سفراء المتعة الحرام

فاسيل غبرسيلاسي يعيش عصر هارون الرشيد في القاهرة

وعلي عمرو ادرك ان الطريق المستقيم لا يوصل الي شئ فاندفع في  حب الدنيا وحياة الترف

سيطرة قيم الفهلوة والشطارة في مؤسسات الدولة يعود الي تجرد النظام من الاخلاق ونظرته الي الشعب وكأنه املاك موروثة

 

هل فقدت الخارجية الاريترية  القدرة علي الفحص والفرز ,, ,,  هل عجزت في  التمييز بين الخبيث والطيب , خاصة فيمن تختارهم  من سفراء , ودبلوماسيون ,  لتولي مهام  تمثيلنا في الخارج …؟   نتساءل والواقع يكشف لنا في كل يوم يمر , الف دليل  علي عدم  وجود , اسس معروفة , وقواعد مدروسة , او معايير  حقيقية تتم من خلالها عملية الاختيار هذه ,  لنصدم بنتيجة  لم تعد في حاجة الي جهد  لمعرفتها , بعد ان تجردت  من كل  ما كان يسترها , واصبحت  يامولاي كما ولدتني ,, ,,   وهي استفحال  ما يمكن تسميته   بظاهرة  ( سفراء المتعة الحرام ) او الفساد الاخلاقي  , وانتشارها  وسط  دبلوماسي النظام في الخارج  .  وهي ظاهرة قديمة  , جديدة , ملموسة ومحسوسة , يمكن التحقق منها  و رصد ابطالها بكل سهولة.

ونعتقد , بجانب عوامل  اخري كثيرة , في ان طبيعة  المجتمع الاريتري  المتحفظة والمتسامحة تجاه  القضايا  المتعلقة  باخلاقيات الافراد وسلوكهم ,  والتي تركن في الغالب الي التستر علي ما وهو شائن وقبيح , خوفا  او خجلا  ,,  قد زادت من الطين بلة  … اذ ليس بالضرورة ان تنسحب  مسـألة  التحفظ  تلك علي التصرفات  الغير حميدة  لمن هم  يشغلون  وظائف عامة  ,,,   فمن يرسلوا  لتمثيلنا في الخارج ,  يجب ان يكونوا  واجهة  تعكس قيمنا  واخلاقنا . اي انهم  ليسوا بواجهات  لتمثيل  النظام  السياسي  فقط , وانما  الشخصية الاريترية بكل مكوناتها الثقافية  والقيمية  والاخلاقية ,  التي نعتز بها . وان لم يكونوا كذلك فالاصل  ان يكشفوا , ويفضحوا  في العلن  وامام الناس دون خوف ,  خاصة  وانهم  يتقاضون  رواتبهم  من  خزينة الدولة , التي تجب اموالها قسرا , من عرق المواطن الضعيف و المغلوب علي امره  ,  الذي  سحق  وقهر وجوع  وهضمت حقوقه , حتي سكنه الجبن  و بات يخاف  من ظله ,,  ,,  وجعلت حلمه في قطعة خبز او كوب حليب  كعشم ابليس في الجنة .

كان مفهوما ان تكون طبيعة  المهمة  التي ارسلوا من اجلها , في اطار رعاية المصالح  الوطنية , وتدعيم العلاقات  السياسية و الامنية  والعسكرية و الاقتصادية  والثقافية ,,,, الخ , كما هو سائد ومعروف  . ولكن الشاهد  ان البعض منهم  قد فهم المهمة علي نحو مزاجي خالص , فلم تبدوا الدبلوماسية التي وجدوا  انفسهم فيها  , اكثر من مجرد وسيلة  للغوص في بحر الملذات , وانها فرصة من السماء للانطلاق نحو الدنيا المفتوحة  امام شهواتهم  المنحرفة , لتكتمل اجزاء الصورة المشوهة , بسفراء منهم من تحول الي  زير نساء  ويعيش عصر هارون الرشيد , واخرين  يعانون من حالة مراهقة متأخرة .

كنا نتصور  ان العلم والتجربة السياسية الثرية  والثقافة الواسعة ,  مفاتيح مهمة  للدخول الي عالم الدبلوماسية ,,, ولكن وفيما هو شائع  في بلادنا  اليوم  ويصعب  تخيله واستيعابه ,  هو ان هناك من  دخلوا السياسة من باب الفهلوة او الصياعة  , الامر الذي تجسده وتنطق به  تصرفات السفير الاريتري في القاهرة  ,  فاسيل غبرسيلاسي , ومغامراته العاطفية  , التي  اصبحت حديث الاريتريين بمصر من كافة المستويات من ربات البيوت الي الطلبة وحتي العاطلين ورواد المقاهي .

