روزينا زواج البارحة ويوم اسمراوي متقد

مصطفى الجبرتي

زخات المطر المتردد نتفعل وتهدأ في تتابع لذيذ، جموع البشر تبحث عن ملاذ من سلاف السماء – سذج – المظلات المشرعة فوق الرؤس والاخرى التي تتمسدل أمام وجهات المتاجر الزجاجية تؤكد لي رغبتهم البليدة في الهروب من تعميد السماء لهم، ماذا يحدث لو فككت سترتي ومنحت المطر لذة أن يتخلل زغب صدري؟

” أحمق  – مجنون – سكران ” حتما ستكون هذه تعليقاتهم، كم أمقتهم وردودهم فما يفعله الله ألآن مهرجان من الخطل تجنبه.. ثم ان المطر هنا يهطل رقيقا لا يضرب الوجه وانما يمسح ويربت عليه ، علام الوجل اذن؟

حتما هناك خطا ما ..

روزينا يا ما جنة تعالي فثمة اشياء البوح بها الآن لذيذ جدا لا يجوز .. لا تضحكي – أحبك رغم الدعر الذي يطل مع كل ضحكة تلي ذعر الحمقى من انفجار السماء – السماء الطيبة التي تظلنا جميعا وتستعصم بعلياءها من دناءتنا – عاشت السماء الطيبة.

روزينا يا خلاسية ضميني اليك لا تأبهي لهم انهم حمقى نحن خلاسيون شعب خلاسي مجنون آه يا شعب المواجع – صبي كأسا آخر فلم يبقى غير ان أتحدى ثمالتي – آه غريب أنا لا – كلا – أنا صميم هذه الأرض جدي قال في يوم ما انه دفن رقعة انسابنا المكتوبة بلغة الجئز في الارض بعمق عشرون مترا فقامت وامتلأ بيته الاسمراوي برائحة البحر.

روزينا ضميني اليك اشتاقك أكثر وانا قريب منك ضميني يا صخبي الآتي سأرتادك حتى يملني التجوال.

هاتي كأسا – تضحكين لست ثملا أفنيني في ذاتك يا مجنونة فجدي وجدك أخوين رضعا ثدي الغنم الجبلي وصار جدك قسيسا ومن ثم قديسا، وصار جدي شيخا ومن ثم وليا صالحا.

وربما هما الآن يطلان علينا ويمنحاننا بركة أن نعيش وننعم بفجورنا وفسقنا – آه فسق هو اذا وداعا يا  عهد الرهبنة والمعابد.

روزينا لا أملك نقودا.. ألتأسيرة * ستحل المشكلة – حسن – محترفة أنت اذا اشربي في صحة قداسة جدينا.

دعينا نخرج الآن ونستمتع بمطر بلدنا الرقيق مثلك تماما وانت تدثرينني بك.

يكفي خمرا يا مجنونة فلقد شربت ما يكفل لأبي نواس سكرة سرمدية – ابي نواس لا تعريفينه؟ وذي نواس تعرفينه؟

آه الفراغ يملؤك فأنت عبارة عن بالون يكفي ان يثقبك شيئ فتصيرين لا شيء..لا شيء سوى مزع هنا وهناك – تجيدين الضحك كأجادتك الاملاء بي .. تعالي لا تبتعدي هل تخجلين من صحبة سكران؟ آسف لن أحتد معك بعد الآن فقط اعلمي ان ذي نواس هذا وأبي نواس أخوين صار أحدهما ملكا أما ألآخر .. فقد صار ملكا ايضا لكنه ملك من طراز آخر، ملك للدنان والقيان وو ابي نواس هذا جدنا الأكبر لا القديس ولا الولي الصالح هما حفيديه أتسمعين؟ حفيديه كانا  عاقلين الى حد الجنون أنا لا أهذي ما أقوله هو تأريحنا فليكن تأريخنا هو الذي يهذي.

يا مملوءة بالفراغ آه أحبك من وجع التأريخ.

قفي الآن فأنا أريد أقول شيءا لهؤلاء المارة الذين خرجوا كالنمل  بعد توقف المطر.

أيها الحمقى أشهدوا انني أحب هذه الفاجرة واشهدوا أنها تحبني ايضا والآن يا روزينا لقد تزوجنا سننجب اطفالا خلاسيين نضيفهم لهؤلاء الحمقى وحق جدنا الأكبر لن تشهدين فجيعة أخرى ، اني سأملؤك حتى تفيضين.

انظري لهؤلاء يدبون ليأكلوا نمل هم..هم اذا أليس كذلك؟ ويمتلؤون بالفراغ مثلك الآن تماما هل تحسين بالفراغ يتخللك؟ هل تحسين بعدمك ولا جدواك؟

طيب أنا ثمل بعقل وانت صاحبة بلا عقل هل تفهمين؟

أف لا جدوى وعدم، فيم الفتنة يا مجنونة؟

الجمال سر الحياة … الغناء سر الحياة.. الحياة سر الحياة هل تفهمين؟

كفى عن هذرك هذا فأنا لا أحتمل أن أن أتوحد مع فراغ أو تدركين ما التوحد؟ آه يجب أن ابدأ من الأول قولي : ألف ..باء .. تاء..

