالح محمد
وزير خارجية إريتريا
١ تشرين الثاني /نوفمبر ٢٠١١
أسمرة

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=19013

نشرت بواسطة في نوفمبر 16 2011 في صفحة الأخبار. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010