رُبع قرنٍ من عُمر الدولة الأرترية

(1)

إن الشعوب دائماً تبحث عن حرية إرادتها وإستقلالية قرارها لتحقيق طُموحاتها وتُطلعاتها وتبذُل فى سبيل ذلك الكثير من التضحيات ، وفى أرتريا على وجه الخصوص خاض الشعب نضالاً مُسلحاً عبر ثورة أنطلقت شرارتها فى أدال فى الفاتح من سبتمبر1961م حتى تحرير كامل التراب الإرترى فى 24 مايو 1991م قدم خلالها شعبنا أرتالاً من الشهداء والمُعاقين والمفقُودين هذا غير ما خلفتُه الحرب من دمار فى مختلف نواحى الحياة ! كانت المسيرة النضاليةٍ حافلة سطر شعبنا فيها أروع الملاحم فى الفداء! وأقواها صلابة فى الصمود! وأمتنُها إرادة فى تحقيق النصر وتتويجه بالإستقلالٍ التام !

(2)

لاشك بأن الشعوب تفخر بيوم تحرُرِها من قيود الإستعمار وتحتفل بحرارة بإستقلال كامل تُرابها الوطنى وتعتزُ بإنتمائها الذى خطته بنضالاتها وتظل الأمم تستدعى ماضيها البطولى لتستشرِفَ منه حاضرَها ولتبنى به مستقبلها !

لكن ما يزيد شعبنا الإرترى حسَرة وألما هو تحول تلك التضحيات العظيمة والدماء والدُموع إلى حصاداٍ مُر فبدلاً من بناء نهضته وتحقيق إستقراره وتحقيق حياة كريمةٍ له تمت مكافأته بالقهر والإذلال ، والتجويع والتشريد ، والإخطاف والإعتقال ، مُضافاً إليه الإستلاب الثقافى والأخلاقى والتاريخى للمكونات الإرترية التى ساهمت بدوراٍ فاعل وكبير فى النضال فى هضمٍ لأبسط حقوق المواطنة  .

(3)

إن أرتريا بعد (25) عاماً من الحُرية والإستقلال تتهاوى يومياً وتُسجل حالات السقوط والإنحدار فعلاقة النظام بالشعب ساءت وأنعدمت  وحل القمع بدل الحريات ، والتشريد بدل الإستقرار، أما الخدمات والتنمية فقد تراجعت أرتريا كثيراً  فى هذا المضمار فأحتَكر النظام كافة النشاطات التجارية وشل حركة السوق وأفقر القطاع الخاص فهرب أصحاب رؤوس الأموال وجُمدت أموال المواطنين فى بنوك الدولة ، وعن حقوق المواطنين فهى تشهد هضماً مُروعاً فى أرتريا فالهيمنة والإقصاء والتهميش والإبتزاز صارت السمة الأبرز لحياة المواطنين بالداخل والخارج .

(4)

يحتفل النظام باليوبيل الفضيْ تحت شعار (رُبع قرنٍ من التصدى والتنمية)  ولعمرى إنه لشعارُ مُخجل جداً ويتعارض مع واقع الفشل الذى يسود أركان الوطن ، فكيف بربِكم وطناً ينشقُ سفراؤه وتقبع قياداته ووزراؤه فى السجون والمعتقلات ويطلب اللجوء لاعبيه فى كل منشطٍ خارجى ويهربُ شبابه بصورةٍ يومية لدول الجوار، كيف بنظامٍ هذا حال دولته يحتفل بهكذا شعار لايمت للواقع بصلة!! وليست هنالك أية أيجابية من حكم ربع قرن سوى تحقيق الإستقلال وتحرير كامل التراب الإرترى وهو إنجاز شاركت فيه القوى الوطنية .

(5)

على الرغم من ضياع ربع قرنٍ من عُمر الشعب الإرترى كانت كافية للنُهوض بالوطن وإرساء دعائم الحريات لكن ماحدث فى أرتريا كان مُغايراً لما هو مُتَوقع ومأمول . لكننا قطعاً سنحتفل بعيد إستقلالنا الوطنى المجيد لأننا الأَحْرَى بالإحتفال من النظام وأتباعه ! وأن الوطن المُستقل قيمة ،  وتاريخ إستقلاله يستحق الإحتفاء وأن النظام الذى شوه هذا الإستقلال حتماً لن يستمر ولهذا سنظل دوماً نحتفل! فالتحية لشعبنا صانع الإستقلال فى يومه المجيد والتحية للشهداء والمُعاقين والمعتقلين فى سجون النظام وكل سنة وأرتريا دولة مُصانة ومستقلة تحتفل بزوال أفورقى ومجموعته المُستبدة عما قريب .

 

محمد رمضان

كاتب أرترى

Abuhusam55@yahoo.com

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=37162

نشرت بواسطة في مايو 13 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010