آ أكل ب..بلع ت .. تف

ثم استدار اثر تفته الحانقة تلك ثم دخل المنزل بخطى مترددة وأعلن خاتمة يومه بارتماءة على السرير المعد له ونام.

في الصباح فتح عينيه وانبرى آخره يتخدث .. برغم الدوار اللعين على أن أبدأ يومي هذا .. كسابقه.. بكوب شاي الاحمر / المشرب بحمرة على وجه التدقيق / ولفافة التبغ المحلية ذات التبغ الطازج الذي تبقى راءحته في الفم لمدة طويلة فيرغمني على مباعدة فترات التدخين ثم اني  لا أحب الترف البرجوازي  المتمثل في التبغ الامريكي كما لا أحب سروال الجينز الذي يتحتم على ألبسه الآن ثم على أن أحي صاحبة النزل تحية حارة تليق بمن تأخر عن تسديد التزامه الشهري – يا داعرة اني أدفع لك ماء وجهي – قال هذا في نفسه ثم خرج.

في جيبي ما يمكنني من قراءة صحيفة الصباح ابتداء من اسمها المكتوب بخط ردئ  الى آخر بيت شعر في صحفتي الوسط.. عادة ما أو آخر صفختي حتى آخر عمر الصحيفة عندي ينتهي بنهاية جلستي في مفهى عدوليس.

لذا يحتفى صاحب المقهى بي سأضع له اليوم نصف بر فلم  أنته من قراءتها بعد وسأجد في مكتبي من الوقت ما يمكنني من قراءتها ويتيح لي الاحتفاظ بها في درجي جتى نهاية العام الدراسي أما اذا سقطت سهوا من درجي فلنأجد بالتأكيد من النشاط ما يمكنني من رفعها وسأجدها في المرحاض آه لو أن الصحف وجدت في الناس ما وجدته في المراحيض من حفاوة لما امتلأ الناس خواءا آه  خواء خواء.

اني ألمح الخواء يملأ الناس النمل الخواء المطر.

 روزينا راءحة العفونة.. التأسيرة * ستظل حتى آخر الشهر في البار رائحة الملق الذي يندلق من فمي صباح يوم غير غير عفونة، الاطفال الذين ينظرون في السبورة السوداء ببلاهة.. العيون المفغورة كما الأفواه عقونة.. الصواب يكتسح رأس الطفل الذي يجلس نائما أمامي.. عفونة.

الدرس انتهى الآن يمكنكم ان تخرجوا على ان تأتو غدا باكرا.. وتمني في اعماق نفسه الا يعودوا.

سحب دراجته الهوائية التي كانت تستكين تحت شجرة السرو الوحيدة في فناء المدرسة نظرة وحيدة الى عجلها الخلفي أنبأته بعناء الطريق الذي يتحتم عليه مشيه راجلا ولما لم يكن في الوجه مكان لتقطيبه أخرى أكتفى بابتسامة بلهاء.

طفق يتهجأ اللافتات في الطريق لا فتة لافتة تخيلها تخرج له لسانها لسانا لسانا تستطيل الألسن وتستحيل حبالا من مسد تلتف حول عنقه وتفوح منها رائحة العفونة..آه من من الأخطاء اللغوية.. الضاد تتلوى لم تعد ضادا البتة تراءات له في شكل عمود الكهرباء حين يكون هو سكرانا مخنوقة مائلة بزاوية حادة قدرها ثلاثون درجة نحو البحر تتشبث بالبحر فيحمل لها البحر زبدا وتظل كالالف الميتة مقدر عليها الرفع ولا ترفع.

آ ..أكل  ، ب .. بلع ، ت .. تف ، وبجدارة وضع بصقته القلبية في مكان بلاطة اسمنت منزوعة وبدت له على مسافة عشرة امتار ببعيد – معاناة عضلاته لترفع رأسه الضيقة العينين وجسده الممتلئ باء سهاب  غير متناسق بشكل عام الا انه يناسبه دون غيره من الناس  – وحين أعتلى التبة بعد جهد وانحدر مع الاسفلت الخشن بشكل غير متوازن اذ خاط الشارع يمنة ويسرى ثم لاذ بالرصيف حين انبسط الطريق مفرودا قدامه يخلو من انحدار وارتفاع تموسقت تكأت الجنزير اثر احتكاكه المتواصل بترس العجل الخلفي، في هذه اللحظة تعالى صوت الأذان من المسجد القريب وجاوبته من على بعد دقات اجراس الكنيسة العتيقة واندغما معا في امتزاج وحالة استثنائية – ينتهي الآذان أولا وبعده توقفت دقات جرس  الكنيسة، فأضطرتبت اذنه الداخلية لبرهة الا أن الاندغام لا زال يعتمل وعاش خالة اسثنائية منسجمة لعمر قوامه دقائق عدة وأخرجه صوت السكون الذي غزا أذنيه من حالته الاستثنائية الفذة واستدرك بعد زمن  قليل زوال رائحة العفونة التي كانت تعلو رؤس الناس  وانحصر همه في انبوبة الدراجة المثقوبة وبطاقة الهوية المرهونة في البار ، ودين صاحبة النزل العجوز وروزينا التي أعلن زواجها على الملأ البارحة.

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7960

نشرت بواسطة في أبريل 21 2005 في صفحة القصة القصيرة. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010