فاسيل شخصية غير معروفة , ليست لها تاريخ او انجاز يزكر , وربما اكثر ما يعرف به  هو انه ينحدر من ام  مصرية   ,,,  و يبدوا انه  ادرك  ان كل ما في عالم السياسة والدبلوماسية حوله , مصطنع  ومزور وغير حقيقي , بل وباعث للملل , فأهتدي الي تفضيل هواه و تحريض فحولته  ,,,,   فكون شبكة  علاقات نسائية  لابأس بها  , تضم فتيات هربن  من جحيم  ساوا , بحثا عن حياة  امنة , وانقطعت بهن السبل في القاهرة .

ووفقا لافادات من مصادر متنوعة  ,   فقد  لوحظ  كثرة  تردده  علي اماكن سكنهن  ,   ثم اصبح  يعقد  جلسات سمر وقهوة مسائية  بشقته بحي المهندسين  ,  اذ شوهد منتشيا  ومذهوا ,,   يضحك كالاطفال المحرومين من نعمة العقل   وهو محاطا بصبايا يصغرنه بعشرات السنين , و كان يشعر وهو في حضرتهم  انه  دنجوان  زمانه ,  غرق في الملذات و نسي ما كلف به  ,  واصبح  الترتيب لسهرة اليوم  , وقضاء الليلة في احضان امراة  جميلة  ,  هو مبلغ همه و كل علمه .

ولا يختلف فاسيل كثيرا عن نموذج اخر وهو سلفه السفير محمد علي عمرو , الرجل الثوري  ذو الملامح الصارمة  و التاريخ النضالي الطويل , عرف بأنه من جيل المؤسسين او الرعيل الاول ,  كافأءه  النظام  بأن عينه  سفيرا في الخرطوم  بعد التحرير ,  وهو منصب  لا يتناسب  وتاريخ هذا الرجل , وربما كانت صدمة غير متوقعة بالنسبة للسيد عمرو  , كفيلة بان  تصيبه بالاحباط  خاصة وانه يري نماذج كانت تربت علي يديه , وقد قفزت من القاع  الي  القمة   في سنوات معدودة  . بينما كتب  عليه ,  ولاسباب  غير واضحة  وان تكهن البعض  بأنه استبعاد مقصود , ان يقضي ما تبقي من عمره  متنقلا  من عاصمة الي اخري  سفيرا ,  او ساعي بريد سياسي , يحمل  رسائل لا يملك الحق في فتحها او الاطلاع  علي محتواها .

كنا نظن ان ثورية  عمرو وضميره  الوطني  الذي ظل   ينادي  بحرية  الانسان الاريتري , سوف تدفعه بلا تردد  , الي التمرد  وعدم الاكتفأ بدور المشاهد , لما يجري لمواطنيه علي ايدي من هم في مربع  الحكم  ,,  وكنا نظن ايضا  ,  انه سيفضل الاستقالة  بدلا من المشاركة في نظام  ,  يحاول عجن شعبه  واعادة  تشكيله علي هواه ,, باسم الوطن ..

وقد خابت كل ظنوننا وتوقعاتنا  , بعد ان ايقن الرجل  , بأن الطريق المستقيم لا يوصل  الي شئ ,,  بل وقد اوصل رفاقه الي الهاوية  والسجن  والاختطاف  والاختفاء ,, ,,  تملكه شعور باليأس ,  والضعف ,  والخيبة , وقلة الحيلة ,  وهي عناصر  كانت كافية  , بان تدفعه للهرب  والبحث عن متنفس اخر , فجذبته الدنيا بكل اغراءاتها ومفاتنها.

وعمرو تجاوز السبعين , وان كان عشقه للملذات , والحياة المترفة , والثياب الانيقة , والنساء الجميلات , قد خصم من عمره سنوات لا بأس بها  ,,  وهي جوانب كانت مجهولة في شخصيته وازدادت وضوحا عندما عين سفيرا في القاهرة , حيث اشتد ولعه بالنساء , واصبح لا يقوي علي الوقف امام امرأة فاتنة  ,,,  حاول توظيف خبرته الامنية الطويلة بان استأجر شقة باحدي  الاحياء الراقية لاتمام صفقاته الغرامية , مانحا تاريخه وهيبته , تصريحا بالدفن , مقابل نوبة مراهقة متأخرة ارادها خلف ابواب مغلقة , بعيدا عن الاعين , فخرجت من غرف النوم واصبحت  معروضة علي الارصفة ….

نعلم ان قائمة الفساد اطول مما يتصورها البعض , وهي تاخذ اشكالا وصورا مختلفة , قد لا يتسع المجال  لتناولها,  جملة واحدة ,, وان هناك احاديث تتردد بقوة , عن تحول   بعض موظفي القنصلية  الاريترية بجدة , الي عصابة  تخصصت في اعمال  البلطجة,  والتحرش بالنساء , وابتزاز المواطنين بأبشع الصور ,, وبعضهم امتد نشاطه الي السمسرة  والعمل  ( كمعقبين ) ,, وان هناك عناصر انتهازية  نجحت  في الاستفادة من حالة اللامبالاة  وانعدام الرقابة الادارية  في دوائر الخارجية , باحتكار وظائف معينة وابقاؤها قدر الامكان داخل اطارهم القبلي  او حتي العشائري ..  وهو تطور خطر وضع فرص العمل تحت رحمة المحسوبية , كان قد بداء بجهاز الاعلام , وانتهي الي سفارة  قطاع خاص , كما هو الحال في ليبيا .. .. ونعلم ايضا ان المسكوت عنه , يتجاوز السفراء , ليطال شخصيات من العيار الثقيل , وزراء  وجنرالات , وقيادات عسكرية وامنية عليا ,, تورط  بعضهم  في جرائم مالية و اخلاقية وصلت الي حد القتل ,, كحادثة العقيد الذي وجد مقتولا باحدي فنادق مدينة كرن , وبجثته اثار طلقات , ثم تبين انه كان ضحية صراع بينه واحدي الجنرالات ,  وان القضية  تقف خلفها امراة  …

ان الحديث عن الاسباب الاجتماعية والاقتصادية  والسياسية  , كبيئة حاضنة ومشجعة , لتفشي ظاهرة الفساد  , هو امر لا جدال فيه ,  ولكنه حديث في حاجة الي مراجعة ,, فالخلل العام الذي تعاني منه مؤسسات الدولة , والذي افرز مثل هذه  العناصرالشاذة , التي اساءة  استخدام سلطاتها ومواقعها , وشوهت سمعتنا , هو خلل في منظومة الاخلاق بالدرجة الاولي ,,  فالنظام وكما هو معروف  , لايعبأ بالقيم , ولايحترم التقاليد  , وقد رفع يديه عن الاخلاق  بحزمة قرارت سياسية وعسكرية واقتصادية , كفلت للطبقة الحاكمة , حرية التصرف  في الشعب وكأنه املاك موروثة  , وحرية الفساد  والخداع   والغش  والتدليس ,,   وهو غير مدرك لاهمية الاخلاق  في نهضة الشعوب وتطورها  وبقاؤها , التي عبرعنها الشاعر شوقي  بقوله ..( انما الامم الاخلاق ما بقيت  ,, فان هموا  ذهبت اخلاقهم ذهبوا)… مختصرا  اوجاعنا و امراضنا و معاناتنا , في بيت شعر او كبسولة دواء  سريعة المفعول ..

ان النظام في حاجة الي صحوة تطهير وتصحيح , لاتستقيم دون الرجوع الي الاخلاق واحترام القيم ,,  ولكنه يبدوا سعيدا بهذا  المناخ  العشوائي , الذي تسيطر عليه قيم  البلطجة والشطارة  والفهلوة ,,  وسعيدا بتلك الشخصيات  الفاسدة التي تلتف حوله , وترتكب كل ما يعاقب عليه قانون الجنايات من جرائم  ,,  ثم تنظر من فوق الي كل ما حولها , وكأنها وحدها التي تملك  اسرار الكون ,, انه يعرف حقيقتهم  وتاريخهم , ومنافذ ضعفهم , وكيفية السيطرة عليهم في اللحظة المناسبة ..

ولا نتوقع اكثر من ان  يتسامح  مع ملفاتهم السوداء ,   وان يغفر ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر  , وان يغسل سمعتهم , ويداري عوراتهم  ,, ,, طالما هم علي دين حكامهم مخلصون , لا يخرجون عن النص  ,,  يحفظون ما تأتي به التعميمات , التي تملئ عليهم ما يقولونه , وما لا يقولونه  ,,  ويؤدون ادوارهم بنجاح منقطع  ,,  ولا مانع من ان يغمي علي البعض  ( كما حدث مع السيد عبدالله جابر  , الذي سقط مغشيا عليه , وهو يتأهب للخروج  من مكتب الرئيس  , بعد مقابلة نال فيها  نصيبه من التوبيخ  , لاسباب  ربما نتعرض لها في مقال اخر ….  ) .. ذلك في مشهد تراجيدي نادر , لا يتكرر الا امام اضرحة الاولياء ..

عدا ذلك فأنهم يغلقون الستار عليهم , ويطردونهم من خشبة المسرح , ويرسلونهم الي الجحيم   ,, دون ان يترحم عليهم احد ….

 

كتب \ الياس نورالدين

taha.elias@yahoo.com

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=38583

نشرت بواسطة في يونيو 8 2009 في صفحة المنبر الحر, مزبلة التأريخ. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010